عبد الرزاق حرج
الحوار المتمدن-العدد: 1071 - 2005 / 1 / 7 - 09:18
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
انا نزار السامرائي
وهو يتبختر في جثته الغليظه وفي يده المسدس البرونيك ويصرخ باعلى صوته على الجثه الهامده الممدده على الرصيف القريبه من مقهى العمال في بغداد الجديده
ولك اتريد تقتلني انا نقيب الاستخبارات تعر ف شنو الاستخبارات
والمفرزه الكبيره تدك باعقاب البنادق والمسدسات على جثة مجيد النجار وهو ينزف من كل انحاء جسمه بعدما فقدت الوعي وسحلها من مقهى عمال بغداد الجديده في معركه بين مجيد النجار والمفارز الاستخباريه
الى الشارع امام عمال بغداد الجديده والناس الذين توقفوا يشاهدون هذه المعركه مساءا
عادتا العمال ياتون الى المقهى بعد انتهاء العمل ويكون تجمعهم على طاولات المقهى وهم يشربون الشاي والحديث والمواعيد عن شؤون العمل وفي احد المرات كانوا العمال في ذلك اليوم في زحمه على كراسي المقهى وضجيج لعبة الدومينو وصوت التلفزيون وعامل المقهى يوزع الشاي والحامض على الطاولات دخلوا مفارز الاستخبارات تسال عن مجيد النجار بينما كانوا يسالوا عامل المقهى عن مجيد النجار وهو متحلق حول عماله يتحدث عن شؤون العمل
سمع هنالك من يسال عنه والتفت الى الصوت الذي يناديه نهض باستعجال بينما كان يسحب مسدسه ويسحب اقسامه انهمرت عليه اعقاب البنادق والمسدسات والايدي ماسكه كفه وحرحارت يده قابضه على المسدس واصبعه على زناد السلاح واطاحوا فيه ارضا في المقهى والضرب عليه على كافة جسده وهم يصرخون فيه خائن هارب الى ان فقد الوعي ونزع منه المسدس وهم يسحبون الجثه من المقهى الى سيارات المفارز
امر نزار السامرائي في وضعه داخل السياره وهو ينتر في تجمع الناس ان يذهبوا او يجلسوا في المقهى
العمال والناس يتسائلون لماذا اخذوا مجيد هل فعلا هارب ام ماذا كانوا يقولون عن مجيد النجار انه رجل ملتزم امام عمله وعماله وحتى معارفه من الفقراء بقوا مندهشين من هذه المباغته السريعه
تحركت السيارات وفيها الشخصيه الشيوعيه ثماني واجد سيف وهو ممد ومعصوب العيون والاصفاد في يديه وهو غائب عن الوعي في السياره
في بداية السبعينات كان ثماني واجد سيف احد النشطاء والمساهمين والفعالين في تنظيمات اتحاد الطلبه العام في اعدادية قتيبه في مدينة الثوره ومعاركه كانت معروفه لدى سلطات الاتحاد الوطني البوليسي وهو يشار اليه ومتابع من الاتحاد الوطني ومن تنظيمات البعث في مدينته
مارس التعليم بعد التخرج في المدارس الشعبيه ومساهماته كانت تلفت النظر الى ادارة التعليم في الاهتمامات للطلبه الفقراء وحل بعض مشاكلهم وزيارة اهاليهم مما جلبت هذه الزيارات الميدانيه له المتاعب من قبل تنظيمات البعث لان اعتبرت نشاط للحزب الشيوعي العراقي بالرغم الحزب احد الاطراف الرئيسيه في الجبهه الوطنيه القوميه لكن بقى البعث هو واجهزته تلاحق وتطارد كل العناصر الوطنيه والدينيه والخيره في اثناء التحالف الجبهوي وخصوصا المحافظات الجنوبيه والشماليه ابان السبعينات ونهاية العقد اشدت المفارز البوليسه عبر تنظيمات البعث المساهم الفعال في القاء القبض على الناس الخيره والعناصر الوطنيه
جاءت من المحافظات خيرة الكادر التعليمي والطبي والزراعي والصناعي هم يمثلون القاعده الماديه لبناء عراق متطور ومتحضر للسنين القادمه وهم يختفون في المركز اي في بغداد ويدافعون عن افكارهم وتنظيماتهم وتوجهم السياسي بعيدا عن الملاحقه وهم يعملون في المساطر العماليه في الصباح ويسكنون في غرف بائسه في مناطق بغداد
ثماني واجد سيف ترك التعليم واختفى عن الانظار في هذه الفتره الحرجه وحصل على جواز سفر مزور وطار الى بلغاريا بلد ديمتروف الاشتراكي سابقا
التقى ثماني ببعض معارفه في بلغاريا وهو يشيرون اليه يجب ان يقابل المركز الحزبي لتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في فترة بداية الثمانين
ذهب ثماني الى المركز الحزبي الى البيت الحزبي اي بيت الحزب وقابل المركز لتنظيمات الحزب في بلغاريا
بعد السلام بدا ثماني شرح وضعه وهروبه من العراق والان مطلوب لدى السلطات البعثيه بدا من التعليم الى التسويق العسكري والجيش الشعبي وعلما هو مطلوب على راس القائمه المطلوبين لدى السلطات البعثيه لكونه احد الشيوعين
اجابه المركز الحزبي هل عندك تزكيه حزبيه
قال ثماني كلا ليس عندي تزكيه لان انت تعرف بعد الضربه للحزب تشتت التنظيمات وانا اتكلم عن رفاقي منهم في المعتقل الان ومنهم من اختفى ومنهم لم يمارس العمل الحزبي بسبب التعهد السياسي ولذالك منظمتنا الان مغيبه عن التنظيم وكيف اجلب لك التزكيه
اجابه المركز هذه ليست مشكلتنا اقصد يجب جلب التزكيه
قال ثماني والنتيجه ماذا افعل
اجابه المركز قلت لك هذه ليست مشكلتنا
بعد هذا القاء خرج الى اصحابه وهو يبشرهم انه رفض من قبل الحزب الا بشروط التزكيه
وبقيه بعض اسابيع في صوفيا مع اصدقائه ولكن اتخذ قرار في الرجوع بدل من هذا التسكع الى العراق مهما كانت عواقبها
وصل الى بغداد وهو مطلوب لدى السلطات البعثيه بدون عمل وبدون سكن وكل رفاقه اما معتقلين او هاربين او في امور لايعرف حل الغازها
بدا يعمل في مساطر العماله واول ماعمل مع نجارين البناء في بداية الثمانينات وكون له اصحاب من العمال الفقراء في فتره قصيره وبدا ياخذ مقاولات ثانويه في البناء والنجاره ومعه كل معارفه واصحابه المطاردين من قبل السلطات ويساعد العمال الفقراء والعوائل الجائعه بعدما عرف او كنى نفسه باسم مجيد النجار على احد قواد الحزب وصاحب كتاب ايام صعبه
عاود نشاطه التنظيمي والسياسي والحزبي من جديد في تنظيمات الحزب في بغداد بالرغم هيجان الاجهزه القمعيه اثناء الحرب العراقيه الايرانيه بالبحث عن الشباب في التطوع في التسويق العسكري وجيش الشعبي وكل تنظيمات حزب البعث والدوريات السيئة الصيت تفتش في كل مراكز واعمال الشغيله عن الهاربين والمطلوبين ولكن ثماني بقى ذلك الشخص الجبار في كافة المواقف
تم القاء القبض عليه في بداية عام 83 من القرن السابق في مقهى العمال في بغداد الجديده من قبل الاستخبارات العسكريه باشراف نزار السامرائي الملقب جلاد الشعبه الخامسه والمعروفه باسم الحوته
بمساعدة اعوان السلطه واشرف على تعذيبه نزار السامرائي وبقيه اشهر تحت التعذيب وفي كل مره تدخل جثة ثماني الى غرف التحقيق على البطانيه وهو فاقد الوعي
كل مره يقابله نزار ويقول له ثماني لماذا تريد قتلي انا بالذات
كان يقول له ثماني انا لم اعرفك بل كنت ادافع عن نفسي
بعدها بقيه عدة اشهر في سجن رقم واحد في انتظار المحكمه محكمة الثوره
في عام 84 حكمه عليه في الاعدام وبقيه ذلك الشخص الذي تفرد في الشجاعه والاخلاق العاليه والظرافه التي تصاحب هذه الشخصيه في المواقف الجديره والجريئه في الاحترام
في عام 85 طلب منه وهو في زنزانة الاعدام من قبل احد المسؤولين الكبار في قسم مكافحة الشيوعيه في الامن العامه الملقب حجي علاء ان يكتب في الترحم الى قيادة مجلس الثوره في العفو عنه وبالشروط الامنيه المعروفه لدى الاجهزه الامنيه والمعارضه للنظام
لكن رفض ذلك العرض وقال الى حجي علاء قوله المشهور
سوف اقول لك او اتذكر احد الكتاب اللبنانين الذي لم يحضرني اسمه الذي قراءة احد اسطركتاباته وهو يقول اذا كنت طول عمرك جبان فاقف يوما اوموقف واحد ان تكون فيه شجاع وانا اختار هذا الموقف
نفذ به في عام 85 في الشهر الخامس ولكن بقيت اشعاره الشعبيه الغزليه تغنى على شفاة حبيبته صاحبت اجمل عيون والظفائر المنثوره تنتظر ثماني واجد سيف وهي تغني الى المستقبل القادم
هاهو المستقبل شيد على اجساد المناضلين في سبيل الحريه والسلام والقتال لايزال بين قوى الخير والشر
اقف اجلالا لك والى كل من استشهد في سبيل شعبه وانت لاتزال في قلوبنا وافكارنا وفي يومياتنا
فلك المجد والخلود
#عبد_الرزاق_حرج (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟