مليكة مزان
الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 23:00
المحور:
الادب والفن
أخذت مكاني في الزحام وصرت ، ممسكة بيد ابنتي "انتصار " ، أطلب مدخل الكنيسة :
ـ ماما ، ماذا تفعلين ، إنها كنيسة !
ـ أعرف أنها كنيسة ، اتبعيني أو انتظري هنا لحظات حتى أعود.
ـ ماما إنها كنيسة وأنت مسلمة ، هل نسيت ، هل أنت مجنونة ؟!
ـ وماذا في ذلك ؟ كل هؤلاء سيدخلون للصلاة ، وأنا في حاجة للصلاة وهذا المكان يناسبني تماما !
ودخلت الكنيسة ، عفوا .. ودخلنا الكنيسة :
لم تجد " انتصار " مفرا من اللحاق بأمها " المجنونة " في بلاد فولتير الرائعة !
شعرت بكثير من الاعتزاز إذ جعلت منها في ذلك اليوم شابة مسيحية ، تماما كما جعلت منها طيلة سنوات صباها طفلة مسلمة !
أردت من دخولنا الكنيسة صلاة حارة عسى الله يرحم أسرتنا الصغيرة من تمزق أكيد ، عساه يعيد إلى أسرتنا ربها الذي فقدته كل ذاك الفقد المفاجئ المر .
دخلت الكنيسة لا يمنعني من دخولها مشاعر أولئك المسلمين اللامتسامحين ، أولئك الذين أراد لي قدري الأحمق أن أكون واحدة منهم !
في فضاء الكنيسة الرهيب .. انتهزت فرصة لذيذة للانفلات من الصلاة باللغة العربية :
كنت دائما أكره أن يقال لي ، أنا الامازيغية ، أن اللغة العربية شرط ضروري كي يستجيب الله لأي صلاة ؟ وأن لغة أهل الجنة هي اللغة العربية .
يجب على المرء أن يكون على قدر كبير من التخلف الذهني ليفكر مثل هذا التفكير !
في فضاء الكنيسة الرهيب .. أفلت من أحد الشروط الغبية لقبول الصلاة عند المسلمين إذ لم أرفع صلاتي بغير ما كان حاضرا في وجداني لحظتها من لغة :
بالفرنسية قلت :
يا ربي ، يا رب عيسى ومريم ، خذ بيدي ، أعني على هذا المصاب الجلل !
باللهجة المغربية رددت :
يا ربي ، يا علي ، يا عظيم .. اهد ذاك المسخوط باش يرجع لدارو !
بالأمازيغية صليت :
آربينو ، اهدوا أعراب أداس ياغول العقل نس ، هاتن إفغت !
ثم كان البكاء الحار لغة لي أخيرة .. لغة رأيتها تجمع وتوحد كل الحاضرين المتخشعين بعد أن فرقت بينهم لغات العالم !
ومر زمن غير يسير على تلك الصلاة الحارة ، ولم يستجب رب عيسى ومريم لصلاتي تماما كما لم يستجب لها من قبل رب محمد .. ثم صارت روحي تعف كل صلاة !
ـــــــــــــ
مقطع من مسودة رواية لي
#مليكة_مزان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟