لا تحريف في التوراة والانجيل انما التحريف عند فقهائنا المسلمين المحترمين

نهاد كامل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 20:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لا تحريف في التوراة والانجيل انما التحريف عند فقهائنا المسلمين المحترمين

لو سالنا اي مسلم حاليا عن من هم الذين يحرفون الكلم ( ولا ريب انكم تعلمون ان المقصود بالكلم هو كلام الله سبحانه الوارد في الكتب السماوية ).. نعم لو سالنا من الذين يحرفون الكلم ؟.. لكانت الاجابة هي .. (( انهم اليهود والمسيحيون )) .. ولا انكر ياسادتي القراء انني سابقا كنت هكذا مقتنعا بتحريف اليهود والمسيحين لكتب الله المقدسة التي هي التوراة والانجيل .. ولكن بعد ان عدت لديني الاسلامي .. خدمتني الصدف وبعض الاصدقاء .. ان اعثر على تعهدات عديدة من الله سبحانه في قراننا الكريم .. يضمن بموجبها عدم امكانية تحريف التوراة والانجيل وساذكرها لكم بعد قليل .
لقد كتبت سابقا مقالا نشر لي على موقعي في الحوار المتمدن تحت عنوان (( من حرف الكلم – هم ام نحن المسلمون )) .. وقد بينت فيه كيف اننا كمسلمين ندعي ان اليهود والنصارى قد حرفوا كلام الله .. وقد تحديت الفقهاء ان ياتوني بجملة او بكلمة مما حرفها اليهود او النصارى .. وطبعا الى حد الان لم يستطع احد الاتيان بكلمة واحدة حرفها اليهود او النصارى .. ومازلت انا عند موقفي من التحدي للفقهاء وغير الفقهاء ان كانوا يستطيعون ان يقدموا دليلا واحدا حقيقيا على تحريف الكلم من قبل اليهود او المسيحيين .. وبالمقابل فقد قدمت انا في نفس المقال ما يثبت تحريف فقهاؤنا لكلام الله .. وتحليلهم .. وتحريمهم .. ونسخهم .. ومسخهم لاياته دون سند قراني .
والان ساذكر لكم الايات التي قد تعهد بها الله سبحانه بالحفاظ على التوراة والانجيل اضافة الى ايات تزكي هاذين الكتابين المقدسين اللذين ليس القران الكريم الا استمرارية لهما .. وكلامي هذا كما سترون هو طبقا للنصوص القرانية الكريمة .
لقد ورد في الاية الكريمة رقم 94 من سورة يونس والتي نصها ما يلي :-

(( فان كنت في شك مما انزلنا اليك فسل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك .... الخ ))

ففي هذه الاية الكريمة واضح ان الله يامر بالرجوع الى كتبه القديمة التي انزلها قبل القران لابدال الشك باليقين الموجود في تلك الكتب المقدسة التي منها التوراة والانجيل .

وكذلك اكد سبحانه على المساواة في جميع كتبه التي انزلها والتي من ضمنها القران والتوراة والانجيل .. وذلك التاكيد قد جاء بموجب الايتين 3 و 4 من سورة آل عمران وكما يلي :-

(( نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس وانزل الفرقان .... الخ )) .

وهكذا نجد ان سبحانه قد ساوى تماما بين كتبه التي انزلها على البشر وتعهد بحفظها بقوله تعالى :-

(( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ))

ولا يخفاك ياقارئي الكريم .. ان الذكر هنا هو كل كتب الله المقدسة التي انزلها على انبيائه والتي خاتمتها القران الكريم .. فانه كما ترى تعهد واضح من الله سبحانه بحفظ القران والتوراة والانجيل وغيرها من التحريف .. فمن يجرؤ على الادعاء ا ن تحريفا قد جرى على كتب الله انما هو طعن في ذات الله الجليلة .. وهو في رايي الكفر الحقيقي .

واليك ياقارئي الكريم اية اخرى من قراننا العزيز يساوي سبحانه بموجبها بكل كتبه التي انزلها دون استثناء ودون تمييز .. مما يعني ان قراننا الجليل والكتب الربانية التي قبله .. جميعها مصونة عند الخالق دون تمييز .. فعليه ياسيدي .. ان من يدعي بتحريف التوراة والانجيل وغيرها انما هو تجاوز على ذات الله الجليلة كما اسلفت .. خاصة وان من ادعى من فقهائنا الاكارم لم يقدم دليلا واحدا على ذلك التحريف .. واليك الان نص الاية رقم 84 من سورة آل عمران التي يساوي بها الله جميع كتبه بدون تمييز بضمنها التوراة والانجيل والقران .

(( قل امنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون )).

الا ترى ياسيدي القارىء الجليل ان الله لا يفرق بين كل كتبه التي انزلها على الانبياء قبل رسوله محمد .. وهو الذي قد تعهد بحفظها جميعا .. فكيف يجرؤ فقهاؤنا ويقولون ان التوراة والانجيل محرفين .. والادهى من ذلك انهم لحد الان لم يقدموا لنا جملة واحدة محرفة .. او كلمة واحدة محرفة .. او حرفا واحدا محرفا لا في التوراة ولا في الانجيل ..

اليس هذا تجاوزا على كتب الله الكريمة ؟..
اليس هذا تجاوزا على ذات الله الجليلة وهو الذي تعهد بحفظ كتبه دون تمييز ؟؟.

وبما يخص اهمية منزلة التوراة في كلام الله في قراننا الكريم فان سبحانه يخير رسوله محمد (ص) في ان يحكم بالعدل بين الذين ياكلون السحت ويكذبون .. او ان لا يحكم بينهم الا بالعدل .. ثم يخاطب رسوله بموجب الايتين رقم 43 و 44 من سورة المائدة عن نفس الموضوع قائلا النص التالي :-

((وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما اولائك بالمؤمنين .. انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتب الله ..... الخ )) .

وبالاضافة الى ان الله سبحانه وتعالى قد ساوى بين جميع كتبه وتعهد بحفظها من التحريف .. فانه قد بين لنا بمنتهى الوضوح ان الاختلافات ان وجدت في الشرائع التي انزلها في كتبه المقدسة كالتوراة والانجيل والقران وغيرها .. انما هي ليست اعتباطا .. ولا اختلافا بشريا .. انما هي تصميما ربانيا لهدف يعلمه سبحانه وحده .. فقد ورد في متن الاية رقم 48 من سورة المائدة كيف ان سبحانه قد جعل لكل منا شرعة ومنهاجا خاصا .. مما يعني ان الاختلافات في شرائع المسلمين والمسيحيين واليهود ان وجدت .. انما هي من عند الله سبحانه وتعالى .. واليكم نص الاية رقم 48 من سورة المائدة

(( وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق .. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا .. ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة .... الخ )) .

وهكذا يبدو واضحا ان الاختلافات في كتب الله سبحانه ان وجدت .. هي من عنده ولهدف يعلمه وحده سبحانه .. وليست هي اختلافات بشرية .. فلو شاء الله لجعلنا امة واحدة .. ولكنه سبحانه .. قد جعل لكل منا شرعة ومنهاجا .. فاين التحريف في التوراة والانجيل وغيرها من الكتب المقدسة يافقهاءنا الاعزاء .
وقد كذب فقهاؤنا الاكارم او اخطاؤا حين اخبرونا ان المقصود في القران الكريم بعبارة (( اهل الذكر )) هم فقهاء وعلماء الدين الاسلامي .. انما الحقيقة الصارخة في القران الكريم هي ان المقصود باهل الذكر هم اليهود والمسيحيين الذين يقرؤون التوراة والانجيل من كتب الله سبحانه .. فقد ورد ذلك مفصلا في الاية رقم 7 من سورة الانبياء واليكم نصها :-

(( وما ارسلنا قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون )).

اليس تحريفا من قبل فقهائنا ان يقولون ان اهل الذكر هم فقهاء الدين الاسلامي في الوقت الذي قد نزلت هذه الاية الكريمة التي تشير الى الذين قبل الرسول (ص) .. اي الذين هم اليهود والنصارى .. وفي نفس الوقت ياسيدي القارىء الكريم لم يكن القران قد اكتمل في حينها بعد .. كما لم يكن على وجه الارض البسيطة فقيها واحدا لكون الرسول كان الوحيد الذي يبلغ ويشرع .. اليس هذا هو التحريف بعينه من فقهائنا الاعزاء ؟.
ياقارئي الكريم .. انني لست داعية اسلاميا .. كما اني لست داعية يهوديا او مسيحيا .. انما انا عدت الى ديني الاسلامي فوجدت ان الحق والمساواة موجودتان في ديني الاسلامي .. وهو دين مسالم وعادل وغير معتدي الا على الذين يبدؤون بالعدوان ولا يميلون الى السلم .. وهو دين يصلح فعلا لكل زمان ومكان ويمكن ان يتعايش بسلام مع كل الاديان لو تركه فقهاؤنا كما انزله الله في قرانه الكريم .. ولكنني وجدت ان فقهاءنا قد حرفوا .. ومسخوا .. ونسخوا ما شاؤوا من كلام الله لاهداف مصلحية .. فلم اقبل لنفسي ان اكون شيطانا اخرس فاسكت عن الحق الذي اراه واضحا .. ومفصلا في قراننا الكريم .. ولذلك تجدني ياسيدي القارىء لا اجيء من عندي بشيء .. انما اقدم لك نصوص الايات القرانية (( والقران الكريم في متناول يديك )) .. وارجوك ان تقارن تلك الايات باقوال وفتاوي فقهائنا المحترمين .. فستجد ان الدين الذي يتحدث به فقهاؤنا ليس هو الذي مذكور صراحة وبالتفصيل في القران الكريم .
اننا نعبد الله وحده وان كنا نحترم الفقهاء لما يقدمون من خير للبشرية جمعاء .
نهاد كامل محمود

#نهاد_كامل_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات