جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3531 - 2011 / 10 / 30 - 10:10
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تصدير:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" رواه البخاري.
طبعاً هذا الحديث هو من أهم الأحاديث التي تحط من شأن المرأة وتصغر صورتها وتُقزمها أيما تقزيم , وهذا الحديث موجه إلى المرأة وليس إلى الرجل والعلة واضحة وهي أن المرأة تسعى للمساواة مع الرجل في حين لا يقبل الرجل بأن تساويه أولا وثانيا لا يقبل بأن يطالب بالمساواة معها, وكافة الناشطات الحقوقيات المطالبات بالمساواة هن نساء وليسوا رجالا لأن الرجل مرتاح بأفضليته عن المرأة والمرأة هي المتضرر الأول والأخير لذلك تسعى المرأة للتحرر وللمساواة مع الرجال ولا يسعى الرجال لمثلها, حتى أنني قرأتُ وسمعت عن علي بن أبي طالب قوله(غيرة الرجل إيمان وغيرة المرأة كفر) وقال في خطبته المشهورة(يا أشباه الرجال ولا الرجال,حلوم الأطفال وعقول ربات الحِجال).
وسمعت ذات يومٍ بأن الجيش الأردني قبل خمسين سنة كان إذا عرف بأن لديه جنديا مصاباً بحالة تُسمى(مثلي جنسي) كان يطرده من الخدمة ويكتب له على شهادة ترميجه أي طرده (يشتهي كما تشتهي النساء) فينبذه المجتمع كله حتى النساء يستحقرنه,وكان الذي يحصل على مثل هذه الشهادة يموتُ قهرا في غضون سنة أو سنتين على أبلغ تحديد, لأن نظرة المجتمع للمرأة هي دون الصفر المأوي ونحن تربينا منذ الصغر على أننا رجال مميزون وربما أنني من عائلة متسامحة جدا ولديها وعي زائد وتعتبر التشبيهات كلها كلام فاضي, ومع ذلك لا يقبل أي فرد من أفراد عائلتنا بأن يُشبه بالمرأة حتى ولو كان التشبيه تشبيها ضمنيا وله معاني أخرى وهنا تدخل اللغة مع القانون بحيث يكون للتشبيه الضمني معاني خفية كل إنسان يفهمها على مزاجه, فأنا أعتبر نفسي متساويا مع المرأة من ناحية حقوقية, ولكن غيري قد يفهمها من خلال معاني ضمنية دخل فيها التشبيه الضمني مدخلا من الصعب جدا الخروج منه إلا وقد أحدث أزمة حادة في داخل الإنسان المُشبه بالمرأة لأن ذلك ينزل من قدر الرجل ,وغالبية نساء العالم يتمنين لو خلقهن الله رجالا, ولا تغضب المرأة إذا ما قامت امرأة أخرى وشبهتها بالرجل بل على العكس الغالبية يتفاخرن بذلك, وأنا شخصيا أقول بأن أنوثة المرأة الصحيحة لا تقبل بأن تتحول في طباعها ومزاجها إلى مزاج وطباع الذكور,فهذا من الممكن أن يكون فخراً للمرأة حين يشبهونها بالرجل وأنا هنا لا أقول عن كل النساء ولكن أقول عن الأغلبية وهنالك مفاجأة كبرى وهي أن وصف الرجل بالمرأة يأتي هنا بهدف الذم والشتم والتحقير, فما أحقرك يا عزيزي القارئ حين تكون امرأة, وما أعظمك أيتها المرأة حين تتساوي بالرجال, وبعض النساء يقلدن الرجال في الملابس ولكن لا يقبل الرجل بأن يقلد المرأة في الملابس والمرأة تقبل بأن تكون مساوية للرجل بل وتكافح وتناضل لتكون مثل الرجل في كل شيء ولكن الرجل يتمنى أن يساوى جسمه بالأرض وبإسفلت الشوارع على أن يقوم أي إنسان آخر بمساواته بالمرأة, وأذكر وما زلت أهلي حين كانوا وما زالوا يغضبون جداً إذا رأوا دموعي قائلين لي(العياط-البكاء- للنسوان وليس للرجال) ,الرجل الحقيقي لا يقبل بأن يكون مثل النسوان.
أنا حين أغضب من نفسي أقول عن حالي بأنني حمار أو تيس,هكذا(والله ما شفت أتيس مني أو أحمر مني أو أجحش مني) ولكن الملفت للانتباه هو أنني لا أقبل بأن أقول عن نفسي بأنني امرأة, وصدقوني بأنني أقبل بأن أصف نفسي بالقرد أو بالعجل(أبيس) أو بالثور ولكن لا أقبل بأن يقال عني أو بأن أقول عن نفسي بأنني امرأة, أو إن صح الكلام لم يخطر ببالي هذا التشبيه عن نفسي وأحيانا حين أعوف الدنيا وما فيها أقول(ليش يا الله ما خلقتني حمار؟) ولكن لم يسبق لي وأن فكرت بأن أقول أو بأن أتمنى أن أقول :ليش يا ألله ما خلقتني امرأة.
وإذا أبوك أو أمك غضبوا منك ونادوك بكلمة يا حماراً أو يا تيساً أو يا جحشاً فإن مستويات ردود فعلك تكون عادية وخصوصاً إذا كان هذا التشبيه مزاحاً أو صادراً من لسان أمك أو أبيك, وتكون لتلك التشبيهات والمسبات ردود فعل متباينة أشد التباين ولها نِسبٌ متفاوتة و مختلفة من شخصٍ إلى آخر ومن الممكن لك أن لا تغضب وأن لا يكون لك أي ردة فعل سوى أن تضحك وأن تدمع عيناك من شدة الضحك على التشبيهات البليغة وغير البليغة حين يصر أباك أو أمك على تشبيهك بالحيوان أو بالكلب, ولكن من المستحيل أن تبقى ساكتاً ومكتوف اليدين حين يصفك أحد من الناس بأنك(امرأة) حتى أنك لا تقبلها من أمك أو من أبيك لأن ردة الفعل تكون عنيفة جدا ومستوياتها عالية جدا هبوطا ونزولا ولسوف تقيم الدنيا وتقعدها إذا ما أحد ٌ من الناس شبهك بالمرأة (الحُرمه) أما في حالة تشبيهك بالتيس أو بالبغل فإنك تبقى ساكتا وقد لا تلاحق الذي شبهك بالحيوانات ولكنك تموت قهرا إذا بقيت ساكتا حين يصفك أحدهم بأنك امرأة, علماً أن المرأة تقبل وتفتخر حين تكون مساوية للرجل في كل شيء أو حتى حين تشبيهها بالرجل وأنا أو أنت كثيرا ما نتعرض من أهلنا إلى مثل تلك النداءات أو التشبيهات بالحيوانات, وحتى اليوم أتعرض في كثيرٍ من الأحيان للشتم والسب من لسان أمي وآخر مسبة أكلتها من فم أمي كانت قبل أسبوعين وأفتخر جدا حين تسبني واصفة تصرفاتي بتصرفات الحمير وكتاباتي بكتابات البقر فتصفني أحيانا بالحمار الذي لا يعرف مصلحته,وأحيانا تقول عني (كُرْ) والكر هو ابن الحمار ولكن الملفت للانتباه هو أن أمي لا تقبل أن تشبهني بالنساء مهما اقترفت يدايا من ذنوب أو حتى من أعمال خسيسة, ومن المستحيل أن تناديني أمي وهي غاضبة مني بجملة(تعال يا امرأة)لإيمانها بأن هذه مسبة وشتيمة ومنزلة منحطة لذلك لا تقبل أمي بأن تحط من قدري من خلال وصفها لي بأنني امرأة بل تصر بأنني رجل ولكن حمار, وهذا معقول أن أكون من وجهة نظر أمي حمارا لا يعرف مصلحته جيدا حتى أحيانا تقول لي بأن الحمار يعرف ما يضره وما ينفعه ولكن أنت حتى اليوم لا تعرف مصلحتك وأنت تبلغ سن الأربعين سنة..وباللهجة الطبيعية تسبني أمي بندائها لي :يا (مَرهْ) ,حتى أصدقائي إذا ما مزحوا معي أو هزروا معي هزارا خفيف الدم أو ثقيلا من المستحيل أن يقولوا عني بأنني امرأة, هذا من عاشر المستحيلات أن يقوم أي إنسان بتشبيهي بالمرأة سواء أكان مزاحاً أو جدا وجِد الجد, ومن الممكن أن تغضب أنت مني يا عزيزي القارئ وترسل لي رسالة قصيرة تقول فيها عني أنني خنزير بري وهذا ما يحدث معي في بعض الأحيان حين يغضب أي قارئ من مقالاتي ولكن حتى اليوم لم أسمع أحدا يقبل بأن يشبهني بالمرأة, ولكن لماذا؟
أنا باعتقادي وبتصوري أن لدى مجتمعاتنا اعتقاد بأن المرأة أقل رتبةً من الحيوانات أو البهائم ولا يوجد رجل في مجتمعاتنا يقبل بأن يوصف بمواصفات نسوية علماً أنه مثلي يقبل بأن يقال عنه حيوانا, , لأن مرتبة المرأة أقل من مرتبة الحيوانات وهذه حقيقة معروفة ولا يستطيع أي أحد أن يقبل بأن يكون امرأة فهذه اهانة لا يمكن أن يقبل بها أي أحدٍ مهما كانت منزلته الاجتماعية, وبعض البنات يقال عنهن بأنهن أفضل من الرجال حين يعملن عملاً مثيرا للاستغراب ولكن إن ذهب المزاح وجد الجد فإن تلك الكلمة سرعان ما تنتسى.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟