أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - وفي القصاص حياة!














المزيد.....

وفي القصاص حياة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3523 - 2011 / 10 / 22 - 15:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بموته، وبتفاصيل طريقة موته، وبما عاناه القذافي (نفسياً وجسدياً) بدءاً من إلقاء القبض عليه، في المكان الذي يليق به وبأمثاله، وحتى لفظه أنفاسه الأخيرة، كُتِبَت الحياة لأُمَّةٍ لم تَعْرِف من الحياة، بوجوهها ومعانيها كافة، إلاَّ ما يَصْلُح للموت تعريفاً.

"وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"؛ إنَّها الآية التي بفضل المصيبة التي نَزَلت بالطاغية القذافي وَقَفْتُ الآن على معانيها، وفهمتها على خير وجه؛ فهذا "القصاص"، الذي عارضه المصابون بـ "البلاهة الحقوقية" من المنافحين عن "حقوق الإنسان"، و"حقوق أسرى الحرب"، و"المحاكمة العادلة"، هو عينه الحياة لشعوبنا العربية، وللشعبين العربيين في اليمن وسورية على وجه الخصوص.

زين العابدين هَرَب، فلم يُلْقَ القبض عليه، ولم يُقْتَل أو يُعْدَم؛ ومبارك، الذي لم يهرب، أُلْقي القبض عليه، لكنَّه لم يُعْدَم، أو لم يُعْدَم بَعْد؛ أمَّا القذافي، عميدهم، أي أقدمهم في الحُكْم، وسيِّدهم وسندهم، فَهَرَب (من مسقط رأسه في سرت) لِيُلْقى القبض عليه (في حُفْرة) وليُقْتَل، أو يُعْدَم، من ثمَّ؛ وكأنَّ شعب ليبيا العظيم، وعن الأُمَّة بأسرها، قد رماه بثالثة الأثافي، أيْ بالشرِّ كله، أثفية بعد أثفية.

وإذا كان بوعزيزي قد أشعل، بقتله نفسه حرقاً، فتيل الغضب الثوري للشباب العربي كله، وأضاء شمعة "الربيع العربي"، فإنَّ القذافي ألْقى، بمصرعه، وبطريقة مصرعه، الذُّعْر والرُّعْب في قلوب أمثاله من الحُكَّام العرب، وفي قَلْبيِّ طاغية صنعاء، وطاغية الشام، على وجه الخصوص؛ فإنْ هُمْ أبوا واستكبروا، وركبوا رؤوسهم، وظلُّوا يتلذَّذون بشرب دماء شعوبهم، والسباحة فيها، فلن يَنْعَموا بـ "جنَّة" لاهاي؛ ولسوف يَصْطلون بنار "محكمة حمورابي"؛ فالقاتِل يُقْتَل ولو كان عميد الحُكَّام العرب؛ وخير قاتِلٍ للقاتِل، أيْ للقذافي وأمثاله، هو شعبه الذي راح ضحيةً له.

وللحاكم العربي، الذي كان له في وحشية القذافي إسْوَة حسنة، في زمن "الربيع العربي"، أنْ يرى الآن، أي قبل فوت الأوان، "الجَزَرة (الجديد)" التي يُقَدِّمها الشعب لـ "القذافيِّ الحي"، أي حاكمه الذي لم يَلْقَ مصير قذافي ليبيا بعد؛ فهذه "الجَزَرة" إنَّما هي الآن "أنْ يكفي نفسه المصيبة نفسها التي نَزَلت بقذافي ليبيا" من طريق الاستخذاء الفوري لإرادة ومطالب شعبه الثائر عليه؛ فإنَّ الحماقة بعينها، أو "تعريفاً"، هي الآن، أي بعد هذا المصير الذي لقيه القذافي على أيدي الثوَّار من أبناء شعبه، أنْ يظل الطاغية العربي الذي لم يسقط بعد يَفْهَم ويُفسِّر سقوط زين العابدين ومبارك على أنَّه ثمرة نَقْصٍ في وحشية "الهارب" و"السجين".

وإنِّي لمتأكِّد أنَّ صالح وبشار كانا يفهمان وحشية القذافي حتى مصرعه على أنَّها السبيل الوحيد إلى اجتناب "الشرِّين" التونسي والمصري؛ ولقد حان لهما، بعدما عايَنا ما عاناه "بطلهما الليبي" بعد هروبه وإلقاء القبض عليه، أنْ يَفْهَما الإفراط في الوحشية على أنَّه الطريق إلى نهايةٍ (لهما) مماثِلة لنهاية القذافي؛ فالحاكم العربي "القذَّافيِّ" لم يَفْهَم بَعْد أنَّ افتتانه بالحراب يمكن أنْ ينتهي به إلى الجلوس عليها؛ ولقد جَلَس، أو أوشك أنْ يَجْلِس!

كان ينبغي لـ "العقيد العميد" أنْ يَلْقى هذا المصير؛ وكان ينبغي لثوَّار ليبيا أنْ يُذيقوه، ولو في ساعةٍ من الزمن، الأمرَّين، وأنْ يسوموه سوء العذاب، حتى يتأكَّد شعب ليبيا أنَّ عهد هذا الطاغية قد انتهى، وإلى الأبد، وحتى تقوى ثقة الثوَّار في اليمن وسورية، وفي غيرهما من بلاد "الربيع العربي"، بأنفسهم، وحتى يَعْتَبِر به، ويتَّعِظ، أمثاله من الحُكَّام العرب، ويرتدعوا عن تقتيل شعوبهم؛ فالعقوبة التي لا تردع، كالعقوبة التي تعرَّض لها زين العابدين ومبارك، تضرُّ ولا تنفع؛ ولعلَّ خير دليل على ذلك هو هذا الذي نراه من تأسُّدٍ واجتراءٍ لصالح وبشار على شعبيهما.

وإنِّي لأسمع القذافي يهمس في أُذنيِّ صالح وبشار، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، قائلاً لهما، وكأنَّه ينصحهما: لقد عَجِزْتُ، وعجزتما مثلي، عن تَعَلُّم فن الطيران، فلْتتعلَّما سريعاً، وقبل فوت الأوان، فن السقوط!".

إنَّها النهاية التي يستحقُّون، والتي تستمدُّ شرعيتها الأخلاقية والقانونية من شريعة حمورابي؛ أمَّا شريعة "حقوق الإنسان"، مع ما يتفرَّع منها، ويُشْتَق، فإنَّها تتحدَّى كل مَنْ يرى بعينيها نهاية القذافي أنْ يقيم الدليل على أنَّ القذافي وتلميذيه اليمني والسوري ينتمون إلى البشر (وإنْ كانوا بشراً) حتى يحقَّ لهم التمتُّع بـ "حقوق الإنسان"، أو بحقوق أسرى الحرب، أو بالحق في محاكمة عادلة.

نهاية القذافي إنَّما هي القصاص له، وبدء القصاص لهم؛ فإذا تساهل شعبٌ مشى إليه الشتاتُ، للناس في العفو موتٌ وفي القصاص حياةٌ.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الأردن.. إصلاحٌ يحتاج إلى إصلاح الحراك!
- -الوسطية- في مناخ -الربيع العربي-
- أوباما الذي -تَغَيَّر- ولم -يُغَيِّر-!
- شعوب الغرب.. إلى اليسار دُرْ!
- د. زغلول النجار يكتشف إشارة قرآنية إلى -النسبية-!
- -11 أيلول ثانٍ- ضدَّ إيران!
- حتى يُزْهِر الربيع العربي الدولة المدنية!
- من اقتحام -السفارة- إلى هدم -الكنيسة-!
- هذا -الخَلْط- بين -الجاذبية- و-التسارُع-!
- -ربيع عربي- يَقْرَع الأجراس في -وول ستريت-!
- الرداءة.. كتابةً وكاتباً!
- هل يفعلها التلفزيون السوري؟!
- -يَسْقُط- الضوء!
- خيار نيويورك!
- دفاعاً عن -مادية- المادة.. في الفيزياء!
- -سؤال الهوية-.. أُردنياً وفلسطينياً!
- كمال أردوغان!
- لو زار غزة مصطحباً معه عباس ومشعل!
- -التدليس اللغوي- عند العرب!
- شعب مصر يَحُكُّ جلده بظفره!


المزيد.....




- مصر: الداخلية تكشف حقيقة فيديو لتوقيع طالب وطالبة على ورقة ز ...
- أمريكي يحاول اختطاف طائرة في بليز
- غضب في الجبل الأسود بسبب صفقة مع شركة إماراتية لاستئجار أحد ...
- -لم تعد بلاد الحرية-...خوف الطلاب الأجانب في الجامعات الأمري ...
- أمل جديد لمرضى باركنسون: خلايا جذعية تعيد الأمل في العلاج
- ماكرون يعلن عن محادثات بشأن أوكرانيا الأسبوع المقبل في لندن ...
- مشاهد مروعة.. جثث أطفال متفحمة بقصف إسرائيلي على منزل في بني ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف فلسطيني بحوزته أسلحة في مدينة صيدا ...
- أمطار غزيرة تسبب فيضانات عارمة شمال إيطاليا (فيديو)
- كوريا الجنوبية تناور على حدود جارتها الشمالية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - وفي القصاص حياة!