أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - يحدث هذا حبا : قصة قصيرة














المزيد.....

يحدث هذا حبا : قصة قصيرة


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 23:58
المحور: الادب والفن
    


يحدث هذا حبا : قصة قصيرة
( يحدث هذا حبا )
خطوات رتيبة تزحف باتجاه ما .. والليل علبة ضيقة . ثمة عصفور يتحرك في صدره ، ولا يكف عن الشكوى ، زقزق متسائلا:
- متى ستريني الشمس؟
تأوه الرجل ، ورمق عصفوره بنظرة ، لاتختلف كثيرا عن الليل والدرب والخطى الرتيبة .
( يحدث هذا حبا )
للنسيمات طعم آخر ، أهو قريب من البحر؟ صوت الأمواج يدب في أذنيه ، امتلأت عيناه بالأسماك ، وخفقت في خياله المدن الجميلة . تحرك العصفور في صدره مرددا:
- البرد يأكلني
بقي الرجل صامتا ، وكان صمته لايختلف كثيرا عن الليل والدرب والخطى الرتيبة . أردف العصفور متسائلا:
- الدرب .. هل تنتهي؟
- أجابه الرجل: البرد ليس دربا ..
(يحدث هذا حبا )
للخطى وقع يشبه الحكايا ، تدافعت الخيالات إلى رأسه دون تسلسل أو انتظام :
- طاقية الإخفاء . ماذا تنفعني في هذا الليل الدامس ؟
- السندباد ! أين البحر؟
- شمشوم الجبار .. ألا تكفيه رصاصة في رأسه؟
- لص بغداد .. بغداد ليست قريبة
- خاتم سليمان .........
تحرك العصفور في صدره ملهوفا وصاح مغتبطا :
- افركه بإصبعك . لاتضيع الوقت .
سأله الرجل مدهوشا : ماذا أفرك ؟
أجابه العصفور: الخاتم
ضحك الرجل بمرارة وقال: هذه إحدى الحكايات ...
زقزق العصفور وبكى ......
( يحدث هذا حبا )
الدرب تغوص في صحراء الليل ، ربما كانت هي الأخرى تسري ، وخاتم سليمان اختطفه البحر ، ربما أصبح في جوف سمكة ، أيصل البحر قريبا ؟ صارت الدرب نهرا ممتلئا بالمراكب ، وصار الرجل ربانا ، اتجه نحو البحر حتى أشرف عليه ، كان يغص بمراكب الصيد ، التي غطت جسده كثوب سميك . من أين سينفذ؟ ويجد مكانا لمركبه ؟ وأين سيرمي شباكه؟ . تحرك العصفور في صدره : " متى ستخلصني من هذا الليل؟
تبخر النهر والبحر والمراكب ، نظر في عيني عصفوره .. كانتا مغرورقتين بالدموع ، قال في نفسه: " ماأقسى أن تغدو فراشة بلا ضوء .. ولا هدف !! ضائعون ... ضائعون حتى العظم " .
تساءل العصفور باستسلام : الدرب .. هل تنتهي ؟ . قال الرجل: الليل ليس دربا .
( يحدث هذا حبا )
صارت الخطى عادة ، كبرت العادة كثيرا في ساقيه .. فتهالك على نفسه ، دبّ النعاس في أوصاله ، فآثر أن يغفو ، رأى في منامه أقصر سبيل للتخلص من آفة الليل التي لاتمس النيام ، حاول التوقف عن السير ، ولكن العادة كانت قد كبرت كثيرا في ساقيه ، ومنعته من تحقيق رغبته ، فغضب ، ورمى بنفسه أرضا ، لكن ساقيه لم ترضخا ، ومضتا دون توقف ، تلتهمان الدرب والليل و.... ولم يقو الرجل على الاهتمام بهما ، ثم استسلم للنوم .
( يحدث هذا حبا )
شاهد في نومه طائرا كبير الحجم ، يهوي منقضا عليه .. خاف ، غير أن الطائر مالبث أن سقط إلى جواره ، تفرّس الرجل في وجهه مندهشا ومتسائلا : " عباس بن فرناس؟!" . مدّ يده متحسسا وجه عباس المختلج ، فرآه يفتح عينيه بصعوبة ، وتحركت شفتاه بكلمات متقطعة : " أما عرفتني؟ "
- لا .. لا أدري
- أنا العصفور ياسيدي .. عصفورك المخلص
( يحدث هذا حبا )
تتوالد النجوم في ثوب السماء الأسود ، تتعانق وتتداخل كأسراب طيور صغيرة تلهو .. اكتست السماء بها ، وبدت كصفحة بيضاء لامعة ، اقتربت الطيور ، واتضحت ملامحها .. مناقيرها الملونة .. شكلت فوقه قبّة حصينة ، تداخلت أنفاسه بأنفاسها ، وتنامى تغريدها .. إلى أن صار ضوضاء .. استولت على أذنيه وحواسه ، فيما أخذت مناقير الطيور الملونة تلتهم عينيه ووجهه بلذة عظيمة .
تورمت ساقاه ، وفيما كانتا تزحفان برتابة ، اعترضتهما هوة سحيقة ، وسقطتا فيها دون أن تدركا قرارها .
( يحدث هذا حبا )
قرصت أصابع الشمس وجه الرجل ، فاستيقظ فرحا ، وتوردت على شفتيه ابتسامة خضراء ، صاح العصفور في صدره : " أخرجني لكي أتدفأ قليلا . أخرجه الرجل برفق ، كان جامدا من شدة البرد ، فراح يلتهم الشمس كي تستقر في داخله المقرور .
غمرت زرقة السماء ناظريه ، أدار رأسه ليرى الاخضرار ثوبا ترتديه الأرض حوله . ثمة عصافير تلهو فوقه خائفة ، تنظر إلى عصفوره بفضول وإشفاق ، وتشدو شدوا غريبا .
فرح عصفور الرجل بمنظر العصافير ، طلب من صاحبه الرجل: " لنلهو ونرقص مع العصافير ، ولنغرد بقوة قبل فوات الأوان . تذكر الرجل ساقيه ، لم يستطع النهوض .. لأن ساقيه كانتا قد انفصلتا وابتعدتا عنه كثيرا . أغمض عينيه راحلا في مساحات وألوان كالحة ، وقال : لقد سبقنا الأوان .
تساءل العصفور: ألم تنته الدرب إذن ؟ . أجاب الرجل: نحن لسنا دربا .
قطع حوارهما عواء الذئاب المتصاعد .. يقترب ..يكاد يدخل الأذن . فوجئ أخيرا بها تتحلق حوله ، ثم انقضت على عنقه ، وبعد أن شبعت .. جاء دور القطط .. ذعر العصفور ولم يستطع الفرار . أكلت القطط الرجل وعصفوره ، وتقاسمت جثته وحوش وكواسر أخرى .
خطوات رتيبة تزحف باتجاه ما .. والليل علبة ضيقة .....
( يحدث هذا حبا )



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيّودا: قصة قصيرة
- ماوراء هموم امرؤ القيس
- لماذا رجعت إلى الحزن
- ثم أعيدك حلما
- الشراع الأسود: قصة قصيرة
- قصيدة - سورة القلق
- شعر: قصيدة لرياض خليل
- المزبلة
- العلمانية وصراع الأديان
- صفقة وهم : قصة قصيرة
- قادم من جحيمي : شعر
- إهداء : شعر
- مدارات التحول : شعر
- العصاب الديني/ تتمة
- الله-الشيطان-العبد : 3+4+5 من 7
- الله- الشيطان- العبد
- القرش : قصة قصيرة
- تشرد :
- سعدية : قصة قصيرة
- توازن : قصة قصيرة


المزيد.....




- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...
- لقطات -مؤلمة- من داخل منزل جين هاكمان وزوجته وتفاصيل مثيرة ح ...
- من السعودية إلى غزة.. قصة ’فنانة غزية’ تروي معاناة شعبها بري ...
- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - يحدث هذا حبا : قصة قصيرة