|
فتحُ طرابلس .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3464 - 2011 / 8 / 22 - 18:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العشر الأواخر من شهر رمضان من هذا العام ، كما كان في فتح مكة في الثامن للهجرة ، انقلب السحر على الساحر بعد جهد جهادي أبداه ثوار ليبيا بتحرير ربوعها من قبضة الطاغية صاحب السجل الدموي داخلا وخارجا ، فبعد تحرير الجهات الشرقية مسبقا ، امتد ت إرادة الثوار لتحرير ( البريقة ، ومصراتة ، و الزاوية ، والجبل الغربي بمدنه ، وغيرها من المدن الليبية التي التحم سكانها طواعية مع الثورة ، فلم يبق سوى طرابلس عرين النظام ورمز صموده وطغيانه بوسائل إعلامه التي بدت مشروخة تردد فكرا تآكل بفعل التطورات المتلاحقة . *** طرابلس وعملية ( فجر عروس البحر) . لم نكن نتوقع أن تسقط طرابلس سريعا بهذه السهولة ، فالتقديرات تشير أن مواقع دفاعية للكتائب قد أقيمت على مشارف المدينة لصد أي هجوم محتمل ضدها ، وأن مخططات دفاعية مستحكمة داخل المدينة ترشح قيام ما يُعرف بحرب المدن ، غير أن هذا الإحتمال المتوقع والسناريو المحتمل لم يكن بتاتا ، لأن الثوار بقيادة المجلس الإنتقالي قد أعدوا مخططا سريا محكما لإسقاط طرابلس بأخف الأضرار الممكنة ، بتجييش سُكانها وتنظيمهم للقيام بثورة من الداخل من داخل طرابلس ذاتها لتمكين سكانها من أثبات أنهمليسوا أقل وطنيةمن أهالي بنغازي والزاوية ، و صبراتة ... ، وهي مفاجأة غير متوقعة لنظام القذافي ، وهو ما سهل سقوط أحيائها الكبرى من (فشلوم وتاجوراء وسوق العرب ... ) بسهولة ، ومهد الطريق للزحف على باقي الأحياء بما فيها ( الساحة الخضراء) التي تغير اسمها إلى ( ميدان الشهداء ) ,ولم يبق سوى دك باب العزيزية على الطاغية وزبانيته أو ولوجها بدون مقاومة ذاك ما ستنبيء به الساعات القادمة . *** نظام القذافي في خبر كان ..... سقوط نجلا القذافي سيف الإسلام ، والساعدي في أسر الثوار ، وحصار بيت ( محمد القذافي ) في بيته أحدث فرحا في أوساط ساكنة طرابلس الذين تأكدوا من نهاية النظام ، فأقاموا أعراسا بلا نهاية بالبارود والزغاريد ، غير إن إكتمال الفرحة سوف لن تتم إلا بعد القبض على القذافي ، الذي يبدو أنه محاصرا في باب العزيزية أو مختبئا في (سبها أو سرت ) ، مع وجود احتمال لجوئه إلى الجزائر وهو احتمال يصعب تصديقه لأن نظام الجزائر لا يمكنه استقبال صاحب سجل إجرامي متابع ٌ وطنيا ودوليا ، ففي الأمر شبهة تواطؤ أو تعاطف ؟ وهي كفيلة بتفجير الوضع الجزائري لاحقا ، وهو ما ليس في صالح النظام وإن تناصر معه سرا لحاجة تمليها حالات الأنظمة الاستبدادية . *** مصطفى عبد الجليل يُطمئن ... كعادته الهادئة ، وصراحته المعهودة ، وإيمانه الظاهر كمسلم ملتزم وسطي ، استطاع رئيس المجلس الإنتقالي الليبي بشمولية طرحه أن يجيب عن جميع التساؤلات والحيرات على المستووين الداخلي والخارجي ، وحرص كل الحرص الإحتكام إلى القانون في معالجة كل التجاوزات ، ونبه الثوار بأن دورهم لايمتد للقصاص من خصومهم ، فالعدالة والقانون وحدهما المخولان بذلك ، وهي نقطة ايجابية نتمنى أن تتحقق ، ومهما يكن فإن مصاعب الثورات تبد أ حتما عند انتصارها ، ولا شك أن ما وقعَ ويقعُ في تونس ومصر أحسن دليل عن ذلك . *** معالم الدولة الليبية الجديدة المؤمولة؟ . المهم أن اتهامات القذافي بوجود إمارات إسلامية ، والقاعدة أمر متجاوز ، وتطمينات رئيس المجلس الإنتقالي واضحة بشأن إقامة دولة ديموقراطية يحكمها القانون في ظل احترام مباديء حقوق الإنسان في العيش الكريم دون ميز في اللون والعرق ، وهي إشارات كافية لتأسيس ما يعرف (بالدولة المدنية) ؟ فكيف سيكون موقف الإسلاميين ، وكيف يتقاسم اللليبيون مراكز القرار في ظل الولاءات القبلية والعشائرية ، وكيف يتناغم الجميع وفق هذه الدولة الليبية الجديدة في ظل الصراعات الهوياتية والإديولوجية ، أشياء ستفصح عنها أيام المستقبل ، وبقاء مصطفى عبد الجليل في قيادة ليبيا في فترة انتقالها ، نحو التأسيس والمؤسسات مرهون بتطبيق تعاليمه وأوامره في الميدان ، خاصة ما يتعلق بالقصاص الفردي أو الجماعي ضد المناوئين ، وكل تحد للقانون والعدالة معناه انسحاب عبد الجليل مصطفى من سدة رئاسة المجلس الإنتقالي ...موقف شريف لهذا الرجل الذي تعهد بأن مهمته تنتهي بإسقاط القذافي . *** أنظمة العرب كأن على رؤوسهم الطير ... جل الدول العربية لم تبدي موقفها مما وقع بليبيا البارحة ، حتى مصر الثورة لم يصدر عنها أي موقف تجاه نجاحات الثورة الليبية ؟ وكل القراءات تشير إلى تخوف الأنظمة العربية من نجاح الثورة الليبية ، فهي الضربة القاصمة التي ستأتي بانتصارات الشعوب على أنظمتها أسوة بالشعب الليبي ، ولا يستبعد أن يكون للثورة الليبية زخما أكبر وردات أعمق تصيب الأنظمة المتبقية في المقتل ،وهوما ينذر بسقوط نظاما الأسد وعبد الله صالح قريبا ، كما أن تخوفات نظام الجزائر قائمة وبارزة للعيان ؟ . *** نصرٌ للشعب الليبي ، أم نصرٌ لحلف الناتو ؟ لايمكن لعاقل أن يُنكر جهد الناتو في توفير غطاء جوي آمن للثوار ، ولا يمكن نكران الجهد الدبلوماسي (لأمريكا ، وفرنسا ،وبريطانيا ) في شد أزر الثوار ، وهو ما لم يجدوه عند أشقائهم وأهل ملتهم ؟ فأين عقيدة الولاء والبراء ، وأين نصرة المظلومين المقهورين ، يبدو أن الولاء انقلب براء عند حُكامنا ، فأصبح الكافر مؤتمنٌ على الحقوق والأرواح والأرزاق أكثر من أهل الملة ، ما معنى أن يرفع الثوارُ في طرابلس ( أعلام الناتو ) ، وأعلام (فرنسا وبريطانيا ...) وليس أعلام مصر ، والجزائر ، وسوريا ، والسودان ؟ مفارقات عجيبة يجب قراءتها وسبر أغوارها للوصول إلى مكمن الداء .
الثورة الليبية نجحت ، ونجاحُها مؤكد ولو بعدم ا لقبض على الطاغية القذافي بعدُ ، فبحثُ الثوار عنه جار من مدينة لأخرى ، ومن ( زنقة زنقة ، دار دار ، بيت بيت ) حتى يقضى عليه قتلا أو أسرا ، وفي أسره أفضل الحلول حتى يحاكم محاكمة عادلة يسجلها التاريخ بأحبار نوارنية مذهبة ، تنعكس خيرا على الشعوب المهضومة الحقوق المقهورة في حقوقها الحياتية والمدنية والروحية والفكرية .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليبيا والثورات العربية ، دروس بلا منتهى ...
-
هل الإسلام دين الدولة ؟
-
في صراع المجد مع المتمجد .
-
أنظمة لا ترحل ... إلا بترحيل شعوبها .
-
قبائل هوارة الأمازيغية بمصر .
-
اللغة ...إلهام رباني أم صناعة بشرية ؟
-
لسنا الأفضل.... ولغَتنا ليست أفضل اللغات.
-
الناطقون بالعربية من غيرالعرب .... هل هم من قومية عربية ؟
-
الأزمة البربرية (BERBERISMES ) ومفهوم (الجزائر الجزائرية ).
-
سيفُ القذافي ... إن لم يُقطع قطعَ !!؟ .
-
القذافي وليبيا ، أين المنتهى ؟
-
نجاح ثورة ليبيا ... هي إنذار ثالث للأنظمة العربية .
-
الجزائر .... وعبرة الإنتفاضات المجهضة .
-
أين الخلل في بوتفليقة أم العسكر ؟
-
ثورة مصر في الميزان .
-
الريس بين التنحي الرحيم .... والتنحي الرجيم ؟!!
-
من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .
-
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
-
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
المزيد.....
-
تطورات الحادث الجوي في واشنطن.. طائرة ركاب اصطدمت بمروحية عس
...
-
مصادر لـCNN: اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب بالقرب من واشن
...
-
فيديو استقبال محمد بن سلمان وأداء صلاة الميت على الأمير محمد
...
-
كيف تتم عملية تبادل الرهائن في غزة؟
-
اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب تحمل 60 شخصا بالقرب
...
-
يكثر استهلاكه في المنطقة العربية.. الحليب الحيواني الأكثر فا
...
-
إسرائيل: 11 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم هذا الأسب
...
-
تصادم طائرة ركاب مع مروحية عسكرية قرب مطار ريغان بالعاصمة ال
...
-
عاجل | رويترز: طائرة ركاب تابعة لخطوط جوية أميركية اصطدمت بط
...
-
ترامب يستعد لإعلان قرار يهم طلاب الجامعات المتعاطفين مع حماس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|