أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - كل عام وأنت نزار قباني














المزيد.....


كل عام وأنت نزار قباني


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 22:36
المحور: الادب والفن
    


كانت كل الكتب التي في الرفوف السفلى قد تمت قراءتها , وأصبحت مملة جدا بالنسبة لطفلة في التاسعة من عمرها، حينها رفعت رأسها إلى الرفوف العليا وقررت أن تصعد لتحضر كتابا زهريا بدا بعيدا هناك ينادي فضولها الطفولي، وضعت قدما على أول رف ثم وضعت اخرى على الرف الثاني ، ثم اعتلت الثالث، مدت يدها للكتاب، أمسكته ، زلت قدمها سقطت وانغرزت حافة المكتبة الحادة في ركبتها لترسم جرحا عميقا راح ينزف بغزارة، بينما راحت هي تقلب صفحات كتابها العجيب الذي كان عبارة عن مختارات شعرية لأشهر شعراء العصر الحديث، ومع أنها لم تكن تلك أول مرة تقرأ فيها شعرا إلا أنها كانت أول مرة تشعر فيها بشيء يشبه " الجرس " يدق روحها منذ أول جملة: "على دفتر..سأجمع كل تاريخي على دفتر/سأكتب لا يهم لمن سأكتب هذه الأسطر/فحسبي أن أبوح هنا /لوجه البوح لا أكثر"، ابتسمت الطفلة وهي تقرأ القصيدة بصوت عالٍ، ثم مررت أصابعها بفرح على اسم الشاعر الذي لم تكن تعرف أنه سيجعلها تصبح شاعرة.

كان هذا الشاعر هو نزار قباني الذي ولد في 21مارس عام 1923 في دمشق في بيت عريق ومعروف، بدأ كتابة الشعر في 16، وحينما تخرج من كلية الحقوق عام 1946 التحق بالسلك الدبلوماسي ليتنقل في عدة وظائف بين عدد من بلدان العالم. لكنه عام 1966 قرر أن يستسلم لقدره الحقيقي وأن يتفرغ لقنديله الأخضر المسمى الشعر، فاستقال من عمله وأسس دار نشر "منشورات نزار قباني" في بيروت.
تعتبر تجربة نزار قباني الشعرية فريدة من نوعها، فقد حول الشعر العربي إلى مادة قابلة للاستهلاك اليومي في الشارع العربي وكسر الحاجز الإسمنتي الذي كان يفصل بين عامة الناس والنخبة، ولكن رغم نجاحه العظيم في فتح مدرسة شعرية جماهيرية، إلا أن الكثير من الانتقادات والهجمات طالته لأسباب كثيرة، منها خروجه عن سياق الأعراف والتقاليد التي ظل يراها سببا في انتحار أخته وصال بعد أن رفضت الزواج من رجل لا تحبه.
وصال التي قتلها الحب، بقيت رمزا للحب والحرية والتمرد في ذاكرته، ذاكرة انعكست بشكل تام على شعره وعلى رغبته في تحرير المرأة ومنحها كيانا مستقلا وخيارات فردية لم تكن تسمح لها بها أغلب المجتمعات العربية آنذاك مما شكل صداما حقيقيا بينه وبين بعض المحافظين في ذلك الزمن. غير أن أشهر صدام بينه وبينهم لم يكن بسبب قصيدة غزلية إنما كان بسبب قصيدة سياسية عنوانها "خبز وحشيش وقمر" عام 1956، وقد وصلت المشكلة إلى البرلمان السوري وتحولت إلى قضية عامة انتصر فيها الشاعر على أعداء الحرية في النهاية.

ترك نزار قباني 41 كتابا منها 35 ديوان شعر، وعددا كبيرا من الأغنيات التي تعامل فيها مع كبار الفنانين أمثال أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم حافظ، وكاظم الساهر ... هي حصيلة حياة مليئة بالحب والحزن والألم والنضال انتهت في أبريل 1998 في لندن بسكتة قلبية، صمت قلبه... وانتهت حياته التي عاشها في سبيل أن يحقق المساواة بين الرجل والمرأة وفي سبيل أن ينصر الحب والوطن والصدق...لكنه بقي حيا في كل ابتسامات المعاني الجميلة التي أحاط قلوبنا بها، ومع أن الكثيرين يعتبرون أشعار نزار قباني منحرفة ولا أخلاقية بسبب قراءة سطحية جدا لها، إلا أن المتعمق في معانيها سوف يجد فيها رسالة سامية ونقية وطاهرة، فليس كل ما يرتبط بالجسد مدنسا وليس كل ما ليس له علاقة به مقدسٌ، إنما القيّم الحقيقة هي تلك التي تطهر الروح والجسد وتمنح للحياة حقيقتها الأكثر صفاءً وتنزع عنا نفاقنا مع أنفسنا أولا ومع ما حولنا ثانيا. وهكذا كان أستاذي نزار قباني يرى العالم، وهكذا جعلني أراه منذ طفولتي...منذ حادثة الكتاب التي تعارفنا بسببها، فكل عام وأنت "نزار قباني"!!!

من مقالات سلسلة فانيليا - الصدى



#حنين_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبر الغريب
- اليوم العالمي للرجل
- المدن كالنساء
- فلسفة الكعب العالي
- سحر أبيض وأسود
- المصفقون
- هيباتيا: شهيدة النور
- أبطال من ورق
- لازاريوس بروجكت
- فنجان قهوة
- أنتَ ؟ : أنتَ الذّاكرة
- نقطة...أول العطر!!!
- في مديح المنفى البعيد جدا
- كامل الشياع : ليس كل الموتِ موتا
- سيجارة إخبارية
- ست ُّالشناشيل
- سرطان
- فنجان شاي مع أدونيس والدلباني
- تغريبة النهرين
- سبورة سوداء


المزيد.....




- شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43 ...
- اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
- ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران- ...
- 80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع ...
- بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب ...
- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - كل عام وأنت نزار قباني