أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - احمد الحارثي - اللاءات - لا للحكم الفردي















المزيد.....


اللاءات - لا للحكم الفردي


احمد الحارثي

الحوار المتمدن-العدد: 3443 - 2011 / 7 / 31 - 13:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في العقود السابقة، توفرت لدى جزء من النخبة المغربية النزاهة الفكرية والسياسية الكافية كي تتجرأ على قول الحق في وجه النظام، والتنديد بما كانت تسميه صراحة "الحكم الفردي"، والاضطلاع بموقف الريادة في كشف مظاهره وتبيان مخاطره على المصائر الوطنية، والسعي لصد مفاعيله التخريبية بغير قليل من الكفاحية وكثير من التضحيات.

واليوم، وإن بهدوء وتبصر، ليس من الجسارة بمكان الصدح تعبيرا، عما هو قائم ومترسخ في واقع الحال، مكنون في العقول ومختلج في الصدور، قول "لا" لوضع السلطة في يد واحدة، "لا" للحكم المطلق، فذلكم "أضعف الإيمان وأبسط الالتزام".

في الشرط التاريخي الراهن، وأكثر من أي وقت مضى، ما أحوج المغرب إلى سياسة الحقيقة، وإلى سياسة حقيقية؛ إلى تخليق وعقلنة السياسة، في الخطاب والممارسة. ذلك أنه في الآن، تتيح وسائل الاتصال الحديثة إمكانيات هائلة تجعل الواقع السياسي سهل المنال، صعب المسخ، لا يحجب، مما يعفي المتلقي ذو الحد الأدنى من النباهة، من لت وعجن الخطاب (شبه-) الرسمي، وما يلوكه المثقف -"صوت سيده". كما لا يتطلب منه الكشف عن خبايا وطبيعة العلاقة السياسية السائدة الكثير من الوقت والجهد كما كان عليه الشأن في السابق، إذ أضحت نوافذها مشرعة وشفافة، ودهاليز السلطة أقل دهمة، بل تكاد تكون عارية وفضائحية.

من الواجب إذن على كل ضمير حي مخاطبة الدولة بصراحة ووضوح وصرامة أيضا، لوضعها أمام مسؤوليتها التاريخية بالتشديد على وجوب الانخراط الفعلي في صيرورة التحديث السياسي، وحتمية الخروج من دوامة الوعود العرقوبية، والتطمينات التنويمية/التمويهية، ومن حيل "الماركوتينغ" وأحابيل إدارة وتدبير العلاقات العامة، فالدولة كما المجتمع ليسا لاسوقا ولا مقاولة... فلا مندوحة إذن من تحرير المجتمع من قيود الاستبداد والظلم الاجتماعي، وتمكينه من التمتع بالديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.

بادية هي للعيان حقيقة احتكار السلطة وعدم الاحتكام للشعب كمصدر وحيد للشرعية، وما يترتب على ذلك من تفاقم للحيف الاجتماعي. الأخطر في الأمر يكمن في تصدير نموذج التسلط والشخصنة والانفراد بالقرار إلى الأسفل، وتعميمه نموذجا أمثل إلى الإدارة، وبثه بمختلف أوصال طبقات وجزئيات البنيان الدولتي، وعلى رأسها القطاعات المنتجة واقتصاديات الريع؛ ومن ثم تعميم النسق الميراثي في تدبير الخيرات وتراكم الثروة في يد الأقلية. ولا تنضبط هنا السلط المخولة -من المركز- إلى معايير قانونية ولا تخضع إلى تراتبية مؤسساتية، بل تتم شخصنتها بشكل مصغر في الأطراف والمستويات الدنيا بتوازيات وازدواجيات عديدة متحللة من كل روح أو ضابط مسطري أو مؤسساتي.

هو الولاء وحده معيارا، يطلق يد الإقطاع السياسي والإداري على عواهنه ورعونته، لتحريك تلك الآلة الجهنمية من الفساد المعمم، المحصن بالحماية الدولتية، الذي ينتصب كبنية فوقية وآلية سياسية لإعادة إنتاج النخب الموالية والقاعدة الاجتماعية للنظام.

ينسحب الأمر ذاته، تعميما في مسخ كل الابتكار الإنساني الديمقراطي وتجويفه ليستحيل لمجرد "ريع سياسي" يفوت تفضيلا لشلل بقايا القيداوية القروية ومواريث سلالات وأعيان العائلات المخزنية وأصفياءها وزبناءها الحضريين، وإن شذ "الاستثناء" فللمؤلفة قلوبهم.

لا يساورنا أي شك في استماتة النخب المخزنية الجديدة في الدفاع عن مصالحها الضيقة، باسم صيانة الثوابث والتقاليد المرعية، وبالتالي مناهضة أي تطلع إلى الحرية والانعتاق من براثن الاستبداد. لكن ما يثير القلق هو تمادي قطبها في الشطط والضلالة وإثارة الضغائن، ونجاحه في بسط نفوذية الصبيانية السياسية.

يسترعي الانتباه في هذا السياق ما يحدث الآن من هجوم شرس على حركة الشباب الاحتجاجية، وما يشكله من خطورة، ليس بالنظر إلى تداعياته المحتملة، بل أساسا بالنسبة لدوافعه المبطنة. فقد استبد الشره بنخبة المخزن الجديد إلى حد فقدان البصيرة والاستخفاف بالعقول، وركب بها الزلل إلى درجة اقتراف الحماقات والمقامرة بمصداقية النظام بجعل الشباب كبش المحرقة الذي يجب أن تعلق عليه مشاكل البلاد في ظل الحركية التي يشهدها الشارع. إذ جعلها تشبثها الأعمى بمواقعها توظف احتكارها للبوابة التي ينفذ منها صدى الخارج إلى أعلى سلطة في البلاد، لتدفع -بأسلوبها المداح المعتاد- في اتجاه خلق جو من الدعر والهلع، يستشف منه أن المؤسسة الملكية في خطر، مستهدفة؛ وإحداث شرخ وسط المجتمع، يراد له أن يقوم على هذه الخلفية: من مع ومن ضد الملك؟ حتى يتسنى لها عزل واستئصال حركة الشباب، قبل أن تتمكن من التقاط أنفاسها، ثم استئناف مشروعها الرامي إلى إحكام القبضة الحديدية على المشهد السياسي برمته. لا يهمها الانطباع الذي قد تحدثه ممارستها في النفوس، كزعزعة الثقة في هيبة الدولة، ودعم الاعتقاد في هشاشة النظام، واستفزاز مشاعر الناس...

والحال أن الحركة الشبابية تبقى متواضعة في حجمها ومطالبها، ولا تشكل خطورة بالنسبة لاستقرار الدولة والمجتمع. ذنبها الوحيد استهداف منابع التسلطية وبؤر الفساد.

وإذا كانت النزعة الحزبية الإلحاقية قد تسببت في حجز وتدمير التطور الطبيعي للحركة الشبابية إياها، فإن ما يثير الاشمئزاز حقا هو اصطفاف معظم الأحزاب المحسوبة على اليسار التقليدي في الخندق المناوئ لها، كأنها جرثومة خبيثة، عوض احتضانها وتمنيع قدراتها الاستقلالية تجاه"عقبان الماضوية"؛ وكذا تفاقم ظاهرة استشراء النخب الحضرية الانتهازية.

أما أهل الثقافة والفكر -إلا قلة القلة، فلهم الهرولة المحمومة وراء المنافع والمناصب الإدارية العابرة، دون مراعاة المصلحة العليا للبلاد.

يجب أن يشعر مجموع هؤلاء بالخزي والعار وهم يتكالبون على شباب المغرب لمجرد تطلعه نحو المستقبل، وطموحه إلى الانخراط في الحداثة الكونية، والتعبير عن رغبته في خوض معركة الحرية والكرامة والتصالح مع الذات التاريخية، دون تهديد حقيقي للنظام العام وللدولة.

هكذا، في معركة غير متكافئة، يجد الشباب نفسه في مواجهة الصبيانية السياسية التي تطغى على سلوك النخبة المخزنية الجديدة، والشيخوخة الفكرية التي تدب في جسم النخب الوطنية التقليدية؛ وهكذا يفوت على المغرب، وبصبيانية واستخفاف لامسؤول أيضا، لحظة استجماع قواه للجواب على أسئلة تدق أبوابه منذ قرن خلا... هو الاستهتار عينه إذن.



#احمد_الحارثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي


المزيد.....




- اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق ...
- مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
- الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
- مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا ...
- السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر ...
- النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
- مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى ...
- رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
- -كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
- السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - احمد الحارثي - اللاءات - لا للحكم الفردي