أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جعفر المظفر - لولا علي لهلك عمر














المزيد.....

لولا علي لهلك عمر


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 01:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


سألنني مدرس العربية حينما كنت طالبا في الصف الأول من ثانوية المعقل في البصرة, أن أستعمل كلمة ( لولا ) في جملة مفيدة. وعلى طريقة من يريد أن يقدم إجابة في الفقه والتاريخ والدين, قلت مسرعا ومنتشيا:
لولا علي لهلك عمر...
لكن الأستاذ, الذي جعله جوابي يحمر ويصفر ويخضر, سرعان ما توجه نحوي مهرولا, وكنت أجلس حينها في آخر الصف, فتخيلت إنه قادم لمصافحتي, ليشكرني على فضل استعمال الكلمة ببلاغة ما بعدها بلاغة, غير أن كفه القوية سرعان ما استقرت على صفحة وجهي لتنبئني بعكس ما توقعته وما تمنيته منها. لم يكن تأثير الصفعة قد توقف على الألم الجسدي والنفسي التي أحدثته لفترة, بل أنها جاءت مثل صعقة كهربائية مفاجئة هزت قناعاتي وعلمتني كيف أتعامل بثقافة مفتوحة وغير أحادية الجانب, ثقافة من شأنها القبول بتحريك الحقائق الثابتة, وحتى استبدالها بالنقيض أو الاقتراب منها على الأقل بفهم مختلف.
إنني ما زلت أتذكر جملة الأستاذ آنذاك ( في لغتنا الحافلة بألف ألف استعمال ل "لولا" أراك لم تجد غير هذا المثل الذي يفترض فخرا لعلي على عمر بطريقة مشحونة بالانحياز الطائفي).
ولمن يتصور أن الأستاذ كان سني المذهب أقول إنه لم يكن حتى مسلما, بل كان صابئيا, وهذا ما أشعرني بالخجل, ومنعني من إثم الاعتزاز بالإثم, ذلك الذي يتأتى من رفض فكرة الاعتذار للآخر المختلف, ومن ثم زيادة التمسك بالخطأ كحقيقة لا تقبل الجدال.
خلال الأسبوع السابق أعادني بريدي الإلكتروني أكثر من خمسين عاما إلى الوراء, إلى ثانوية المعقل وأستاذي الصابئي وكفه الغليظة, الغيورة على الإسلام من منطلقات ليست دينية المعتقد, وإنما فكرية المنحى وأخلاقية المنطلق والتوجه, مع ميل أكيد للحفاظ على قواعد إنسانية ستبدو بدونها مسألة الأديان ليست بذي نفع حقيقي, فللمرة الثالثة خلال أسبوع كنت قد تلقيت تلك الرسالة التي تبدأ بجملة (لولا علي لهلك عمر), ثم تنتهي بنفس الجملة مع شرح للحادثة التاريخية التي أراهن على أن الأغلبية هي على معرفة بها, لذلك أعفي نفسي من سردها بالصيغة التي وردت فيها.
لا جدال مطلقا على الحقيقة التي تقول على أن عليا كان عظيما وحكيما, والرجل صاحب الكف الغليظة لم ينفي ذلك, بل كان أخبرني حينها إنني أسأت إلى بن أبي طالب نفسه من حيث أردت مدحه, لأنني استخدمت قول عمر لتقزيم هذا الأخير, بينما لم أكلف نفسي للوقوف لحظة واحدة للتساؤل, وماذا عن عمر.. أليست هناك فرصة ولو صغيرة للتحدث عن عظمته وهو يعترف بتواضع كبير, رغم أنه كان خليفة لكل المسلمين, ومعروف بخشونته وصرامته, أن مواطنا في دولته هو أفضل منه في تلك اللحظة علما وحكمة.
ثم ألا تدل تلك الحادثة ذاتها إلى أن عمر كان قد أفلح في تأسيس حالة تسمح للآخرين بانتقاده وتعديل قراراته وحتى لتغييرها, وأن هذا وحده دليل على عظمته.
وأيضا وأيضا.. ألا يعني ذلك أن الرجلين كانا قد تجاوزا الخصومة التي تثقل على الرعايا, وذهبا إلى اقتراب يتجاوز الخاص إلى المنفعة العامة.
لقد ظل الإمام علي يذَكِرُ الناس, وحتى آخر أيامه, بأنه كان أحق من عمر وأبي بكر وعثمان بالخلافة, ومع ذلك فإنه لم يقاتلهم, بل على العكس من ذلك فقد تعاون معهم وتعاونوا معهم إلى الحد الذي أعطى لنفسه حق إعادة المتهم الذي حكم عليه عمر إلى ديوان الخليفة مرة أخرى وتبديل قرار حكم عمر بشأنه.
فإذا كان صاحب الشأن الذي نجله ونعظمه, أي علي بن أبي طالب, هو الذي سن قانون الاختلاف الإيجابي بينه وبين الخلفاء الذين سبقوه, وأرتضى أن ينقذهم من "هلاك" بدلا من أن يتسبب لهم به, فلماذا إذن نرفض ما سنه من قيم وما أتى به موعظة..؟!
لماذا نقدسه كاسم ونرفضه كمعنى...؟!!
ثم ألم يحن الوقت لكي نقرأ التاريخ بعينين وليس بعين واحدة.
أم إن كف الزمن الغليظة لم تعلمنا بعد.. أين ومتى ولماذا نستعمل كلمة "لولا", وكيف نقولها للتأكيد على أن من نتمترس خلفهم, ونحن نطلق رصاصنا على الآخرين, كانوا هم رجال ألفة ومحبة وتأخي, وإننا نحن من يتقن صنعة شق الثياب لا رتقها.
والحال إننا ما زلنا بحاجة إلى كف ذلك الأستاذ "الصابئي لكي نتعلم منه كيف نستعمل "لولا" في جملة.. على أن تكون مفيدة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخزاعي ليس هو المشكلة
- ولكن ما هو الإصلاح
- الإصلاح السوري .. بين النية والإمكانية
- سوريا - البحرين .. رايح جاي
- هذا هو رأيِ في رسالتك حول نظرية المؤامرة وبن لادن
- بن لادن.. حيث نظرية المؤامرة هي المؤامرة
- قل ولا تقل.. أبناء لادن وليس بن لادن
- سوريا الثورة.. والثورة على الثورة
- حينما تكون الخيانة اختلافا في وجهات النظر
- يا سعدي.. الوطن وطن وليس فندقا بخمسة نجوم
- بين معنى الوطن ومعنى النظام أضاع سعدي يوسف نفسه
- إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلم ...
- المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)
- المسلمون.. بين فقه الدين وفقه الدولة (2)*
- لو أن ميكافيلي بعث حيا يا موسى فرج
- مرة أخرى.. حول موقف المالكي من سوريا
- موقف المالكي من مظاهرات السوريين
- الإسلام .. بين فقه العقيدة وفقه الدولة**
- بين فقه العقيدة وفقه الدولة*
- عزت الدوري الرئيس السابق لمؤسسة شيطنة صدام


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جعفر المظفر - لولا علي لهلك عمر