أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - هيثم مناع - يابا هذا مصيرنا.. الشهادة أو السجن أو الحرية














المزيد.....

يابا هذا مصيرنا.. الشهادة أو السجن أو الحرية


هيثم مناع

الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 15:54
المحور: سيرة ذاتية
    


وصلني خبر فقدان الوالد، يوسف ناصر العودات، وأنا أتحدث مع الصديق خلدون الأسود في ابتكار وسائل نضال ضرورية لاستمرار ونجاح انتفاضة الكرامة. كنا في اللحظات الأولى من اليوم الثالث عشر لحصار درعا ونوى وخناق حوران ودوما وتهديد بانياس وعسكرة شمال حمص... بحيث تتقاسم مشاعر الألم كل أبناء الوطن الذين خسرناهم في اليوم نفسه، نزلت دموعي بعد الظهر وأنا أنقل أسماء أحلام وليلى وباقي النساء اللاتي استشهدن في المرقب (بانياس) من أخ من بانياس، لم يعد بالإمكان إخفاء مشاعر الحزن عندما يصل المرء خبر إطلاق الرصاص على نساء يسألن عن قريب معتقل! أما آن لصهريج الآلام أن يغلق أبوابه؟

قست علينا الأيام، ولم أر والدي مدة ثمانية وعشرين عاما، وعندما قابلته بعدها في 2003، كان قد تقدم كثيرا في العمر، ولكنه لم يكن يأخذ حتى قرص أسبرين. كان يحب اختياري الدفاع عن حقوق وكرامة الإنسان ويعتز به. الأمر الذي يعطيني قوة إضافية لشعوري الدائم برضا الوالدين عني وعن نضالي.

كانت حياته صعبة وقاسية، سُجِنَ في كل الحقب والعهود ما خلا الحقبة البرلمانية بين 1954-1958 وفي زمن الوحدة السورية المصرية، وكان ضحية لكل وسائل التعذيب عندما اعتقل في 1970، عندما خرج من آخر سجن له، بعد 16 عاما، عاد للمحاماة واختار أن يكون محامي الفقراء ولم يتابع التزامه السياسي والحزبي. وقد عبر عن ذلك بالقول: "عندما عدت إلى المجتمع بعد طويل سجن شعرت بأن المطلوب إفساح المجال للشباب". هذا الشباب لم يخيب ظنّه.

عندما اعتقل والدي في 1970، كنت أسلم الدعاوى القضائية في مكتبه لزملاء محامين أو أُعْلِم أصحاب القضايا بمآل ملفاتهم. وذات يوم دخل رجل في الخمسين تقريبا وسألني عن ملفه، فأعلمته بأنه أخذ حكما إيجابيا. دعوته للقهوة فجلس وشرب القهوة وبقي جالسا، فسألته إن أحب أن يشرب الشاي فشرب معي الشاي وبقي جالسا، سألته: هل تحتاج لشيء؟ فقال لي: الوالد، الله يذكره بالخير، كان يدفع لي أجرة الطريق. فاعتذرت منه ودفعت له أجرة الطريق."

علمني والدي الصدق، وكان يقول لي مهما اختلفت معك في الرأي من حقك أن تقول أخطأت يوما ومن حقي ذلك، ولكن ليس من حقك أن تكذب مهما كانت الأسباب.

علمني أن الإلتزام غالي الثمن ولكنه يستحق التضحية مهما كانت كبيرة

في يوم من الأيام، وقف بي على طريق دمشق القديم، كنا نزرع شتلات الزيتون تحت المطر، أخي المرحوم همام وأنا ووالدي يقول لنا أين نضعها. نظر في الأفق وقال: "الحوراني يستقبل البدو في كل ربيع يقيمون مضاربهم عنده، فيرى في البداوة والصحراء الحرية، ويفلح الأرض ليطعم الناس القمح والعدس والبعير الكرسنة والشعير، فيتأصل في أعماقه عظمة الإنتاج.. هذا الحوراني اليوم زادت عليه قصة العلم والمعرفة، كانت حوران في نوى وخربة غزالة مركز لعلماء الدين، اليوم أهلنا يبعثون بنا للجامعة ولو باعوا أراضيهم وبيوتهم. لكن لازم تزرعوا قمح وخضار وتدافعوا عن الحرية وتتعلموا حتى نقدر نوحد العرب ونحرر فلسطين ونزور حيفا مثل ما كان والدي يزورها".

علمت بأن الوالد استعاد الأمل بعد سنوات القحط والجفاف العربية بانطلاقة ثورة تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وسورية وأيام الغضب في العراق. كان من نعم الله عليه أنه رأى انطلاقة انتفاضة الكرامة من درعا، وشاركنا لحظات العزة والفخر بهذا الشباب الذي كسر كل حواجز الخوف، وليشعر بالعزة بعد عقود موجعة.. وعندما اعتقل أخي معن، اتصلت بالوالدة والوالد أطمئنهم، فقال لي قبل أن أقول في أخي كلمة واحدة: يابا هذا مصيرنا.. الشهادة أو السجن أو الحرية.

08-05-2011



#هيثم_مناع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيثم مناع في حوار مفتوح حول: انتفاضة الكرامة والتغير الديمقر ...
- السلطة الأمنية وانتفاضة الكرامة
- انتفاضة الكرامة وانبثاق الجديد
- سورية والوضع الثوري العربي
- هل بدأت حقبة الثورة العربية
- الثورات والطفيليات
- النداء الأخير إلى مبارك
- ملاحظات حول حقوق الإنسان في سورية
- العنصرية العادية !!
- الحوار الإسلامي العلماني، التجربة الشخصية والمعطيات الموضوعي ...
- البحرين.. إلى أين !!
- الأشجار تموت واقفة
- جريمة الرجم بين الفقه والتاريخ وحقوق الإنسان
- الطفولة المغتصبة
- تنقيحات وتوضيحات في النقد والتغيير!!
- المشاركة في ماذا ولماذا
- من أجل نهضة جديدة
- الإسلاموفوبيا والعلمانية الديمقراطية
- الإجرام في عقوبة الإعدام
- الحكومة الفرنسية والتدخل غير الانساني


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - هيثم مناع - يابا هذا مصيرنا.. الشهادة أو السجن أو الحرية