|
ما أقواها صرخة الجياع؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3311 - 2011 / 3 / 20 - 12:54
المحور:
كتابات ساخرة
لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر، فالجوع أبو الكفار. مظفر النواب
وربما، أو يجب تحويرها لتصبح فالجوع أبو الكفار. لله درك يا مظفر النواب في هذه الدرر التي قيلت من زمن طويل، ولكن لحسن الحظ أن أحداً لم يفهمها ولم يقرأه، وإن قرأها لم يع ما قيمتها وما مغزاها، وما هو مفعولها، على ترسانات القهر، والنهب، والتجويع والإفقار والإذلال الممنهج. فمع هذه الحال أصبح الجوع أيضاً أبو الثوار.
أمعنت أنظمة القهر والتجويع في سلب الشعوب، وإفقار الناس وعلى مبدأ أن الجائع لا يفكر ولا يتكلم وستنعدم لديه القدرة على الحركة، وتتعطل آليات التفكير وإيجاد سبل الخلاص، وأن لا قيمة للفقير والمهمش والمحروم والبائس، لكن، وعلى العكس من كل هذه التصورات الخاطئة، فالطاقة الروحية الهائلة، وطبقاً لقوانين الفيزياء الاجتماعية والسياسية، وسايكولوجية الشعوب التي لا يعيها وزراء الإعدام (الخطأ مقصود)، والمالية والاقتصاد، التي تتولد عن أي تراكم كمي، سيكون لها القدرة على جرف أعتى الجدران الفولاذية وأصلبها. فقوة البخار الناجم عن الغليان والتي اكتشفها الاسكتلندي جيمس واط (1736 – 1819م)، كان بإمكانها تحريك القاطرات الفولاذية ودفعها بسرعة، الأمر الذي غير وجه التاريخ. من كان يفكر أن لهذا البخار "الهواء" المتطاير كل تلك القدرة على تحريك الحديد والفولاذ؟ ومن كان يحسب حساباً لـهذا "البخار" الاجتماعي الذي كان يتطاير ويتجمع على مدى عقود من الزمان ليحدث هذا الطوفان والبركان؟
فلقد كانت تتجمع وعبر عقود طويلة من الاستبداد وسياسات التجويع والإفقار التي قادها وزراء المالية والاقتصاد، ما غيرهم، أعمدة وأركان النظام العربي الرسمي الذي يتداعي اليوم أمام ناظريكم كبيوت من قش وورق، وكل هذه الطاقات وكوامن الغضب التي جرفت في طريقها كتسونامي سياسي هادر، ثلاثة من أعتى وأشقى طغاة العرب وأنظمتهم البوليسية الفاشية حتى الآن التي لم تستطيع آلاتهم القمعية من الصمود أمام صرخات الفقراء والمحرومين والجياع..
لقد وصلت شعوب المنطقة إلى حافة اليأس ومشارف الموت والهلاك وجدران الانسداد، ولم تعد تملك شيئاً لتخسره، سوى أعمارها التي بدا أنها لا تستحق بأن تعاش، وبعد أن خسرت كل شيء آمالها، وأحلامها، وكرامتها، ولقمة عيشها، في ظل فراغ قانوني قاتل، وسكون حدائي ممل، وانهيار قيمي وأخلاقي شنيع، وحتى الحياة نفسها صارت "توهب" من قبل جلالتهم، ودخلت في حسابهم، وأستغفر الله، واحتكرتها لوحدها أنظمة الدمار الشامل وصارت تهب الرزق والحياة لمن تشاء بغير حساب، ، ولم تعد تلك الجموع الهائلة المهمشة تجد أي قيمة أو معنى أو حس بأهمية هذه الحياة أو شيئا كي تعيش من أجله، فخرجت، من "قبورها الجماعية"، وأحزمة بؤسها، ومن على عربات خضارها، وعلى الطريقة البوعزيزية لتحرق نفسها على الملأ، أو تموت في الشوارع برصاص الزعيم الجماهيري المحبوب جداً من شعبه كما أشاع، ويشيعون، وأستغفر الله، لي ولكم، ولهم على أية حال.
والحقيقة تقول من لا يملك شيئاً لا يخاف على أي شيء. وفي إحدى حلقات الاتجاه المعاكس التي جمعتني مع أحد رعاديد ومرتزقة النظام الرسمي العربي، شبه الدائمين، وصنيعة الأمن القذافي، الذي يهدر ويرغي ويزبد هذه الأيام، والذي ضلل زعيمه، و"أوداه" في ستين داهية، كما ضلل الشباب العربي، وحاول تضليله في تلك الحلقة التاريخية عبر بيعهم الوهم والكذب والدجل والسعار، فانفجروا في وجه طاغيتهم على هذا النحو الذي يتابعه أخونا الفاضل، قلت له وبالحرف الواحد المسجل مرئياً وصوتياً: " أعطوا هذا الشاب العربي راتباً خمسمائة دولار، وزوجوه، وامنحوه بيتاً، وأنا أتكفل لكم بأنهم لن يستشهد ولن يقرأ لكم حتى الفاتحة". وطبعاً وبعد تلك الأقوال خرج النظام الرسمي العربي عبر أبواقه ومرتزقته الإعلاميين لتكفيرنا وتخويننا ووضعنا على القوائم السوداء، وكل الشكر لهم على أية حال. والآن وبعد خراب مالطا جاء نفس هذا الزعيم الجماهيري "المحبوب" وزبانيته ممن كفرونا، لينفذوا النصيحة، ويرشي شبابه الثائر بخمسمائة دينار، وليس دولار، وللصدق والأمانة، والتاريخ، ويحاول التزلف لهم وإسكاتهم والتودد لهم وطلب صمتهم.
لقد تبين ومن خلال كل ثورات التاريخ أن "الطاقة الروحية" الهائلة التي تحرك الجماهير، والتي يستجمعها الفقر والقهر والجوع والعبودية والظلم كانت أقوى من كل الترسانات التي تشاد لحماية ذات اللصوص، والقتلة، ومجوعي الشعوب. وقد كان الجوع والفقر إحدى محركات التاريخ الكبرى، بل ربما محركاته الأوحد. ولكي يخاف الإنسان ويصبح "داجناً وديعاً مطيعاً" دعه يملك شيئاً يخاف عليه. وقديماً قالوا "اطعم الفم تستح العين"، فلا يعقل أن يسلب من الإنسان كل شيء، حتى كرامته، ومن ثم يطلب من الصمت والسكوت والسكون. ولا أدري من هو صاحب هذه النظرية الحمقاء؟ وها هو الدليل أمامكم ثورات الجياع تعم الشارع منذرة بزوال النظام الرسمي العربي التقليدي كما عرفناه عبر دهر مرير وقاهر.
فمن يجوع يستسهل الموت، فما بعد الجوع سوى الموت، وسيصرخ ولن يصمت، وما أقواها صرخة الجوع؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قومنة الثورات
-
آخر أيام القذافي
-
مذابح البحرين: آخر حروب ومغامرات آل سعود
-
لا للقرصنة والاتجار بأسماء الناس
-
دريد لحام: بطولات الوقت الضائع
-
انهيار الإيديولوجيات السلفية والقومية
-
لماذا لا تغلق القنوات التلفزيونية الرسمية العربية؟
-
طغاة أم جُباة؟
-
لماذا لا يتشبه لصوص العرب الكبار بالكفار؟
-
جنرالات الأمن العرب في قفص الاتهام؟
-
بيان عاجل من الشبكة العربية لحقوق الطغاة، وهيئة كبار السفهاء
-
جنرالات الإعلام العربي: الجزيرة والعربية أنموذجاً
-
إلام يكابر القذافي؟
-
لماذا لا يحاكم الطغاة ووزراؤهم، أيضاً، بتهم الإبادة الجماعية
...
-
قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق
-
خسئتم يا سيادة العقيد
-
الراشي والمرتشي في النار
-
رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل
-
الحمير هي الحل
-
رأس الأفعى الوهابية: مزبلة الطغاة العرب
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|