رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3276 - 2011 / 2 / 13 - 18:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البعضُ مازالَ يُزايد ويصرخ مليء أشداقهِ قائلاً : أنتم عملاء لأنّكم فرحتم بتحرير العراق من صدام , وأسميتم ذلك تحريراً وليس إحتلالاً .
بينما مازلتُ شخصياً لا أجد وصفاً مُلخصاً لما حصل عام 2003 أفضل من القول , تحرير العراق وشعبهِ من صدّام .
نعم إنّه تحرير بمعنى الكلمة , فقد كان ذلك الطاغية الارعن بالله صدّام وحزبهِ وزبانيتهِ وعملائهم الذين كانوا يُسمون فدائيي صدام
ثم تحوّل غالبيتهم فأنضموا لاحقاً الى جيش المهدي وتيارهِ الصدري , بقيادة مقتدى الصدر أو ( السيّد القائد ) كما يناديهِ أتباعهِ
وهي نفس كنية جلادهِ وجلاّد شعبهِ بمختلف فئاتهِ .
إيييييييييه يا زمن .
المؤمن العراقي والعربي , يُلدغُ من نفس الجُحرٍ كل يومٍ مرتين !
من هذهِ النقطة سأبدأ مقالي اليوم .. خطوةُ الإعتراف
مالم نُصارح أنفسنا والآخرين بالحقيقة لن نستطيع القيام , ولا حتى التفكير بالإصلاح !
إذ كيفَ سنُصلح شيء لم نعترف أصلاً بأنّه خطأ ؟
هذا ليس جَلداً للذات يا سادة يامؤدلجين يا إسلاميين يا عالمين .
فهمنا أنّ يسوع المسيح كان مثالياً الى الحدّ الذي يدعو لتقديم الخدّ الأيسر بعد الايمن ل لاطمهِ .
لكن هنا الامر يختلف , هذهِ قضية أمراض إجتماعية ورثناها خلال عهود الطغاة الطويلة , وإزدادت كثيراً في عهد آخرهم الاهوج بالله صدام حسين .
بل إنّ بعض تلك الامراض والعادات الخاطئة مثل الكذب والغيبة والنميمة والحسد والكسل الفكري والجسدي ورفض الآخر لأدنى إختلاف وكثير غيرها ,
قد ورثناها ونمت فينا خلال 14 قرن من الزمان , نعم منذُ وصول جحافل البدو الأجلاف الى بلداننا المتحضرة ( نسبياً ) ,
فأستولوا على كلّ شيء وقلبوا عاليها سافلها وجعلوا من أرض السواد التي أغرتهم بخيراتها وبساتينها وأنهارها وجنانها ,
جعلوها ساحة لإنطلاق خيولهم , وتجهيز جيوش حملاتهم التوسعيّة ( الفتوحات ) , ممّا وفّر فيما بعد الكثير من الاعداء المتربصين بهذا البلد ( العراق )
فلم يُسمى بعدها .. البلد الأمين
حتى اليوم نكاد نسمع ثأر الفرس ( في خطاب رجال الدين ) , ثأرهم من العرب الذين إجتاحوهم أيام الإسلام الأولى و الأمويين والعباسيين وأذلوهم كثيراً
وهذا يُفسّر ببساطة كراهية الفرس للخليفة الثاني عمر بشكلٍ واضح .
لا أقول هم مخطئين , فقد أمرَ بغزوهم وبعثَ جحافلهِ لتدمير مدنهم وحضارتهم , ولو كنّا مكانهم لفعلنا نفس الشيء .
فهم يذكرونهِ ربّما , كما يذكر الرومان القدماء , نيرون , حارقَ روما .
لكن ما لم ينتبهِ إليه الكثير أنّ هؤلاء الذين اُجبروا على الإسلام قد قبلوا بهِ على مضض , ثم عادوا ليختاروا ( طريق خاص فيه ) ليستعيدوا سيادتهم ومجدهم .
إنّها الطبيعة البشرية ,وعلينا الإعتراف بكل أخطاء الماضي لو شئنا البدء بالإصلاح .
حسناً .. تقولون الأمّة العربية وحضارتها !
وافقوا إذن على وجود أمم أخرى غيركم .. وحقوقهم !
اليوم معنا وبيننا , الامّة الكردية والأمازيغية والنوبية واليهودية وقبلنا كانت الأمم البابلية والآشورية والكلدانية والكنعانية والفرعونية ,
وحولنا اليوم الأمّة الفارسية والتركية والأوربية بمختلف أصنافها
فهل نحنُ فقط نستحق الحياة ؟ مالكم كيف تحكمون ؟
************
نفسيّة المواطن العراقي ( غالبيتهم ) اليوم وكما شخصها العلاّمة الوردي جيداً مليئة بالتناقضات الواسعة والكبيرة من أقصى اليمين الى أقصى اليسار .
أخلاقنا أصبحت تتسم بالنقائض دون أن ننتبه لأنفسنا ونعالج نقائصها .
أحدنا يدّعي ( وربّما يتمنى ذلك في قرارة نفسهِ ) الشجاعة والكرم والمرؤة والمعرفة والصبر والحكمة .
بينما تجدهُ علناً يُمارس الكذب والنفاق والحسد البغيض والسرقة والفساد .
إنظروا لأغلب ساستنا الحاليين لتفهموا قصدي جيداً .
فعندما كانوا مُعارضين للطاغية , كانوا يكيلوا لهُ كل تلك الصفات السيئة التي يستحقها فعلاً , لكنّهم ربّما دون وعي منهم يمارسونها اليوم .
وإلاّ ما معنى رواتب الرئاسات الثلاث التي تزيد عن كلّ ما خُصّص للإعمار والتعليم والصحّة ؟
وما معنى حال البلد و والكهرباء والخدمات بأنواعها والبناء وكل شيء ؟
أين تغيير مناهج التعليم الذي إنتظرناه ؟ وأين المدارس والمعاهد أصلاً ؟
مثال ساستنا هذا أعزائي , ينطبق علينا جميعاً كأفراد في المجتمع .
وإلاّ ما معنى أن يمارس الموظف الحكومي الرفيع والبسيط , سياسة التحزب والطائفية والقربى في دائرتهِ , بينما كان يلعن ذلك ايام الطاغية ؟
مامعنى أن لاتنجز أيّ معاملة دون رشوة ولو بسيطة ؟
حتى على مستوى المثقفين وأدعياء الثقافة , ترى أحدهم يصبّ لعناتهِ ليل نهار على عدو يختاره لنفسهِ ويهاجمه بعشرات الاسماء المستعارة
وتتشظى شخصيتهِ الى حدّ إنفضاح أمرهِ وتناقضاتهِ أمام الجميع , ولا يعرف هو نفسه لماذا يُهاجم ؟
يترك اللصوص والمنافقين أمثالهِ ويتفرّغ للتصدي للصوت العقلاني والتنويري الذي يُريد إصلاح بعض عيوبنا علّنا بمواجهتها نخجل قليلاً منها فننتفض على أنفسنا ونبدء الخطوة الأولى .
صدقاً , إذا ساءَ فعلُ المرء ساءت ظنونهِ , وصدقَ ما يعتادهُ من توهّمِ .
أعتقد الأمر يشبه قليلاً , من لهم قابلية السمنة مثلي , أنا أراقب وزني منذ كان عمري 18 عام بالضبط لا أنسى ذلك .
وعنكا أسهو لفترة ثمّ أنظر ل صورتي في مرآة محل كبير للملابس , أتعجّب كيف وصلتُ الى هذا الحجم في سايز البنطلون مثلاً ؟
وفي بعض الأوقات عندما يزداد غضبي على نفسي أمتنع لإسبوع كامل عن أكل الدسم وأطبّق برنامج قاسي للريجيم ثمّ أجدّد بطاقة الجم .
أعتقد الأمر يحتاج منّا جميعاً مراقبة ومراجعة تصرفاتنا وأخلاقنا وعاداتنا كل فترة , كما نراقب أوزاننا بإستمرار .
فنقف امام مرآة النفس والفكر لنحاسب أنفسنا بهدوء , ليس لجلدها , إنّما لتقويمها من جديد .
ألم يقل الشاعر البوصيري ؟
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شبّ على حبّ الرضاعِ , وإنْ تفطمْهُ ينفطمِ !
تغيير بلدنا وحالهِ البائس أحبتي العراقيين يبدأ بتغيير أنفسنا أولاً ودليلي مايلي :
الديمقراطية وصلت الى عتبة دارنا بواسطة الآخرين , أليسّ كذلك ؟
جيوشهم خلعت الطاغية وطاردتهِ وأخرجتهِ من حفرتهِ وسلمتهُ للشعب ليحاكمه
والشعب حاكمهُ وشنقهُ وقُضيّ الأمر الذي فيهِ تختصمان !
كنّا جميعاً نقول : كيف ننهض وعلى رأسنا وأكتافنا يركبُ الطاغية ؟
اليوم زالَ الطاغية , لكن على أكتافنا تستنسرُ البغاة , فهل نستكين من جديد ؟
لا وربكم أيّها المؤدلجون والمنافقون والفاسدون , لن تسكتونا
الفضاء والإنترنت والديمقراطية التي وفرّها الغرب لنا , لن تصادروه منّا .
فما زالَ بعضكم يكذب , حتى خُيّل لنا أنّه في سكراتِ الموتِ , يهذي .
يتكلمون عن اليوتوبيا والنوستالجيا والسوسيولوجي والحرقد ورباقيل , يسطرون الكلمات دون ترابط ويعلّقون لأنفسهم ثم يجيبوها ويستمرؤن التشظي .
*************
دعوة 25 شباط ليوم الغضب العراقي
رغم حبّي الشديد للعراق ( الذي أحلم بهِ ) , وتفاؤلي المحدود بالعراق ( الجديد ) , مقارنةً بالعهد البائد .
لكنّي أقول وأهتف واُشجع , كل مواطن للمطالبة بحقّهِ المهضوم المسلوب .
في عراق اليوم الوضع اسهل من ايّ بلد عربي آخر ربّما ماعدا مصر وتونس , ليس لأنّ الحرية اصبحت متوفرة لهم هناك لكن الوعي الشعبي أعظم وأوضح .
وبالنسبة لدعوة التظاهرات يوم 25 شباط ورغم إندساس البعثيين فيها , فالكاتب المُحايد العقلاني , يذكر مالهُ وما عليه
عراق اليوم , تتوفّر فيه الديمقراطية الى حدٍ كبير .
ولا ينفع شعار / إقتلني ومالكاً , لنحرق كل شيء .
نعم إنّها ديمقراطية منقوصة ربّما , إلتفّوا عليها لعدم وجود الساق الثانية المُساعدة لها وأقصد العلمانية .
لكنها ليست منقوصة بسبب الدستور والقانون , علينا الإنتباه فالأمر لايحتاج الى ثورة قد تخرّب البلد وتحرقه وتزيد في جراحِهِ الكثيرة التي لم تندمل بعد .
السبب الأهمّ نحنُ جميعاً ( الشعب ) , وبالأخص منه فئات الإسلاميين والساسة الفاسدين .
أليس هؤلاء من صميم رحم الشعب ؟ أم إنّهم أمريكان و إنكليز وصهاينة ؟
لماذا إنتخبناهم ثانيةً ؟ إعترفوا بأسبابكم الطائفية والعرقية والقبلية التي تمتد الى عمق الزمان .
ألم تسمعوا عن برلمانيين لم يحضروا عشر جلسات طيلة الفترة ويقبضون كواني الدولارات ؟ لماذا تُبقون عليهم ؟
أين المليارات المخصصّة للإعمار ؟
عندما يجلس شخص مثل (كامل الزيدي) على رأس مجلس محافظة بغداد التي تشمل أكثر من رُبع سكان العراق ,وبين يديه ميزانية خرافية ,
ويعمل هذا الإسلاموي ( البعثي سابقاً ) على محاربة كل نشاط إجتماعي وفنّي وحضاري وثقافي ومسرحي , ثم يسمح لاحقاً بالقبول بمهرجان الاغنية الصوفية
فهذا الشخص لوحدهِ يُدمّر عمل آلاف المواطنين بل الملايين منهم .
فلانستغرب وقتها سماع أمين بغداد يخصص 100 مليون دولار أو أكثر لإعمار شارع المطار إستعداداً لمؤتمر قمّة الرؤوساء العرب الحاليين
( قبل تغيرهم المتوقع القريب ) .
هكذا يؤثر أيضاً , الوزير غير الأمين على وزارتهِ و شعبهِ وناسهِ .
والكاتب غير الأمين على كلمتهِ .
فكيف إذن الأمر لو ناقشنا الركضات المليونية التي تستنزف البلد بضعة أسابيع ؟
والساعات الطويلة التي يقتطعها العامل من وقت عملهِ لإداء الصلاة ؟
************
عام الغضب العربي / عام 2011
مُباركة لنا جميعاً ثورة الياسمين التونسية وثورة اللوتس المصرية .
لقد أسعدونا وأدهشونا في أدّق التفاصيل فالحمدُ لله والعقل والإنترنت وعقبال باقي بلدان منطقتنا البائسة , سوريا وليبيا والسودان خصوصاً
مع أنّها بدأت في الجزائر واليمن قبل ذلك .
لكن مَن يقدر على التوّقع الدقيق في هذا العالم الثائر المتغيّر كل يوم ؟
*****
إستراحة مصرية / طرفة عل ماشي
بعد رحيل مبارك حزن عليه بعض المصريين المشهورين بعاطفتهم الجيّاشة
وفي نفس الوقت خفّة دمهم اللامحدودة , فبعثوا إليه بالرسالة التالية
إرجع يا ريّس .. كنّا بنهزر , كان معاك برنامج الكاميرة الخفية
ههههههههههه
تحياتي لكم
13 فبراير 2011
رعد الحافظ
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟