عبدالمنعم الاعسم
الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 20:00
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
اتحد الكفاح من اجل الخبز والحرية منذ ان شق الانسان الاول مسالك الغابة، ولف عورته بلحاء الشجر، وبدأ يتزاحم مع اجناسه المختلفة على منابع الماء، ثم، بعد ان صار عبدا لاصحاب القوة والبأس والسلاح، وشغيلا في التنقيب عن الذهب، فعرف الطريق للخلاص من هذا القدر البغيض عن طريق التمرد، بيعد ان جرب انتظار الفرج من الصدف او الغيب.
وقبل نيف والفي عام شاء سبارتاكوس ان يوحد كلمة الخبز والحرية في هتاف واحد ضد الجلادين من بغاة الرومان فوجد خلفه صفا طويلا من العبيد يسد عين الشمس، وكان يقول لهم: هذه سلاسلكم وهذا الطريق.
اما كارل ماركس فقد صاغها ببضع كلمات مدوية وصحيحة تماما: لا يخسر الكادحون حين يتمردون على جلاديهم غير أغلالهم.
/وتهب الان على المنطقة التي حبست فيها امة مترامية الاطراف، وإن كانت متاخرة، رياح عاصفة تحمل نداء الخبز والحرية. بدأت من تونس، عبر تخوم اليمن، حتى معالف الخليج التي حرصت على تقديم وجبات مدنسة بالمنّة الى سكانها من اصحاب الارض والثروة الحقيقيين، ولم يكد يمر يوم دون ان تحمل الاخبار معركة تخوضها جموع جائعة ومهمشة ومقهورة تدعو الى تامين لقمة عيش مغمسة بالكرامة، فيما يقف في الجانب الاخر من المعركة سراق قوت الشعب بكل فصائل دمهم الهجينة وشرطتهم المدججة بالسلاح، فيـُقتل من يـُقتل منهم وينهزم من اولئك الجلادين من ينهزم، وينام الجياع لياليهم لا يصدقون الوعود.
المشكلة، كما كان سبارتاكوس قد توصل اليها، هي ان رغيف الخبز لا يُشبِع اولئك الراسفين في الاغلال ما دام يـُقدم شرطا للقبول بالذل والتابعية والصمت. ولم يكن ليطفئ هذه الشعلة هزيمة العبيد في تلك المعركة وإعدام قائدهم وملهمهم، فقد اتصلت حركة التمرد بثورات الخبز والحرية في فرنسا وروسيا والهند وكل العالم وعبدت الطريق الى الحرية التي لا تصلح للمساومة، وعرف زعيم المحرومين روبسبير وقائد البحارة ماتيوشينكو وملهم الاضرابات الشعبية غاندي ودعاة كثيرون ان الطريق للوصول الى الخبز هو طريق الحرية، وهكذا، استرخصت الجموع دماءها، ومن تلك النقطة بدأت المعادلة تصوّب نفسها، على الرغم من محاولات القوميين الجدد ان يعيدوا الاعتبار الى النداء الهتلري العتيق: احثوا ادمغتهم بالشعارات سيكفون عن المطالبة بالخبز.
ملايين المتظاهرين، كما ترون، كفروا بالشعارات عن الامجاد او عن المعارك القومية او الذود عن الدين، بعد ان طال انتظارهم لرغيف خبز كريم.
*
" عجبت لامرئ دخل بيته فلم يجد فيه ما يطعم عياله ولم يخرج للحاكم شاهراً سيفه.".
ابو ذر الغفاري
#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟