أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - مرتضى ومقهى الشاهبندر














المزيد.....


مرتضى ومقهى الشاهبندر


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 12:49
المحور: الادب والفن
    



كان ذلك اليوم مشمساً وجميلاً، يوحي الى الحياة والتطلع ، وهو كما يبدو ليس يوماً اعتيادياً ، فقد بكر الناس فيه للعمل ، فالأسواق مزدحمة ضاجة بالناس من باعة ومتبضعين ، و أناس خرجت من بيوتها لتتجول في الشوارع بعد حالة الملل والقنوط التي انتابتها اثر أصوات الانفجارات ، إضافة الى رعب ( كاتم الصوت) الذي يطيح ضحية ، هنا وهناك . بينما تواعدا عمر ومرتضى ان يلتقيا في شارع المتنبي ، ذلك الشارع المفعم بعطر الكتب والذي يرتاده المتفقون بكافة مشاربهم لأجل المتعة وشراء الكتب المتنوعة . الموعد كان يوم السبت الساحة الحادية عشرة والنصف في مقهى ( الشاهبندر) ، ذلك المكان الذي هو ملتقى الشعراء والأدباء والمثقفين والفنانتين ، علماً بأنه قد طارت شهرته الى مستوى عالمي لكثرة الأجانب التي زارته من صحفيين وسياح والتقطت صور كثيرة له . كان مرتضى قد طلب إجازة من دائرته ذلك اليوم ، لأنه كان متعباً ومتضايقاً ، وان أعصابه متوترة وهو بحاجة الى الراحة والسكينة ، وقد لح طويلاً على مسؤوله كي يمنحه اجازة ذلك اليوم ، بسبب انه موظف جديد قد تعين في ( امانة بغداد) . وكان بعض أصدقائه يحسدونه على هذا التعيين الذي جاء على حين غرة ، ودون سالف عهد ، الا انه لم يكتمهم سراً من انه قد دفع خمسة اوراق فئة المائة دولار ، لغرض هذا التعيين ، فقد شاع في معترك الدوائر الحكومية أن لايتعين احداً مالم يكن لديه ( واسطة) وان يقدم رشوة لذلك الشخص الذي يقوم بتلك الوساطة . ومرتضى لم يكن يمتلك ذلك المبلغ الكبير جداً ، قياساً الى ميزانيته وجيبه الخاوي ( الذي يغني فيه داخل حسن) إلا انه قد استلفها من جاره ابو ماجد سائق السيارة التاكسي ، على أن يسد المبلغ على دفعات ، بعد ان يستلم رابته . كان في نية مرتضى شراء بعض الكتب الأدبية ، ومنها رواية ( شيفردا فنشي ) للروائي دان بروان . فقد ذاع صيت هذه الرواية ، وطارت شهرتها في الآفاق ، مما تحمس مرتضى الى أن يقتنيها ليقرأها ، فقد سمع بان هذه الرواية تعد فتحاً جديداً في عالم الرواية الحديثة فقد تناولها النقاد بالنقد والتمحيص ، وقد مُنعت من قبل الكنيسة في كثير من الدول . وعلى كل حال ، فان عمرا ً قد تأخر عن الموعد اكثر من نصف ساعة على اقل تقدير ، بسبب الزحام الذي تضج به شوارع بغداد ، وكثرة السيطرات والحواجز الكونكريتية . حتى ان مرتضى قد انشغل عليه وقد اتصل فيه عدة مرات ، الا ان نقاله كان خارج نطاق الخدمة ، واسباب ذلك كثير منها : ضعف الشبكة ورداءة خدمتها ، الأمر الذي اغضب جميع المشتركين وقد طالبوا بتحسين هذه الخدمة ، لكن ليس هناك من مجيب ، وبحسب قول الشاعر : ( لكن لا حياة لمن تنادي ) . دخل عمر شارع الرشيد باتجاه ( الحيدرخانة) حاثاً خطاه يهم في المسير بخطوات متعثرة ، وكانت حذاءه ذات اللون الأسود العتيقة قد أكلت قدمه ، ولو انه قد لمعها اكثر من اللازم ، لكنه قد اشتراها من ( البالات ) ليس كونه يفضل البالات على الأحذية الجديدة ، بل لان جودتها ورخص سعرها هو الذي أغراه بالشراء . ما أن وطأت قدمه مدخل شارع المتنبي ، وإذا بصوت انفجار هائل في داخل الشارع ، والسنة النار تصل لعنان السماء ، مصحوبة بدوي يصم الأسماع . فسقط عمر مغشياً عليه من هول العصف ، وما إن أفاق واذا بالمكان تحيطه الإسعافات والأجهزة الامنية وهم يحاولون أخراج الضحايا من بين الأنقاض ، والمنظر يدمي القلوب ويحرك المشاعر ويوقظ الإنسانية . وفي اليوم التالي علم عمر أن صديقه مرتضى كان من بين الضحايا الذين سقطوا في مقهى الشاهبندر .



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسباب تراجع التعليم في العراق
- من المسؤول عن تدهور الأغنية العراقية ؟
- يا شجرة الزيتون
- القراءة واهميتها
- شروع القتل في الإسلام
- القراءة واسرارها
- اهمية الدولة
- هل للاعلانات التلفازية تأثير على المشاهد ؟
- مكتوب بالكرنال
- الجابري ومايكل جاكسون
- اختيار العنوان
- إقصاء المبدع
- الغجر في العراق/ مقدمة...توطئة
- درع الابداع
- القاعدة
- الأردن: القرار بحق الضاري كان متأخرا
- الشبك
- نبيل شعيل والساهر
- مرارة اليتم
- قانون صيد الطيور


المزيد.....




- شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43 ...
- اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
- ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران- ...
- 80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع ...
- بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب ...
- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - مرتضى ومقهى الشاهبندر