أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين أحمد أمين - إسطورة الطوفان الإبراهيمية من الألف للياء















المزيد.....

إسطورة الطوفان الإبراهيمية من الألف للياء


حسين أحمد أمين

الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 15:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لممتع في قراءة الميثولوجيات والأساطير القديمة " التي فقدت قداستها " أنك لا تجد مفسرا مضللا متطفلاً على الأسطورة يحتمي بعدد ضخم من متبعيه لكي يؤول الأسطورة تأويلا تعسفياً بإسقاط الحقائق العلمية و الرؤى الأخلاقية الحديثة عليها لكي يوائم بين النص وما وصلت إليه الإنسانية من تطور علمي وأخلاقي(*) ولقد كان هذا العبث كفيلاً لإفساد الأساطير المقدسة تماما بإزالة التلازم بينها وبين العصر الذي كتبت فيه وهذا بفصلها عن السياق الزمني والنسق المعرفي ودرجة الوعي للعصر وجميع الآليات التي كتبت من خلالها الأسطورة .

والتأويل هو الأسلوب المتطور من التحريف والحشو النصي للأحداث أو التفاسير والرسائل المدعومة بالروح القدس والتي لم يعد وجودها في الوقت الحالي آمرا مقبولاً وفي الغالب فإن التأويل وليس النص الأصلي هو ما يشكل الوعي الجمعي لدى جماعة دينية معينة .

ومع النهضة الحديثة وعصر العلم وما صحبهم من تطور في كل العلوم والمجالات فقد تطور اللاهوت الديني الأوروبي المسيحي بدوره وأصبح يقصر النظر على تلك الأساطير القديمة على الغاية أو العبرة من الأسطورة دون الحاجة إلى تفسير مزيف للأسطورة بل والاعتراف بالتأثير الكبير للأساطير السابقة لظهور اليهودية على المعتقد اليهودي مع الترشيد من إستبطان الأساطير إلا فيما يتعلق بالإله يسوع واستبطان النص هنا ضرورة قصوى لاستمرار قيام المعتقد القائم على ألوهيته .

آما الإيمان المسيحي الشرقي رغم تطوره بعض الشيء إلا انه مازال يغلب عليه الطابع الأصولي والتمسك الحرفي بالكتاب المقدس وعصمته وتنزهه عن أي خطأ ولا يختلف عن ذلك الإيمان الإسلامي فكلاهم يؤمن بحدوث الآساطير الدينية كما وردت في كتبهم المقدسة .

وددت أن أبدا بهذه المقدمة قبل الحديث عن أسطورة الطوفان التي تداولت في أغلب الميثولوجيات القديمة و نقلها اليهود عن الأساطير العراقية السابقة لليهودية حتى أوضح للمتدين القارئ أن أساطير الكتاب المقدس والقران لا تختلف عن سائر الأساطير الأخرى وانه يمكنك الاستمتاع بها كسرد أسطوري بإزالة هالة القداسة والهواجس اللاهوتية حيث لا يحتاج إلى تبريرات لإضفاء المنطق على هذه الأساطير .

كثيراً هي المواضيع التي تناولت النقل المباشر لليهود من الأساطير العراقية وتحديدا اقتباس قصة نوح من ملحمة جلجامش وأساطير عراقية اخرى والغريب هو آن أكثر المتناولين لهذا الموضوع هم المسلمون الذين يؤمنون بنوح وبالطوفان والفلك والكثير من التفاصيل المشتركة بين القصة القرآنية وسابقتها التوراتية وحجتهم في ذلك عدم وجود بعض من التفاصيل التي أبطلها العلم او تلك الأحداث التي ترتبط ارتباطاً وثيقا بملحمة جلجامش في طيات النص القرآني . وهو ما سأبطله في الحديث عن الأسطورة من وجهة النظر الإسلامية جين الحديث عنها ولذا وحتى لا اكرر المواضيع التي سبق تناولها فسأعرض قصة الطوفان عرضا تفصيلا وكيف تخللت الإسطورة إلى المعتقد اليهودي ومنها إلى الإسلام .

وسأكتفي فقط في هذا الجزء من المقال في الإشارة إلى الأساطير الغير عراقية التي تناولت واقعة الطوفان وفي الجزء الثاني سأعرض الأساطير العراقية التي تناولت قصة الطوفان مع بعض الشروح القصيرة للنصوص حتى أضيف على الموضوع الجديد الذي تم تناوله مسبقا بكثرة ثم في الجزء الثالث أتعرض لقصة نوح في الكتاب المقدس ثم انتهي في الجزء الرابع من شرح شخصية نوح الإسلامية وما عرفه العرب عن نوح قبل ظهور الإسلام وتأثير ذلك على القرآن وجميعها من مصادر إسلامية خالصة .

لقد كان الطوفان من أصعب الأشياء التي يمكن للإنسان البدائي أن يواجها فهو مثل الوباء الذي يفتك بالجميع بلا رحمه ولم يكن بمقدور العقل البدائي آنذاك أن يفسر الطوفان إلا بأن يعزوه إلى غضب الآلهة وقد شكلت حوادث الطوفان أثرا نفسيا بالغ السوء على الناجين منه وكعادة الإنسان آنذاك فقد جسد تلك الحادثة في شكل أسطوري وقد كان لمثل هذه التجسيدات أثرا نفسيا للأجيال التالية تجلى في ربطها بين الحوادث الطبيعة وغضب الآلهة ومازال أثرها ممتداً في المعتقدات الإبراهيمية حتى الآن (**)وإليكم عرض موجز لبعض هذه الأساطير التي تناولت قصة الطوفان وجميعها تلت في التدوين الأساطير البابلية والسومرية

المصدر

Folklore in the old tastment -- written in 1918- صفحة 146 وما يليها
Teachings of Zoroaster and the Philosophy of the Parsi Religion ص 30-31
Outsourcing to India: the offshore advantage By Mark Kobayashi-Hillary ص11-12
العديد من مواقع الإنترنت المتخصصة


1.عند اليونان –(ديوكاليون)

تنقل أسطورة ديوكاليون . غضب الإله زيوس من البشر وعزمه على إهلاك البشرية بالطوفان إلا أن بروميثيوس ينبأ ابنه بنوايا زيوس وينصحه ببناء تابوتاً أو فلكاً (***) ليصحب فيه زوجته . يدفع زيوس بالطوفان الذي يغرق البشر إلا ديوكاليون وزوجته وبعض ممن اندفعوا للاعتصام بقمم الجبال . بعد أن يتوقف المطر ينزل ديوكاليون من السفينة ويقدم الأضحية للإله زيوس الذي يقبلها ويرسل له هرمز(****) ويسمح له باختيار ما يشاء يختار ديوكاليون عودة البشر إلى الحياة مرة أخرى -يجعل زيوس عودة البشر مرة أخرى على يديه حيث تتحول الأحجار التي سيلقيها خلف ظهره إلى رجال بينما تتحول الأحجار التي تلقيها زوجته خلفها إلى نساء

يرجع جميس فريزر أول المصادر التي تحدثت عن القصة إلى القرن الخامس قبل الميلاد وذلك لأن هذا المؤلف قد صدر في عام 1918 إلا أن الدراسات التاريخية التي تلت ذلك أوردت ذكر هيسيويد لهذه الأسطورة في القرن الثامن قبل الميلاد .
وقبل أن أترك الأسطورة الإغريقية أشير إلى الجزء المتعلق بالمصريين الذي اورده جيمس فريزر في كتابه على لسان بلاتو

In the fourth century B.C. Plato also mentions,

without describing, the : flood which took place in the time of Deucalion and Pyrrha, and he represents the Egyptian priests as ridiculing the Greeks for believing that there had been only one deluge, whereas there had been many.

أي أن المصريين القدامي وعلى خلاف جميع المعتقدات السائدة وقتها قد سخفوا من الاعتقاد بوجود طوفان واحد سبب كل هذا الهلاك للأرض وهو ما أثبت العلم استحالته لاحقاً .


2. عند الزرادشت

تحكي الأسطورة عن البار يما وهو أول ما تكرم عليه اهورا مازدا وحفاه بشرف الحديث إليه . وجعل له مكانه رفيعة وجعله يسود كل البشر و عبر تسعمائه عام خضع العالم فيه لسطوة يما حظاه الله فيهم وحظى الأرض برعاياته الإلهية حتى لم يحدث أثناء التسع القرون التي حكم فيها ميا الأرض أن هبت رياح باردة أو ساخنة على الأرض ولم تحدث حالات مرض أو وفاة للبشر ولكن ما لبث وازدحمت الأرض بسكانها من البشر والحيوانات والنيران الحمراء المشتعلة حتى لم تعد كافية لأهلها وبمساعدة الإله وباستخدام خاتم وخنجر ذهبي قام يما بتوسيع الأرض مرة وثانية وفي المرة الثالثة يبدو أن الأرض قد وصلت إلى حدها الأقصى في التمدد أو أن صبر الخالق قد نفذ فاجتمع بالآلهة السماويين وأسفرت نتيجة الاجتماع عن إفناء الأرض بالماء المنهمر . واخبر الخالق ميا بما اقره الآلهة من نزول الأمطار والجليد لتغمر النهر الآري ولتعلو قمم الجبال العالية وان كل الحيوانات على البريه ستموت وأعطى له دليل النجاة وهو بناء حظيرة مسيجة يضع فيه زوج من كل الحيوانات التي سيأمره بها وكذلك كل بذور النباتات التي على اليابسة ثم يرسم له الإله مواصفات هذه الحظيرة والتعليمات التي يجب عليه إتباعها داخلها وتنتهي القصة بنجاه ميا وباقي الكائنات من خطر الأمطار المنهمرة

تعود تفاصيل هذه الأسطورة إلى كتاب الأفستا الذي دون قبل الكتاب المقدس بقرون طويلة ويبقى الرأي الغالب انه دون أيضاً قبل ميلاد الشخصية الأسطورية موسى كما تحدد الأساطير اليهودية . والجدير بالذكر ايضا ان عزرا مؤسس اليهودية الحقيقي كان زرادشتياً

3.عند الهندوس :-

هي رواية سابقة أيضا على العهد القديم . وفيها مزج بين الأسطورة والروح الهندوسية المتعلقة بالطبيعة وسائر الكائنات الحية وتبدأ بإنقاذ مانو لسمكة صغيرة وجدها في إناء الماء الذي أخذه من البحر لكي يغتسل به وحينما هم بالقاءها تضرعت إليه السمكة وطلبت منه الا يفعل ذلك حتى لا تفترسها الأسماك الكبرى وفاستجاب لتضرعها واخذها واعتنى بها حتى كبرت واصبحت قادرة على الحياة في البحر قام بإلقائها في الماء وقبل أن تغوص في الماء اخبرته بأنها تجسد "افتار "للإله فشنو وان عليه أن يأخذ حذره من طوفان قادم مهلك بلا محالة وعليه ان يبني الفلك لكي ينقذ البشر الصالحون واصناف الحيوانات والنباتات من كل الأجناس وبالفعل انقذ مانو البشرية من الهلاك ونزل بسفينته على أحد الجبال العالية وانشأ مملكته الجديدة واصبح اول ملكاً عرفته البشرية .وفي احد الرواايات الاخرى انه هو الوحيد الذي نجا وان الإله فشنو استجاب لتضرعه ومنحه إمرأه تسمى بنت مانو .



ونكتفي بهذا القدر الطويل جدا من العرض للأساطير التي تناولت الطوفان مع الاشارة لوجود اكتر من مئه اسطورة مشابهة ارتبطت بالطوفان في جميع انحاء الأرض ويمكن الرجوع للكتاب جيمس فريزر الذى احتوى على التفاصيل الكاملة لتلك الأساطير

-----

(*)من أشهر الأمثلة العلمية هي دوران الشمس حول الأرض والموجود بنصوص مختلفه في الكتاب المقدس و في القرآن ولنا في محاكمة جاليلو وعمر الخيام والمحاكمات الأندلسية خير دليل أما اشهر الأمثلة الأخلاقية هي الادعاءات الخاصة بأن الأديان قد حرمت امتلاك الرق . وكلاها ادعاءات باطلة ومضللة

(**) لشنودة وزغلول النجار أراء حديثة حول الارتباط بين الكوارث الطبيعة و غضب الله وهو الفكر السائد بين أغلب المتدينين الآن


(***) التابوت هو الترجمة الموازية لكلمة تباه العبرية التي وردت في الكتاب المقدس إلا أن الترجمة العربية قد تأثرت بالترجمة العلمية التي ترجمتها على أنها الفلك

(****) رسول الآلهة والمقابل لشخصية جبريل في التراث الإبراهيمي ولكنه يختلف عنه بأنه يحمل صفة اله وهرمز يعني بالعربية عطارد . وكان يتميز بسرعته الشديد وله العديد من الاساطير التي نسبت اليه منها قلنسوة هرمز وهي تشبة طاقية الاخفاء في التراث المصري



#حسين_أحمد_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عباس بن فرناس وورقة التوت الأخيرة
- بين طلاق إلهام شاهين وعادل الإمام المحلل و زيجات الحج متولي ...
- كيف تستمر الخرافات الدينية في عصر العلم


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين أحمد أمين - إسطورة الطوفان الإبراهيمية من الألف للياء