أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - فاقد حاسة الذوق














المزيد.....

فاقد حاسة الذوق


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3175 - 2010 / 11 / 4 - 18:55
المحور: كتابات ساخرة
    


حين أسمع من أحدهم وهو يقول لي: شكرا كلك ذوق أرتعش فرحا وأشعر أنني ما زلت سليم العقل والقلب واللسان.

وزمان كنت بس أسمع واحد يسب الثاني ويحكيله بالمسبة : أنت ما عندكيش ذوق , كنتُ أقول بيني وبين نفسي :كيف يعني ما عندهوش ذوق ؟ وشو يعني لو ما كان عنده ذوق بده يصير؟, أي عمره لا كان عنده ذوق, ولكن حزنت على كل انسان ما عندهوش ذوق جدا حين عملت عند رجلٍ مصاب بمرض خطير جدا –على حسب تعبيره- وسألته: شو مرضك يا خال؟ فقال: مرضي فاقد حاسة الذوق أنا آكل السكر وآكل الشطة (الفلفل) ولا أشعر بالفرق بينهما.

وصدقوني أنني حزنت عليه وقلت: كيف لا يستطعم بالطعام! هذا معناه أنه لا يشعر باللذة ومش مستبعد أو ليس من المستبعد أنه لا يشعر بلذة الحب فالحب أيضا له طعم ورائحة زكية , مسكين هذا الرجل كيف لا يستطعم مثلا بطعم البيض المقلي أو بطعم البندورة المقلية مع الفوم(الثوم) وسألت أحد الأطباء من معارفي عن هذا المرض وقلت له : أنا حزين جدا على ذلك الرجل كيف مثلاً يشتم رائحة الطعام الزكي ولا يستطيع تذوقه فابتسم الطبيب وقال لي :حتى الشم لا يستطيعه لأن الشم أيضا هو للتذوق فالذي يتذوق يشم والذي لا يتذوق لا يستطيع أن يشم, وهذا مثله مثل فاقد حاسة السمع ,ففاقد حاسة السمع لا يستطيع النطق.

وضربتُ على رأسي وقلت: ول ول ول هالمسكين كمان ما بشمش؟ فعلا الناس صادقين بس يزعلوا من واحد مسيء لهم ويقولوا عنه : ما بشمش ولا عنده ذوق, يعني هذا المسكين ما بشمش وما عندهوش ذوق , فقلت للطبيب : طيب بكون صاحب هذا المرض عنده دم ؟أم كمان ما عندهوش دَم؟ عشان إذا أكل حقي وأنا أشتغل عنده بدي أسب عليه وأحكيله: أنت ما عندكيش ذوق وما بتشمش وما عندكيش دم, فقال لي الطبيب : من هذه الناحية تطمئن هو بكون عنده دم بالمعنى اللغوي والمجازي للكلمة.
وهذه مشكلة كبيرة جدا أن تجد رجلا أو إنسانا يفقد أو فاقد لحاسة الذوق وهذا المرض أخطر بكثير من فاقد الحب والحنان ,والإنسان الذي لا يتمتع بالذوق ولا بالشم يكون عبارة عن جماد أو حتى أقل من الجمادات فبعض الجمادات تتحرك وتشعر وتحس ولكن المصيبة الكبرى أن يفقد الإنسان حاسة الذوق الأخلاقية أيضا وحاسة طعم الناس في فمه أو في قلبه فبعض الناس حضورهم على ألسنتنا يكون مثل حضور الخمر عليها ووجودهم في قلوبنا وأجسادنا يكون مثل وجود (المورفين) فلا نشعر معهم بأي ألم من آلام الحياة , وما معنى أن تجد إنسانا مش مِزوق وما عندهوش ذوق؟.

يا شباب : ألله لا يوقعكوا بواحد أو مع انسان ما عندهوش لا ذوق ولا شم ولا دم, ولا إحساس ,وأنا أحمد الرب بأن معظم معارفي من الناس والأصدقاء مصرون على أنني انسان أملك حسا قويا في كل شيء وفوق كل ذلك يدعون بأن ذوقي رفيع في كل شيء , أما بالنسبة لأمي وزوجتي وآل بيتي رضي ألله عنهم فكلهم يقولون بأنني أستطعم الملح في الطعام جيدا بمعنى أنني أستطيع تحديد زيادته أو نقصانه , لذلك منذ صغري وأمي كلما أرادت أن تستذوق طعم طبيخها فإنها تستدعيني لذلك فأقول عن أنواع النكهات المتواجدة بالطعام وأحدد ما إن كانت ضرورية أو غير ضرورية أو ناقصة أو زائدة, أما بالنسبة للخضرجي جاري فإنه دائما ما يناديني من أجل أن استذوق له أطعمة الفاكهة والخضروات ليعرف مدى صلاحيتها وعلى فكرة صدقوني أنه لا يطعمني إياها وهي طازجة إلا حينما يشعر أنها قد انتهت مدتها فأتذوقها أنا ومدتها منتهية وهكذا في كل مرة يفعلها معي وآخر مرة استفرغت ما في بطني عندما استذوقتُ له طعم المانجا المخمجه(الخربانه) وفوق كل ذلك يحملني المسؤولية إذا قلت له بأن ما ذقته جيد وصالح ومش (إمحمض) فإذا باعه خربان فإنه يقول للزبون :والله ما بعرفش أبو علي قال طعمها كويس, ومهنة أن تكون رجل ذواقه ليست سهلة ففي غالبية المصانع رجال يتذوقون مثلا أطعمة الدخان ويحددون مدى قابليته عند المدخنين وفي الخمارات هنالك رجال يتذوقون أطعمة المشروبات الروحية ويحددون مدى صلاحيتها وهؤلاء كانوا معروفين أيام العثمانيين باسم (الخرمنجيه), يعني أنا بلا شك وبلا أدنى شك رجل خرمنجي من الدرجة الأولى , أي أنني في حارتنا وعند معارفي رجل خرمنجي في كل شيء إلا في المشروبات الروحية فهذه لا أملك فيها أي خبرة على الإطلاق.

وفي المدرسة كان يقول عني أستاذ اللغة العربية بأنني ولد ذواقه في الشعر وفي الأدب , وفي نادي السينما الذي كنت عضوا به تحت التأسيس كان يقول عني رئيسه بأنني ذواقة جدا في اختيار الأفلام الرومنسية والتاريخية, أما الشعراء وكتاب القصة فيقولون بأنني أملك حس نقدي أدبي كبير للنص الأدبي وللتناص على طريقة المذهب النقدي الحديث ,ويقولون بأنني أحفظ عن غيب الأغاني الطربية الجميلة لذلك يحب الموسيقيون الجلوس والسهر ألطربي معي لأنني أسعفهم بذاكرتي إذا نسوا لحناً أو مقطوعة موسيقية وأدلهم على الأغاني الجميلة,والذوق ليس في الطعام بل أيضاً في الأدب والفلسفة فأنا لا أقرأ أي شيء ولا لأي كاتب حتى الكتاب المفضلون لدي لا أقرأ لهم كل شيء ما عدى اثنان وهما العقاد وسلامه موسى فهؤلاء قرأت عنهم كل ما كتب عنهم وليس فقط كل ما كتبوه هم, والذوق أيضا في الفن والذوق أيضا في الثقافة والسياسة والأدب , وما بالكم بالأمة التي تفتقر إلى الذوق؟

إن الأمة التي تفتقر إلى الذوق الرفيع تكون على الأغلب خالية من روح الثقافة والمثقفين والمبدعين والموسيقيين والشعراء والممثلين والمسرح..إلخ فهل نحن اليوم أمة عربية ذات رسالة كلها ذوق؟.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا
- غير قابل للتطور
- أستطيع الإرضاع
- يا ديّان
- أكلت نصيبي
- سرقوا نظارتي
- أنا المستفيد من تخلف المرأة
- هزي يا نواعم
- وسام الحمير من الدرجة الأولى
- أمي توصيني على الحكومه
- متى سنصبح مثل العالم والناس؟
- الحلم الوردي
- المرأة هي المجتمع المدني
- أول إنجيلٍ قرأته
- علي بابا والأربعين حرامي
- مشغول جدا
- ارضاع الكبير
- أحلمُ بالتغيير
- أدعية شرانية


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - فاقد حاسة الذوق