|
كريم - القرية - 71-75
عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 3156 - 2010 / 10 / 16 - 20:26
المحور:
الادب والفن
71 لكلِّ ذكرىً لغة ٌ
كغِناءٍ في جبالْ؛
هامسا ً، طمْأنني الصدى:
ما زال قتلانا كالقصائد
تـُرَتـَّلُ في الوفاء،
وآهاتٍ بقلبِ الأرض،
كلّ ٌ له نكهة ٌ كحُزن الماءِ
بعشقهِ بعيدِ المدى
في نفوس الرمالْ،
لكلِّ ذرةٍ يابسةٍ ؛
وكلّ ٌ يظلّ ُبقلبِ ذلك الوادي،
يُدرّجُ عُمْرَ الثرى، موجاً،
كأنفاس الفراتْ،
بألفِ ألفِ آهة ٍ وتحسّـُر ٍ،
ولكنْ، يا جبلَ الذكرى
وهمسَ الصدى الذي أشمَّ بهِ:
كم تسلـّقتـْني لذ ُراكَ الحَسَراتْ.
72
مرورُنا هنا فرصة ٌواحدة ٌ
للكلام
كما للضيوفْ،
لكنـّها لفحص الخـُطى أيضا ً
كمَسْح ِلوح ٍهنا
ببعض ما يجيءُ من حُزن ٍومن جَذ َل ٍ،
وتلوين ِ الحروفْ،
فنقولُ رأيَنا بالمكان ِهذا،
وبعُمرهِ فينا،
بأحجيةِ السفرْ،
وإشاراتِهِ،
ومتاهات الوقوف،
وقد قرأتُ تحتَ سبّابتـَيْكَ آياتٍ
رُفِعَتْ كصَومعة الحبوب
وأ ُنزلتْ كأطوار الرغيف.
فبخـُصْلةِ نور
أرَيْتـَني عبوراً خطيراً من ضَفـَّةِ لهجتي!
لأفـْق قريتنا
فكيف تعلـّمْتَ بهذا الليل إنشاءَ الجسور؟!
لأنّ مَن كانوا في الجانبِ الأول منـّا
ظلوا في الخيام،
فكلّ ُلسان ٍ ركيزة ٌ مهشمة ٌ
للهجةٍ بلا وَتـَدٍ،
فصار كلّ ُ ماض ٍمضيءٍ بها، واحسرتاه،
قنطرة ً لمدينة؛
وكانت عناكبُ الماضي
قد وزّعتْ نسْجَا ً شفيفا ً،
على سُمْـك تأريخ القرى الأخرى؛
وكانت أقلامُ قريتي أصابعاً وقصَبْ،
كـَتبَتْ على الطين من نقش النقود متاحفا ً،
وكنـّا عرفـْنا العراقَ نخلة ً نخلة،
وتلا ً فتلا ً
ومسماراً فلـَوْحا ً
وقرية ً قرية
كما دجلة َموجة ً موجة؛
كذلك طينـَنا "الحُرّيَّ"، حَرْفاً فحرفا،
وكانت العادة ُأن يكونَ بعضُ جنون ٍفي صدق إيمانِنا
وكثيرُهُ!
فلمّا تصير قرىً طينية ٌ بلهاءْ
سجوناً تقلد المدنَ القريبة،
تخدعُها أوهامٌ من الحجر .
فهل يكفي لتفسير الأرق
أنَّ كلَّ من له اليومَ قلبٌ فيه كلامٌ صادق ٌعن مقبل الأيام،
لن ينام؟
فكم خدعتنا رمالٌ
على شواطئ الأكواب!
وكم قرأنا أكفـَّنا خطأ ً!
وبالمقلوب!
وكم أوهمتنا قلوبُنا!
حين الخساراتُ تـَوالدتْ
في زمان إلهٍ ميتٍ
وحُبٍّ كاذبٍ
بكل ليل ٍ فيه تمايلتْ
بثباتٍ غامر ٍللمكان
(بأقدام ٍتباعَدَتْ، فتقارَبتْ مستعدّة ًللمصير)
أكتافُ العاشقين الصادقين من قريتي
على جدار سجن ٍهنا
وأسوار ٍهناكَ في مدن ٍبعيدة؛
وكنا نقولُ بأنـّا سنطوي الظلامَ: ليلة ً ليلة
فكان يطوينا: هلالاً نحيفاً،
فرغيفاً به من سُمرةِ التنور خالٌ وشفاه،
تلك ليال ٍفجرُهُنّ ما زال مخموراً
يغط ّ ُفي منام الليالي التاليات؛
وكان لابُدَّ من خسائرنا،
فقد نموتُ، أيضا ً، إن ِانتصرْنا،
فأيّ ُجنةٍ ستأتي في مستقبل الأيام
من ظل أمس ٍحزين ٍ،
بـِغـَدٍ لن يكون؟
وهل يكون من مَعان ٍ
بأن يكونَ غدٌ
قبيل الرحيل ِ، أو بعدَهُ؟
وهل تكون لي جنة ٌ
إنْ لم تكنْ بها ذكرى؟
وكيف تكون أيامي بها كـَرْماً فخمرا؟
وكيفَ يكون العشبُ أفرشة ً
والماءُ شـَذ ْراً
فمن سيزرعها بذراً فجذرا؟
73
لكنَّ كلَّ فم ٍ مليءٍ
بلسان ٍ من عَظـْمةِ الماضي
يرتدي اليومَ، كما في الأمس،
شفة ًجديدة،
فتـُسْتعارُ الشفاهُ من إلهٍ هنا أو إلهٍ هناك،
ثم تنمو كهمس ٍعلى شجر ٍ،
وعندَ مصائد!
كذلك الآنَ ينمو بماء النفس
غشّ ُ الطعام في الصحف الأولى من الزمن
ومجرمو فوضى المكان
وإلهُ الخونة!
لأنهم يكسبون الوقتَ تلوَ الوقتِ تلوَ الوقت
فالبقاءُ للأحفاد
وليسَ لجناتِ الخيال ِ حدودٌ
كمواقد،
مذ تمَّ كشفُ طالعِنا في الكهوف
بنثر الحَصى في الرماد.
74
لقد تحرّر اللهُ من لغتي، فكم شاكـَسَها،
وكنتُ في الصحارى لا أؤمنُ بالقـَسَمْ،
ولمّا جئتُ هنا أقسمْتُ بالنحاس الذي
تمايلَ في كبرياء الخريف
يحمرّ ُلي خجَلاً
وبالفضةِ التي شابتْ لمرْآها صَفصافتان ِوقفتُ بينهما:
بأني لن أكلـّمَ اللهَ المنيعَ الفصيحَ عن أيّ انتحار ٍ
يشرع ُ بالولادة،
متلعثما ًفي فخاخ العار
(مدن ِالله، كمائن ِالليل، والمقابر ِوالمجاري)
حيثُ مروري، كطفل ٍ فقيرٍ،
ببعض ٍمن شوارعها ليلا ً،
يُريني وجهَ هذا الإله الذي شاخَ بلا عُمْر ٍ ولا ألم ٍ
يُطالعُني دونَ عينين
من خلفِ جدار.
75
لذا خلعْتُ الثيابَ عن لغتي
وأكملتُ الحصار،
فتأوّهتْ بين يديَّ، صاخبة ً،
تمرّدتْ كالطريدة
تحدّتـْني، صفعَتْ هَمْسي
تلوَّت ْعلى رمل ِ خيمةٍ
خدّشَتْ ماء المرايا،
وعضّتْ يدي بسرِّ بقاءٍ وحُمّى اندثار،
لذا فالشكّ لم يأتِني متراصفاً
أو يزُرْني منمّقا
بل هابطاً كنـُثارات انفجار،
أو كنِثار ِالعُرْس ِيلـُمّـُهُ
جَذِلا ً، صاخبا ً، مجنون
حيثُ يصطفّ ُالسؤالُ تلـْوَ السؤال
عَسَسا ًبكلّ زقاق ٍ وقور ٍفي قريتي،
حَرَسا ًلحكمةٍ حزينةٍ خرساءْ
تجلسُ ثابتة ً
على عرش اليقين
تـُتوِّجُها القصيدة.
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كريم - القرية – 69 – 70
-
كريم - القرية 58 – 68
-
الأشجار الأخيرة 3
-
القرية - 57
-
مداعبات مهموم الدهري – 5 – عن الياخة (الياقة)
-
في الحرية - مسألتان
-
أ ُريد حسابي هنا الآن
-
عندما يتغلب الدين كلياً في النفس فإنه يتغلب على حب الوطن وعل
...
-
عبد الرزاق عبد الواحد 1 طبقية المديح - الشاعر العربي وذهنية
...
-
جرعة من التيار - 1
-
يحيى والوصية الثانية
-
الرمز في الوهم
-
كم من ضَحَاكٍ بكى بنوروز - 1
-
جرعة ٌ من الوعي المُرّ ْ
-
القرية - 56
-
الجِعْلان – ب -
-
أحاديثُ القرية (2)
-
حساء دجاج للعقل
-
ملاحظات في الكتابة في الدين (7) في الفلسفة – ب – في التغيير،
...
-
مختارات قصيرة
المزيد.....
-
ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة
...
-
-شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|