|
وطن الوجع .. ووجع الأمكنة
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 3139 - 2010 / 9 / 29 - 02:53
المحور:
الادب والفن
وطن الوجع .. ووجع الامكنة
( 1 )
في " بغداد " .... في مقهى الزمان الجميل جلست قبّالة السادة المهترئين أشرب شايا في صحة " السيدة " والسيدة تشرب الصمت في صحة المتعبين .
( 2 )
في " أربيل " ... كنت أموء من الأختباء خلف المرايا وخلف المحن .
وفي " جومان "... تعود الزرازير قبل المساء فتعلك مثلي عمود البكاء ووهم الوطن .
( 3 )
في " السماوة " ... كنت جنديا . قلت ل " يحيى " يايحيى .... لاتخف ولاتبتأس فأنت " نخلة " . أنت لست مثلي ... مجرد حيز منتهك بين البيرية والبسطال .
( 4 )
كم مرة التمست من الروح أن تبطيء دورة الحلم قليلا . فلم يعد في " ألاعدادية العربية " عشب نابت ولاصبوة لم تنتهك بعد .
لم يعد في " قطاعات الثورة " غير الجراد . وتلاشى حلم العودة الى " ريف العمارة " وأزدهرت مواسم الهجرة بين " سدني " و " مونتريال " بالمشاحيف السومرية ذاتها وبالوجع الطيني ذاته لأن بغداد ..... لم تعد صالحة للسكن .
( 5 )
كل الحشرات طليقة "هنا " في أقاليم العراق السعيدة كأنها هاربة من أقفاص عملاقة . وكل أنواع الثغاء " هنا " سمفونيات حيث لم يعد ل " موزارت " مكان في القلب حتى في " الشطرة " .
( 6 )
لم يعد في " سامراء " شيء غير مسقط الرأس وبقايا عظام لأب كان يعشق العزف على " قانون " العبث .
لم يعد في " سامراء " ... غير " ملوية " بلا رأس وأضرحة من حنين هاربة الى شيء من الأسى حيث لاشمس تتكسر على ذهب القباب وتبلل قلبي .
لم يعد في " سامراء " شيء ماعدا رائحة قديمة لنساء قديمات توزعن على أسرّة عشاق مفترضين عبروا ذات مرة " طريق الحرير " عائدين الى " طنجة " .
( 7 )
لم يعد في " سامراء " غير الدشاديش ونتف من الغيم مكسوة بالدشاديش وأبناء العشيرة .
لم يعد في " سامراء " شيء غادرها الماء والأولياء وفتية لايعرفون الى اي قبيلة تنتمي " أفخاذهم " وغادرها التهاب الخراب الفايروسي الى مدن أخرى ولم يعد هناك شيء من خراب المدن – الأم الا في روحي .
( 8 )
" البصرة " فانوس الظلمة . لاأعرف منذ متى لم تعد " البصرة " ساحات للنور .
وفي " ابي الخصيب " لم تعد هناك نخلة واحدة لم يأكلها البحر ولم تقطع رأسها الحرب العراقية – الأيرانية .
( 9 )
من لايعرف ان " البصرة " لها رائحة ( كانت لها رائحة ) حيث لاشيء يقتل الرائحة غير تكليف النخلة بالتجنيد الأجباري .
( 10 )
هذا وطن تحوم حوله الشبهات . هذا جسد يتوزع بين المبغى .. وبين الزريبة . فلماذا تقول وداعا لشيء غير موجود حين ترحل بعيدا عنه ؟
( 11 )
لماذا لاتطير النعوش من اجل أمي ؟ ماذا تفعل حين تموت أمك في " الكوت " فتخترع لها قبرا في "مسقط " ؟ وتموت أمك في " طويريج " وثمة من يبكي على قبرها في " كوبنهاكن " ؟ وتموت أمك في " بغداد الجديدة " فتستدعي طيفها في " ناشفيل " . كيف تموت الأم وفوطتها مودعة في " كاراكاس " ورائحة الفوطة في " سدني " ؟
( 12 )
أمي تريد ان تدفن في مقبرة " الشيخ معروف " وتكره مقبرة " الكرخ " فكيف سأدفنها في " جبال الألب الدينارية " حيث تبدأ هناك سلالتنا الجديدة بالتكاثر دون أمهات كالاميبيا .
( 13 )
لاتعشق الأوطان الا في السر فأذا أعلنت حبك لها تموت . لذا ياعراق ... سوف أحبك سرّا لانك موجود صدفة وأنا منفي قسرا .
( 14 )
حتى هذي اللحظة لاأعرف متى كان العراق سيدا ومتى كان عبدا . حتى هذي اللحظة لاأعرف لماذا يجب على الجميع أحتلال هذي المتاهة المفتوحة في جيب التاريخ .
( 15 )
نحن نهاجر من الموت " هنا " فنموت " هناك " . متى نرحل من " هناك " لنموت "هنا " ؟؟
( 16 )
نفط ومواشي ودواجن وحروب . ماالذي ينقصكم بعد ؟ ماحاجتكم الى " الأهوار " لكي تكونوا سادة العالم من جديد ؟
( 17 )
الويل لكم من وطن من ماء لم تشربوا قطرة من ماءه بعد . الويل لكم من وطن من طين لم تلتصق أرواحكم بمسامة من طينه بعد .
( 18 )
الكل عداك لصوص كذابون وانت تشد رحالك نحو " الصين " لتستورد لهم " تقويما " اخر لفجر اخر .
( 19 )
سيدتي ... أعدي الحقائب فلنرتحل وأدّخري لمسيرتنا المظفرة ( من " الفاو " صعودا الى " القطب الشمالي " ) قنطارا من الدمع ( فنحن لانحب القطب الجنوبي كثيرا ) .
أعدي الحقائب سيدتي ولنرتحل فأمنا لن تصل الى " المدينة " أبدا ولن يبلغ حزنها المستدام تخوم مكة .
أعدي الحقائب فلنرتحل فما عاد العراق صالحا للحنين انه بعيد جدا عن " دجلة " وقريب جدا من بحر الظلمات .
( 21 )
وجع الوجع وجع الأمكنة . فأذا ضاعت الأمكنة اين يضيع الوجع ؟؟؟
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميكانزم الحب الأول
-
ميكانزم الحب الأخير
-
العراق وأشكاليات الفصل السابع :الابعاد الاقتصادية والسياسية
...
-
الفساد في العراق : البنية والظاهرة ( محاولة للخروج من الحلقة
...
-
جمهورية النفط في أرض ألصومال
-
عراق مابعد الصناعة
-
الريع النفطي في العراق : تحولات الدولة والسلطة وانماط الانتا
...
-
اول اوكسيد الكراهية
-
الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق
-
وطن لايتسع لصباحات أمي
-
قطار بغداد...
-
يومياتِ يُتم ٍ غيرُ مُعْلَنْ
-
اعداد ومناقشة واقرار الموازنة العامة الاتحادية في العراق
-
ملاحظات عن الشأن الاقتصادي في مذكرات بول بريمرعن مهمته في ال
...
المزيد.....
-
عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل
...
-
بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
-
افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
-
صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا
...
-
-القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب
...
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|