أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - ضاعت مرة أخرى ملحمة جلجامش















المزيد.....

ضاعت مرة أخرى ملحمة جلجامش


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3136 - 2010 / 9 / 26 - 12:57
المحور: الادب والفن
    


كان الليل سقيما على شهوة الصقيع، يتقطر فيه الماء من جليد السواقي الناحسات، حين تنام في عزتها نشوة العطش، غابت في "فوركالكييه" كل طقوس الحفاوة، أشجارها العارية تماما، ونواقيس الكنيسة الهرمة تنشر فحيح الصلوات التي يحملها الأثير إلى ممالك الرب، يحمل خشوع المدائن العائمة حول النجود العالية، كانت ليمانس، المدينة ذات الأخاديد تنبع من فجر العصور الجليدية وما زالت في حلتها القديمة، تتنفس في وجه هذه الملامح الغاديات القادمات، تحمل للمدينة بشرى العصور المعتقة، بشرى بلحن جديد وملامح جديدة، بشرى تؤسس للحياة حيث تبدأ خطوتها الجديدة، فما أصعب في الحياة أن ينقشع وهج البدايات. واصعب منه ان لا ينقشع
كان صعبا على سبارتاكوس ان يرى احفاده قد خلدوا اسمه في "فوركالكييه" حين توحدت فيه عزيمة هامات الإله "هيدرا"، ذلك الوحش الكبير الذي ما أن تقطع رأسه حتى يتفجر عنقه برؤوس جديدة، تذكرت جلجامش ومشيته الطاووسية في مدينة "أوروك" المجيدة، يمشي الهوينا، متمردا على طقوس الفضيلة، تفتنه بكل المفاتن عشتار بكل ما تملك من سحر الشبق فيأبى، لا تعبٌّه المفاتن، كان يبحث عن شيء جديد، عن سر جديد، عن فلسفة الروح المجيدة، وكانت الروح دما لإله ذبح كالبقر، على مسرح مدينة تعشق الخلود، تساءلت في نفسي: هل سيأتي "جلجامش" ذات يوم ليحارب "هيدرا"، ويعيدا للشعوب ملحمة جديدة؟ ليعيد معركة التكافؤ ويحني رأسه للسلام، ويرحل من جديد بحثا عن سر طوفان أضحى يخلخل زمن الساجدين لهيمنة القائمين على مملكة العصر. أه يازمن الغدر، كان جلجامش على الرغم من نصفه الألوهي زاهدا كالبقر، شب زاهيا وأسند رأسه للخطيئة وهو شيخ يحدب، غابت عنه شعائر المدينة الفاضلة، أنساه التجوال مدينته الجميلة "أوروك" عاصمة الحب الأبدي، كانت "عشتار" تنتظره، أخبرته بعشق راودها حوله، أخبرها بسر الذين أنهكهم التجوال: «سيدتي، ليس لي زيت ولا سكر أغذيك»
كان جلجامش ابن الأرض التي إليها يرجعون، ولم تكن "ننسون"(1) لتعيده يوما إلى السماء، كان يعرف أن روحه هي دماء إله مذبوح كالبقر على مسرح "أوروك" وكان شوقه الوحيد، شوقه الخالد أن يعرف: ماذا تكتنفه القبور، صاحت في عتيها أرجوحة الذكرى، للقبور ممالكها التي لاتفصح، هي حد الحد بين موت يتسلى انحلال الجثث المستلقية للضياع، هي أكلة صائغة للآلهة، ليس القبر إلا ذكرى آنية تلقفها سطوة الآلهة، الآكلين للحوم آدمية، (ما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدوني) ، روح المدائن العائمة، حمائم آدمية، دواجن إلهية يستطيل فيها زمن الركوع.
آه يا"انكيدوا" كم يشتهيك الشبق
طالت عليك حنكة العلف
إنما أغذيك أيها الوحش المستأنس لتعود إلي
ما كان جلجامش إلا نكهة سائرة
صائغة
يستهويني زمنه، زهوة يشتهيها الزهد، وتتلاطم في جوفها سرايا "أوروك"
جاءت إلى القبيلة دبابة امريكية وحرقت كل شيء، حرقت كل أسوار "اوروك" ولم يبقى في مملكة الآلهة سوى بقايا جثث هالكة، تقيم قداسا للديموقراطية
مذبحا إلهيا
هيكلا جديدا
فهل نحن إلا شعوبا مذبوحة؟؟..
تستهويني حور عينيك أيتها الديموقراطية فوق عيون "هيدرا" ساعة القضم، إنما الرؤوس تولد لتقتضم، تينع ساعة القضم، فهل يكفيكي عسل الغابات القديمة وكل هذه الحقب السحيقة،(ليست الديموقراطية إلا وحشا قديما برؤوس متعددة )
ديموقراطية على كفة بترول عسلي يشهق لجة العواطف، عفريت يشحد فؤوسا للحطب، ضاقت من الطقطقة كل الغابات وجابت في مرعاه كل المطامع وانتدبت وحشا سمته خليل "الديموقراطيات الأمريكية"، قالت لنا أمريكا: تصلح للعراق كل هذه الرؤوس العالفة
آه ، أيها الشهق
تشتهيه الحور عين، وتنمحي في قواديسها كل الخطايا، دماء أطفال لم تينع بعد، تبتسم في وجه دبابة ترقص على إيقاع القذائف، آه يا جلجامش، ياهذا الكائن الأبدي، ضاع الزهو في سيرك، ولم يعد لعشتار، الفاكهة الشبقية، سوى دموع النحيب، دموع تواسي لجة الخراب المستفحم يشعله رفاق الحي الواحد.
يمرحون في وجه القضم، ويركضون لعاشوراء مجدا يستبيح دم البقر، هذه السبايا التائهات في نجود نيودلهي، هل نحن إلا بقر ينساق لفتنة العشب، يستهويه صوت الناي حين يدرفه عصى موسى، (العصى لمن يعصى) هكذا كان اجماع الأئمة، اما موسى، ليس موسى سوى مأذبة فرعونية التقفتها السماء، أردته فقيها في النبوة فصار نبيا يجيد ترانيم الناي في صحاري سيناء
كان موسى راع للبقر كما كان جورج بوش، فهل نحن إلا هذا القطيع من البقر يلتقف كل هذه العطايا: نرفع هاماتنا سلاما لرؤس "هيدرا" تلقف كل علفنا ونضحك لرؤوسه تجذف في عباب كينونتنا الضائعة
ضاعت كينونتنا
ضاءت تفاهتنا، ولم نعد سوى مقبرة للنكد، تنموا فوقها كل الأوهام

صراعات تروم أن تكون رأسا من رؤوس "هيدرا" ، ديموقراطية اللقف تتشعب في كينونة مملكة عشتار، " انكيدو مات، وبات يصول ويجول في مملكة الفناء، وجلجامش مازال يبكيه عند قائمة القبر، قبر "انكيدو"، فكم يكفيه من البكاء؟
كم يكفي "أوروك" ان تبكيه وتتناهى، لن يكفيها حطب الجزيرة في أن يجف الدمع، صاحت كل المئذنات جلجلة رؤوس "هيدرا"
وضاعت فيها ملحمة جلجامش.
عاشت رؤوس "هيدرا" تلتهم كل شيء
عاشت عيوننا في الديموقراطية .

كانت صورة "انكيدو" تشبه إلى حد ما حيوان المراعي، روح داجنة ومتسامحة ذات قابلية للتأقلم، دخل المدينة العائمة في سحاب السلام فاستسلم، كم تكفيه من الحروب ليطفئ زهو جلجامش،هذا الكائن الفاتن الذي لم تغويه المدائن، كان "انكيدو" حيوان شبقي يعشق المغامرة لعيون امرأة فاتنة، دخل "أوروك" فافتتنته معالم الحضارة، انكيدوا وحش يفتتن،افتتنته الحضارة ونسى كل تفاصيل الوصاية، وكان عمران الحضارة ان ينعم الجميع بالسلام. "انكيدو" المتوحش الذي خلقته الآلهة وحشا في القفار ليحارب فتنة الفارس البطل ذي الملامح الألوهية "جلجامش" البطل الجميل المزهو بريشه الطاووسي، الذي يمشي الهوينا متعاليا على أسوار"أوروك"،
كان جميلا حقا وفاتنا، فهل يحارب الجمال في سماء "أوروك"،، يأتي "انكيدو" مجرورا بسحر غاوية ويدخل عتبة "أوروك". يفتتن بها، ويرمي بخردته الوحشية، ينزع وحشه المكنون ويرميه للقفار، يدخل "أوروك" من بابها الفاتن وينشد في سره: «قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل»
هل يحارب من خارت ركبتاه جاثما في قداس عشق، أو حين تنقشع له مفاتن المن
هل يحارب من تجرفه سيول النشوة جاثما إذ تطويه سكينة الزهو
كم هو بريء أن يفتتن المرء حين تسحقه غيمة العشق في طياتاها ويفتتن بسحر إلهة، آه يامرأة: كل نساء "أوروك" آلهة ، هكذا تكلم "انكيدو"
اه يا "أوروك"، ماأجمل فيك سحر الينابيع حين يهذي في أرواحنا
غاب اسمك عند شرفاء التأريخ، ولم تدخل قدما ابي نواس عتبتك، فهل تاب توبته الاخيرة قبل ان يراك؟؟
غاب تاريخك عند ابن خلدون
غاب عند موسى وعيسى ومحمد
غاب أنك كنت الفاتنه
في عيون كل الآلهة
فسلام عليكم يا أهل مملكة عشتار
ياأهل عروس كل الدنيا ،
في كل الأزمان
سلام لأنكم مملكة "عشتار" مدائن الشبق والعشق والوجد
ولأن للشبق ألوان، ذميمه أن يكون بترولا بسيول عسلية، انساقت إلى "أوروك" كل الفتن.
انساقت إليه عيون الديموقراطية
انساقت إليه رؤوس "هيدرا" القاضمة

أستسمح كل شعب العراق الأبي أن اتاول ملاحمه، واعترف مسبقا أني فتنت ب"اوروك"، مملكة الشبق والخصوبة، مملكة الحياة التي لا ولن تقتلها الحروب الهمجية..
تحية احترام وتقدير لشعب العراق

(1) من آلهة الخلق عند قدماء العراقيين
ملاحظة: اعتمدت ملحمة جلجامش كمرجع، ترجمة طه باقر، في هذه الملحمة ايضا اكتشفت نظرية داروين، وانصح جميع القراء بقراءتها وهي متوفرة إلكترونيا في كثير من المواقع كما هي متوفرة في مكتبة الحوار المتمدن، وهي باعتبارها أقدم نص ملحمي تثير الكثير من القضايا التي لها علاقة بالديانات السماوية



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب وإشكالية اللغة 2
- المغرب وإشكالية اللغة
- حكايا العبور
- العلاقات المغربية الإسبانية
- خواطر سياسية: كل الاحزاب المغربية أحزاب الملك
- تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم
- حكايا من المهجر: لاموخنيرا (2)
- رمضان من وجهة نظر مختلفة
- أبواب الجنة
- نداء الأرض
- رفاق الفرقة
- النيولبرالية المتوحشة3 : وضع الطبقة العاملة المحلية
- حكايا من المهجر: آلة الوتر
- النيوليبرالية المتوحشة (2)
- اشراقات أمازيغية
- النيولبرالية الجديدة: الزراعة المكثفة نموذجا، إلخيدو (ألميري ...
- إعلان عن احتجاج عمال مهاجرين بألميريا (إسبانيا)
- العمالة المهاجرة: ودور التنسيق النقابي
- مدخل لفهم نمط القطاع الخدماتي
- سلام لذاكرة المعتوهين


المزيد.....




- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - ضاعت مرة أخرى ملحمة جلجامش