|
في ذم عبد الرزاق عبد الواحد
معتز رشدي
الحوار المتمدن-العدد: 3096 - 2010 / 8 / 16 - 10:17
المحور:
الادب والفن
الليلة الليلاء : مقامة حديثة في ذم عبد الرزاق عبد الواحد والذين معه كان صراخ الحيوانات النادرة ، واصوات الباعة يصك الاسماع في سوق الغزل البغدادي الشهير . كان الوقت نهارا ، صيف 2005 . قلت لنفسي : اشتري لي حيوانا يؤنس وحدتي في بلاد حزني وغربتي ، في بلادي . رأيت بعيرا صغيرا وردي اللون في مثل حجم الضربان ، وهذا الاخير ، لمن لا يعلم ، هو دابة ترعى المقابر فوق الجرذ ودوين السمور . كان ثمة ورقة ملصقة على سنام البعير ، مكتوب عليها عمر ومواصفات البعير ، واسمه هو : ركاص الاعراس ، اي الراقص في اعراس الناس لقاء ماعون من هريسة ونحوها . دفعت ثمنه من راتبي البسيط ، وحملته معي في كيس نايلون . 2 وفي مطعم شهير لبيع الباقلاء بالدهن ، استعرض البعير الرقيق مهاراته على رؤوس الاشهاد ، حيث رقص ، لقاء طعامه ، الباليه . فاسر قلوبا مكلومة ، واضحك افواها قاسية . 3 عدت من المطعم الشهير الى سوق الغزل . وهناك ، رأيت نسناسا ، وعلى جبينه ورقة مكتوب عليها : مضيحجة المعزايات ، اي مضحك الحزينات من عوانس وارامل ونادبات . فقلت في نفسي : هل يكسر العرق القوي الا الماء ؟ بعير راقص ، وقرد بكاء . واشتريت القرد بثمن بخس دراهم معدودات . 4 وفي منتصف الطريق الى البيت انفجر اطار من اطارات الباص ، فبكى القرد وعدد ، وبكى البعير من شدة الحر العراقي . بكيا معا ، كعاشقين توأمين ، على كتفي احدهما الاخر . وفي الوقت نفسه ، اعلن عن فشل الحكومة في القبض على عزت الدوري ، فابتهج البعير وردح ، فابكى كل من ابتلاهم الله بركوب الباص . 5 وصلت المنزل بعد بكاء ورقص عظيمين . ما ان وطأت بقدمي اليسرى عتبة المنزل ، حتى غطت جدتي وجهها ، وعاطت بي من وراء شيلتها : جده ليش تجيب علينا ناس اغراب ؟. قلت : جده ما معي احد . فقالت : بعيرك وقردك هذول جانو ناس وهم كلشي يفتهمون . 6 في الساعة العاشرة من مساء اليوم نفسه ، جيء بالسيد عبد السادة اسيود الموسوي ، فاستعاذ ، لما رآهما ، من غضب الله وشدة سخطه . ما ان قرأ السيد آيات بينات من القرآن ، حتى انهار القرد كالمصروع على كاشي الدار . واما البعير فقد بكى بصوت طفل رضيع ، فابكى ، والله ، كل من كانوا في الدار . ما ان صمت السيد عن تلاوته ، حتى نهض النسناس الشيطاني بعضو منتصب كالراية السوداء وهجم على السيد ، يريد فعل الفعلة الفعلاء به ، ولكن توثيتي اوقفته عند حده . 7 واما السيد فقد بصق في فمي القرد والبعير ورمى عليهما سائلا اخضر اللون من قنينة كانت معه . ثم انه صرخ في وجهيهما صرخة عظيمة : عودا الى ما كنتما عليه من بشرية . فذابا معا على كاشي الدار ، وتشكلت من ذوبانهما المشترك بركة موحلة مخضرة اللون . فاستغثنا ساعتها ، والله ، وتمرعدنا . ثم ان السيد اخرج من تحت عقاله العلوي الاخضر اللون عصا غليظة مزخرفة بتعاويذ سريانية غامضة . رفع عصاه الى الاعلى وصرخ بصوته الملائي الجهوري : بسم الله كان ، وباسمه يكون . وبط ( اي ضرب ) البركة الموحلة بطا علويا عزيزا ، فانشقت البركة الملعونة عن ثلاثة افندية ، قائمين على اقدامهم ، وفي يمين ويسار كل واحد منهم كاس عرق وصحن مازة ، وهم يترنحون من السكر ترنحا طرِباً . تريعوا ، لا بارك الله فيهم ، سوية ودفعة واحدة ، فكاد ان يغمى على كل من كانوا في الدار . ولدهشتي ، كان الثلاثة هم : عزت الدوري نفسه وعبد الرزاق عبد الواحد ، والثالث لم اتعرفه الا بعد تقليب كل ما في ذاكرتي من وجوه واسماء : انه جسد حميد سعيد وقد ركب الله بين كتفيه رأس سامي مهدي بصلعته الشهيرة المغسولة بزيت خروع رديء ، والمكفوخة ، كفخة ابدية ، بالشمس . 8 لم يكونوا شجعانا ، برغم ما اشيع ، واشاعوه هم عن انفسهم من ردح رخيص كاذب حول شجاعتهم ونضالهم المزعومين .فبعد جولة تحقيقية واحدة ، حضرها الاستاذ ابو تحسين بنعاله الشهير ، كشفوا لنا كل ما كنا نعرفه عنهم ، ومؤداه : انهم يجهلون ما هم فيه من تحولات اوفيدية .وان كل ما يتذكرونه ، انهم اجتمعوا الثلاثة معا في بار من بارات عمان ، جمعتهم ولفيف من ادباء وامراء الصلخ والذبح ، هناك . وما هي الا ان سكر الجوق المؤمن ، وغير المبارك باطلاق ، حتى دهمتهم صيحة عظيمة من السماء ، فمسختهم على مكانتهم ، فاصبحوا خاسئين . 9 الاسئلة التي لم تفلح حيل نعال ابو تحسين ، في استدراجهم الى الاجابة عنها هي : ما الذي حل برأس حميد سعيد الحنيذ وجسد سامي مهدي ؟ من اوصلهم سوق الغزل ؟ وهل تم بيعهم في الساحة الهاشمية لهاو عراقي من هواة جمع الحيوانات الذكية والنادرة ؟ وماذا عن البقية من افراد الجوق المؤمن ، من سكارى الحانة الاردنية ، هل مُسخوا هم ايضا في تلك الليلة الليلاء ، ليلة المسوخ العظيمة ؟ اما السؤال الذي افلحنا في العثور على اجابة شافية عليه ، فهو : من منهم القرد ومن منهم ركاص الاعراس ؛ فقد تعاورهم السيد وابو تحسين وجدتي ام رشك ، وبكل ما في ايديهم الكريمة من كيوات ونعل وعصي ، في غرفة مقفلة ، فانهار ركاص الاعراس، وهو من هو في عالم التحمل ، اولا ، ولم ينهر القرد ، بل ظل قويا عزيزا مرفوع الهامة . عندها ، تأكد لنا ان القرد هو عبد الرزاق عبد الواحد نفسه ، المشعول الصفحة حيا وميتا الى يوم الدين . التساؤلات كثيرة ، معقدة ، وخطيرة والذهن البشري محدود ، مكدود ، ومشعول ابيه . فهل من معين على ايضاح ما غمض من ليلة المسوخ تلك ؟
2008
#معتز_رشدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقامة حديثة
-
قهقهة مرآة
-
دعاء للسحابة
-
يقولون وأقول
-
مختارات شعرية
-
لكل ٍ كربلاؤه
-
قٌبالة البحر
-
اخطاء عبد الكريم كاصد
المزيد.....
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|