أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟














المزيد.....


ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


ملاءآت بيضاء .. وجدران بيضاء .. وأشباح ترتدي البياض ، تتحرك بخشوع القديسين .
قال جاري الأزرق اللون الثمانيني ، أتعلم أن النوم شقيق الموت ..؟ الفارق بينهما ، أن النوم إغفاءة قصيرة .. والموت إغفاءة طويلة ..!؟
إبتسم .. موجهاً خطابه النهائي الى جمهوره الوحيد . ذلك الجسد المقابل له ، القابع على سرير كنملة في صحراء بيضاء ... قال ، أتعرف ما معنى الحياة ..؟
هززت رأسي نافياً ، حتى الكلمة فقدت أجنحتها ولم تعد قادرة على التحليق بين أربعة جدران بيضاء ، تراقب حركة أربعة أشباح بيضاء ، وشمس تحاول التسلل عبر الستائر البيضاء .
قال ، الحياة هي أن تمنح الحب للأخرين ..؟
فاجئني جاري العجوز .. إتسعت حدقات عينيي لإلتقاط كلماته من الهواء المبعثر والمختلط براحة النوم القادم .
ياصديقي .. إذا رحلت ، سأكون سعيداً لأني منحت زوجتي وأبنائي وأصدقائي ، قلبي . أو لنقل على وجه الدقة عقلي .. كان يومي أحمراً ، كان شعاري أحمراً كانت أمنيتي حمراء مثل وردة جورية ، مثل ياسمينة وريحانة وباقة زنابق .. ياصديقي من لا يعرف معنى الحب لا يعرف معنى الحياة ..
ياصديقي يجب أن تعيش لكي تمنح الأخرين ما تبقى لديك من حب .
دارت جدران الغرفة ، كتلك التي في مدينة الألعاب أو الملاهي ، تعمشق الأطفال في أذيالها ، أصوات باعة الترمس والبزورات ، ضحكات صبايا وعشاق حياة ترسم ملامح حياة جديدة ..
جسد على السرير الأبيض ، تحول السرير الى حصان مجنح أو الى " هرمز " رسول الألهة الجميلة الى البشر ، إستعادت ذاكرتي معظم الأسماء التي ولت هاربة من موطنها ، رسمت صور أصدقاء جدد ، أجريت عليهم عمليات تجميل لكي تبدو أشكالهم أجمل من " الملائكة " التي تصورها الكتب المقدسة ،وتوجت رأس كل منهم بقرص القمر . فالشمس حارقة ، أما القمر فكان دوماً رفيق العشاق . إختزل العالم في إمرأة ، وفرحة طفل يوم الميلاد بأضواء الحياة ، وبقديس وعربة آيائل إسطورية.
حضرت زوجتي النحيلة الى ذاكرتي ، بذات الثوب ، وكحل عينيها الشرقي . فمنحتها قليل من اللحم وكثير من الحب ، ثم حضر كلبي الأبيض العنصري ، فإختزلت من عمره عشر سنين .. وصبغت شعره باللون الأسود .. أما أبنائي فقد حولتهم الى سنابل قمح ، وسمك المسيح في نهر الأردن .
كانت الغرفة لازالت تمتطي الأرجوحة .. يميناً ويساراً ثم بحركة دائرية كباب يفتح على كافة الجهات الأربع . ما أجمل أن يتفتح عقل الإنسان على جهات العالم الثمانية ..؟ ترى هل هناك جهات ثمانية ..؟ أم محيط .. لا بأس ليفتح العقل كوة على المحيط ويجمع كل ألوان البشر. ثم ماذا بعد ..؟
مرة اخرى جمعت كافة الأصدقاء في باقة ورد واحدة . أخذت لهم صورة تذكارية جماعية واحدة . من الحكيم الى شامل الى ليندا وصابر ونادر ورعد وشذى وفاتن وناهد ومحمد ونيقولا وفارس وعبد القادر ورياض وداليا ولميس وجنين وإيليا وخريستو ومحمود ومهيار وكرستين ، وتوجت المايسترو ملكاً على صوت الموسيقى . لم أعد أذكر سوى أني رسمت صفوفاً من الأحبة ، فالعدد كان أكبر من مساحة الصورة .. ونسيت الكثيرين ،حضر بعضهم لاحقاً ، ثم همست بصوت خافت أغنية " شارلي باسي " هذه هي حياتي وأنا الذي لا يملك أحداً لكني أحبكم . تمنيت في تلك اللحظة أن أكون على شاطئ البحر لكي أصرخ بملء فمي مع صداه أحبكم جميعاً . يابحر يامن تغسل برغوتك البيضاء هموم المتعبين وتطعم الفقراء من أسماكك .. أني أحبهم جميعاً .
رويداً .. رويداً ، صعدت الشمس الى زمنها .. أطل القمر الأحمر باسماً ، إختلس نظرة سريعة نحوي .. مطمئناً .. ثم إنتقل الى نافذة جاري البيضاء ، ومكث هناك يقرأ له ، ترنيمة الحب ونشيد الأناشيد . كطفل صغير على شفا إغفاءة صغيرة ، سقطت الصحيفة من يد جاري فوق الملاءات البيضاء .. فيما أبحرت عيناه في ضوء القمر الأحمر . تاركاً لي ذكرياته وأحلامه في الحب .
عند أول منعطف ، رميت بتقارير ذي الرداء الأبيض وأدويته ، في أول سلة مهملات جميلة .. هذه هي حياتي .. ما زال لدي بعض من الحب سأمنحه لقمر يجمع كل ألوان الطيف ، قبل إغفاءتي الطويلة القادمة .
رحل الأمس ، خلف الأيام التي سافرت نحو الماضي ..
قال ، من لا يعرف معنى الحب .. لا يعرف معنى الحياة ... فالموت هو إغفاءة أطول .



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسطورة خلق أخرى/ في عشرة أيام ..!؟
- ماذا يريد الإنسان من الحياة ..؟
- أبو مين ..حضرتك ..؟!
- لماذا يعشق البحر النساء ..؟
- كتالونيا
- مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ...
- الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
- إنه.. زمن التثاؤب..؟
- العالم العربي .. وظاهرة إزدواجية السلطة مع الأصولية
- من إسطورة نوح الى المسيح المنتظر / الى سوبرمان العصر القادم ...
- بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟
- التكنولوجيا.. آلهة العالم الجديد / من مبدع لها الى عبد لها
- التكنولوجيا ... آلهة العالم المعاصر .؟ / من مبدع لها الى عبد ...
- البحث عن نموذج جديد للعدالة
- إرهاصات ماقبل التغيير القادم ..؟/ اليونان نموذجاً
- مسيرة المليون / شهود على ما حدث في أثينا
- مارغريتا .. آه ..يا مارغريتا
- مشاعية - الجنة الفردوسية - / حرية جنسية - مساواة إجتماعية - ...
- من هي - المومس - المجتمع .. أم بائعة الهوى ..؟
- عندما - يتغوط - العقل / تصاب - المؤخرة - بالصداع ..؟


المزيد.....




- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...
- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟