جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3072 - 2010 / 7 / 23 - 13:08
المحور:
كتابات ساخرة
كل مواطن أردني أو عربي يشتري أي صناعة أردنية أو سورية يكون كمن خان أمته ودينه وعرضه ووطنه , ومثل ما قال المثل (حط العدس وانفخ تحته ولا أهمل من الخال غير ابن أخته) يعني مافيش أهمل من الصناعه الأردنيه إلاّ الصناعه السوريه.
والبسكليت حتى اليوم بعده امشلبك حياتي , وبين اللحظه واللحظه إذا ولدي (علي) ما لقاش ليه شغله فورا بصير يبلش بالبسكليت وببلشني وبغلبني معاه وبكفرني وبخليني أسبسب وأشتم بحالي.
وصدقوني اللي بده يشتري صناعه عربية يجب أن يكون مليونيرا لكي ينفق على عمليات الصيانه والتصليح وليس التحديث , وهذه نصيحة من أخ لأخيه : إذا كنتَ فقيرا لا تشتري شيئاً رخيصاً وإذا أردت أن تشتري صناعه فلا تشتريها عربيه , ولكن إن كان لديك رصيدا في البنك كبير فلا بئس عليك إن اشتريت صناعة عربيه
-شو مالك قاعد ابتصرخ؟.
-يعني كل أولاد الحاره معاهم بسكليتات , وأنت كل يوم بتقول بس الله يفرجها .
-وانا زمان كان أبوي يقلي هيك .
-ما ليش دخل اسع بدك تشتريلي بسكليت.
(يعني دراجه هوائيه).
-طيب وش هو المطلوب ؟
-يعني بدي زيي زيهم .
-طيب أوكي شو اللي جاي على بال الضيف ؟
-شو يعني مش عارف ؟ بدي بسكليت ؟
-قديش حقه ؟
-الجديد الوكاله حقه 40 دينار وفي ب 30 دينار بس مش أصلي إكثير , الأصلي الأصلي الأصلي ؟.
-آه يا يا ولد الأصلي الأصلي الأصلي قديش حقه ؟
-الأصلي..الأصلي الأصلي حقه 40 دينار أردني.
-والمستعمل ؟
-المستعمل حقه 10 دنانير ـو 15 دينار , بس بكون امخردع وعايف حاله .
-لا بنجيبلك واحد جديد وأصلي أصلي أصلي بعده بشحمته وبلحمته على شان أنا ما بقدرش أشتريلك واحد مستعمل وكل يوم رايح جاي فيه على التصليح ,أنا ما معيش مصاري كل يوم أصلّح.
-طيب متى؟.
-نهاية الأسبوع بس أقبض أسبوعيتي .
وفي نهاية الأسبوع تشاورت مع زوجتي وقررنا أنا وهي أن نشتري واحدا أصلي أصلي أصلي من وكالته زي ما بقولوا , وذهبنا للسوق وسألنا كل المحلات التي تبيع البسكليتات فوجدناهم جميعا متفقين على سعر واحد وكأنهم عصابة منظمة وفي نهاية الأمر وقع اختيارنا على صناعة سوريه قالوا لي أنها أصليه أصليه أصليه ولم نكن نعلم أنها من أتفه الصناعات العالمية على الإطلاق, واشترينا له بسكليتا ب 40 دينارا أردنيا وبهذا (خانتنا الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة) وثمنه 40 دينارعدى مصاريف النقل والشحن وقلت لزوجتي :
-شو رأيك ؟
-أبشو ؟
-بالبسكليت ؟ مش الوكاله أحسن من المستعمل ؟ يعني المستعمل بدنا كل يوم نوخذه على التصليح , أما هيك وكاله وجديد أفضل من ما انظلنا رايحين جايين على التصليح .
-آه كويس بقعدله سنة زمان وبعد السنه إذا بده تصليح مش مشكله بنصلحه .
-طبعا ما هو وكاله وأصلي أصلي .. حتى لو بده كل شهر تصليح مش مشكله لو حطينا عليه ليره أو ليرتين .
وذهبنا بالبسكليت إلى البيت وخرج به (علي) إلى الحارة وهو يمتطيه وكأنه يمتطي جوادا وبعد أقل من نصف ساعة عاد وهو يبكي ليحط به في أرضية مطار الدار ممسكاً بالبسكليت بيديه الاثنتين نازلاً عن ظهره ولم يعد يمتطيه كما خرج من باب الدار قبل نصف ساعة , فسألته شو مال ربك؟ لويش بتعيط؟
-الجنزير فلت من ساعة البسكليت الخلفيه .
-كيف فَلت ؟ أكيد من عمليات الإقلاع الكثيره أو انك ضربت فيه .
-شو ماليش راكبه ساعه, والله ما ضربت فيه ولا وقعت عنه وسأل اللي كانوا معي .
-يا رجل أي هو أنا فاضي أروح على الحاره وأسأل الأولاد أي هو أنا بدي أفتح ملف تحقيق , البسكليت وكاله وأصلي أصلي أصلي زي ما بحلفوا وبقولوا , شو كيف صار خيربان؟.
-طيب بسيطه هسع بركبه .
وكل عشرة دقائق يعود وهو يبكي صارخاً في وجهي الجنزير (فَلت) , فقلت بيني وبين نفسي طيب شو ماله ما هو جديد ووكاله!!! , فسحبته إلى الحارة المجاورة عند صاحب محل صيانة وعرضته عليه فقال :
-بسيطه يا أبو علي هذا البسكليت بحاجه فقط إلى (جُرن) ثمنه نصف دينار وتركيبه ب ربع دينار , فقلت له خلصني منه وخذ دينارا كاملاً , وفعلا أدخله داخل المحل وكأنه داخل إلى مشرحه وقام بفكفكته وخلع الجُرن القديم أو الوكالة وتركيب جرن آخر محله , وقال لعلي : يلله اركب وسوقه .
وخرجنا من المحل ونحن مسرورون جدا , وبعد ساعة جاء علي وهو يبكي وكنتُ أجلس على باب الدار أتحدث لجاري عن البسكليت الأصلي ومظهره الجميل , وقطعتُ حديثي مع جاري وقلت للولد : شو خير يا طير ؟.
-الجنزير فََلتْ .
-كيف فَلتْ؟ هسعه قبل ساعه ركبناله جُرن جديد , روح ارجع على صاحب المحل أللي ركبه , وذهب الولد وعاد وهو يقول بده البسكليت (أكس خلفي) حقه دينار , فقلت له : خليه جوى للصبح هسع تعبان وما معيش مصاري .
وفي اليوم الثاني عاتبتني أمي وزوجتي وقُلن لي : شو يا زلمه مالك هو أنت كاين قليل عقل!! حتى تستجيب للولد وكل يوم بدك اتحط عليه دينار أو دينارين يا رجل هذا البسكليت صار بده ميزانية , وبصراحة دخل كلامهن إلى عقلي وذهبت في صباح اليوم التالي إلى محل تصليح آخر وطلبت منه إصلاح البسكليت فقال لي : الطقم الخلفي بالكامل صار بده تغيير :
-شو تكلفته ؟
-ثلاث ليرات (دنانير) .
-بس؟.
-آه بس .
-وبصير البسكليت بسكليت محترم ونظيف وابن عالم وناس؟
-آه يا رجل هذا البسكليت وكاله , بس على شانه صناعه سوريه هامله فدائما بنغيرله الطقم الخلفي الأكس مع القلول والجرن و..إلخ .
-خلص ماشي شوف شغلك , بس ما بديش أرجع وأصلحه مره ثانيه.
-لا انشاء الله إنك ما بتصلحه مره ثانيه.
وتمت العملية بنجاح ورجعنا في البسكليت والولد يمتطيه كما يمتطي سيارة z4أو x5ولم يمض على إصلاحه يوما واحدا حتى جاء الولد وهو يبكي ويجر البسكليت جرا فقلت له :
-اسمع على ربي ..اسمع على رب دين أختي : هذا البسكليت بده هسع يجنني ويطفّرني ويزهقني حياتي !!! شو أنا كل يوم بدي أحط على اللي خلقه دينار ؟ يا رجل شو هو كاين سياره , وحياة عيونك ما بصلحه فوت خبيه جوى بسرعه ,ودخل به للداخل وجلس بجواري وهو يبكي وعيناه تدمع.
وكثرة بكاء (علي) جعلت قلبي يرق له طوعاً فقلت له : جيبه وامشي قدامي على المُصلح , وحين وصلنا إليه عرضنا عليه المشكلة فقال :
-هذا يا أبو علي بده عصفوره على الأكس الخلفي .
-وشو ثمنها ؟
-نصف دينار .
-طيب ماشي ركبها , بس مش بكره اتقلي بده حمامه , وبعد أسبوع بده بطه ؟.
-آه بس والله ما عنديش إياها , هذي بدك تطلع على اربد وتشتريها انت .
وذهبت إلى اربد واشتريتها وكلفتني ما يقرب من دينارين مضافاً إليها أجرة النقليات والسفر , وعدت وأحضرته وقام المصلح بتركيبها ودفعنا له أجرة ما يقرب من ربع دينار , وحين عدت إلى البيت ومعي (علي) أكلنا بعض الطعام وخرج (علي) ولدي مقلعاً في الرحلة رقم 9 فرحا بالبسكليت وعاد بعد ساعة وهو يبكي فقلت له :
-وعرض أختك وأختي وأخت أختي ما بحط عليه ولا أي فلس أحمروحيات (حبسا أمْ الدِبسْ) .
فقال علي :
- لالا ما بدهوش إشي بس بده شد برغي الكرسي , برغي الكرسي فلت وبده شد , فقلت بسيطه هات مفتاح شق (10) فلم يجد في منزلنا فذهبت إلى السوق واشتريت زراديه ومفتاح شق 10و 12 وكل الأحجام بتكلفة 5 دنانير أردني , بدل أن نذهب إلى المصلح في كل مرة , وقلت : هيك أفضل أي شيء بده إياه البسكليت من شد وكَرب بقوم فيه أنا , وفعلاً قمت بشد الكرسي وفي كل عملية إقلاع جديده يعود لي ويطل رأسه من الشباك قائلاً : تعال شد يا بابا الأكس الأمامي , وكل ساعه تعال شد يا بابا برغي الكُرسي, وكل يوم وكل ساعه يأتيني بعملية شد جديدة , وكل رحلة يقوم فيها علي على البسكليت يعود لي لإجراء عملية شد وصيانه , وشعرت وكأنني أقوم بورشة عمل أمام المنزل ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل صار يحضر لي أولاد الحاره وبسكليتاتهم الجديدة للصيانة وتحولت ساحة منزلي إلى كراج تصليح فصرخت في وجهه ونهيته عن ذلك , وبعد يومين عاد باكياً فقلت له : شو مال رب أختك ؟.
-الكرسي مش نافع معه الشد .
-جيبلي إياه لهون بدي أشدلك أخت أخته .
ولكن وللأسف لم تنفع عمليات الشد وخرجت زوجتي صارخة في وجهي وهي تقول : بيعه يا زلمه وبخساره هذا البسكليت خرب بيتنا فقلت لها : صح انت صادقه , ورغم قناعتي بذلك غير أنني ذهبت لمحل الصيانة فقال لي صاحب المحل : والله يا خال ..والله يا أبو علي بدك كرسي جديد هذا قاعدته خلص بايزه وخبرانه .
-وقديش دخيلك حق الكُرسي ؟.
-شوف معك من الليرتين حتى ال 5 ليرات أو الثلاث ليرات وعندي واحد
بثلاث ليرات رائع .
- طيب لا توجعش راسي ركبه ليه , بس أنت مش ملاحظ انه البسكليت صار امكلفني قد نص حقه ؟ يا رجل اللي عندي سياره بحطش عليها كل يوم للترخيص قد ما بحط أنا على البسكليت , يا رجل كل مواطن عربي بشتري صناعه عربيه بكون وكأنه ناكح أمه أو أخته في مسجد أو كنيسه .
وقام الرجل بتركيبه وخرج به علي مقلعاً إلى البيت ومشيت خلفه وحين وصلت باب الدار وجدته يبكي وقبل أن أسأله قلت له : وحياة (حبسا أم الدبس ) ما بحط عليه ولا ليره انقلع انت وهو جوى , وفي اليوم التالي حن عليه قلبي لأني رأيته يجلس على باب الدار وكل أولاد الحارة يمرون من أمامه وأمامي وهم يركبون عجلاتهم (بسكليتاتهم ) الهوائية , فناديته وقلت له : هات بسكليتك وقدامي على محل التصليح , وحين وصلنا المحل أدخله صاحب المحل إلى المشرحه وقام له بعمليات تجميل وبعد ربع ساعة خرج وهو يقول :
-أنا يا أبو علي عملت اللي الله أمقدرني عليه ..بس ...بس .
-شو يا رجل شو يا دكتور ..قصدي يا معلم طمني على صحته ..بعيش ؟
-بعيش ..راح يعيش .
-يا رجل أنا ما بدي إياه يعيش موتلي إياه قبل نهاية الحلقة الأخيرة هذا الفيلم كلفني تكلفة باهظة جدا ومش راح ينباع في شهر رمضان كمسلسل ونجني منه أرباح ..خلصني منه ..ك......س أخته.
- لا شوف هو بس (الجحش- الشصي ) تاعه مفتول .
-أي صدقني أنا اللي بده ينفلت الشصي تبعه.
-لا شغلته بسيطه بس فيها مخاوف.
-أمممممم آه يعني على الفحص الكامل مش رايح يجيب 4 جيد؟ أو ثلاثه جيد ودقه على الراسيه؟ أو ضربة مفك على الشصي؟ .
واستغرب وضحك المُصلّح من كلامي حتى أغمى عليه فقلت له :
-يارجل أنا مقهور ..أنا اشتريته وكاله وأصلي وجديد على شان ما معي مصاري أحط عليه كل يوم للتصليح , ثم أيضاً وهذا المهم ما عنديش وقت للتصليح , كل ساعه وهو جاي على رب دين أختي وطالب صيانه .
-أبو علي بس بده الشصي شد .
-طيب شد أخته .
-بس بخاف وأنا أشدلك في أخته وأخت أخته إنه ينكسر على شانه حديد نفخ وخفيف مثل حديد التَنَك.
-يا رجل شده دخيل على ولاياك .
وبعد أن قام بشده انكسر من النصف وقال لي : في واحد عنده سيخ إلحام على الأكسجين روح والحمه عنده , فذهبت ولحمته بتكلفة دينار أردني , وبعد يوم عاد وفَلت الجنزير فقلت لعلي : خلص ارميه بالدرج.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟