أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلال حبش - في الرد على هارون يحيى















المزيد.....

في الرد على هارون يحيى


جلال حبش

الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 10:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولاً: سياحة في عوالم هارون يحيى

يُقدّم هارون يحيى مشروعه لنقد نظرية التطوّر، في مبحث مؤلف من عشرين سؤالاً، وقد نال هذا المبحث شهرة واسعة بحيث تم تداولها في كثير من المواقع الإلكترونية، ولاقت رواجاً كبيراً؛ حتى أصبحت مرجعاً يعتد به الكثيرون ويحتجون به في نقدهم لنظرية التطوّر، فكان لزاماً الرد على هذا المبحث وتفنيده بحيث يتبيّن للناس مدى الخلط الذي يقع فيه هارون يحيى، والطريقة التي يستخدمها في نقده للنظرية والتي لا تتصل بالمنهج العلمي ولا ترتبط فيه في شيء. ويأتي هذا المشروع في الرد على مزاعم هارون يحيى في سلسلة مقالات تنشر تباعاً علّه يُفيد في إزالة الكثير من التهويمات التي ألبسها هذا الرجل على النظرية. فكان لابد لنا أولاً أن نعرّف القارئ الكريم بهارون يحيى كخطوة أولى، ثم نتعرض –سريعاً- لمنهجه وأسلوب تفكيره، وهذا المقال الأول يهتم ويُركز على هذا النقطة.

في الحقيقة أنني بحثت في موقع هارون يحيى -على الشبكة العنكبوتية- على ما يُعطينا تعريفاً شاملاً لهذه الشخصية، فلم أجد الكثير المُفيد، وكل ما تحدث عنه الموقع أن اسمه الحقيقي هو عدنان أوكطار من أصول تركية ولد في أنقرة عام 1956 تخرّج من كلية الفنون الجميلة في جامعة المعمار سنان، استخدم عدنان أوكطار أسماءً مُستعارة في بعض كتاباته ومنها "جاويد يالجن" ولكنه استقر أخيراً على اسم "هارون يحيى" وهو المشهور به حتى الآن. نشر عدنان أوكطار العديد من المؤلفات تصل إلى مائة مؤلف تقريباً تمت ترجمتها إلى عدد من اللغات وفقاً لموقعه.[1]

يُعتبر عدنان أوكطار أحد أشهر الذين تصدوا لنظرية التطوّر، وأحد المنافحين عن نظرية الخلق، ولقد أبهر هذا الرجل الكثير من المُسلمين بأبحاثه ومقالاته التي يشن فيها هجوماً شرساً على التطوّرية والتطوّريين، حتى أن بعضهم أطلق عليه لقب [قاهر التطوّريين]، والحقيقة أنني لا أعلم إلا عدداً قليلاً من المقالات والردود التي تصدت لمقالاته. لقد أثارت الضجة التي أحدثها عدنان أوكطار ومقالاته فضولي لقراءة ما يكتبه، ولم أتمكن من الحصول على مؤلفاته، ولكنني وجدتُ ضالتي في موقعه الإلكتروني، وبدأت أقرأ ما يكتبه وما ينشره هناك، وكانت صدمتي الكُبرى عندما عرفتُ أن هذا الرجل في تصدّيه لنظرية التطوّر لا يقف على أيّ أرضية علمية حقيقية، بل حتى أنه يخلط كثيراً بين التطوّرية والداروينية، وربما كان يعتبرهما شيئاً واحداً. على العموم هذا لا يهمنا هنا، ولكن ما يهمنا أن نعرض بعض مقالاته المنشورة على موقعه، لمناقشة الأفكار المبثوثة فيها، ونحاول بعدها وضعها في دورق العلوم التطبيقية لنعرف ما إذا كان كلامه هذا علمياً أم لا.

في حوار تلفزيوني مع الأستاذ عدنان أوكطار في قناة (35) بتاريخ: 18 يناير 2009م، والذي أُعيد نشره في موقعه بعنوان [الدارونيون العاجزون عن إدراك الحكمة من خلق النقائص من قِبَل الله البديع][2] بتاريخ: 7 أبريل 2010م يقول عدنان أوكطار: "بالطبع الكائنات الحية لا تخلو من نقائص"[3] وهو بذلك يعترف بل ويُؤكد وجود نقائص في صنع وتصميم الكائنات الحيّة، وقبل أن نستمع إلى حجة أوكطار في تأكيد هذا النقص، دعونا فقط نستعرض النصوص الدينية التي تؤكد عكس ما يُحاول إثباته.
{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } [غافر:64]
{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } [التغابن:3]
{لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4]
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة:7]
{بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]
{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى:2]
{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]

إن الآيات السابقة، وآيات أخرى كثيرة غيرها، تؤكد على حُسن صنع الله، ودقة صُنعه وكماله، بل وأكثر من ذلك، فالخلاق الذي هو صيغة مُبالغة من الخالق يمتدح نفسه وصناعته ويُفاخر بها عندما يقول: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان:11] ومن الناحية المبدئية كان من المفترض أن يتولى أوكطار مهمة إثبات هذا الأمر المُثبت سلفاً في النصوص الدينية، فهل سيفعل ذلك بطريقة ما؟ اقرءوا معي قوله هذا: " بالطبع الكائنات الحية لا تخلو من نقائص.. لكن ما لا يتمكن الدارونيون من فهمه هو أنه كما أن الكائنات الحية تم خلقها بشكل معقد للغاية وإتقان كامل لم يتمكن البشر من فهم أسراره, كذلك فإن نقائص تلك الكائنات مخلوقة بصورة خاصة للغاية.. فعن طريق خلق النقائص يظهر الله قدرته على خلق ما يشاء من الكائنات وعلى قدر ما يشاء من الجمال والكمال.. إن النقائص هي تذكرة بأن العالم هو دار امتحان زائل"[4]

يبدأ أوكطار كلامه بنفي كمال صُنع الله ودقته التي أثبتها النص القرآني، وبذلك فهو يُخالف نصاً دينياُ قطعي الثبوت والدلالة؛ بل ويُؤكد على أن هنالك نقائص في هذا الصنع ويُعلل لها، وقبل أن نتطرق إلى حججه التي ساقتها، دعونا فقط نتذكر أن الزعم بكمال خلق الله وإجادته كان وحتى وقت قريب موضوعاً ليس محل جدال على الإطلاق، بل وكانتَ واحدة من أقوى إثباتات الخلقيين على وجود إله فاعل وذكي كان وراء هذا الإبداع والكمال والدقة في الكون والكائنات؛ فما الذي دعا [أو أجبر] أوكطار إلى التنازل عن هذا الآن والاعتراف بوجود نقائص في خلق الخلاق العليم الذي أحسن كل شيء خلقه؟ وقبل أن نجيب على هذا التساؤل دعونا –أيضاً – نتذكر موقف أهل العلم من إنكار صفات الله والتي منها: الخالق – الخلاق – البديع – المُصوّر – البارئ – القادر – المقتدر؛ فهل لأوكطار رأي مُخالف لرأي جمهور المسلمين في مسألة توحيد صفات الله؟

يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تعريفه لمعنى توحيد الصفات: "توحيد الأسماء والصفات: وهو اعتقاد انفراد الرب - جل جلاله - بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة ، والجلال ، والجمال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه . وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من جميع الأسماء ، والصفات ، ومعانيها ، وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله ، من غير نفي لشيء منها ، ولا تعطيل ، ولا تحريف ، ولا تمثيل . ونفي ما نفاه عن نفسه ، أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - من النقائص والعيوب ومن كل ما ينافي كماله"[5] ومن الواضح أن إنكار صفة من صفات الله، أو الإدعاء بعدم كمالها يُنافي قضية التوحيد، ويُدخل المرء في دائرة الكفر، بل والشرك من أوسع أبوابه، فهل كان أوكطار يعي هذا؟ بل هل يعي الناقلون عنه والفرحون به هذا الأمر الخطير والمتعلّق بجانب خطير من التوحيد؟

ومهما يكن الأمر، فإنه يجب أن نقر بأن نظرية التطوّر وضعت أيدينا مُباشرة على مكامن النقائص التي لم نكن نعلم عنها شيئاً، وليست نظرية التطوّر وحدها، بل علوم البيولوجيا المختلفة وعلم التشريح والأمراض والجيولوجيا والفلك كلها وضعت أيدينا على هذه النقائص بطريقةٍ أو بأخرى. وأن قوة هذه الأدلة العلمية هي من اضطرت أمثال أوكطار وغيره على التنازل -ولو جزئياً- عن أمر متعلق بعقيدة التوحيد الراسخة، وهو ما أعتبره في حدّ ذاته انتصاراً لنظرية التطوّر من ناحية، ودليلاً على ضعف العقائد الدينية أمام الأدلة العلمية من ناحية أخرى.

إن مُجابهة العلم، ومُناطحته تعتبر عملاً غير راشد على الإطلاق، فأدلة العلم وبراهينه قوية غير قابلة للإنكار، وليس بإمكان أوكطار أو غيره أن يُعمي أبصار الناس عن هذه الحقائق، فلم يجد أمامه إلا الاعتراف –مبدئياً- بوجود هذه النقائص، ولكنه يُعلل لهذه النقائص بأنها محاولة من الإله لإثبات قدرته على الخلق، ويُنهي كلامه بأن هذه النقائص ما هي إلا امتحان من الله لكائناته، وفي هذا الصدد يُضيف: "لو كان البشر خلقوا كاملين في الحياة الدنيا لما كان بإمكانهم معرفة سر الإمتحان, أو إدراك حتمية عبوديتهم لله, ولن يسعوا أبدا لنيل رضاه وجنته.. فهذه الدنيا ستكون كافية ومرضية تماما بالنسبة لشخص يمتلك كل الكمالات فيها, ولن يوجد أبدا الحنين والسعي للآخرة."[6] حسناً، سوف نتجاوز عن لا علمية هذا الكلام الإنشائي، ولنناقش جوهره؛ فإذا كان بإمكاننا فهم الحكمة الإلهية البالغة من خلق نقائص في البشر امتحاناً لهم، لأنهم مُكلفون فإن هذا الامتحان يتطلب حياله إما الصبر وإما الجزع، وهو ما يترتب عليه مبدأ الثواب والعقاب، وهذا أمر مفهوم، ولكن هل أراد الله –كذلك- أن يمتحن بقية الكائنات غير المُكلفة دون أن يكون لامتحانها هذا ثواب ولا عقاب؟

ما ذنب المواليد الجُدد الذين يولدون بتشوهات خلقية وذهنية وهم لم يبلغوا الحلم ولم يُصبحوا مُكلفين بعد؟ ما ذنب الرجال والنساء والأطفال الذين يموتواً جوعاً في مجاعات أفريقيا لأن خالقهم لم يتمكن من توفير ما يسد رمقهم مما تنبتُ لهم الأرض، في الوقت الذي يُغدقُ فيه الخير والثمرات دون حساب على الكافرين في بقاع أخرى من الكرة الأرضية، هل يتآمر الله عليهم؟ كيف بإمكاننا إقناع هؤلاء أن هذا ليس سوى امتحان إلهي؟ وإذا كانت الحقيقة الصارخة هي أن في خلق الله نقائص لا يُمكن إنكارها، لماذا يكذب علينا الله فيقول بأنه أحسن كل شيء خلقه؟ هل خلق الأشياء ناقصة ومعيبة له علاقة بحُسن الخلق وكماله وإتقانه؟ لماذا أتقن الله صنع أشياء وأخفق في صنع بعضها الآخر بنفس الإتقان؟ إنه فعلاً منطق معوج، ولا يستقيم.

ثم يواصل أوكطار في حديثه الغريب فيقول: "فالله يرينا –بخلقه للنقائص والعيوب- أن الحياة الدنيا ليست هي الغاية الحقيقية, وأن الكمال يوجد فقط في الدار الآخرة، في الجنة"[7] إنه بؤس الخطاب فعلاً، يالهذا الإله! هل هذه هي فعلاً وسيلته التي يُريد أن يخبرنا بها أن الحياة زائلة وأن الآخر هي خير وأبقى؟ وإذا كان الكمال في الآخرة (=الجنة) فما سرّ الكمال والإبداع في بقية الكائنات التي خلقت دون نقائص؟ لماذا تختلف هذه المعايير بعض الأحيان؟ وهل يضمن هذا الإله الكمال الآخروي لكل الذي وُلدوا بنقائض في هذه الدار الزائلة؛ أم سيظل المقياس هو الأعمال الصالحة والطاعات، ومدى اتباع البشر للرسل والأنبياء من عدمه؟ ما هذا المنطق؟ إن منطقاً كهذا قد يصلح أن يكون منطق أوكطار نفسه، ولكن لا يُمكنني التصديق أن إلهاً قد يكون هذا منطقه، ثم إنني أستغرب من الثقة التي يتكلّم بها أوكطار عن الحكمة الإلهية وكأنه مَلكٌ مُقرّب أطلعه الله على أسرار خلقه وحكمته من ذلك. ذلك الإله الذي لم يُطلع حتى جبريل [الروح الأمين] على الحكمة من خلق البشر عندما اعترضوا عليه: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] فكيف أطلعهُ على حكمته من خلق النقائص ليملكَ الثقة التي يقول بها هذا الكلام؟ بل وكيف للمُسلمين أن يُصدقوا مثل هذا؟

يتجاوز أوكطار حدّ المعقول والساذج ليصل إلى قمته عندما يقول: "لدينا هنا سؤال:" إننا ننظر إلى النباتات والحيوانات في الطبيعة, وهى تبدو دائما في غاية النظافة, على رغم من أنهم يعيشون وسط الطين والتربة, ولا يمكنهم استخدام الصابون..ولكن البشر ليسوا كذلك.. لماذا تم خلق البشر بهذا الضعف, رغم كونهم كائنات أكثر أهمية وأعقد تركيبا؟"[8] وأنا في المقابل أطرح سؤالاً: "هل كان أوكطار جاداً في طرح هذا السؤال؟" إذا لم يكن جاداً، فأنا أستغرب من طرح أفكار غير جادة في مقال من المفترض أنه جاد يُحاول فيه نقد أفكار نظرية علمية قوية وراسخة كنظرية التطوّر، وإذا كان جاداً فتلك مُصيبة وطامة كبرى، لأن السؤال ساذج وسخيف إلى الحدّ الذي يجعلنا لا نصدّق أن عاقلاً قد يستشهد به، ولكن وكما يقول عمرو بن كلثوم: " أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا... فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا" فسوف نعيد عليه سخفه وسذاجته بسخف وسذاجة أكثر إفراطاً فنقول: "إذا كانت النباتات نظيفة كما تقول، فلماذا تضطر إلى غسلها قبل أكلها؛ أم تراكَ تأكلها مباشرةً؟" أشعر بضآلة وأنا أطرح هذا السؤال، فالأمر ساذج إلى حدّ الغثيان فعلاً، ومن مِحن الزمان أن يجد شخص سطحي كأوكطار شهرةً كالتي بلغها وأن يُعد أحد "المُفكرين" الذين يُشار إليهم بالبنان في عالمنا العربي، لنعلم أن الألقاب مجانية بإمكان جاهل كأوكطار الحصول عليها لمُجرّد أنه يزعم أنه يتصدى لنظرية التطوّر، بل ويدحضها أيضاً.

ولكي يُؤكد لنا أنه كان جاداً في طرح سؤاله الساذج، فإنه يذهب بعيداً فيقول: "كلما كان الناس أكثر ضعفا, كلما كانوا أنسب للإمتحان, وباتوا أكثر اقترابا من الله. فعلى سبيل المثال, لو شاء الله لخلق أنفاسنا معطرة كروائح الورود, حينئذ لن نحتاج للاستحمام, بل سنظل نظيفين طوال الوقت"[9] بإمكاننا أن نعلنها للناس: إلى من يمتلكون كلاباً ودواجن في بيوتكم، لا تقلقوا بعد الآن بشأن نظافة حيواناتكم الأليفة، وليس عليكم أن تجتهدوا كثيراً في تنظيف الخضروات والفواكه قبل أكلها، فالإنسان هو الكائن الوحيد المتسخ، لأنه وقع عليه الاختيار الإلهي للامتحان الكبير، أما بقية الكائنات فهي نظيفة نكاية بالبشر!

ثم يُضيف: "كنت أسير ذات يوم ومررت بجوار محل عطور, فقلت لنفسي يالكثرة أنواع المعطرات والروائح الجميلة.. لقد خلقها الله في زجاجات صغيرة معلبة.. ولو شاء لخلق عطور مماثلة في أجسادنا, ولكنه لم يفعل.. لقد فعل العكس تماما"[10] هل انتبهتم إلى الخيال العلمي عند أوكطار في قوله "لقد خلقها الله في زجاجات صغيرة"؟ هل كان الله عطاراً ليفعل ذلك؟ حتى العطور عند أوكطار "مخلوقة"؟ ألم يسمع بصناعة العطور من قبل؟ ألا يعلم أن صناعة العطور هي صناعة "كيميائية" في الأصل، تعتمد على المُذيبات والمُثبتات، وحتى استخراج الرحيق العطري والزيوت العطرية من الزهور تتم بطريقة كيميائية. ومن أغرب الاستنتاجات التي يُتحفنا بها الأستاذ أوكطار قوله: "كان بإمكان الله أن يخلق رائحة جميلة لإبط الذراعين مثلا, فهو يقوم بخلق روائح عطرية بديعة .. في التيوليب أو البنفسج أو القرنفل..لكن الله عمدا لم يفعل بذلك حتى يشتاق الناس للجنة"[11] أرأيتم؟ سرّ عفونة الإنسان مقصودة وبحكمة إلهية بديعة للغاية ألا وهي الاشتياق إلى الجنة! إذن فأشواق الظرابين والذباب والجعران إلى الجنة أكبر من شوقنا نحن البشر، يا للأسف!

كانت هذه مُجرّد سياحة قصيرة في عوالم عدنان أوكطار أو هارون يحيى، لنتعرّف فقط على منهجه "العلمي" في تفسير الظواهر الطبيعية، وليس في وسعنا أن نحكم عليه من خلال هذه السياحة، ولكن فقط تذكروا نتائج هذه السياحة جيداً، واستصطحبوها معكم في جولاتنا القادمة، والتي سوف نستعرض فيها منهجه في نقد نظرية التطوّر، لتتضح لنا الصورة عن منهج هذا الرجل في نقده لنظرية "علمية" ثابتة وراسخة كنظرية التطوّر.


[1] http://www.harunyahya.com/arabic/theauthor.php
[2] http://us2.harunyahya.com/Detail/T/GPZPJDBN186/productId/22600
[3] المصدر السابق – الفقرة السادسة، السطر الأول والثاني.
[4] المصدر السابق – الفقرة السادسة، السطر الأول إلى السطر الخامس.
[5] المصدر: http://ar.wikipedia.org/wiki/توحيد_الأسماء_والصفات
[6] المصدر السابق – الفقرة السابعة، السطر الأول إلى السطر الثالث
[7] المصدر السابق – الفقرة السادسة، السطر السادسة والسابع
[8] المصدر السابق – الفقرة العاشرة، كامل الفقرة.
[9] المصدر السابق – الفقرة الحادية عشر، السطر الأول إلى السطر الثالث
[10] المصدر السابق – الفقرة الثانية عشر، كامل الفقرة
[11] المصدر السابق – الفقرة الثالثة عشر، السطر الأول والثاني



#جلال_حبش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال عن الجنس
- الإسلام والمرأة - 1
- مقولات في نقد النبوة 2
- مقولات في نقد النبوة 1
- الإلحاد هو الفطرة
- عندما يدخل الله غرف نومنا
- هل للدين فائدة تذكر؟
- الإعجاز العلمي في الشعر الجاهلي
- البعرة لا تدل على البعير


المزيد.....




- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلال حبش - في الرد على هارون يحيى