عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 02:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
وُجدت قواميس اللغة ؛ لتعتني بمفرداتها ، وتُنميها ، وترتقي بها ، وتُخلّدها ، مثلما يفعل قاموس اكسفورد .. ولكن للمصري قاموس لغوي خاص جداً كخصوصيته ، يضم بين متنيه كل ما يبكيك على لغتك التي تسلّمتها من الله ، وأنت ترى نهايات تاريخ الكلمات والعبارات وقد انزلقت من على ألسنتنا وتلامست طين الأرض ، وتدنّست به !
في هذا القاموس كلمات لوثنا سمعتها ، مثل كلمة : "امرأة" ، التي قال عنها آدم : "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي ، هذه تُدعى امرأة لانها من امرء أخذت" ، فاطلقت أولاً على حواء ، ثم على كل امرأة متزوجة ، أما المصري فقد جعلها اشارة إلى الإنسانة الخاطئة ، فأصبحت سبّة موجعة !
وهناك كلمات فقدت معانيها فأصبحت بلا معنى ، مثل كلمة : "العشرة" ، التي كنا نتمسك بها ونقول : "بيننا عشرة سنين" ففي غضبنا ، نخسر صديق طفولة من أجل كلام لا معنى له ، ونخسر أخ رائع بسبب فتنة انتشرت بيننا ، وندمّر أجمل أيام حياتنا مع من نحب بسبب أتفه الأشياء !
كما أن هناك كلمات لها مرادفات غير حقيقتها ، مثل جملة : " كل سنة وأنت طيب".. يقولها البعض بداع وغير داع ، يقولها المتسول وهو يحاول ايقافك في الشارع ، ويقولها الكنّاس الذي يقترب من سيارتك اثناء توقفها في اشارة مرور ، ويقولها عامل في مصلحة حكومية عندما يقدم لك ما هو واجب عليه عمله ، كلغة ابتزاز !
وكلمات تبدلت معانيها نهائياً ، ككلمة : "الشرطة" ، فلم تعد تعني الحماية والاطمئنان ، بل اصبحت تعني : "التلفيق ، والتعذيب ، والموت" !
وكلمة : "العطاء" ، التي تبدلت من هدف إلى وسيلة !
و"الحب" ، من روح إلى لعبة !
و"الصوم" ، من عبادة ونشاط إلى عادة وكسل !
و"الشهادة الجامعية " ، من مستقبل إلى لوحة على جدار !
أما كلمة : " شيخ" ، فقد فقدت هيبتها ، عندما اتسع مداها .. فلم تعد قاصرة على الكبير في السن ، أو رجل الدين ، بل وكل من يطلق لحيته على هواها !
،...،...،...
اعذروني لاني لم اتمكن من سرد معاني كل الكلمات الواردة بالقاموس ؛ فهو ضخم بضخامة كل هذه التلويثات ، وكل هذه التبديلات ، وكل هذه الانحدارات !...
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟