|
مقارنة بين البوذية والإسلام
كامل النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3044 - 2010 / 6 / 25 - 09:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأديان قديمة قدم الإنسان على هذه الأرض. والشيء الذي يجمع بين كل الأديان هو نشوء طبقة من المنتفعين الأنتهازيين الذين يستغلون جهل الناس بحقيقة الأديان، فيجعلون من أنفسهم سدنة تلك التعاليم ليستفيدوا مادياً وسلطوياً منها. هذه الطبقة من الرجال، سواءً أكانت كهنة، أو قساوسة أو شيوخ، أضافوا إلى الديانات أضعاف ما قال به مؤسسوها، وجعلوا من كل دين فُرقاً عديدة، يسود بينها الشقاق وعدم الثقة. كل الرجال الذين أتوا بالتعاليم الدينية، سواءً زعموا أن إله السماء قد أرسلهم (موسى، يسوع، محمد) أو أقروا أنهم رجال عاديون وليسوا أنبياء (كونفوشيوس، بوذا، زرادشت) أتوا بتعاليم يمكن حصرها في عدة نقاط مهمة تكرر ما عرفه الإنسان من تجاربه على مر آلاف السنين، وهي: لا تقتل، لا تسرق، لا تزني، لا تكذب، عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك). وبعد موت هؤلاء الرجال تسلم الانتهازيون أصحاب الكروش واللحى، زمام الأمور، وأضافوا من التعاليم ما يفيدهم شخصياً وكذلك ما يساعد الطبقة الحاكمة على السيطرة على الشعوب مقابل أن يغض الحاكم طرفه عما تفعله هذه الطبقة من الانتهازيين. ولكي يضمن هؤلاء الكهنة تشبث العامة بالدين، خلقوا قصصاً خيالية عن الأنبياء جعلت بعضهم يفوق في قدراته إله السماء نفسه، بل جعلت من بعضهم آلهة يعبدها أتباع الدين. من هؤلاء الرجال الذين آلههم الكهنة بعد موتهم كان الأمير "سيدهاتا جوتاما" Siddhartha Gautama الذي ولد أميراً وتربى في قصورٍ فخمة حتى بلغ السادسة عشرة، ودرس كل كتب "الفيدا" التي هي الكتب المقدسة في الديانة الهندوسية. وتزوج ابنة عمه وأنجبت له زوجته طفلاً. لكنه في مرة من المرأت خرج من القصر ورأى الفقر والمرض والموت في شوارع المدينة، فقرر أن يترك حياة القصور ويهيم على وجهه في الغابات والفيافي حتى يجد العلاج لمعاناة الناس. وعندما بلغ مرحلة الاستنارة، سموه بوذا، أي المستنير بوذا لم يقل إنه نبي أو إله، وإنما رجل عادي يبحث عن الحقيقة، ولكن بعد موته بدأ الكهنوت تأليه بوذا ونسجوا حوله القصص، فقالوا عندما كانت أمه حبلى به، كان الجنين يبدو واضحاً في رحمها وهو جالسٌ القرفصاء. وعندما ولدته أمه تحت الشجرة، مدت الشجرة أغصانها إليها حتى اقتربت من يديها لكي تمسك بالغصن وتنهض. ووقف المولود فجأة وتقدم إلى الأمام سبعة خطوات ثم صاح في صوت عذب: أنا سيد هذا العالم وهذه الحياة هي آخر حياة لي. ولما كانت البوذية تقول بتناسخ الأرواح، قالوا إن بوذا عاش خمسمائة وثلاثين نوعاً من الحياة. فعاش إلهاً اثنتين وأربعين مرة، وملكاً خمساً وثمانين مرة، وأميراً أربعاً وعشرين مرة، وعالماً اثنتين وعشرين مرة، كما عاش لصاً مرتين، (مع أن بوذا كان يعلّم أتباعه ألا يسرقوا). (قصة الديانات، سليمان مظهر، ص 131). بعد سنوات في الغابات، يصوم ويعذب جسده حسب تعاليم ديانة "براهما" اكتشف بوذا أن الحكمة التي كان يبحث عنها موجودة في داخله، وعليه أن ينقب في نفسه عن ضالته. ووصل إلى أول قوانين الحكمة: من الخير يجب أن يأتي الخير، ومن الشر يجب أن يأتي الشر. أصبحت الليلة التي اكتشف فيها بوذا هذه الحكمة تسمى "الليلة المباركة" والشجرة التي كان يجلس تحتها، سموها شجرة "بو" أي شجرة الحكمة. والبوذية لا تعتقد في أي إله، ولا تهتم البوذية بالعلاقة بين الإنسان والرب، ولذا قال بوذا لأتباعه عندما أخبرهم بقانون الحياة "إذا كنتم مقتنعين معي بأن هذا القانون صحيح، فإن كل القرابين التي نقدمها لآلهتنا العديدة وكل صلواتنا لها، حمق وهراء." وقال لهم "إن الماء يتدفق من فوق التل إلى الأسفل، والنار ساخنة دائماً، ومهما قدمنا من صلوات لجميع الآلهة فهي لن تستطيع أن تجعل الماء يصعد التل، ولن تملك أن تجعل النار باردةً. ذلك لأن في الحياة قوانين تجعل هذه الأشياء كائنة على ما هي عليه. فما يتم حدوثه لا يمكن إلغاء حدوثه ولو قدمنا القرابين لكل أنواع الآلهة" (قصة الديانات، ص 124). قال بوذا هذه المقولة قبل 2500 سنة، وجاء فلاسفة التنوير في أوربا في القرن الثامن عشر وتبنوا نفس هذه الفكرة، وهي أن الإله هو قوانين الكون التي لا تتبدل. تعتمد البوذية في تعاليمها على أن الإنسان مسؤول عن تصرفاته ويجب أن يتصرف بما يُرضي ضميره، بينما يقول الإسلام إن أفعال الإنسان تُقدر له يوم ينفخ الله فيه الروح في بطن أمه (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (الحديد 22) وكذلك (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). ولذا نجد أن المسلمين اتكاليون إلى أبعد الحدود، يعتمدون على الله في كل شيء. من الأدعية المفضلة في الإسلام "اللهم أعنا أن نرى الخير خيراً فنتبعه، ونرى الشر شراً فنتجنبه". فالمسلم لا يستطيع أن يفرق بين الخير والشر إلا إذا أعانه الله. البوذية تقول إن لا شيء ثابت، التغيير ممكن في كل الأشياء، بينما الإسلام يقول إن كل تعاليم الإسلام ثابنه، وكل أقوال وأفعال محمد وأصحابه هي من ثوابت الأمة. لذلك تراهم في كل مؤتمراتهم يخرجون علينا بقرارات تقول باحترام حقوق الإنسان مع مراعاة الثوابت، التي هي دونية المرأة ودونية غير المسلم. تحدث بوذا عن أربعة حقائق فقط: حقيقة المعاناة ويسمونها Dukkha حقيقة أصل المعاناة ومنبتها Samudāya حقيقة نهاية المعاناة Nirodha حقيقة الطريق لنهاية المعاناة Magga تأتي المعاناة في أشكال عدة، منها الشيخوخة، المرض، والموت. وتذهب المعاناة أبعد من ذلك لأن الحياة ليست مثالية، ولا ترقى دائماً إلى تطلعاتنا. فالإنسان معرض إلى الرغبات التي يصعب تحقيقها، ولكن حتى لو حققناها فهي لا تدوم، فاللذة لا تدوم، وإن دامت تصبح مملة. وأسباب المعاناة ثلاثة: 1- الرغبة والجشع، 2- الجهل والوهم، 3- الحقد والنوايا السيئة وأما في الإسلام فإن أسباب المعاناة هي إرادة الله (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) (البقرة 155). فكل المعاناة هي اختبار من الله الذي لا يمل الاختبارات. حتى الأطفال الصغار عندما يصيبهم السرطان أو التشوهات الخلقية، فإن ذلك اختبار من الله لوالديهم. عندما يتحرر البوذي من الرغبات والأطماع يصل إلى النيرفانا التي تعني "الإطفاء" أي يطفيء الإنسان عوامل الشر في نفسه وهي الطمع والوهم والحقد. وعندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة يغمره شعور بالسعادة الروحية، بلا خوف أو أي إحساس سالب، وبذا يملأه العطف على كل الأشياء الحية، بما فيها الحيوانات أما في الإسلام فمنتهى السعادة هي أن يحب المسلم في الله ويكره في الله، وأن يصبح الرسول أحب إليه من آبائه وزوجه وأطفاله (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) (التوبة 24). البوذية لا تهتم كثيراً بما يحدث بعد الموت لأنهم يؤمنون بالتناسخ. فالميت سوف تحل روحه في شخص جديد. أما في الإسلام فالميت يبدأ رحلة العذاب في القبر والأسئلة الكثيرة من منكر ونكير، والضرب وعض الثعبان الأقرع. ولذا يخوف أئمة الصلاة المسلمين بعذاب القبر ليضمنوا منعهم عن التفكير للبوذية ثمانية أركان هي: الإيمان بالحق: وهو الإيمان بأن الحقيقة هي الهادي للإنسان، (فالهداية لا تأتي من آلهة في السماء) القرار الحق: بأن يكون المرء هادئاً دائماً لا يفعل إذًى بأي مخلوق، إنسان أو حيوان أو طائر الكلام الحق: بالبعد عن الكذب والنميمة وعدم استخدام اللفظ المشين السلوك الحق: بعدم السرقة أوالقتل أوفعل شيء يأسف له المرء فيما بعد العمل الحق: بالبعد عن العمل السيء مثل التزييف وتناول السلع المسروقة وعدم أخذ المرء ما ليس له الجهد الحق: بالسعي دائماً إلى كل ما هو خير والابتعاد عما هو شر التأمل الحق: بالهدوء دائماً وعدم الاستسلام للفرح أو الحزن Meditation التركيز الحق، وهذا لا يكون إلا باتباع القواعد السابقة وبلوغ المرء مرحلة السلام الكامل "نيرفانا" هذه الأركان الثمانية يطبقها المرء في كل لحظات حياته، بينما في الإسلام هناك أربعة أركان أساسية، وهي: شهادة لا إله إلا الله، والصلاة، وإيتاء الزكاء والصوم، والركن الخامس هو الحج لمن استطاع إليه سبيلا. الشهادة تقال مرة واحدة فتكفي، والصلاة خمسة مرات في اليوم، والمفروض فيها أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولكنها حتماً لا تنهي حتى الشيوخ عن المنكر، ناهيك عن العامة. والصوم مرة في السنة، والزكاة مرة في السنة. فالصلاة خمس مرات باليوم هي الوازع للمسلم في حياته اليومية، وكلنا يعرف كيف ينقد المسلم صلاته كما ينقد الديك الحب، ثم يهرول الرجلُ إلى متجره أو موعده، ولا يتأنى في الصلاة إلا إذا كان موظفاً حكومياً يصلي في وقت العمل. أختصر الفقهاء الإسلام في الطقوس من وضوء وصلاة وحج وإطالة اللحي وتقصير الثياب وإظهار الزبيبة على الجبهة، بينما كان بوذا يهتم فقط بسلوك الفرد، أما الطقوس وشعائر العبادة وما وراء الطبيعة واللاهوت، فكلها عنده لا تستحق النظر (قصة الديانات 138) تعتمد تعاليم بوذا كلياً على عدم العنف نحو أي مخلوق حي non-violence ولذلك لا تتبني البوذية مشروع القصاص كالإسلام (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) (البقرة 179). تشجع البوذية أتباعها أن يمتنعوا عن إيذاء أو جرح أو قتل المخلوقات الأخرى. وعقاب القاتل لا يكون بالقتل بل بالتأهيل rehabilitation وقد قال بوذا: "إذا أساء إليّ أحدٌ من الناس، سوف أرد إساءته بالحب من جانبي. وكل ما كثر الشر من جانبه، كلما كثر حسن النية من جانبي." والمقابل في الإسلام هو (العين بالعين والسنُ بالسنِ) كما في اليهودية. وإذا فقأ شخص عين شخصٍ آخر، يفقأ القاضي عين المعتدي. ثم هناك قطع اليد وقطع الأيدي والأرجل من خلاف، والرجم. وفي كل كتب الفقه تجد جزءاً كبيراً مقسماً لعدة فصول، عن الجروح. وبعكس ما قال به بوذا عن الذين يسيئون إليه، قال محمد "من لي بهذا الرجل فقد آذى الله ورسوله" فقتلوا ابن أبي الحقيق غدراً لأنه هجا محمداً، كما قتلوا كعب بن الأشرف. ولابن تيمية كتاب كامل (الصارم المسلول في شاتم الرسول) يبيح قتل من يشتم الرسول حتى إن تاب واعتذر، مسلماً كان أو غير مسلم، رجلاً كان أو امرأةً مثل الشاعرة عصماء بنت مروان التي قتلها عمير، وقال عنها رسول الله "لا ينتطح فيها عنزان" حتى الدفاع عن النفس لا يبيح للراهب البوذي أن يقتل. وقد قال بوذا: "حتى لو قطّعك اللصوص عضواً عضواً بمنشار ذي شفرتين، فإن فكرت بعقلك أن ترد العدوان، فأنت لم تتبع تعاليمي". ولكن بالنسبة للدولة فإن السلطات السياسية هي التي تبيح الحرب وقتل الأعداء أو أسرهم. وفي البوذية كالإسلام، ليس هناك سلطة دينية مركزية، كما يحدث في المسيحية، ولذلك تختلف المجموعات البوذية في تطبيق مبدأ الحرب والقتل دفاعاً عن النفس. ففي سيريلانكا عندما حملت الأقلية الهندوسية في شمال الجزيرة السلاح في وجه الغالبية البوذية في الجنوب، استعمل الجيش السنهالي الجنوبي كل أنواع الأسلحة مما أدى إلى قتل ما يزيد عن خمسين ألفاً من الجانبين. هناك مجالات كثيرة تختلف فيها التعاليم البوذية عن التعاليم الإسلامية، منها: خلق العالم: الديانة الهندوسية التي كانت سائدة بالهند قبل البوذية تقول إن الإله براهما خلق العالم. بوذا قال لتلاميذه "لا أصدق أن براهما خلق شيئاً, ولا أنه خلق هذا العالم، فالعالم سيبقى إلى الأبد ولن ينتهي. وكل ما ليست له نهاية ليست له بداية." الإسلام يقول إن الله خلق العالم من عدم في ستة أيام، وأن هذا العالم سوف ينتهي يوم يُنفخ في الصور فيطوي الله الأرض في إحدى يديه والسماء في الأخرى، وتصير الجبال كالعهن المنفوش. الناس سواسية: قال الكهنة لبوذا: إن كتب الفيدا تعلمنا أن براهما خلق الناس طبقات وطوائف. فرد عليهم بوذا: "هذا ليس صحيحاً طبقاً للقانون الأول للحياة، فالناس لا ينقسمون إلا إلى فريق صالح وفريق شرير، فالصالحون صالحون، والشريرون شريرون ولا تأثير للأسرة التي يولدون فيها." فلا تفضيل بين الناس في البوذية إلا بأعمالهم الخيرة أو الشريرة الإسلام يهتم بالأنساب إلى أبعد الحدود، ويجعل الناس، حتى الأنبياء منهم، طبقات، يفضّل الله بعضهم على بعض دون أي أسباب منطقية. (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وتفضيلا) (الإسراء 21) (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) (النساء 34) (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض فمنهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) (البقرة 253) وقد فضل محمد قريشاً على بقية العرب وجعل الحكم فيهم رغم أنهم حاربوا الإسلام أكثر من أي قبيلة أخرى. وفضل بني هاشم على بقية قريش. وجاء بعده الفقهاء وفضلوا العرب على العجم وجعلوا من التفضيل سياسة الدولة الرسمية ((يقول الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - بشكل قطعي لا لبس فيه: ولم يثبت في اعتبار الكفاءة في النسب حديث، وأما ما أخرجه البزار من حديث معاذ رفعه: (العرب بعضهم أكفاء بعض، والموالي بعضهم أكفاء بعض) فإسانده ضعيف. نعم وورد في الصحيح ما يدل على فضل العرب، وفضل قريش على العرب وفضل بني هاشم على قريش، ولكن لم يرد ذلك في أمر الكفاءة)) (محمد عبد اللطيف آل الشيخ، جريدة الجرائد، إيلاف 24/4/2007). وما زال التفاخر بالإنساب مستمراً إلى يومنا هذا. وفي السعودية تطلق المحاكم النساء من أزواجهن إذا رأت أن النسب غير متكافيء. ثم يأتي فقهاء الإسلام ويقولون إن محمد قال "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" و "الناس سواسية كأسنان المشط". الإجهاض: البوذية تفرض على البوذي أن يتحمل المسؤولية الكاملة عن أي قرار يتخذه، ولذلك ليس هناك سياسة محددة بالنسبة للإجهاض. إنه قرار فردي. ولكن لأن البوذية تمنع القتل وتعتبر أن الجنين "حيٌ" من لحظة تخصيب البويضة، فإن البوذيين المحافظين يعتبرون الإجهاض قتلاً، بينما يبيحه آخرون، خاصة إذا كان الجنين سوف يولد متخلفاً عقلياً أو مشوهاً جسدياً، فيتعذب في حياته. وقد قال الدالاي لاما: "إذا الجنين سوف يولد متخلفاً عقلياً، أو إذا كانت الولادة سوف تسبب ضرراً للأم، فإن هذه الحالات يمكن أن يُباخ فيها الإجهاض. وأنا شخصياً أعتقد أن الإجهاض يجب أن يُباح أو يُمنع في كل حالة على حدة" (نيو يورك تايمز، 28/11/1993). بالنسبة لاستعمال موانع الحمل، فإن البوذية تمنع كل ما يؤذي أو يقتل الجنين، ولذلك هم يعترضون على "اللولب" coil الذي يضعه الطبيب داخل الرحم ليمنع التصاق البويضة المخصبة بجدار الرحم، ويعتبرون هذا قتلاً عمداً. ولكنهم في الغالبية يبيحون استعمال حبوب منع الحمل لأنها تمنع التخصيب. والأهم هنا أن القرار قرار فردي يتحمل الشخص تبعاته بنفسه. البوذية لا تعتبر إنجاب الأطفال واجباً دينياً. في الإسلام يُمنع منعاً باتاً استعمال أي وسيلة من وسائل منع الحمل لأن محمد يريد أن يكاثر الأمم يوم القيامة بعدد المسلمين. وفي أيام حياة محمد فقد أباح لأصحابه " العزل" أي أن يقذف الرجل خارج الفرج، ولكنه عاد وحرّم ذلك. وكل وسائل منع الحمل من حبوب ولولب وواقي ذكري، وربط أنابيب المرأة أو ربط الأنابيب المنوية في الخصية ممنوعة. أما الإجهاض فلا سبيل له، حتى وإن كان الجنين مشوهاً جسدياً ومتخلفاًعقلياً. فالإسلام يعتبر الإنجاب واجباً دينياً حتى إن كان الأب فقيراً لا يملك شروى نقير، فإن الله سوف يرزق المولود (لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نزرقهم وإياكم) (الإسراء 31).. التبرع بالأعضاء: ليس هناك أي قانون يجيز أو يمنع التبرع بالأعضاء، وبما أن البوذيين يؤمنون بتخفيف المعاناة عن المصاب، فأغلبهم يعتبر التبرع بالأعضاء نوعاً من الأفعال الخيرية. ورغم أن البوذية تدعو لاحترام جسد الميت، فإن أخذ عضو من الجسد بعد الموت لا يُعتبر نقصاً للجسد. ولكن التعاليم البوذية تحتم عدم إزعاج الجسد حتى تخرج منه الروح تماماً، وهذا يسبب بعض المشاكل للأطباء لأن الجسد إذا مات تماماً وتوقف القلب عن النبض فإن الأعضاء تتلف بسرعة كبيرة ولا تصلح بعد ذلك للنقل لإنسان آخر. فنقل الأعضاء يجب أن يتم والقلب ما زال ينبض. ولكن بعض الأعضاء مثل القرنية بالعين يمكن حصدها بعد أن يتوقف القلب لأنها لا تعتمد على الدم في غذائها. في الإسلام يعتبر الفقهاء أن جسم الإنسان ليس ملكاً له وإنما ملك الله الذي سلفه إياه، ولا يجوز أبداّ للمسلم التبرع بما لا يملك. ولكن أخيراً بعد طول جدال أجاز الأزهر في أبريل 2007 نقل الأعضاء من الميت إلى الحي. المرأة: لما ذاع صيت بوذا وانتشرت تعاليمه دعاه أبوه أن يزور مملكته، وعندما دخل القصر قالت له الملكة باجاباتي: إن البراهمة وهي عقيدة بلادنا لا تسمح للنساء بالاشتراك في الأعمال الدينية، ولكنك تقول إن تعاليمك هي لجميع الطبقات ولجميع الطوائف، فهل هي للنساء كما للرجال؟ قال بوذا: إنها كما تقولين. قالت الملكة: إذن يجب أن تكون هناك أخوات راهبات كما يوجد رهبان. ووافقها بوذا. ومنذ ذلك اليوم نظم بوذا قواعد للراهبات، وأقامت الملكة باجاباتي أول منظمة للأخوات الراهبات البوذيات، وكانت الأميرة يوسودهارا زوجة بوذا أول امرأة تلتحق بالرهبنة (قصة الديانات، ص 133). البوذية تساوي بين المرأة والرجل في كل شيء روحي spiritual، والراهبة البوذية تقوم بكل الواجبات التي يقوم بها الراهب، ولكن من الناحية الاجتماعية فوضع المرأة يختلف حسب البلد الذي تعيش فيه. ففي الهند وسيريلانكا وتايلاند، مثلاً، تُعتبر المرأة نجسة ويجب الابتعاد عنها. ويرجع هذا الفهم إلى كتابهم الموسوم Tripitake وهو عبارة عن تعاليم وتشريعات البوذية كما سجلها الرهبان الذكور حوالي العام 90 قبل الميلاد. قبل ذلك كانت كل التعاليم شفهية تتناقلها الأجيال جيلاً عن جيل. ولأن بوذا طلب من أتباعه في البداية الابتعاد عن الملذات، منع الرهبان أنفسهم من معاشرة النساء ولذلك جعلوا المرأة نجسة حتى يساعدهم ذلك على الابتعاد عنها. البوذية لا تحدد عمراً لزواج المرأة، وأعداد غفيرة من النساء يتزوجن وهن أطفال دون العاشرة، بل تسمح تعاليمهم بانخراط المرأة المتزوجة في سلك الرهبنة إذا لم يكن عمرها يقل عن اثنتي عشرة سنة. وفي المجتمعات المتخلفة يضرب الرجل المرأة ويذلها دون أي عقاب ولكن ليس في التعاليم البوذية ما يسمح له بضربها. أما موقف الإسلام من المرأة فلا يحتاج أن أكتب عنه، فهي ناقصة عقل ودين ولا يجوز لها أن تئم الرجال في الصلاة. ولما أمت الدكتورة الأمريكية من أصل باكستاني، آمنة ودود الصلاة في نيويورك، تلقت عدة تهديدات بالقتل. ومن حق الرجل أن يضربها دون إبداء أي أسباب، ولا أحد يسأله عن الأسباب. الحيوانات: البوذية تطلب من أتباعها معاملة الحيوانات بنفس الرفق الذي يعاملون به الإنسان لأن روح الإنسان بعد موته قد تحل في جسم حيوان. وعليه لا يجوز قتل أو جرح أي حيوان لأن به روح تخشى الموت والألم كما يخشاهما الإنسان. ويسمح بعض البوذيين بإجراء التجارب العلمية على الحيوانات بشروط عديدة، منها: أن تكون التجارب تجرى لسبب وجيه، استعمل الحيوان فقط إذا لم يكن هناك بديل لإجراء نفس التجربة، صمم التجربة لتفادي أذى أو ضرر الحيوان بقدر الإمكان، تفادى قتل الحيوان إذا أمكن. القرآن لا يظهر أي نوع من الاحترام أو الرفق بالحيوان، بل بالعكس يستهزأ بالحيوان فيقول مثلاً (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) و (كالحمار يحمل أسفاراً). (إنّ شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) (الأنفال 22). والأحاديث بها تناقض عجيب، فنجد مثلاً "دخلت امرأة النار في قطة، لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض". ثم نجد حديثاً آخراً يقول "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب". وكذلك الكلب الأسود يقطع الصلاة كما تقطعها المرأة. وهناك حديث نبوي يقول "اقتلوا الحيات صغيرها وكبيرها وأسودها وأبيضها وإن من قتلها كانت له فداءً من النار ومن قتلته كان شهيدا" (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، سورة البقرة، 36). وحديث آخر في صحيح مسلم يقول "من قتل الوزغ في أول ضربة كانت له مئة حسنة، وفي الثانية دون ذلك". وكل عام يذبح الحجاج حوالي نصف مليون خروف دون أن يكونوا في حاجة لأكل لحومها، وإنما لأداء الشعائر فقط. أما إجراء التجارب على الحيوانات فلا حرج من ذلك ولا شروط، وشيوخ الإسلام أصلاً لا يتطرقون إلى الحديث في مثل هذه الأمور. وعلى مر السنين انقسمت البوذية إلى قسمين رئيسيين يختلفان في عشرة نقاط لا تسوى الاختلاف، منها: 1- هل مسموح لاتباع العقيدة أن يحفظوا الملح في إناء 2- هل مسموح للبوذي أن يتناول وجبته اليومية عندما يكون عرض ظل الشمس حوالي أصبعين؟ 3- هل يجوز للمؤمن أن يتناول أكثر من وجبة واحدة من الطعام في اليوم؟ 4- هل يكون آثماً من يتناول اللبن الآخذ في التخمر دون أن يُخض؟ وهذا هو حال المرتزقة في جميع الأديان، يشغلون الناس بتوافه الأمور وينسون أهم تعاليم الأديان أرجو أن يكون هذا المقال قد أجاب ما طلبته مني الدكتورة العظيمة وفاء سلطان، وقد أيدت ذلك الطلب السيدة إقبال حسين، فأرجو أن يكون فيه إجابة لها كذلك
#كامل_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف خلقنا الآلهة والأديان 2-2
-
كيف خلقنا الآلهة والأديان 1-2
-
البطريرك إبراهيم وميثولوجيا الشرق 2-2
-
البطريرك إبراهيم وأساطير الشرق 1-2
-
طول اليوم الإلهي
-
القرآن وبنو إسرائيل 4-4
-
القرآن وبنو إسرائيل 3-4
-
القرآن وبنو إسرائيل 2-4
-
يهود الأندلس
-
في استراحة القراء 1
-
القرآن وبنو إسرائيل 1-4
-
في معية القراء
-
القرآن ونساء النبي
-
في رحاب القراء 4
-
تأملات في القرآن المكي 4-4
-
في رحاب القراء 3
-
تأملات في القرآن المكي 3-4
-
في رحاب القراء 2
-
تأملات في القرآن المكي 2-4
-
في رحاب القراء 1
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|