أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 01:07
المحور:
الادب والفن
تأسرني كروم العنب .. تتلوى الفروع حبلى الثمرات .. والأوراق تحتار حركتها .. بخفة .. تفرش الأرض كبساط أخضر .. كان أبي يصحبني كرجل صغير ببذلته العسكرية .. كان يحاكيني طيلة الطريق أغنياته .. لنتشارك أغنية واحدة .. كنت أحب أبي ببذلته العسكرية .. ورائحته تشدني كنت أعرفها بين النسائم سرا يأسرني .. كنت أتمنى لو كنت إبنا .. كان يعتقلني أياما معه .. أرقب حماسة الجندية .. وكانت كروم العنب أجمل شريك في الرحلة .. كان ذلك يخلق لدي حميمية الشعور بما حولي .. وذكرتني كرمة العنب بشجرة رمان كنت معها في حقل ألغام طفولتنا .. ورغم قسوة التدريب وجفاف الرمال .. كنت أتعايش عطرها .. كانت شمس الأصيل حكاية حبي ووالدي .. أتذكر ياوالدي ؟ّ كنت أتعمد مشاركته هواه .. وكان يشاركني تطلعي .. أتاني يوما بعجلة ركوب .. كنت سعيدة بها .. أتخايل أسرع من الريح .. كان طريق الذهاب والعودة .. رحلة أخرى .. رحلة أعماق تحتفي سرها .. كنت أشعر بأنثاي تكبر داخلي .. مرت أيام .. تغير الوضع .. أصبحت أخجل من والدي .. ولم يبقى لي سوى كي بذلته العسكرية .. ومسح الحذاء .. وفنجان الصباح .. لم يعد ممكنا الذهاب معه إلى المعسكر .. والدي .. لقد اشتقت لكروم العنب .. أحاكي نفسي .. .. والدي .. لقد أخذت الأجازة .. أشياء كثيرة تغيرت .. فجأة شعرت بحرج الحياة .. ولم يعد ممكنا لي ما كان ممكنا .. اشتقت لكروم العنب .. اشتاقت طفولة تسكنني .. والمرح في ربوع قلب أسكنه مثل وطن حميم .. والدي أريد الذهاب معك اليوم .. ركبت السيارة .. أشتاق لطريق البحر .. وشمس الأصيل وعزيزة جلال .. وقف أبي .. أمام محل .. تعالي أريد أن أريك شيئا جميلا .. فاجأتني العبارة .. والحال ينطق بفرحة ما على وجهه .. أنظري ما رأيك بهذه الغرفة .. أنا؟! أنا لم اهتم من قبل بأي أثاث .. ما بالك أبي تسألني .. إنها سوف تكون هديتي لك عندما توافقين .. فاجأتني العبارة أكثر .. ولكني لا أريد .. تمهلي هذه سوف تكون غرفتك يا ابنتي .. أبي .. ولكني لا أريد .. عرفت وقتها أنني قد تحركت في مكاني دون أن أشعر .. سحبت قدمي وعدت أدراجي إلى السيارة .. وأنا أشعر وكأنني على وشك أن أفقد .. وطني ..
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟