محمد حمزة العذاري
الحوار المتمدن-العدد: 3017 - 2010 / 5 / 28 - 11:31
المحور:
الادب والفن
في ذكرى استشهاد الإمام الحسن السبط (ع) الذي يصادف في اليوم السابع من شهر صفر من كل عام ، تقيم عائلة المرحوم الحاج يحيى إبراهيم العذاري التي تسكن ناحية الإمام التابعة لقضاء المحاويل ، مأدبة غداء يدعى اليها أهالي الناحية مع جمع من الأهل والأقرباء 0 وتتضمن المأدبة إقامة مجلس للعزاء بالمناسبة يرتقي فيه المنبر أحد القراء أو الروزخونية المتواجدين في تلك المنطقة ، ومن الذين جلسنا تحت منبرهم في دار الحاج يحيى فضيلة الشيخ الدكتور فاضل المالكي حين كان وكيلا للمرجعية الدينية هناك وذلك أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي 0
وفي يوم المأدبة للعام (1422) للهجرة التي صادفت اليوم الثامن والعشرين من شهر حزيران عام (2001) للميلاد ، وكالعادة ، حضرت تلك المأدبة ، وكنت آنذاك على وشك الانتهاء من طبع الجزء الثاني من كتابي ( تراجم شعراء آل العذاري ) ، وبعد الانتهاء من مراسيم المأدبة ، طلبنا من المرحوم (حسين ) نجل الحاج يحيى أن يلقي على مسامعنا قصيدة (لطم) بالمناسبة مما يختزن في ذاكرته الشابة وذلك لولعه بحفظ القصائد وما يمتلكه من صوت عذب رخيم ، فلبى لنا رغبتنا ، وبعدها أدار ، رحمه الله ، وجهه نحوي وسألني عن كتابي وفي أية مرحلة وصل ، فأجبته عن تساؤله ، فعلق قائلا (قد تحتاج إلى تأليف جزء ثالث) ولم يفصح لي عما كان يريد بذلك القول إذ أن كتابي المذكور ضم بين دفتيه تراجم شعراء الأسرة باستثناء الشاعر ( أمير عبد الله حساني) الذي رفض أن يترجم له في الكتاب ، كما أنني لم أكن أعرف أن المرحوم يكتب الشعر القريض وهو ذا مقدرة تامة على كتابة القصيدة الرصينة من حيث الوزن والقافية والمعاني 0
بعد حوالي ثلاثة أشهر وبالتحديد في الحادي عشر من شهر أيلول عام 2001 م صعقنا بنبأ مقتل الشاب ( حسين) برصاصات أطلقت من بندقية أحد زملائه في معسكر للجيش العراقي في منطقة (بيجــي) حيث كان يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية وقد اعتبرت الجريمة عن طريق الخطأ إلا أن كل الدلائل تشير انه قتل عمدا لما كان يحمل من روح ثورية ملتزمة بخط الإمام الحسين والمراجع العظام وقصائده خير دليل على ذلك كما سيأتي 0فهو يقول في قصيدته التي يمدح بها الإمام أمير المؤمنين (ع) :
أنصارك نحن فساعدنا فعناء الفكر يطوقنا
ويقول في قصيدته التي كتبها في حق الإمام الحسين (ع) :
خذها من الشيشان عبرة صابر كيف انحنت روس وذلت هام
والى ربى لبنان حيث تعاقـــــدت مهج على مجد فهن قيــــــام
كسفت لاسرائيل شمس غرورها ومضى ليشرق في الدجى الإسلام
جند ترى الشخصين في آحادهم حبر أجل وفارس مقـــــــدام
ويقول في قصيدته التي يناجي فيها الغمام الكاظم (ع):
كتبت لكم من المنظوم راجٍ من الله المسدد للثـــــــواب
بأن يجلو بكم آلام عمري ويدفع كربتي ويفكّ بابـــــي
ومقعد صادق ورع شهيد جميل الفرش مبثوث الزرابي
وقد رزقه الله الشهادة بعد اسبوع من كتابته لهذه القصيدة وندعوالله العلي القدير أن يحشره في مقعد صدق جميل الفرش مبثوث الزرابي مع الامام الكاظم (ع) 0
بعد مرور ذكرى أربعينية المرحوم ( حسين) ، قدم إلى الحلة شقيقه الشاعر الأستاذ حسن يحيى العذاري وهو يحمل بين يديه قصيدة للمرحوم كتبها في حق الإمام موسى ابن جعفر الكاظم (ع) مؤرخة بتأريخ يشير إلى أن المرحوم كتبها قبل اسبوع من مقتله وهي في حق الإمام موسى الكاظم (ع) حيث تضمنت مناجاة وشكوى توجه بها الى الإمام (ع ) شاكيا له ظرفه الخاص وكذلك أوضاع الأمة وحال أتباع آل البيت (ع) وقد كتبها في لحظة عبوره الخط السريع عند بوابة بغداد في منطقة التاجي في طريقه إلى معسكر الجيش في (بيجي) حيث تلوح أمام عينيه عن بعد قبتي الإمامين الكاظمين (ع) 0 لقد بهرتنا تلك القصيدة لما اشتملت عليه من معان وصور وفكرة موضوع ، وهي أقرب للعفوية من النظم وتظهر مدى شاعرية المرحوم فأدركت تلك اللحظة ما كان يقصده المرحوم من تلك العبارة ، وطلبت من الأخ حسن أن يزودني بما عثر عليه من تراث شعري للمرحوم الشاعر (حسين) وقد لبى طلبي ودفع لي ثلاثة قصائد وبيتين يمثلان قصيدة لم نعثر عليها ، ثم زودني ببيت آخر هو مطلع قصيدة في حق الإمام أمير المؤمنين (ع) لم نعثر على نصها الكامل 0
يقول المرحوم العذاري في قصيدته التي يناجي بابياتها الإمام الكاظم (ع) :
بياض الصبح أسفع كالغراب بعيني والأمانـــــــي كالســــراب
فدع لومي بلا جدوى فقلبـــي يمزّق بالملامـــــــة والعتــــــاب
وإن تسأل على ندمي فإنــــي أعض أصابعي وأصك نابــــــي
فظلمي صار للظـــــــلّام دين وصارت حطة الأكدار بابــــــي
الى أن يقول:
وفي سفري إلى الأحزان صبرا بــــــــلاء قـد تفاقــم باغتـــــراب
وما شيء يسلّيني ويغنــــــي عن السفر المطــــوّل والغيــــــاب
سوى مرأى ضريح ذي بهاء عليٌ الشأن معمــــور القبــــــــاب
توسّط أرض بغداد عظيمــــا كليث قد جثـــى في وســط غــاب
يطلّ على الحياة من ارتفاع كما رفعت على السهل الروابــــي
كأن الشمس تأخذ من سناه وتنشر نورها فوف الهضاب
تضمّن خير أهل الدين طرا وأعلمهم بآيات الكتاب
وي حكم عارفا للحق فصلا فكان بحكمه فصل الخطاب
أفاض بفضله الأيدي عطاء وفاق بجوده جود السحاب
فيا (موسى بن جعفر) يانزيلا لدى (الرحمن) في وسع الرحاب
أمن عزّ تساق الى سجون وملكك بين طنجة والعباب
سلبت كجدك الكرار حقا فديتك وارثا لأبي تراب
لقد أضناك حب الله حتى يخالك من رآك سوى ثياب
أتشرب من مرير الظلم كأسا وخصمك بالنساء وبالشراب
ومنها يقول:
)
فدا لكموا بني المختار أهلي وقرّة ناظري ومنى شبابي
رجوتكموا إلى الرحمن حبلا منيعا لا يقطع بالحراب
فأنتم حيلتي وسداد دربي وباب الله أنتم خير باب
تدفق جودكم كالماء يجري به تخضرّ قاحلة اليباب
كتبت لكم من المنظوم راجٍ من الله المسدد للثواب
بأن يجلو بكم آلام عمري ويدفع كربتي ويفكّ بابي
ومقعد صادق ورع شهيد جميل الفرش مبثوث الزرابي
هو المرحوم حسين بن المرحوم الحاج يحيى بن ابراهيم بن خضير بن الشيخ جواد بن الشيخ علي العذاري الكبير الدغيري الشمري وأمه ابنة العلامة الشيخ علي العذاري الصغير 0 ولد في ناحية الإمام عام 1978 م واستشهد في بيجي عام 2001 م 0 حصل على شهادة الإعدادية الفرع العلمي بمعدل أهله لدخول كلية الهندسة نزولا على رغبة أهله وبسبب ولعه ورغبته في إكمال دراسته في أحد فروع كلية العلوم ، لم يوفق بالدراسة في كلية الهندسة وفشل لسنتين متتاليتين فالتحق بالخدمة العسكرية وحصل ما حصل بعد ذلك 0 والجدير بالذكر هنا أن الأستاذ الدكتور سعد الحداد نشر له في كتابه (شعراء الحسين) في القسم الخاص بالشعراء المتوفين قصيدة في حق الإمام الحسين (ع) مع ترجمة مقتضبة له 0
#محمد_حمزة_العذاري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟