|
لكي لا يكون المولد بلا حمص
سامي الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 14:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لكي لا يكون المولد بلا حمص
الحديث عن الحزب الشيوعي حديث ذو شجون ، وتقييم أوضاع الحزب و ما آلة إليه الأمور هي من اختصاص أصحاب الشأن ، الذي يهمني بالموضوع هو الإنسان العراقي الشيوعي كما عرفته عن قرب منذ السبعينيات عندما كنا طلبة مدارس نزهو بعلاقات وصداقات جميلة و حميمة مختلطة – صبايا وصبيان- وذلك لوجود الهامش من الحرية التي كانت تتمتع بها الفتيات من عائلات شيوعية والفتيات اللواتي يتبنينه الفكر الماركسي، ما ان دخلنا الجامعة حتى تفاجئنا بحملة الاستبداد من الاجهازة الامنية تلقي بضلالها على الحياة الجامعية وأصبحت مطاردة الشباب الشيوعيين وإلقاء القبض عليهم علنية .
أتذكر جيدا ذلك المشهد الذي ألم جميع من شاهده و أحزننا جميعا دون ان نجرؤ على قول كلمة حق ،فكنا كالشيطان الاخرس . كنا مجموعة من الطلبة ننتظر باص الجامعة عند بوابة جامعة البصرة وفجأة توقفت سيارة تكسي أمامنا وترجل اثنان و اقتربا من أحدا الطالبات وسألها احدهم عن اسمها وأجابته دون تردد وقبل ان تتحرك الغيرة والحمية العراقية لدى الطلبة في مثل هذه المواقف قال احدهم : اتفظلي ويانا لقسم امن التنومه ، ...صمتنا جميعا ...ماعداها ...رفضت وبدئت تتحدث عن الحرية والسياسة بصوت عالي ولكن متشنج .. وعرفنا انها شيوعية ... جاء الباص... ركبنا وركب عناصر الامن ايضا وكان صمت رهيب لا احد يعرف ما سينتهي إليه الأمر، وعند وصل الباص الى الموقف القريب من العبارة ( الطبكه) ترجل الجميع وكرر عناصر الامن طلبهم وكررت هي أيضا رفضها وبكلام اشد خشونة أبهرتنا بشجاعتها و ازداد خوفنا عليها ... وسرنا بموكب صامت وحزين باتجاه الطبكه . في الطبكه أصدرت هذه العناصر أوامرها الى السائق بعدم تشغيل المحرك وقال احدهم بصوت مسموع وحاد : هاي البنت لازم تجي ويانه للقسم !!!! وأوقفوا سيارة التاكسي بطريقة تمنع الطبكه من الحركة ... النصف الامامي من السيارة داخل الطبكه والنصف الأخر على الأرض....ما هي الا دقائق حتي تقدم الاثنان وامسكا الفتات من ذراعيها وقاداها الى السيارة دون ان تبدي اي مقاومة.....استسلمت لمصيرها ...واستسلمت بقيت الطالبات للبكاء واستسلمنا نحن الطلاب لخيبتنا.... كان لي صديق شيوعي - احسان من كلية الزراعة - كل بضعت أشهر يغيب عن الانظار شهرا و بشكل دوري... ويأتي لي مباشرة ليحكي لي وبروح فكاهية عن تطور اساليب انتزاع المعلومات في الامن المركزي... ولا ينسى ان يحكي لي عن اخر نكته على صدام....
منذ ذلك التاريخ اصبح العمل بصمت صفة تلازم الشيوعيون العراقيون سوى داخل العراق او في بلاد الغربة مما اعطت صفت الكياسة ان تكون ميزة للكثير منهم ، وهم يعرفون اكثر من غيرهم حجم المعانات التي تعرضوا لها خارج وداخل الوطن وما جرت عليهم وعلى عوائلهم من ويلات .
سقط النظام وذهبت الدكتاتورية للجحيم ودخل الشيوعيون في العملية السياسية بحضور واضح وجلي استنادا على ذلك التاريخ في السياسة العراقية، واليوم وبعد النتائج المخيبة للآمال في الانتخابات أصبح المستقبل السياسي للشيوعيين غامضا ويتطلب وقفة جدية وصريحة ليس فقط لمناقشة الخط السياسي بل أيضا للمحافظة على الطاقات الخلاقة التي يتمتع بها الفرد الشيوعي وخاصة في العمل الاجتماعي، وليس من مصلحة مستقبل المجتمع العراقي أن يغيب تيارا من المتنورين والمتطلعين لحياة مدنية ترتقي بالفرد والمجتمع للرفاهية والاستقرار
وهنا اطرح المقترح التالي :
تأسيس أكاديمية للفنون في بغداد بأسم – اكاديمية الفن الراقي - ( يكون فيها لأبناء الشيوعيين امتيازات خاصة). وذلك للأسباب التالية : أولا- تعويضا عن ما المعانات التي عاشها الآباء ثانيا- يتميز الفنان العراقي ذو التربية الشيوعية بروحية وطنية خالصة وتغنى بحب الوطن لعقود طويلة وبالمشاعر الحساسة الجميلة الهادئة الصادقة والرصينة والتي ستكون رافد مهم في الفن العراقي عندما يكون أساتذة تلك الأكاديمية نخبة من الفنانين الشيوعيين المبدعين من الرعيل الأول خاصة . ثالثا- ستكون هذه الأكاديمية مركز استقطاب للطاقات الفنية ( الشيوعية ) المبعثرة في أوربا والعالم وخاصة الجيل الثاني من أبناء الفنانين المبدعين الرواد. رابعا- إن وجود مثل هذه الأكاديمية في بغداد ضروري لرفد المجتمع بفن ذو نكهة خاصة ومتميزة ولخلق نوع من التوازن
الاجتماعي وخاصة بعد أن أسست اغلب الأحزاب جامعات ومعاهد خاصة بها.
ولأسباب أخرى يستطيع أن يضعها أي شيوعي – محرو گ گلبه –
نأتي الى اهم نقطة في الموضوع وهي تمويل المشروع
بعد التغيير السياسي الكبير الذي حصل في العراق دخل الحزب الشيوعي في العملية السياسية بثقل تأريخه النضالي ممثلا بـأسماء شخصيات لها وزنها في العمل السياسي والحزبي ولكن يبقى السبب الرئيسي في تبؤ هذه الشخصيات للمناصب في البرلمان والوزارات هو معانات كل شيوعي .... دماء سالت و مشانق علقت..عوائل أفقرت واخرى هجرت ...لكل فرد شيوعي هناك قصة مؤلمة .... والان جاء عدد محدود من الأسماء ليستثمر هذا التاريخ النضالي الطويل ويملئ الخز أن والبنوك . على هولاء ان يؤدوا واجبهم ( الحزبي) او الأخلاقي او ..نستعير مصطلح من الدارج في السياسة العراقية الان.. الوجب الشرعي يحتم عليهم ليس التبرع او المساهمة ( على الرغم من انهم ملزمين بذلك للاسباب التي اشرنا اليها ) بل الاستثمار في هذا المشروع المربح للجميع . ربما يقول قائل ان الوزراء و المسئولين الشيوعيين اثبتوا نزاهة عالية وليس هنالك من أثرا على حساب المصلحة العامة .. هذه حقيقة يشهد لها الجميع ... حتى قيل ان مسئول كبير في الدولة تمنى – امام بعض مقربيه – ان يكون مسؤلي مكتبه الخاص من الشيوعيين فقط . كل ذلك على العين والرأس ولكن لو خليت قلبت !!!!! ولي يسأل ما يضيع !!! والي ايدور يمنه يسره يحصل على امراده ..... ضعوا قائمة ببعض الاسماء و ارفعوا شعار قلي ما هي مشاريعك ... أقلك من انت !!!! ستجدون ضالتكم .
#سامي_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليهود العراقيين ...وصواريخ صدام ..و الالوسي
-
الذي يخاف من الذئب.. يطلع له
-
تزوير مقابل تزوير
-
الهيئة التي دعمت علاوي
-
دار لا يسلم منها إلا فيها
-
قرارات ليست في وقتها
-
مطارق الحقد
-
الغرور الذي سيسقط نوري المالكي
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|