سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 14:19
المحور:
كتابات ساخرة
في حفل توزيع جوائز " الأوسكار " الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون السينمائية الذي أقيم في هوليوود ، عاصمة الفن السابع ، نال الفيلم الأرجنتيني ( السر في عيونهم ) جائزة أفضل أوسكار للأفلام الأجنبية .
إسم الفيلم جميل ، رغم أني لم أشاهده ، لكنه يحمل إيحاءاً آخر ، الى جانب أسماء الأفلام الفائزة الأخرى مثل ( خزانة الألم ) أو ( في الهواء ) ماذا لو أننا أخرجنا أو أنتجنا فيلماً عن شرقنا المسكين بعنوان ( السر في عقولهم ) ترى ماذا سيحصد هذا الفيلم من جوائز أوسكار...؟؟ أعتقد ، وربما جازماً أنه سيعتبر أهم إنجازات الفن السابع بلا منافسة على مدار تاريخ السينما الصامتة والناطقة معاً . وقد يضاف الفيلم الى قائمة عجائب العالم القديم والمعاصر والقادم .
الموضوع ليس ساخراً بل حقيقة ، لنتخيل أحدهم لنعطي له أسم إفتراضي ( أبو حيط ) من الحائط أراد القيام بسفرة خارجية للتداوي من المرض ، وبناء على ذلك توضأ ، وصلى ركعتان صلاة إستخارة طالباً عون الملائكة وإرشادهم حول ما يجب عليه فعله ، وخلد الى النوم باكراً على عادته . بإنتظار ( دلفري آنجل ) . طبعاً من موقع حرص زوجته ، هي بدورها أنجزت الفروض المطلوبة لصلاة الإستخارة وخلدت الى نومها ، بإنتظار ( دلفري آنجل آخر ) . ثم أبناءه من موقع الحرص على والدهم ، بدورهم قاموا بنفس الطقوس المطلوبة بإنتظار ( دلفري آنجل ثالث أو عاشر ) . ثم الأمة كلها ، كل منهم من موقع همة اليومي وحاجتة المتخيلة في ذهنة من الفرخة الى الهجرة .. ثم معظم الشعوب ( ... ) قامت بدرها بنفس الفروض والطقوس وخلدت الى نومها كعادتها منذ فجر ( التاريخ ) الحجري . لنتخيل ملايين من "الملائكة " ( دلفري سريع ) لتوصيل الطلبات في حالة إنهاك شديد صعوداً ونزولاً بين المجرات والشهب والنيازك ، والأقمار الصناعية ، ومكوك الفضاء ، وبين رسائل الحب التي تحملها أثير الأنترنت ، وبين فتاوي ( القتل الحلال الرحيم ) الفضائية .
يبدو أننا بحاجة الى عقلية تخيلية أو " فانتزيا " من نوع خاص ، لكي نتمكن من إلتقاط كافة عناصر هذا السيناريو الحقيقي الحاصل يومياً في العالم النائم على إستخاراته . حتى ( سهير البابلي ) الفنانة المعروفة ، وهي لا تمت بأية صلة قرابة فكرية الى صديقي الجميل ( الحكيم البابلي ) صرحت أنها لا تقوم بأي عمل دون صلاة إستخارة . وهذا جزء من حقها . بيد أن الكفار لا يحق لهم طلب النصح والمساعدة على قضاء الحاجة ، حتى لوكان الطلب هو الزواج وليس الحصول على أرفع المناصب الحكومية الممنوعة عليهم كرئيس مثلاً في دولة من العالم التاسع الذي لا يقبل القسمة على إثنين . إما أنا .. أو أنا ..؟
ولنتخيل أن أحد "الدلفري آنجل" أخطأ العنوان بسبب الإزدحام الشديد في ممرات درب التبانة ، أو درب باب الهوى وعرج في طريقه على باب العزيزية ، أو الى باب اليمن مثلاً مجرد إفتراض دون سوء نية مخبأة . وجل من لا يخطئ . بل أن البعض يدعى أن ( جبريل ) كرئيس لطاقم موظفي " البوست آنجل " أوصل الرسالة الى العنوان الخطأ . وهنا قد يجوز تكرار الخطأ بسبب الملايين من الرسائل التي تدعوا لهذا وذاك بالسفر الميمون ، وعلى أحر من الجمر. لنتصورما يمكن أن يحدث نتيجة هذا الخطأ ..؟ من سوء حظنا أن لم يعد لدينا ( يوسف ) لتفسير الأحلام ، والسيد ( فرويد ) شخصية غير مقبولة في علم تفسير الأحلام . وبذا فإن الحل الوحيد أن يلجأ هذا أو ذاك الى شيخ العرافين في علم الودع ، والسعد وجلب الحبيب عنوة ، وفك المربوط ، وربط الأمة من عقولها كما يٌربط كل ما يٌربط من خلقه تعالى . ترى هل يعقل أن يسافر أحدهم بلا عودة بناء على نتائج رسالة صلاة الإستخارة ..؟ عندها سيكفر بالذي خلق ما خلق ، الى أن يصل الى العلق .
إذا لم تكن لديك القدرة الفنتازية لتخيل بقية السيناريو ، لا داعي لإرهاق دماغك لأن معظمهم تجاوزوا مرحلة الزمن الإضافي . وقد تشاهد هذا السيناريو دون عناء . فالزمن يمر بسرعة أكبر من سرعة وقدرة علم الجراحة التجميلية على طمس التاريخ . وقد ترى هذا السيناريو في حلمك ، وبالتأكيد النهاية هي حسب توقعاتك وليست على طريقة الأفلام ( ... ) القديمة كل شئ ينتهي الى غرفة النوم . ومع ذلك أتمنى للجميع أحلام سعيدة وأن تتحقق على أرض الواقع بالحب والخير والمساواة.
لو أن أحدنا يملك أشعة خاصة تمكنه من قراءة أفكار الناس على محطات الأتوبيس ، والأفران وطوابير " الجمعيات " الإستهلاكية والمصالح الحكومية ، وطبعاً مراكز الأمن الوطني والقومي والنسائي والجوي والحيواني . وما يدور في دماغ كل عضو مذكر سالم في الوزارات ، وفي غرف النوم ، وحتى في المرافق الصحية ، لنتخيل معاً طبيعة التقاطعات والقواسم المشتركة بين أفكار الناس وهمومها بغض النظرعن اللون والدين والجنسية . بالتأكيد سترى أحرفاً متهاوية ، وأخرى ناقصة ، وأحرف دامعة باهتة ، وعراك بالكلمات وكم هائل من أقذع الشتائم من فوق الى تحت .
ترى كم هو محزن عالمنا ، فهو عباره عن " خزانة من الألم " فنحن " في الهواء " أو في " البعد الآخر " ستكتشف كم نحن شعوب فقيرة ومظلومة ومضطهده ومع ذلك نظلم غيرنا ونضطهد الأخرين بل ونقتلهم ليس حباً ، بل عنفاً وكراهية ، فقط لأنهم لا يؤمنوا أن الملائكة موظفي بريد خاص بفئة معينة من البشر..؟ أليس هذا من عجائب عصر التكنولوجيا ..؟ بيد أني أؤمن " بكيوبيد الحب " الجميل الذي يطلق سهم محبة على قلب الإنسان . ونحن الأن في شهر مارس أذار شهر الربيع والنساء ترى كم سهماً أطلق هذا الملاك الخرافي على قلبين ومنحهم حق الحب والعشق ..؟
يقال أن الشركة الأميركية المصنعة لأجهزة الكشف الخاصة في المطارات التي لا تبقي ولا تذر من أثر دفين تحت النقاب الجميل الذي يثير شهوة الذكر لإكتشاف الكنز المدفون ،؟ قد حققت أعلى الأرباح حيث تم الإستعانة بها لقراءة أجساد المواطنين إضافة الى عقولهم . لكن على الأغلب ، الأفكار التي ترواد زوار المرافق الصحية الخاصة والعامة هي غير التي تراودهم في مراكز " الدولة " من باب " الأدب والإحترام وقضاء الحاجة " لكن الشاهد الوحيد على حقيقة إتجاهات الرأي العام ، هي تلك الأفكار التي تأتي طواعية في المرافق الصحية العامة . وربما من حسن الأقدار أنها الوحيدة التي لا تخضع لمراقبة كل أنواع ( الدلفري السماوي والأرضي ) معاً وإلا لهلكت الأمة وإندثرت . لكن رفقة بالعباد وببقاء هذا النسل في منطقتنا . جرى الحفاظ على سرية ما يتسرب من أفكار هدامة ذات نزعة إنقلابية .
ترى هل علينا أداء " صلاة إستخارة " لمعرفة كيف يمكن إستبدال الدماغ الراهن القديم بدماغ جديد ، هل عن طريق الجراحة الطبية ، بنزع غطاء الجمجمة ووضع دماغ عصري جديد ، أم أن الجراح لن يفلح فيما أفسده الحجر ..؟ كما في قصة ( فرانكشتين ) . وكم عقل جديد سواء صناعي أم طبيعي ستحتاج هذه العملية ..؟
في هذا الشأن سوف أطلب من صديق لي إنجاز " صلاة إستخارة " لحسابي ومدفوعة الأجر مثل زيارة الأماكن " المقدسة " بالنيابة عن فلان وغيره ، فهي أيضاً مدفوعة الأجر مرتين . فقط للتوصل الى معرفة كيف يمكن تغيير العقول ؟، وأتمنى أن لا يخطئ أحد " الدلفري أنجل " ويذهب الى العنوان الخطأ الى عالم إفتاء أو رئيس فضائي لأن الرسالة لن تعود الى مصدرها كما هي العادة في العالم المتحضر .
وعندها لا أدري من سيغير من ..؟
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟