|
هل البرادعي مجرم حرب؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2935 - 2010 / 3 / 5 - 12:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يشكل البرادعي أحد أركان مربع خدعة الحرب والتلفيق التي ضمت فيمن ضمت الرئيس الأمريكي جورج بوش، وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، وهانز بليكس رئيس لجنة التفتيش الدولية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، ذاك المربع الذي قاد الحرب الإعلامية والسياسية التي مهدت للغزو البربري الأمريكي للعراق. والتي قدمت المعلومات والبيانات والصور المفبركة التي أعلنها كولن باول، وزير الخارجية الأمريكية في حينه، في جلسة مجلس الأمن الشهيرة التي سبقت الغزو ببعض الوقت، والتي اعتذر عنها علنا الجنرال كولن باول في ما بعد، وأعتبرها واحدة من أسوأ المحطات في حياته السياسية والعسكرية.
وبداية لا بد من الـتأكيد على إن ما حاق بالعرق من عمليات قتل وتدمير وتخريب، والأوضاع الإنسانية العامة السائدة فيه، تنبئ بما لا يدع مجالاً للشك بأن جريمة كبرى ضد الإنسانية، وحروب إبادة، وتطهير وتهجير جرت ضد هذا البلد وشعبه، تضع كافة المتورطين بذلك في مرتبة مجرمي الحرب الكبار الذين تجب مقاضاتهم وملاحقتهم وجلبهم مخفورين ومغلولين أمام العدالة الدولية.
وإذا كانت بعض الأجهزة القضائية الأمريكية تعد العدة لجلب دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي السابق، وديك تشيني ، نائب الرئيسي، إلى المحاكمة، وما في ذلك من رمزية تطال، ولا بد، هيبة الإدارة السابقة وتضعها في دائرة الاتهام، وما قد تعني أيضاً من تمهيد لجلب جورج بوش نفسه، في مراحل متقدمة، أمام العدالة لمسؤوليته المباشرة عن قرار الحرب، وإذا كان توني بلير قد مـثـُل فعلاً، في وقت سابق من الشهر الماضي أمام لجنة السير تشيلكوت، للتحقيق في حرب العراق، وما لذلك أيضاً من رمزية شكلت إحراجاً كبيراً لرئيس الوزراء العمالي، وضعته أمام الرأي العام، في موضع المسؤول عن تداعيات الحرب الكارثية، فيما كانت هتافات أهالي ضحايا وقتلى تلك الحرب، خارج مقر اللجنة حين كان بلير يدلي بشهادته، تنعته، علناً، بمجرم الحرب، وإذا كان هانز بليكس قد استنتج وإن بشكل متأخر: "إن التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل لدى نظام صدام حسين لم تكن إلا ذريعة لتبرير احتلال العراق". وجاء استنتاج بليكس في مقال كتبه بصحيفة الغارديان، بمثابة رد على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي أكد على ان احتلال العراق كان لتغيير نظام صدام حسين وليس بسبب أسلحة الدمار الشامل. وبدت مراجعة بليكس أشبه بالتخلص من إدانة نفسه حول دوره في إطالة أمد الحصار الذي كان مفروضاً على الشعب العراقي آنذاك تحت مسوغ البحث عن أسلحة الدمار الشامل.....وقال: "أن مئات من عمليات التفتيش لم تعثر على أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى العراق، وكل الأدلة حول ذلك قد تهاوت". وتساءل وكأنه خارج تلك اللعبة الدولية والأكاذيب المستمرة والمتصاعدة آنذاك: "كيف تسنى تضليل العالم لأكثر من 10 أعوام؟". (ميدل أيست أونلاين).
وفي هذه الحال، وبعد أن انكشفت الكثير من الحقائق حول خدعة تلك الحرب، فلم يبق في الميدان إلا "حديدان" كما يقول المثل، كي يدلو بدلوه وروايته، في تلك التلفيقات والمزاعم حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، التي كانت السبب المباشر في حينه لإعلان الحرب (تبدلت وتغيرت الأسباب والحجج والذرائع لاحقاً)، والتي شاركت فيها "وكالته" بشكل أو بآخر في الحرب على العراق، وتدميره، حين كان على رأسها، وفقدان حوالي المليون عراقي لحياتهم، وتشريد ملايين أخرى في أصقاع الأرض المختلفة، وما لم يقدم البرادعي على تلك الخطوة الضرورية والهامة، فستبقى الشبهات، والأقاويل والاتهامات تلاحقه، وتحوم حوله، بكل أسف، ومن قبل كثيرين، وقد تصنفه، وبكل أسف، كمجرم حرب حقيقي، مع كل من كان مسؤولاً عن جريمة احتلال العراق، نتيجة للتداعيات الكارثية والمأساوية التي أفضت إليها تلك الحرب، لاسيما أن الرجل يدفع اليوم إلى واجهة عمل عام يعتبر الأهم في المنطقة، وهو رئاسة أكبر دول عربية، وعلى الرغم من اتفاقنا جميعاً على اضمحلال دور هذه الدولة، وانزوائها إلى زوايا العجز والشلل والنسيان، ونفض يدها كلياً من مسؤولياتها والتزاماتها الإقليمية، لا بل ينظر كثيرون إليها أنها صارت في الصف المعادي لتطلعات وأماني شعوب المنطقة، ولاسيما لمشاركتها المباشرة في حصار شعب غزة.
وفي الحقيقة إذا كانت الآليات الديمقراطية الغربية، وسيادة مبدأ الشفافية والمحاسبة هناك، قد أدت إلى ما هو عليه الوضع اليوم، من بلورة وتوضيح لحقيقة غزو العراق، فلا ندري ما هي الآليات التي ستجبر السيد برادعي لقول ما يجب قوله، حيال ذلك، لاسيما أنه كان على رأس واحدة من أهم الأذرع الدولية التي ساهمت في عملية التهيئة وإدارة الحرب الإعلامية والدبلوماسية قبل الحرب العسكرية. غير أن من الجدير ذكره أنه تم تشكيل محكمة شعبية مصرية لمحاكمة الدكتور البرادعي، كما أوردت الأنباء، لأنه تسبب وتورط في التمهيد لاحتلال العراق وتضم في رئاستها المستشار فايز شلباية، لكنها تبقى هذه المحكمة وعملها وقراراتها، في إطار رمزي وغير ملزم، وهنا تبقي الكلمة الأخيرة للدكتور البرادعي نفسه، الذي ما زال يلتزم الصمت حيال ذلك. لا يعقل، كما لا يجوز، أن يكون، على رأس دولة كبيرة كمصر، رجل تحوم حوله كل تلك الشبهات، وذاك التاريخ الملتبس حيال جريمة دولية بحجم غزو العراق، ولذا فإن ترشيحه لذلك المنصب، في هذه الحالة، يفتقر للكثير من السند القانوني المطلوب.
أم أن شرط "ترقيته" ومكافأته، دولياً، على ذلك "الإنجاز" برئاسة الجمهورية المصرية منوط، إلى حد كبير، ببقائه صامتاً وساكتاً حيال الغزو وحقائقه وأسراره، كونه يملك الكثير من المعلومات والمعطيات الهامة حيال الموضوع، وبذا يصح القول: عند، البرادعي، وليس جهينة الخبر اليقين؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقارنات عربية إيرانية
-
نهاية عصر الفتوى: فتاوى في ذمة التاريخ
-
عن مقال عروبة مشيخات الخليج: ردود على الردود
-
لماذا لا يصلي ساركوزي وبراون صلوات الاستسقاء؟
-
هل مشيخات الخليج عربية، أولاً، حتى يكون خليجها عربياً؟
-
السلف الصالح والجهل
-
الشيخ البراك: كلكم دواويث بإذن الله
-
العرب ومحاولة السطو على اسم الخليج الفارسي
-
أهلاً أحمدي نجاد
-
هل تراجعت العلمانية في سوريا، حقاً؟
-
فضيحة للموساد أم فضائح بالجملة للعرب؟
-
تاريخ وحضارة تندى لها الجباه 3
-
تاريخ وحضارة تندى لها الجباه2
-
تاريخ وحضارة تندى لها الجباه
-
مأزق الإخوان المسلمين: لا حل إلا بالحل
-
الموساد: غلطة الشاطر بألف
-
هل حسن نصر الله أحمد سعيد؟
-
زلزال الخليج القادم
-
هل يحاكم سفاحو البدو الكبار بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية؟
-
ما أحوجنا لثقافة الحب...ما أحوجنا لفالانتاين!!!
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|