طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 2920 - 2010 / 2 / 17 - 10:54
المحور:
الادب والفن
من جديد يتكرر القديم ..
كان صباح 3 11 1993
وصلنا فرع فلسطين مقيدين " مطمشين" أربعة طلاب من جامعة تشرين في اللاذقية والتهمة نشاط سياسي .
كرسي معدني, دولاب مطاطي عتيق, عصاً خشبية من الخيزران المحروق, كبل رباعي مجدول الأطراف تتعلّق بجديلته خمس كرات رصاصية..نافذة عالية مكسورة, ولوح إسمنتي في الزاوية..
بقع حمراء تتناثر على الجدران, أعلى بقعة تظهر أن صاحبها طويل, النقطة التي تتمركز فيها كثافة الدم هي مكان اصطدام الوجه بالجدار..البقع الأخرى أقل ارتفاعاً..
عنكبوت يترقّب في شباكه المنصوبة في زاوية السقف ..
عصابة للعينين..باب مغلق وخوف مفتوح على مصراعيه..
بعد أشهر من هذا التاريخ عرفت أن صبيتان أيضاً تم اعتقالهما وشباب آخرين . .
سيليا عباس ابنة المعتقل السياسي عباس عباس, ورغده الحسن .
وكان أيضاً أخويها منذر وأحمد .
طبعاً تعرّض الجميع للتعذيب..
الجو مشحون والخوف متربّص, إنه صوت شاب ..إنهم يعذبون شاباً الآن..
العرق البارد..وحزن الأيام ..وصوت فتاة ..إنهم يعذبون فتاةً الآن ..ثم فتاة أخرى ..ثم شاباً آخر ..وآخر ..و آخرين.. وأخريات..إنه أحد الفروع التي يستوي فيها الرجل مع المرأة..أحد الأماكن القليلة في هذا العالم..
فيما بعد ,كان لزاماً على أم منذر, وهي أم أحمد ورغدة أيضاً أن تزور رغده في سجن دوما وتزور أحمد في سجن عدرا ومن ثم في سجن صيدنايا وتزور منذر في سجن المزة, ولسنوات..
هل حقاً كل شيء يتغير ..؟!
كل شيء يتبدل..؟
إذا كان ذلك صحيحاً لماذا يبقى الاعتقال ثابتاً ..؟
لماذا لا يتغير ككل الأشياء؟
الفتاة التي كانت تدرّس الأطفال ,وتهوى الرسم, وفيروز, وتحاول أن تنقل تجربة خصبة بالأوجاع والمرارات.
وتنجب أطفالاً ,تلك الفتاة التي اعتقلت وعذّبت, تعتقل من جديد لكنها هذه المرة تعتقل أمّاً..
الآن ستجرب الاعتقال وهي تملك طفلين ..
رغده كتبت عن تجربة مزروعة بالجروح..
أما الآن بعد أن تغيرت الأشياء وتبدلت , بعد أن رفرف طفلان صغيران في مرارة حريتها,كيف ستكتب من جديد..؟!
عن أي تجربة أخرى..؟
اعتقال مع أخوين..أم اعتقال بطفلين..؟!
إنه ببساطة .. اعتقال وهلالين أو اعتقال بين هلالين..
في تاريخ البشرية صنعت الإبرة والخيط الفارق بين الموت والحياة ..
وفي حاضرها الكلمة هي الحياة رغم ما يكتنفها من مرارة ووجع و....موت..وموت.
#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)
Taleb_Ibrahim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟