|
كرة القدم / هل هي رياضة ؟!
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 30 - 18:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حتي سن 16 سنة من العمر. مارست لعبة كرة القدم و كنت اسجل أهدافا . ولكنني لم أكن في نبوغ صبية قرويين فقراء . أقول في نفسي كلما تذكرتهم : لو وجد هؤلاء من يلتقطهم ويرعاهم لخرج منهم " بيليه " ، او " بوشكاش " ، أو " مارادونا " ، أو " زين الدين زيدان " او ..الخ . اتذكر منهم " محمد عبد الحميد " – كانوا ينادونه " محمد ذرة " – الذي كان في لعبه بالكرة يجمع بين الرقص والهندسة والتخطيط وبراعة وخفة التسديد..! . .. وكم حرصت علي مشاهدة المباريات ولكنني لا اتذكر ولا مرة تعصبت لنادي من النوادي . ولا دخلت مرة في لغط المناقشات البيزنطية حول – الأهلي والزمالك - التي طالما بين الصبية في مثل عمري وقتذاك . وكنت أتعجب مما يدور .. ولا أري له ثمة مبرر او فائدة .. كرة القدم هي الوحيدة من بين الألعاب الرياضية التي تثير في الناس غريزة النعرة القبلية الفطرية الكامنة منذ بدائيات الانسان ...
عرفت مديرا كان يوقع بلا حساب علي تصاريح منح سلف للعاملين يوم فوز نادي الزمالك – المصري - . واذا انهزم النادي فان كل من له طلبا او مظلمة او التماسا لدي هذا المدير ينصحونه بالا يذهب اليه . لأن مزاجه معتكر – كانت شركة قطاع عام ! – ومثل ذاك المدير أعتقد أن كل مصري يعرف واحدا مثله وربما اكثر ..! ماهي علاقة ذاك المدير بذاك النادي ؟ هل هو عضو به .. لا.. هل له ابن هو لاعب مهم به ؟ ابدا .. هل له صديق بهذا النادي ؟ أبدا .. اذا ماذا يكون الامر ؟ انه : هوس .. خبل كروي قدماوي .. .. لعب رياضة .. صارت كما الديانات . لها مذاهب وأتباع ومريدون ، وتشعل الحروب بين جماهير النوادي – وتكاد بين الشعوب والدول أيضا – تماما كما العقائد الدينية والسياسية – الي حد ما - ..! .
كان لي زملاء تلاميذ وجيران في ذاك الوقت – وأنا تلميذ بالمرحلتين الابتدائية والاعدادية - . يحفظون عن اللاعبين والألعاب والمباريات اكثر مما يحفظونه عن دروسهم المدرسية !. وكانوا يتصايحون ويتشاتمون بسبب كرة القدم .. و كنا نشاهد مباريات الشباب الأكبر منا يلعبون الكرة الطائرة .. وكان منا من يلعب بمهارة كرة تنس الطاولة .. وأحيانا كان التلميذ يفوز علي المدرس ..! ولكن لا صياح ولا مشاجرات ولا منابذات ولا معايرت ولا شتائم ولا عراك - وتبادل اللكم و الضرب . أحيانا - الا حول كرة القدم .
لن انسي وقتما كنت موظفا باحدي الوزارات بمصر . انه في صباح اليوم التالي لكل مباراة بين نادي الأهلي ونادي الزمالك . كنت ادخل غرفة المكتب فأجد الموظفين قد تركوا اعمالهم وراحوا يتجادلون ويتصايحون حول مباراة كرة القدم التي جرت باليوم السابق .. أهرب من ضجيجهم لغرفة المديرين الثلاثة .. فأجدهم بنفس الحال ..!
اعرف كيف أشير للاعب متميز ، أو لعبة عبقرية في كرة القدم أو غيرها ، ولكن بغض النظر عن اسم النادي أو الدولة – رياضة وفن آداء رياضي فحسب -.. و مهارات لاعبي الجمباز وكرة التنس وكرة الطاولة وكرة السلة . تسحرني أكثر ، وهي ارقي وارق و أنظف وألطف من كرة القدم .. لست ضد الرياضة بكل انواعها وفنونها .. ولكن كرة القدم هي اللعبة الوحيدة التي تخرج بها كل الشعوب عن صوابها – وبدرجات - فضلا علي استغلال تلك اللعبة من قبل النظم الديكتاتورية لالهاء شعوبهم وتخديرها . مشجعو أحد نوادي القاهرة كانوا يسحبون كلبا أو حمارا ويلصقون عليه اسم وصورة كابتن النادي الآخر المنافس ..! – وهذا نادي مصري وذاك أيضا مصري ! .. ولكن الناس لا يجدون الا في كرة القدم ( كما العقيدتين الدينية أو السياسية .. ) وسيلة للتنفيس عما بالصدور من نزوع وصراع وطاقة غيظ وحب انتقام قبلي غريزي بدائي
أية لعبة رياضية ان كان هكذا حالها ، وهكذا تسبب للناس . مهما كانت بها من فنون وابداعات .فلتذهب الي الجحيم ..
في الستينيات من القرن الماضي . كان المصريون بنتظرون مشاهدة مباريات " محمد علي كلاي" الملاكم العالمي . وهم متعاطفون معه لاعتناقه الاسلام .. ولكن لم تخرج مظاهرات تهليل بفوزه كما يحدث بمباراة كرة القدم ..! ولا جروا كلبا او حمارا وعلقوا عليه اسم وصورة غريم كلاي . مثلما يحدث بكرة القدم . . كم مرة تتذكرون لاعبا ضرب زميله أو ضرب الحكم . أو جمهورا ضرب بعضه وسقط بينه قتلي وجرحي في مباراة لكرة اليد أو كرة الماء ، أو كرة التنس او كرة السلة أو الوثب العالي أو الوثب الطويل أو الوثب الطويل ، أو القفز بالزانة – تلك اللعبة الرائعة -.. أو أي من الالعاب الرياضية الاخري بخلاف اللعبة التي تضخ السفالة والعدوانية القبلية : كرة القدم ؟!
العقيدة الدينية والعقيدة السياسية والعقيدة الكرة قدمية : هذه العقائد الثلاثة هي التي يمكن ان تفاجا منها باناس كثيرين تعدهم عقلاء وعلماء ومحترمين ، ولكنهم يفقدون العقل والمنطق والرشد . تعصبا .. بمجرد أن يبدأ الحديث في احدي تلك المعتقدات الثلاثة ...وتجدهم كما لو كانوا قد تحولوا الي كائنات أخري .. والفم الذي كنت منذ دقائق تشم منه رائحة العلم والأدب والحكمة .. قد تشم منه رائحة البرسيم ..!
ان ما حدث بسبب مباراة في كرة القدم من قبل بين مصر والجزائر بين الجمهور ، وبين الشعبين والحكومتين .. لم يكن ينقصه سوي ان تعلن احدي الدولتين الحرب رسميا علي الدولة الاخري . وربما كان قد حدث ذلك بالفعل لو كانت هناك حدود مشتركة بين الدولتين .. وربما لو كنا لا زلنا في عصر الحملات العسكرية – كأيام محمد علي باشا الكبير - حاكم مصر في النصف الاول من القرن التاسع عشر– لأعد حملة عسكرية من حملاته العسكرية الشهيرة . لاحتلال الجزائر ، أو لتاديب الجزائريين .. علي غرار حملاته لتاديب بدو الصحراء ... ! ما اكثر الالعاب الرياضية .. فتري : أية لعبة رياضية يمكن أن تؤدي لذلك بخلاف لعبة كرة القدم ؟؟
منذ سنوات . قام جمهور كرة القدم الانجليزي الذي ذهب لتشجيع بلده ببعض بلدان اوربا بارتكاب مخازي غير معقولة اذهلت العالم .. لمخالفتها غير المتوقعة لقيم وأعراف وآداب المجتمع الانجليزي .. فهل فعلها الجمهوري الانجليزي من قبل او يمكن أن يفعها . في اية لعبة رياضية أخري سوي في لعبة واحدة تلك التي اسمها : كرة القدم ؟؟؟؟؟
الالعاب الرياضية بالكرة كثيرة .. منها كرة اليد ، كرة السلة ، كرة التنس ، كرة الماء ، كرة تنس الطاولة ، الكرة الطائرة ، كرة القدم .. ولعبة الكرة الوحيدة التي نجد فيها سؤ أدب اللاعبين وسؤ أخلاق الجمهور وقلة عقل الشعوب وسؤ سلوك وتصاريف الحكام – احيانا- هي الكرة الوحيدة التي تلعب : ركلا بالحذاء ! ... ...
الذي اذاب الجليد بين الصين وأمريكا . وفتح الباب للمصالحة واقامة العلاقات واعتراف أمريكا بالصين وقبول دخولها عضوا بالأمم المتحدة .. مما يصب في صالح السلام العالمي .كان سبيله احدي الألعاب الرياضية . وهذه اللعبة لم تكن هي لعبة كرة القدم .. بل من خلال فريق " كرة تنس الطاولة " عام 1971..
أعتذر لمعتنقي الديانة الكرة قدمية . ان كنت قد جرحت او اسأت لمشاعرهم العقائدية . وارجو الا يعتبروا ذلك ازدراء عقائدي .. اذ لا زلت اعاني من آثار عقوبة 3 سنوات سجن بتهمة ازدراء عقيدة أخري .. ****** ******
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من بريدنا الالكتروني -1
-
الناس والحرية 48
-
حوارات - 2
-
الناس والحرية 47
-
جهود التنويريين الي أين المصب ؟
-
حوارات -1
-
بل انتشر بالسيف في آسيا ايضا
-
مع القراء - تعليقات وردود
-
الجدار العازل / شهادة فلسطينية
-
مذبحة نجع حمادي وظهور العذراء
-
وداعا .. عدلي ابادير
-
الجدار العازل ويأجوج ومأجوج
-
فول وهامبرجر
-
فول وفلافل
-
فول و بيتزا
-
ايران . بين عمائم الملالي وحجاب -مريم رجوي - ! 2/2
-
ايران . بين عمائم الملالي ، وحجاب -مريم رجوي - 1/2
-
فول و كباب - 2
-
تضامنوا مع مصر لانهاء الحكم العسكري
-
فول وكباب
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|