|
رسائل إلى الله
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 09:47
المحور:
الادب والفن
(الله لا يمكن أن يعطينا عقولا ، و يعطينا شرائع مخالفة لها. ).
ابن رشد
لم بكن ذلك( السرفيس ) الذي حشر نفسه فيه بين عشرات الركاب هو المكان الوحيد الذي يلغي إنسانيته و يزهق كرامته . كانت عزة نفسه تتأرجح بين طرفيّ كماشة الموت ببراعة ..أحلامه بنهاية اللعب بعيدة ، فهو مازال في الثلاثين .
********** وصل منزله ، إلى السرير دون غسيل أو تبديل ملابس .
بكى قليلا و غط في نوم عميق .
**********
استيقظ مبتلا، مذعورا.. كقط يتزحلق رعبا تحت برق و مطر ... ما شاهده لم يكن حلما، و ليس رؤية و لا كابوسا . هو يحتاج كلمة جديدة لتعرّف له الفلم القصير الطويل الذي قضى فترة قيلولته في داخله .
تأكد من عدد أصابع يديه و قدميه ، ثم تكلم بصوت عال ليتأكد من نطقه و سمعه ..أنا بأمان قال في نفسه .
**********
اقتربت منه و همست : - ما بك. -خائف . -مم؟! -منه . -من هذا ؟
-الله
**********
الكلمة كانت قديمة ،غريبة و غير مطروقة في عصر الحروب الدينية الباردة ، و الاشتباكات الطائفيّة الساخنة... قالت له : -أمعقول تخاف ممن لم يعد أحد يخاف منه ! -لقد رأيته . ضحكت ، و أجابته : - في الحلم !
**********
جمع رسائل أصدقائه إلى الله ، لم يضع نفسه موضع سخرية مجددا ، طلب الرسائل كنوع من العمل الأدبي ...
**********
"سارة " مضيفة الطيران ، و التي استمر مسلسل قتل عائلتها في العراق كل السنوات الثلاثين الماضية
كتبت : (مازلت أطير فوق عالم كبير ، تجمع أفراده صفة واحدة ، و تفرقهم ملايين الصفات . مازلت أطير أحمل خيبات الدنيا كلها..أكره جميع الطوائف ، الأحزاب ،التقسيمات و المسميّات التي اخترعوها ، ثم عبدوها ، قدسوها و حرّموا المساس بها ... مازلت أطير أتمنى انسلاخي عنها كلها ، عودتي إليك أنت وحدك .).
********** "عادل " أستاذ اللغة العربية ، و الذي تمزق قلبه بين ولدين قتلهما الاسرائيليون ، و بين تلاميذ ضربوه و هو يحاول فك اشتباكاتهم . كتب: (قتل ابن ، قتل أب ، قتل عاشق ، قتل ميت ... كم من مرة في اليوم يقتلونك يا الله ؟ هل تعلم أن تلاميذي يتقاتلون من أجل الأحزاب ..و سيقتلونك أيضا من أجلها .).
**********
"مدحت " الشاعر الذي يبحث عن فرصة واحدة حقيقية ، عن مكان صغير يستطيع منه البوح في زمن العولمة . كتب:
(لا يستطيع الله الحضور ، لن ينقذ أيا منكم لا من فقر و لا من ذل و لا من جوع ... نفخ روحه في جميع البشر ، لن يعود إلا بزوالهم كلهم . ملاحظة : هل تعلمون كم عدد فضائيات العري و السخف و اللاطرب العربيّة اليوم ؟ ) .
**********
"عبير" خريجة الأدب الفرنسي التي فقدت القدرة على المشي بعد حادث إرهابي ذهب ضحيته العشرات . كتبت :
(عاديت الدموع منذ الأزل ، أبكي دوما ، لكني لا أستخدمها . قلبي يرتجف و تلك الطفلة في داخلي تتألم ..هذا ما قايضتني إياه الحياة، عندما سلبت مني الدموع . اعذرني يا الله ، لكن أين أنت ؟ ما الذي ستفعله لتجعل ملايين الجهلة يستخدمون عقولهم ؟) .
********** "جهاد" الطبيب الذي عاد إلى بلاده بعد سنوات غربة و تحصيل علمي . كتب: (لطالما أحسست بوجودك يا الله ، كنت دوما تفعل معجزات لم يعرفها علم أو طب .لكني يا ربي أحتاج لثقة جديدة بوطني ،فقد أهملني، و صدمني حتى تمنيت لو أني لم أرجع . ربي أنا أؤمن بالتقمص و بأنه العدل الذي تستخدمه أنت لتساوي جميع الناس ، فإن كان هذا صحيح أرجوك يا رب اخلقني مجددا في أمريكا أو بريطانيا ، فأنا أحب العلم ).
********** "يامن " الخباز و الذي يسكن جاره في نفس العمارة المهملة ،في حي الطبقة الوسطى السائرة باتجاه الانقراض . كتب: (كم أتمنى أن أقتل صاحب الفرن يا الله ، لكني أعلم أنك لا تريدنا أن نقتل . هل تعلم البارحة قام عن صلاته و ركلني إلى أن سقطت في الطحين ، أعلم أنني لا يجب أن أنام في وقت العمل ، لكني يا رب عملت البارحة عشرين ساعة.أود سؤالك يا الله :هل تسمعه عندما يصلي ، أم تسمعني عندما أعمل ؟ ) .
**********
"سما " المحامية ، و صاحبة مكتب المحاماة الخيري تقريبا . كتبت :
(لا أظنك يا الله توافق على ما يفرض باسمك من ظلم ..طلاق جائر ،تعدد زوجات ، حرمان من الأطفال ، وصاية من أب أو زوج ظالم . أنا متأكدة يا ربي أنك لا تؤيد الرشوة و الفساد ، أنك ستعاقب الناس الظالمين مرة ،و ستعاقب القضاة الظالمين ألف مرة . أحبك يا ربي ..ساعدني .).
**********
و جمع عشرات الرسائل ، و تخيل ملايين أخرى ، و نام و كله أمل أن يراه من جديد . **********
استيقظ على يدها تهزه : -نمت كثيرا ، حان موعد الزيارة.
**********
كان سرير طفله فارغا ، قالوا له : البقية في حياتك ، هوّن الله عليه .
**********
دفن مع ابنه عشرات الرسائل المجموعة ، و ملايين متخيلة .و أوصى جسده الصغير قائلا:
-يا حبيبي ..قل ل (الله ) أن يخلقك في كوكب جديد ، فالوضع هنا محزن جدا .
يتبع ...
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مذكرات فراشة في بلاد العم سام :جميل أبو رقبة
-
فراش حب (2) : بحر
-
فراش حب : (غدي)
-
أسرار جنسيّة : (شرفكم وثنكم!)
-
أسرار جنسيّة : (أطفال أنابيب!)
-
مذكرات فراشة في بلاد العم سام (2)-حقوق الإنسان-
-
مذكرات فراشة في بلاد العم سام (1)-دين الحب-
-
مذكرات - قط - في بلد عربي(4)
-
أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان (2)
-
مذكرات - قط - في بلد عربي(3)
-
أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان...
-
مذكرات - قط - في بلد عربي(2)
-
أسرار جنسيّة : قوس قزح
-
مذكرات -قط-في بلد عربي
-
أسرار جنسية: ثالوث
-
أسرار جنسيّة : (وسواس جنسي)...
-
أسرار جنسيّة :(حريم!!)
-
أسرار جنسيّة :(صور ليست للذكرى!!)
-
أسرار جنسية : سر (الحب والحزب الأول)
-
أسرار جنسية: السر الرابع عشر (عماد)
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|