أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل فضة - في مهب الريح














المزيد.....

في مهب الريح


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 859 - 2004 / 6 / 9 - 04:41
المحور: الادب والفن
    


قد يتساءل المرء في لحظة زمنية ليست عابرة عن غزير التواصل في مناخ جغرافي آخر. كم من استثمار انساني عمره سنوات طويلة، انتحر قبل النضوج بسلوكية مبهمة؟ وكم من كذبة زمنية لروح شوّهت بأوهام الأمل، غائبة عنها عوامل الحث والتعرية ثقافيا. كم من عقدة متأصلة نبتت أشواكها في خريف العمر، وحولت توازن الإنسان بسببها إلى اختلال في الكلام والحديث والمسامرة؟
وكم من اغتصاب مادي لملكية تخص أخوّة بيولوجية ، غير قادرعلى ممارستها إلاّ ما نسميه البقايا؟ وكم من أنانية بدون بناء حضاري شوهت وما زالت هجرة الإنسان في الزمان والمكان نحو الافضل؟
وكم من حكاية سمعنا، وعرفنا، وغابت في ذاكرة الصمت في حياتنا، كالمطر العابر؟
إنها الصداقة، التائهة عاى أعتاب ثقافة فيها من النفاق الكثير..
***
في مدن السحاب الداكن في عقول الخارجين عن الحياة. وفي مطارات لا تعرف الاستقرار والهدوء. في مقاهي الزمن، نجلس خفية بين الروح والذات الدفينة في حكايا الذكريات والماضي القريب او البعيد. ننظر من خلف زجاج مكتئب بزخات المطر، أو نبحث بين السطور عن شاطئ بعيد، أو نهرب من هدوء اللحظة عبر صوت موسيقي في عزلة مرغوبة.
إنها الحياة بمرها وحلوها، وذكرياتها ومخاضها، بتاريخها المتنقل بين مدينة وأخرى وبين ثقافة متسربة بين مجموعة ثقافات أخرى أكثر من عديدة. إنها التجرية الفريدة والعجيبة. أن نبني سرابا تحسب أنه الحقيقة، عبر الزمن والدهر والحياة. وإن كنت تعرف أن السراب الصداقة ومنذ البداية كذبة كبرى، كحولية الأثر في عز الظهيرة بين ثنايا كثبان الرمال.
صداقة الوحدة، واللقاء المزيف، ونشوة الاستفزاز، في عالم يبحث عن قيم، وستارة بيضاء، تمارس العري الثقافي، بشفافية متمزقة عند حدود أي مصلحة مادية أو قلق معنوي لذاتية الأنا...
لكل ثقافة رواية، وكل تجربة حكاية، وعلى كل منعطف حياتي يوجد ظل، أو شحوب، أو هدوء تأمل غائب، لصخور رمادية اللون والأثر.
وفي كل لقاء كان أمل، وحلم إنساني باستمرارية غير معقدة. يحل عقدة لسانها تواتر مبني على واقعية للبناء الإنساني، أو هيكل ثقافي لم يجرد من شوائبه بعد.
يعتقدون في حلّة ارتجالية أنهم التميز، بينما في أدوات العلم المخبري ما زالوا في طور الفعل ورد الفعل والبحث عن استمرارية الذات، والذات بالأنا فقط.
إنها الحياة بكل مفارقها وأطيافها، وكم من صديق تم ختمه بالشمع الأحمر، وكم من أخر ادّعى أنه الرفيق ومارس كل عقد الغيرة والنميمة والكذب السهل. بشكل لا يصمد بين غرفة وأخرى وبين مجلس أو لقاء آخر، فكيف في صراط الحياة والزمن؟ وكم من استخدم ثقة الناس الطيبين وخدعهم من أجل مآرب مادية او معنوية؟ وكم من حارب بجاهلية بدائية، قضية حب الظهور أو ديكتاتورية الحماقة أو عدم القبول بواقع المعرفة والثقافة؟
في بلاد الهواء النقي والثلوج البيضاء، نمارس وجودنا بإرثنا الاجتماعي الملوث، نحارب أفضلنا، نقمع ذاتنا من خلال ممارساتنا الضعيفة نحو الآخر، ندعي الإنسانية وتحتاحنا كل يوم انفعالية الغريزة وحب الذات بدون براءة، ندعي القيمة الحضارية، بينما يغالبنا في وعينا ونومنا أحلام القلق بالأوهام، ندعي الصدق في خطابات الليل والنهار، ونمارس عهر الكذب الشرقي المبهّر في كل أن ولحظة.
كانت الصداقة في قاموسنا السلوكي ومازالت، مصالح شخصية تنتهي عاطفتها على أول محك أو تجربة.
عند الطفولة تجتاحنا العاطفة وأمواج البحر الهائج، فتدمع العيون ويختلج الفؤاد براءة وإدراكا محدودا، وفي زمن الخريف الكوني لدهر ما زال محاصرا، تتهاوى الأوراق الخضر والصفر في عزلة قسرية حدودها مصالح شجرة بيولوجية في حديقة العائلة، وتجربة بروتوكولية.
كان الشعر يوما خيالا وما زال تأملا في افتراض المجاز. وكانت الصداقة نبتة اجتماعية فيها من الصوفية صدق متسائل.
وتبقى في أنهارنا تعرجات لم تعد مبدئية، تسافر حمى الصحراء ويختفي السراب عند حدود واحة معزولة عن الرمال الشاردة.
إنها الحياة بكل ما فيها من مفاجآت للبعض وتوقعات للآخر. إنها التجربة والعمق ومصداقية الكلمة في الثقافة والبيئة والمجتمع والدهر على حدود الأفق الدائر حول الشمس بدون تعب.
إنها نحن ، التلوث، منذ ولادة الموت في ديارنا، ملاحقين في أعقاب هجرتنا الغريبة، في الوطن، والمغترب، حتى الرمق.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط
- أوراق في الاغتراب
- في الإتهام المعاكس
- أكثر من الهزيمة
- الإصلاح في سورية إلى من يهمه الأمر
- الاحتقان العربي


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل فضة - في مهب الريح