|
معَ مَنْ سيتحالف الكُرد ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 14:15
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
إذا كان الإيمان بالفيدرالية و تطبيق المادة الدستورية " 140 " ، هو الاساس والمِعيار الذي بموجبهِ سيقيم الكرد تحالفاتهم سواء للإنتخابات القادمة او حتى بعد الانتخابات ، فَمَنْ هي الجهات السياسية المُرشحة لذلك ؟ بنظرةٍ سريعة الى الكلمات التي اُلقِيتْ في حفلات إعلان الإئتلافات السياسية والجبهات الإنتخابية في الآونة الاخيرة ، لم تَرِد كلمة " الفيدرالية " مُطلقاً ولا التطرق المباشر الى حلول معقولة للمشاكل المُزمنة بين الحكومة الإتحادية وحكومة الاقليم ، بإستثناء تصريحات متفرقة للسيد " عمار الحكيم " زعيم المجلس الاعلى الاسلامي ، وبعض القيادات المُعتدلة لحزب الدعوة الاسلامية مثل " حسن السنيد " . - بدأً من الضروري التنويه ، بأن " المعارضة " الكردية المتمثلة بحركة " التغيير " و " الإتحاد الاسلامي " اللتين فازتا بحوالي ثُلث مقاعد البرلمان الكردستاني في إنتخابات تموز المنصرم ، والتي من المتوقع ان تحصل على نسبة مهمة ايضاً في الانتخابات العراقية القادمة إذا شاركتْ بقوائم منفصلة عن قائمة التحالف الكردستاني ، ان هذه المُعارضة تنتقد أداء ممثلي الكرد في بغداد خلال السنين الماضية وتتهمهم بالفشل في حل المشاكل المُعلقة . وهذا لا يعني ان لهم توجهات مغايرة جذرياً مع الحزبين الكرديين الديمقراطي والاتحاد ، بالنسبة الى كركوك والمناطق المتنازع عليها والمادة 140 . بل ربما ان قيادة حركة التغيير أكثر راديكاليةً من الاخرين في هذا الصدد . إنما الإختلاف بالوسائل والطُرق . وعلى سبيل المثال فان " الاتحاد الاسلامي الكردستاني " له كتلته الخاصة في مجلس النواب العراقي ، ولكن مواقفه بالنسبة لكافة الإشكالات بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية ، متطابقة مع موقف التحالف الكردستاني . وينطبق الامر على كتلة " التغيير " بقيادة نوشيروان مصطفى ، فلا اعتقد ان في مقدورهِ إنتهاج سياسة تؤدي الى الإفراط بالمطالب الكردية ( المشروعة حسب الرأي العام الكردي ) سواء في كركوك اوالمناطق المتنازع عليها ، بل انه محكومٌ بالتقارب مع الكيانات السياسية العربية التي " تتفهم " الموقف الكردي ، وهي نفسها التي سيحاول التحالف الكردستاني ، الإصطفاف معها . - في مسحٍ ميداني قام بهِ فريقٌ من الباحثين المتخصصين ، لشريحةٍ مختلطة من مواطني مدينة بغداد في منتصف سنة 2005، من الجنسين ، تتراوح اعمارهم بين 20- 60 سنة ، ومن مستويات تعليمية تراوحت بين " يقرأ ويكتب " و " حامل لشهادة اكاديمية عليا " ، يمارسون مهناً مختلفة . وُجِهَ لهم سؤال فيهِ إختيارات عديدة عن معنى " الفيدرالية " ضمن اسئلة اخرى . وكانت النتائج كما يلي : ( 62% ) يجهلون المعنى الصحيح للكلمة . وان ( 68% ) من الذين قدموا مفهوماً خاطئاً عن الفيدرالية ، إتخذ موقفاً رافضاً لها بالرغم من عدم إلمامهم بمعناها الصحيح ، مؤيدين قيام دولة مركزية في العراق . (1) . هذه الشريحة التي إستهدفها المسح الميداني ، ليس فيهم امي لا يقرأ ولا يكتب ، وهم عموماً يمثلون الى حدٍ ما المستوى الثقافي التقريبي للشعب العراقي ، وكون ان المسح اُجريَ قبل أكثر من اربع سنوات ، لايعني مُطلقاً ان الفهم الصحيح لل " الفيدرالية" قد إزداد في 2009 ، بل ان أمرِين في إعتقادي ساهما في التشويش أكثر على الكلمة ومحتواها الايجابي ، الاول هو تَعّمُد كل المُعارضين للعملية السياسية الجديدة ، من قوميين عرب متعصبين وفلول البعثيين وعملاء دول الجوار المتخوفين من إمتداد الديمقراطية والفيدرالية الى تلك البلدان ، تعمدهم في تشويه " الفيدرالية " ووصفها بالتقسيم وإضعاف الامة العربية وخلق كيانٍ شبيه بإسرائيل ! . والامر الثاني هو فشل القيادات السياسية الكردية في كسب تأييد أكثرية العراقيين ، من خلال بعض التصرفات والسياسات التي تجاوزتْ أحياناً تخوم الفيدرالية التقليدية لتصل الى حدود الكونفيدرالية . مُعتمدين في ذلك على بنودٍ دستورية " قابلة للتفسير المختلف " . ولهذا ارى " على الرغم من ان معظم الشعب العراقي صَّوت لصالح الدستور الدائم " في الاستفتاء الماضي ، فانه اليوم وحتى اكثر من النسبة الواردة اعلاه في المسح الميداني في سنة 2005 ، فان اغلبية العراقيين لايؤيدون الفيدرالية ويجهلون معناها الصحيح ايضاً ! ، مثلما يجهلون معنى " العلمانية " ويرفضونها ! . - الحليف التقليدي للتحالف الكردستاني ، هو " المجلس الاعلى الاسلامي " الذي كان يطمح الى تشكيل " اقليم الجنوب والوسط " وكان هنالك إتفاق ضمني غير مُعلنْ ، في تأييد كل طرفٍ للطرف الآخر في هذا المسعى . وبإعتبارهما كانا من القوى الاساسية على الساحة السياسية بعد 9/4/2003 ، فلقد أقنعا الكيانات المهمة الاخرى مثل " حزب الدعوة " و" حركة الوفاق " و " الحزب الاسلامي العراقي " ، بتبني " الفيدرالية " في الدستور الدائم وإدراج المادة " 140 " كخارطة طريق لحل المشاكل المزمنة بين الكرد والحكومات العراقية المتعاقبة . ولكن الفوضى التي ضربتْ أطنابها بفعل أخطاء الاحتلال الامريكي ، وإنجرار أطراف عديدة الى الاحتراب الطائفي وتفاقم التدخلات الاقليمية في الشأن العراقي ، خلط الاوراق مُبكراً ، واوقف كل الجهود الرامية الى إستقرار الوضع وإيجاد مخارج مقبولة للأزمات المتلاحقة . المهم عودةً الى " الإئتلاف الوطني العراقي " الحالي والذي من " المفروض نظرياً " ان يقودهُ المجلس الاعلى الاسلامي ، فان الإصطفافات تغيرتْ والاحجام تبدلت والمواقف ليست هي نفسها قبل اربعة سنين . من الشخصيات البارزة في هذا الإئتلاف هو " ابراهيم الجعفري " ، والجعفري عندما كان رئيساً للوزراء وزعيماً لحزب الدعوة ، والذي كان من اولى مَهامهِ تفعيل تطبيق المادة " 140 " ، الا انه بالعكس من ذلك ، عَرقلَها متعمداً وأّسَسَ لسياسة معادية لكل المطالب الكردية المشروعة . اما " التيار الصدري " والذي له " 32 " مقعداً في مجلس النواب ، والذي يطمح في لعب دورٍ اساسي ليس ضمن الإئتلاف الوطني العراقي فحسب ، بل في مُجمل العملية السياسية في المرحلة المُقبلة ، فانه لا يخفي معارضته الشديدة لتطبيق المادة " 140 " وحتى انه لايؤمن بالفيدرالية ، وقبل يومين وبدلاً من المساهمة في تقريب وجهات النظر والبحث عن حلول توفيقية ، فان القيادي في التيار الصدري " احمد المسعودي " اعلن بان تيارهُ ( لن يسمح ) بتمرير قانون الانتخابات إذا لم يتضمن وضعاً خاصاً لكركوك ! المجلس الاعلى الاسلامي تخلى مُرغماً عن فكرة اقليم الوسط والجنوب ، ومازال يُعاني من خسارتهِ الكبيرة في إنتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ، وحلفاءه في الإئتلاف الجديد يفرضون عليه شروطاً ومواقف . كل هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، هنالك إحتمال وارد لغاية الان وتعمل عدة اطراف من اجل إنجازهِ ، وهو إندماج الإئتلاف الوطني العراقي مع إئتلاف دولة القانون ، لتشكيل إئتلاف واحد كبير . وفي هذه الحالة ستزداد الإتجاهات المضادة للتوجهات الكردية المشروعة . - على الطرف الآخر ، فان " الجبهة الوطنية العراقية " بقيادة اياد علاوي وصالح المطلك وطارق الهاشمي واسامة النجيفي ، أجبرتْ " اياد علاوي " بالتخلي عن ما تبقى من مواقفهِ المُعتدلة والمتفهمة السابقة ، تجاه المطالب الكردية المتعلقة بالفيدرالية والمادة " 140 " ، بل ان سياسة الجبهة المُعلنة أقرب ما تكون الى سياسة البعث المقبور بالعودة الى الحكم المركزي وتهميش الكرد والاقليات وإقصاءهم عن الشراكة في الحكم ومراكز القرار . على الرغم من تقاطع المواقف هنا وهناك بين الكرد و " الحزب الاسلامي العراقي " ، فما زال الحزب الاسلامي هو الجهة الأكثر " على الساحة السنية " تقبلاً لتبادل الآراء مع الجانب الكردي ، لاسيما وان الحركة الاسلامية الكردستانية بعلاقاتها الجيدة مع الحزب الاسلامي تستطيع ان تلعب دوراً ايجابياً في هذا الصدد . ........................................................ اللوحة السياسية إختلفتْ بصورةٍ كبيرة عن ما كانت عليهِ في 2005 . اعتقد ان الهامش الذي يستطيع فيه الكرد عقد تحالفات مُجدية قد تقلص واصبح محدوداً . الحزب الشيوعي العراقي بثقلهِ المعنوي الكبير وتأريخهِ المُشرف ، من المؤيدين الثابتين لحقوق الكرد المشروعة ، ولكن لأسباب كثيرة ( من ضمنها إزدواجية سياسة الاحزاب القومية الكردية احياناً ، وتسلط احزاب الاسلام السياسي ) ، فان تأثير الحزب الشيوعي العراقي ليس كبيراً على الساحة عموماً . نفس الامر ينطبق على العديد من الشخصيات المتفرقة . شيعياً : تخبط المالكي خلال الاشهر السابقة ، لا يشجع على بناء آمال كردية كبيرة عليهِ ، فأثناء زيارتهِ الاخيرة واليتيمة الى اقليم كردستان صرح بوضوح حول إصرارهِ على تفعيل و تنفيذ المادة الدستورية " 140 " ، ولكن الاشهر مّرتْ بدون خطوة عمليةٍ واحدة . منذ سنتين وهو يُحشد مجالس الاسناد العشائرية ، ويشجع الكيانات العروبية المتعصبة في الموصل وكركوك وديالى بكل ما تحوي هذه الكيانات من بعثيين شوفينيين وازلام النظلم السابق ، ثم يُركز في مناسباتٍ عديدة في الايام الاخيرة ( بعدما إستشعرَ مُتأخراً ) خطورة عودة البعث ، على تحذير البرلمان ومفوضية الانتخابات من مغبة السماح للبعثيين بالترشح والوصول الى مجلس النواب ومن ثم مفاصل الحكومة القادمة . تماطل المالكي وتسويفه وإكمالهِ لما بدأه الجعفري ، من تأجيل متعمد لتنفيذ المادة " 140 " ، يجبر الكرد على التعامل معهُ بحذرٍ في المرحلة المقبلة . التيار الصدري بإنجرافهِ خلال الفترات الماضية الى مواقع متشنجة وفوضوية ، اساء الى نفسهِ والى العملية السياسية عموماً مُنفِذاً أسوأ ما في الاجندة الايرانية تجاه العراق . وفي عدة مناسبات تلتقي مواقفه من الكرد مع مواقف المتعصبين القوميين العرب والتركمان . عملياً يبقى " المجلس الاعلى الاسلامي " وخصوصاً قيادته المتمثلة في السيد " عمار الحكيم " هو الاكثر ثباتاً في علاقتهِ المتميزة مع الكرد ، مع الاخذ بنظر الإعتبار ان الدور ( القيادي ) السابق الذي كان يلعبه المجلس الاعلى في العملية السياسية عموماً وفي الإئتلاف الموحد خصوصاً ، لم يعد موجوداً ، وانه تقلص بفعل عوامل كثيرة . من الممكن ان يتوصل الكرد الى تنسيقٍ مع " المجلس الاعلى الاسلامي " و الى تفاهمات عامة مع " الحزب الاسلامي العراقي " ، وتطوير علاقتهِ مع " الحزب الشيوعي العراقي " ، وإيجاد اُطر للتحالف مع العديد من الشخصيات الفردية العلمانية على وجه الخصوص . واخيراً ليست هنالك مواقف " نهائية " في السياسة ، فإذا كان 25% من التحالفات قبل الانتخابات مهماً وفعالاً ، فان 75% بعد الانتخابات هي الاكثر واقعية . فمن الجائز ان تفرز نتائج الانتخابات القادمة واقعاً جديداً مُختلفاً عن كل التوقعات ، يفرض إصطفافات تُعيد تشكيل الصورة السياسية العراقية .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسائل خاطئة
-
مَنْ سيكون رئيس الوزراء القادم ؟
-
الحركة الوطنية العراقية البعثية
-
حكومة - رشيقة - في اقليم كردستان
-
مِنْ أينَ تُموَل أربعين فضائية عراقية ؟
-
المُسلسل المرير
-
- إئتلاف وحدة العراق -
-
- جبهة التوافق العراقي -
-
ماذا جرى قبل اجتماع المالكي / بايدن ؟
-
إطلالة على المشهد السياسي العراقي
-
برلمانٌ عجيب !
-
مَنْ الأكثر نفوذاً في العراق ؟
-
حَجي مُتلاعب بملايين الدولارات !
-
الشعارات الإنتخابية ..هنا وهناك
-
جهاز كشف الكذب يفضح المسؤولين الكبار !
-
متى يتوقف القصف التركي الايراني لِِقُرانا ؟
-
الحكومة المحلية في الموصل ، معَ مَنْ تقِف ؟
-
الى جماهير الموصل الشريفة : لاتنتخبوا المتطرفين هذه المرة !
-
في الانتخابات القادمة : لا للفاسدين و لا لعودة البعث
-
سيدي الرئيس الطالباني ..رفقاً بنفسك !
المزيد.....
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
-
ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
المزيد.....
المزيد.....
|