أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - الحرب من الواقع الى الصورة















المزيد.....

الحرب من الواقع الى الصورة


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 857 - 2004 / 6 / 7 - 04:45
المحور: الادب والفن
    


تناولت مجموعة من الأشرطة السينمائية الأمريكية – متباينة الجودة – أجواء الحرب العالمية الثانية ، ما سبقها من أحداث وما لحقها من نتائج ، بوصفها الكارثة الأخطر التي كادت أن تنهي العالم إلى الأبد .وقد ركز معظمها على معالجة قصص درامية تقليدية تقف عند حدود التشويق والإثارة واستعراض التقنيات الفنية . فكان أن فوّتَ هذا المطلب التجاري فرصة احتفاء المشاهد بهذا الجهد أو ذاك بمعزل عن الاتجاهات الإعلامية المهيمنة على سائر الصناعة السينمائية الأمريكية . ولوحظ على غالبية هذه الأشرطة أنها تكرر ذات التوجه النمطي الذي حفلت به أشرطة هوليودية أخرى ، بشكل يجعل من الصعب على المتلقي التغاضي عن صياغة تفسير سديد للتشابه الملحوظ في حكايتها وأسلوبها ومحتواها ، طالما أننا أمام شريط أمريكي طويل يعيد – على نحو ملل – الخاتمة نفسها وهي تحذر دائما من معاداة الغرب أو التشكيك بقيمه ، مهما بدا واقع الاستجابة مريرا أو محبطا للجميع !
وإذا كان جمهور السينما - من بين الفنون الأخرى – هو العالم بأسره ، فلا غرابة أن تدور عجلة هذه الصناعة العملاقة على صراط المفاهيم المعولمة وبوحي منطقها الخاص . فأهمية السينما اليوم تعادل كونها اكبر وسائل العصر الحديث تأثيرا وجماهيرية في ميدان ثورة الاتصالات المرئية . ولأجل أن تنجح هوليود في مسعاها ذاك عمدت بخبرتها الطويلة إلى توفير جميع التسهيلات العملية الممكنة من تقنيات متقدمة واستوديوهات حديثة وسيناريوهات ملائمة لطموحاتها ، مستندة إلى ارتباطاتها الوثيقة مع شركات استثمارية شهيرة تقدم الدعم الكامل لها خلال عمليات الإنتاج والتسويق والدعاية بحسب الأولويات والمهمات الموضوعة . هذا بالإضافة إلى ما تحتاجه تلك العملية المعقدة من رهانات فنية خاصة تشتمل على نجوم ومخرجين معروفين يمكن أن يضمنوا النجاح التجاري بأرباح مأمولة .وبالرغم من كل تلك الحسابات المنطقية والمهنية ، قد لا يبدو النجاح السينمائي أمرا منطقيا يسيرا يمكن التكهن به على نحو دقيق ، فثمة قضايا عدة لها طابعها النسبي المتغير تحكم علاقة الجمهور بالفيلم السينمائي وتحدد ما ينتج عنها من تقلبات متباينة . وللاقتراب من هذا التصور يمكننا التدليل على ذلك بالمقارنة بين الفشل الفني والتجاري لشريط أمريكي باهظ الكلفة مثل ( بيرل هاربر ) وبين النجاح الساحق لشريط بسيط الإنتاج والتنفيذ أخرجه مجموعة من الشباب الهواة كشريط رعب ليس إلا ، ذلك هو فيلم ( مشروع الساحرة بلير ) الذي حققت شهرته الفائقة في الأوساط الفنية والجماهيرية على حد سواء صدمة حقيقية اضطرت المؤسسات السينمائية والإنتاجية إلى إعادة النظر في كل حساباتها وآلياتها المتبعة !
أما بخصوص الموسم السينمائي الحالي ، فقد وجدنا ان الدوافع التي تقف وراء صناعة الأشرطة الحربية ذات المنحى التاريخي وتدعم شيوعها وهيمنتها على شاشات العرض السينمائي ليست مما يصعب إدراكه ، فحقيقتها بعيدة كل البعد عن العفوية أو المصادفة ، مع ان ( الصورة ) تحاول ادعاء البراءة والحياد فيما تعرض ، وقد يتهيأ لها ذلك أحيانا بما أوتيت من جملة مؤثرات وغوايات هي في المحصلة جزء لا يتجزأ من طبيعتها التعبيرية . لكن قراءة دقيقة للخط العام لتلك الأفلام التي تزامن ظهورها في السنوات الأخيرة مع التوجه السياسي الأمريكي على مسرح الأحداث الفعلية ، ستكشف لنا أهدافا أخرى وراء هذا التوجه الذي جعل من تناول السينما لموضوعة الحرب – بدلالاتها المختلفة – موسما سينمائيا جديدا يعيد إلى الأذهان تأكيدا أمريكيا مفاده : ان الحرب لم تنته بعد ، الخصوم فقط هم من يتبدّل من حين إلى آخر ، ذلك التأكيد اقرب إلى التعبئة الأيديولوجية التي توجه القنوات السياسية والفنية والثقافية الوجهة التي تريد تبعا لمرمى مصالحها .
من جهته لا يفتأ الجمهور السينمائي يقارن باستمرار بين ما يراه اليوم على الشاشة وما خلد في ذاكرته من أشرطة مميزة ، خاصة النماذج الكلاسيكية الشهيرة التي جمعت بين المتعة والمصداقية والجودة الفنية ، اعتمادا على سيناريوهات أدبية لخصت تجارب أجيال عدة خبرت واقعة الحرب وأجادت التعبير عنها بوسائل مبدعة . ومثلما تمثل الحرب موضوعا كبيرا يلهم الأدباء والفنانين ، تعامل السينمائيون معها بجدية فائقة ودأب إبداعي ، فقد تلاحقت سينمات مختلفة ( روسية وإيطالية وفرنسية ويابانية ) في تناول قضية الحرب العالمية الثانية من زوايا عدة طارحة مواقف متفاوتة تؤشر غالبيتها إلى الأثر العميق الذي تركته الحرب على واقع الحياة الإنسانية آنذاك .
وفي الوقت الحالي تحاول بعض التجارب السينمائية الجيدة الخروج من نطاق البضاعة الهوليودية وتقاليدها النمطية القاتلة ، في محاولة منها لتمثّل تراث السينما الكلاسيكية من ناحية البناء أو الإيقاع أو المناخ الأدبي بشكل يمنح العمل السينمائي أصالة تعبيرية وملمحا إخراجيا مبدعا . ضمن هذا الاتجاه يمكننا رؤية شريط ( المريض الإنكليزي ) للمخرج " انطوني منغيلا " كخطوة سينمائية فذة استطاعت ببراعة تطويع النص الأدبي في صورة سينمائية غنية الإيحاء والدلالة . كذلك فعل المخرج ( ترينس مالك ) مبتكر الشعرية الفائقة في مواجهة الموت المجاني في تحفته السينمائية ( خط احمر رفيع ) ، وقبلهما البناء الدرامي الرصين والمؤثر في شريط المخرج جون بورمان (أمل ومجد) أواخر الثمانينات ، والأمثلة تتسع .
إن العودة إلى روح الأفلام الروائية الطويلة بإنتاجها الضخم وشخصياتها العديدة تمثل في جانب من جوانبها مرتكزا أساسيا للشروع من جديد في جذب المتفرجين إلى هذا النوع من الأشرطة بعد عزوف حاصل سببته تبدلات ومسارات واقعية أخرى . وهنا يتعالى ثانية السعي إلى إعادة قراءة وقائع الماضي طبقا لصلتها بالحاضر وبحدس الأخطار المتوقعة ، ويستحوذ على اهتمام الغالبية . لكن العين المبصرة تبقى - بكل الأحوال – قادرة على الإحاطة بمديات الموسم السينمائي عبر تحليلها للإشارات المبثوثة في هذه الأفلام وقراءتها بحذر شديد . فسينما الحرب ، ومن دون مبالغة ، هي مما يمكن وضعه تحت مصنف نظري مهم يبحث العلاقة بين السينما والأيديولوجيا .. ولنتذكر الأشرطة الكثيرة التي تتحرك موضوعاتها على خطوط التماس مع التاريخ الواقعي للبشر ، القريب أو البعيد .
أصبحت أشرطة عدة يعرفها الجمهور مثل ( إنقاذ الجندي رايان ، العدو عند الأبواب ، حرب هارت ، بيرل هاربر ، قيثارة الكابتن كوريللي ) وأخرى غيرها ، تتطلب من المتلقي عناية خاصة ، تتوقف على مدى الاستجابة لضرورة تحليل المواقف والشخصيات وتأويل الغايات والإشارات الجمالية في خطابها السينمائي ، لاسيما أنها ذات تضليل يجري تعميمه كمقدمة لتخليق وعي مشوه يطابق الصورة المعروضة ويقف عند حدودها من دون أدنى مساءلة عن الكيفيات والسبل الكفيلة بارتحال ثيمة الحرب من الواقع إلى الصورة أو العكس .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم السينما الفسيح
- عيد الحب ومنفى البلاد العربية
- حول إشكالية التلقي بين الرواية والفيلم
- أجهزة الدولة العراقيةإإإ والولاء المزدوج
- بوضوح شديد ..تعددت السلطات والهم واحد
- بوضوح شديد الاعلام العربي...سلوك النعامةإإإ
- ماذا تبقى من البعث؟سؤال عراقي
- عن السؤال الثقافي والقراءة الواهمة إشارات في المتغيَّر العرا ...


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - الحرب من الواقع الى الصورة