|
الديكتاتور6 ( القصر- مكتب الزعيم )
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 22:32
المحور:
الادب والفن
المشهد السادس (القصر - مكتب الزعيم ) ( يجلس عسال وسياف وعقاب والشيخ هدهد وولاء في قاعة الاجتماع ، يدخل الزعيم بزيه العسكري ) الزعيم ( حاملاً سيجاره ) : أهلاً .. أهلاً بالرجال الشجعان . الجميع ( يقفون باستعداد) : يحيا الزعيم ، تحيا الدولة . الزعيم ( يشير بيده ): تفضلوا بالجلوس . ( يجلس الجميع ) الزعيم ( ببرود ) : لولا سحقكم للخونة والمتآمرين لما انعقد مجلسكم في هذا اليوم العظيم . عسال ( يومئ برأسه) : أجل سيدي ، ودولتكم باقية حتى الرمق الأخير ، فعدونا لم يعد خلف حدودنا ، بقدر ما أصبح بين ظهرانينا . الزعيم ( يشير بيده لعسال ) : لن أنسَ صمودك الأسطوري ، وكذلك صمود جنودك البواسل ، ومؤازرتك لنا في يوم الحسم العظيم ، فلولا خططك الجهنمية لما استطعنا الإمساك برأس الأفعى ، ولما نجحنا . عسال ( مطأطئاً ) : عفوك سيدي ، وما أنا سوى أحد جنودك الغيارى ، وكلنا طوع بنانك ورهن إشارتك . الزعيم : أيها الجنرال عسال ، وفاء لاستبسالك في يوم الحسم العظيم ، لقد وقع الاختيار عليك لتكون وزيراً للحرب . عسال ( مزهواً ) : هذا شرف كبير يا سيدي . الزعيم ( محذراً بيده ): لكن عليك أن تعلم جيداً ، أنك المسؤول المباشر عن كل ما يلزم الجيش من تسليح وتدريب ، ولتكن على دراية كاملة ، إنني أريد جيشاً قوياً ، أحميه واحتمي به من غدر الزمان . عسال ( متملقاً ) : سيدي الزعيم ، جيشك وجد ليحارب الأعداء ، ويخط طريق النصر الذي رسمته لنا . الزعيم ( يشير إلى الجنرال سياف ) : أيها الجنرال سياف ، وصلني أن الناس بدأوا يثرثرون في كل مكان ويكثرون من همسهم . سياف ( مستغرباً ) : ليس صحيحاً سيدي ، رجال الأمن في حالة استنفار دائمة هم و رجال الظل ، وما من أحد يجرؤ على الكلام إلا وكان ماثلاً بين أيديهم . الزعيم ( مقطباً حاجبيه ) : لا أشك في ذلك ، لكنني لا أرضى أن تلوكنا ألسنة السواد الأعظم من الشعب ، بما يحط من قدرنا ويقلل من هيبتنا أمام العالم ( يشير إلى سياف ) أيها الجنرال عليك ورجالك أن تقطعوا لسان مَن يتطاول على سيادتنا. سياف ( يومئ برأسه ) : أمرك سيدي ، تعليماتك قيد التنفيذ اعتباراً من هذه اللحظة . الزعيم (يشير إلى ولاء ) : أيها الوزير ، لا أريد البتة أن تتكرر أخطاء محرريك في الصحف ، ولا أن تسمح بنشر الأخبار المسمومة . ولاء ( مرتبكاً ): عفوك سيدي ، أعدك أني سأنزل أقصى درجات العقوبة وأشدها لأي تهاون أو تقصير، وبالنسبة للأخبار ، أطمئنكم سيدي لقد قمنا بالواجب مع عدد من الصحفيين المشاغبين ، وهم الآن خارج دائرة العمل . الزعيم ( بتثاقل ): هذا جيد ، ولكن إياك أن تتساهل مع أي صحفي كان ، لا أريد أن أرى صحفاً غير الصحف الناطقة باسمنا . ولاء (يومئ برأسه) : اعتبار من اليوم سنصادر كل الصحف المستقلة تمهيداً لإغلاقها وسحب اعتمادها لدينا ، أطمئنكم أنه لن تكون هناك صحافة سوى صحافتكم سيدي . الزعيم ( يشير إلى الشيخ هدهد): وماذا أعد شيخنا الفاضل لتجديد طاعتنا ؟. الشيخ هدهد ( باسماً ): لقد أفتينا سيدي الزعيم ، أن طاعتكم من طاعة الله ، ومبايعتنا لكم لا حدود لها . الزعيم ( مزهواً ): أيها الشيخ هدهد ، أكثر من فتاويك ، ومن دعائك لنا في كل مناسبة. الشيخ هدهد ( متضرعاً ) : وفقكم الله وسدد خطاكم في الدنيا والآخرة لما فيه خير البلاد والعباد ، ونصركم على أعدائكم وثبت أقدامكم على طريق الحق. الزعيم ( مقطباً حاجبيه) : اللهم آمين .. آمين ( يشير إلى الشيخ هدهد) لولا ثقتي بك ، لما منحتك الحق في إصدار الفتاوى . الشيخ هدهد : أقدر فضلكم جيداً ، ولن أنساه ما حييت . الزعيم : إن مسؤوليتك في ضبط الرعية ستكون من أصعب المسؤوليات وأخطرها في الأوقات الحرجة ، لذا عليك ، أن تبقى قريباً من الشارع كقربك منا ، تجس نبضه وتهدئ من روعه وتخفف من احتقانه . الشيخ هدهد : سأعمل ما بوسعي دون ملل أو كلل ، والله ولي التوفيق . الزعيم ( مطرقا) : آه .. تذكرت ، ثمة أمر في غاية الأهمية . الشيخ هدهد : تفضل سيدي ، وما هو ؟. الزعيم : نسيت أن أنبهك إلى أننا لا نريد للرعية أن تشرع في تشيد دور العبادة من تلقاء نفسها ، ومن دون أن تحظى بموافقتنا وقبولنا ( يشير بإصبعه ) عليك أن تتعاون مع أجهزة الأمن التابعة للجنرال سياف ، لجهة التنسيق الكامل بينكما ، فليس مقبولاً أن تلقى الخطب العصماء والمواعظ الحماسية في دور العبادة . سياف : سيدي ، عيوننا تراقب الناس في لهوهم ونسكهم . الزعيم ( محذراً) : كل متعبد تشكّون في سلوكه ، لا تتردوا في اعتقاله واستجوابه ، أفمهوم هذا ؟. الجميع ( مطأطئون ): مفهوم سيدي . الزعيم ( يشير إلى عقاب) : أما أنت ، فمهمتك لا تحتاج لأن تكون فيها سائساً . عقاب ( مرتبكاً) : عفوك سيدي ، إذا لم أكن سائساً فما عساي أن أكون ؟. الزعيم : واضح أنك تفهم السياسة وفق الصيغة التقليدية . عقاب : عذراً سيدي ، لم أفهم قصدكم ؟. الزعيم (عابساً ) : لم أرك مسيساً كما يجب ، ينبغي أن تكون كذلك أفهم جيداً ما سأقوله لك . عقاب : تفضل سيدي ، كلي آذان صاغية . الزعيم ( يشعل سيجاراً) : إدارتك للملف السياسي لا تقل خطورة عن إدارة ملف الأمن الذي يتولاه الجنرال سياف ، والفارق بينكما أنك تتعامل مع الخارج بعقل منفتح ، بينما يتعامل هو مع الداخل بقلب حديدي (ينفث دخاناً ) أفهمت قصدي . عقاب ( يومئ برأسه ) : مفهوم سيدي . الزعيم : لا بد من الانفتاح على هذا الكون قدر ما استطعنا ، ( مستدركاً ) لكن انفتاحنا هذا ينبغي أن يكون مشروطاً ، وذلك لجملة أهداف يفترض لها أن تصب في مصلحتنا وليس في مصلحة من نريد أن ننفتح عليهم ، وهذا يقتضي أن نلعب اللعبة ونقيضها في آن معاً ، (محذراً ) عليك أن تستمر في سياساتنا التقليدية القائمة على ابتزاز جوارنا عبر التدخل في شؤونهم الداخلية ما أمكن ، نظير مساومة قضاياهم مع البلدان الأبعد والأقوى عالمياً ، من خلال سياسة الانفتاح ، وبهذا التكتيك السياسي نكون قد صنعنا المشاكل للآخرين ، وبذات الوقت وحدنا مَن يملك مفتاح الحل ، بانتظار أن نقبض الثمن ، أمفهوم هذا ؟. الجميع (بصوت واحد ): مفهوم سيدي . ( يدخل رعد ) الزعيم ( يقف) انتهت الجلسة . ( يخرج الوزراء ) الزعيم ( يجلس ) : الآن نستطيع أن نتحدث كما نشاء . رعد ( يجلس حانقاً ) :ألم تر أنك تسرعت كثيراً عندما أسندت أمور الجيش والحرب إلى الجنرال عسال ؟. الزعيم ( بثقة) : أطمئن يا رعد ، مفاتيح الجيش وأقفاله كلها بيدي ، ولا يستطيع أحد أن ينتزعها مني ، ومهما كان شكل وزير الحرب ولونه ، فأنا أبقى الآمر الناهي ، والقائد الأعلى للجيش . رعد (يشعل سيجاراً) : وما الضامن في ألا يتمرد جنرالات الجيش في لحظة غضب أو يأس ؟ ( يشير إلى الزعيم ) أنسيت أنك وصلت إلى هذا العرش الكريم بانقلاب أحمر ، ساندك فيه لفيف من جنرالات الجيش ؟. الزعيم : ومَن قال إني أنكر هذا الواقع ، لكنني لا أشي به للبلهاء ، فما أعطيه لجنرالاتي اليوم من عز ونعيم ، سآخذه غداً طاعة وولاء . رعد ( مستفهماً): كيف سيتم ذلك ، هلَّ أوضحت لي ؟. الزعيم : قبل قليل امتعضت كثيراً لأني أوليت أمور الجيش للجنرال عسال ، أليس كذلك ؟. رعد (يهز رأسه) : نعم .. نعم . الزعيم : فكما أوليته هذا المنصب الرفيع لمشاركته إياي في الانقلاب ، فإنه سيبقى يتذكر على الدوام أن منصبه جاء بحكم المكافأة وليس بحكم الكفاءة الميدانية ، لذا سيظل في حاجة مستمرة لإثبات طاعته لي ، كي يحافظ على هذا المنصب . رعد (يصفق بكلتا يديه) : أشهد أنك زعيم بارع لا تترك أي أمرٍ ، كبيراً كان أو صغيراً ، دون أن تمسك بتلابيبه ( متجهماً ) لكنك تعلم أنني لا أجد نفسي إلا في الجيش وبين الجنود والضباط . الزعيم : أعلم ذلك جيداً . رعد : إذا كنت تعلم ، فهل ترضى أن يُترك الجيش كالبيت بلا سطح ؟. الزعيم ( بثقة ): لن يدخل الجيش إلا من أرضى عنه . رعد ( هازئاً ): ومن أين لك القدرة على معرفة الغث من السمين ؟ إذا ما فتح باب الجيش على مصراعيه ، فلن تستطيع إغلاقه . الزعيم ( يتنهد ) : لا مشكلة .. لا مشكلة ، لقد وجدتها . رعد : أي مشكلة ، ماذا وجدت ؟. الزعيم ( بدهاء) : فهمت قصدك جيداً ، وعرفت بعد طول تخمينٍ ماذا تريد ، ألم تقل قبل قليل ، إنك لا تجد نفسك سوى في الجيش ؟. رعد : نعم . الزعيم : لأجل هذا ، سأولي إليك مهمة أمن الجيش وضبط حركته ومراقبته ابتداءً من التطوع وحتى التقاعد ( بخبث ) وبذلك أكون قد ضمنت أن أحداً لن يستطيع أن يشق عصا الطاعة . رعد ( يصفق) : وأشهد أنك داهية في عصرٍ قل فيه الدهاة . الزعيم ( يشهر سبابته في وجه رعد ) : وعندها سيكون الجنرال عسال وكل الجنرالات الكبار والصغار تحت أنظارك ( يتنهد ) وبذلك أكون قد ارتحت من عناء التفكير في أمن الجيش وغدر جنرالاته . رعد ( باستعلاء) : على أن أكون الآمر الناهي .. الزعيم ( مقاطعاً بغضب ) : ولكن من بعدي ، أمفهوم هذا ؟. رعد ( كاظماً غيظه): مفهوم .. مفهوم . الزعيم ( يحدق بعيني رعد ): عيناك تنبأن بكوارث وحروب . رعد ( حانقاً ): تقرأ حتى ما في داخل عيون ابن أمك ( يقف غاضباً ) الأيام ستحكم بيننا ( يخرج ). الزعيم ( يقف حاملاً عصاه ) : بل أقرأ عيون الجنين وهو في بطن أمه . (يخرج) . * * * --------------------------- عسال : وزير الحرب سياف : رئيس جهاز الأمن عقاب : جنرال ووزير دولة ولاء : وزير الدعاية الشيخ هدهد : واعظ رعد : شقيق الزعيم
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديكتاتور 5 ( منتدى العدالة )
-
ماركس والاعتراف بمحمد
-
الديكتاتور 4 ( قمع الصحافة )
-
الديكتاتور 3 (مقهى المدينة)
-
هل وفاء سلطان علمانية ؟
-
الديكتاتور 2 ( قاعة السجن )
-
دمشق - طهران .. والسير في حقل الألغام
-
الديكتاتور 1 ( قصر الزعيم )
-
لا تغرقوا مصر في الظلام
-
الإسلام والحضارة : أزمة هوية
-
لماذا العلمانية ضد الإسلام ؟
-
الإسلام والسلطة : مَن يُفسد الآخر ؟
-
العربدة الأسدية !
-
خصخصة الإسلام لا علمنته
-
الإسلام كقنبلة بشرية
-
خسارة الإخوان السوريين
-
الأسد بين محكمتين
-
النظام السوري وعودة الإخوان
-
النظامان السوري والإيراني : صناعة الفوضى
-
العراق الجاني والمجني عليه
المزيد.....
-
ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة
...
-
-شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|