عبدالكريم كاصد
الحوار المتمدن-العدد: 2751 - 2009 / 8 / 27 - 10:07
المحور:
الادب والفن
إلى الصديق الشاعر محمد مظلوم ذكرى زيارتنا قبر البياتي
وأخيراً
ها هو الموت
يرفعُ قبرَك بمخالبهِ
ويُودعهُ صخرة
في أعالي الجبل
*
قلتُ للبياتي:
لماذا أنت على الحافة دوماً
عالياً
وموشكاً على السقوط ؟
*
ما أشقى أن يحملَ قبراً
طائرٌ
لا يحطّ !
*
ما أغربَ الطريقَ إليك:
*سماءٌ تُقبلُ صامتة
*شجرٌ كالممسوس يخبئ خضرتهُ
*أجنحة تصطفق ولا يبصرها أحدٌ
*عرباتٌ قادمة بالأشباح
*وهذا البائع
- ما يزن؟
- الهواء
*
ما أبعد قبرك عن الأرض
وما أقربهُ إلى السماء!
ولكنْ
لماذا كلّ هذه الضجة
تُحدثها هذه الشجرة؟
*
ما أفجعَ الغروبَ عند الجبل
حين تنحدرُ الشمس بين المآذن
ويرنّ جرسٌ بعيد
في برج
*
هذا البحرُ المتلاطم
- الفجر -
من يوقفهُ؟
كاد يزحزحُ قبرَك عن صخرتهِ!
*
ما أكثرَ أعداءَك!
حتى في الموت
مع أنك صامتٌ..صامتٌ
كطفل
*
النسر
الذي نهش صدرك قبل ثلاثين قرناً
ها هو الآن يعود
ليحط على الصخرة ذاتها
حيث تنام
*
حين يتسامر الموتى في الليل
بمَ تحدّثهم؟
*
حين تضئ النجوم
فيصبح قبرك بيتاً
ماذا تفعل يا عزيزي البياتي؟
هل تسهر وحدك؟
*
متردّداً أمام الباب
يقف الربيع
مستأذناً للدخول
*
كلّ شئ هنا يتنفس:
أرواحُ الموتى
الأشجار
الحجر
الحجر أيضاً
*
ما أوسعَ المقبرة..!
وما أضيقَ الجبل..!
*
أما زلتَ هنالك
عند ضريح الكيلاني ببغداد
تمرّ بك الأغنام المسلوخة والناس؟
*
حين تغادر قبرك
من ببقى في القبر هناك؟
*
الضرير
الذي أوقفنا
هل يعرف أنك ميْت؟
*
قبل عشرين عاماً
ثلاثين عاماً
مررتُ بهذا المكان
كانت الظهيرة ترمقني
بعينين حمراوين
والبيوت الصغيرة كالأفاعي
تتمرغ في الشمس
*
(ما الذي جاء بك ميْتاً إلى هنا؟)
ما الذي جاء بي؟
حاملاً بيتيَ الصغيرَ أسفل الجبل
بابوابهِ
ونوافذهِ
باشباحهِ ومراياه
هلْ..
لأغلقهُ عليّ؟
*
اللغة التي اصطحبتها يوماً إلى الشارع
لتبتهجا بالأشجار..
وبالناس
ها هي الآن تتسوّل
*
سأعود إلى البيت
ومن يدري؟
فقد لا ارى صورتي في المرآة
#عبدالكريم_كاصد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟