|
اليمن - ليبيا - مصر / الآب والأبن بدون روح القدس
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2724 - 2009 / 7 / 31 - 09:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثلاث أنظمة عربية من رحم المؤسسة العسكرية ، دخلت عنق الزجاجة . أو بالأصح في عالم الغيب حول مستقبلها . ما بعد تلقي التعازي الرسمية في الموسم القادم . ورغم أن الأعمار كما يقولون بيد الله عز وجل . لكن هذه الأنظمة ،على تعبير أحد المعلقين الغربيين تعيش مرحلة العمر الإضافي الممنوح لها ليس من الحكم ( روح القدس الشعب ) بل من المؤسسة العسكرية – الأمنية الحاكمة . فهي بالضبط مثل عقيدة التثليث في الديانة المسيحية ، بدون روح القدس لا يوجد لا آب ولا أبن . لكن في النظام العربي ، يجوز لمعاوية ما لايجوز للحسين . رغم أن أخناتون هو صاحب البيان الاول الذي قضى على نظام التعددية . هناك شواهد ، ومؤشرات على عمق الأزمة التي من المتوقع حصولها في الأنظمة الثلاث المذكورة . وهي ليست جديدة ، إنما جديدها في إنتقالها من دائرة البحث المغلق الى دائرة أوسع تناقش ، إحتمالات تداعيات ذلك على الأوضاع الداخلية أولاً ثم المنطقة العربية ، وبعلاقاتها الأقليمية والدولية . لاسيما أمن المنطقة والجوار. دوائر بحثية ، إستراتيجية غربية لا تخفي ، قلقها المتنامي حيال ذلك . لاسيما بلدان الجوار الجغرافي الاوربي ؟ . ورغم أن هناك العديد من الدوائر التي تعني بدراسة المستقبلات ، والتنبؤ بما سوف تؤول اليه الاوضاع في هذا الجزء أم ذاك من العالم ، لكن العالم العربي ينطوي على شئ من اللغز المحير او سحر شرقي راقص . بسبب تداخل جملة من العوامل الغيرمفهومه لعواصم القرار السياسي العالمي . والبعض لا يخفي أحياناً عدم قدرته على فهم السلوك السياسي لعدد من الإنظمة العربية . ويبرز ذلك بوضوح لدى دراسة مغزى هذا القرار السياسي أو الإقتصادي . خاصة أن القرار العربي كان دائماً يتخذ في معزل عن روح القدس ، بل وفي غرف مغلقه ، ويحاط بجدار حماية من السرية منعاً لتسربه ليس للشارع بل لما يسمى ببرلماناً . بل حتى احزاب المنطقة تعيش مناخ مماثل من السرية وغياب ديمقراطية القرار. ربما سائق الأمين العام يعرف من المعلومات والقرارات ،أكثر مما يعرف أعضاء القيادة الآخرون . ترى هل توحد الجميع في مقولة وإستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ؟ الآب والأبن في واد وروح القدس في واد غير ذي قرع ولا ماء ولا كلأ . حتى القسيس تخلى عن جزء من مهماته في تلقي إعترافات المخطئين ، بعد أن تحول النظام بأسرة الى خطيئة بفضل غياب روح القدس عن سلطة الآب والأبن وحاشيتهم من المريدين والعسس . ثلاث بلدان عربية يتصارع فيها الفائزون مع الخاسرون . الآول لتحقيق فوزه والثاني للحيلولة دون خسارته . هل يمكن أن تجري الأمور بعد عمر طويل على الطريقة اللبنانية وصيغة لا غالب ولا مغلوب ؟ هناك أزمة شرعية سياسية ودستورية ، ثم أزمة تباطؤ إن لم يكن تراجع معدل النمو الإقتصادي ، ثم أزمة حريات سياسية وديمقراطية . وفوق ذلك صراع عائلي على التركة الموروثة . من الذي بإمكانه الإعتراض ، الأخوان او القوى الإسلامية الراديكالية ، الأحزاب المحلية ، أم مؤتمرات الشعب ؟ في ظل غياب حقيقي للديمقراطية ، من الصعب الحديث عن وجود معارضة . لأن المعارضة لا تقوم إلا بوجود ديمقراطية . ورغم أنه في حالات الأنظمة المستبدة تقمع المعارضة ، لكن تبقى حالات قادرة بشكل أو بآخر في التعبير عن روح القدس المفقود . وعندما لايكون المواطن قادراً على التعبير عن سخطه ، عندها يكون ثمن الإختلاف كبيراً. وربما نظام صدام حسين يعتبر نموذجاً على حجم الثمن الذي دفعه الشعب العراقي بكافة مكوناته العرقية . فعندما تسيطر النخبة الحاكمة على القرار السياسي ووسائل الإنتاج ،وتراكم العائدات في يد النخبة ، يصبح معها الإنفجار الإجتماعي ليس مجرد ثورة مخملية ، بل تسونامي مدمر لما كان يسمى بلداًً . اليمن وليبيا ومصر . ثلاث دول مهددة ليس بالإنقراض لا سمح الله ، بل ربما بمصير لا يقل عن مصيرأفغانستان ,وبيت الله محسود هو راكب ( ويتنك ليست ) على أول طائرة . البعض قد يصرخ محتجاً ، ومن حقه الصراخ والعويل وضرب الصدور . بيد أنه من الأفضل بدل ذلك قرع نواقيس الخطر. في المأذن والكنائس معاً في اليمن ، كان يدورالحديث همساً حول التوريث في جلسات القات ، وطبيعة الخلاف بين عائلة الرئيس وبني الإحمر، لكنه ومع التطورات الأخيرة ، بدأ يظهر للسطح ، وفي الجماهيرية حالة مشابه ، للذكر مثل حظ الأنثيين . وفي مصر الحديث عن التوريث علناً منذ سنوات . إذن نحن أمام تطورات سياسية جديدة متوقعة ، هذا إذا لم يتحول اليمن الى مركز طالباني جديد بالتحالف مع الغريم المذهبي لمواجهة متطلبات التغيير في الجزيرة العربية ( القم العربية ) . ربما أن مركز ( قم ) في إيران يحاول سرقة الحجر بعد أن سرق دور النجف . كل شئ ممكن ؟ الم يسرق قرامطة الزمن الماضي الحجر الى البحرين ؟. وفي ليبيا في ظل تغييب ومنع اية معارضة ديمقراطية ، فقد نبتت المعارضة الدينية من كافة الزوايا الليبية ، ولا أحد يدري إذا ما كان بإمكان( اللجان الثورية ) تقليم أظافرهذه القوى، كما قضمت أنامل معارضيها . وفي مصر معقل وقلعة الأخوان ، فإن اهل عاصمة الفاطميين أدرى بأشباحها ؟ ترى هل يمكن أن نشهد تكراراً لمذبحة مماليك جديدة ؟ أم أن أمين بك لم يتولى الحكم بعد ؟ رغم أن مصر تحكمها مؤسسات وعسكر. ما يسمى بالعالم العربي على أبواب مرحلة جديدة ، بالتأكيد إعادة بناء ، السؤال إعادة بناء بأي إتجاه ؟ هنا المشكلة الرئيسية . من العبث تجاهل ما يحيط بنا من مخاطر ، والنوم على الحرير، او الإكتفاء بسياسة ردة الفعل فقط كعادة السياسة العربية في تعاملها مع داخلها وخارجها السياسي . العالم العربي معرض للتفكيك أكثر مما هو مفكك الأن . ولعل أكبر أكذوبه روج لها النظام العربي بأنه نظام مستقر سياسياً ؟؟ والأن بدأت تظهر نتائج وضع دفن الرأس تحت النعال . لاسيما وأن مؤشرات الحديث عن تغيير شكل الدولة القادمة في البلدان الثلاث بدأ يرتدي مؤخراً طابعاً عملياتياً . بل أن عواصم غربية شهدت زيارات مكثفة و ( سرية ) على الطريقة العربية ، لقوى دينية في محاولة لطمأنة قوى دولية أنهم ( في حالة إستلامهم للسلطة ) فإنهم سيسعون الى تأكيد إلتزامهم بالديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان ؟؟ وأن هناك خلافاً جوهرياً بينهم وبين القوى المتشددة . رغم أن اللقاءات كانت غير رسمية أو على طريقة ( تبادل وجهات نظر ) بيد أنهم سمعوا من بعض القوى الاوربية تخوف الرأي العام الاوربي من تحول الشرق الاوسط الى مخزن تصدير للمشاكل للعالم الأكثر تقدماً (... ) حتى أن بعض القوى السياسية الاوربية المتضامنة مع قضايا العالم العربي ، وبالأخص القضية الفلسطينية ، بات يعزي تحول قطاعات من الرأي العام الاوربي نحو اليمين بسبب سلوك بعض الجماعات التي إتخذت الإسلام ستاراً لها . وبالتالي لم يعد المواطن الغربي قادر على التمييز بين الإسلام كديانة وبين تلك الفئة التي تدعي أنها تنفذ تعاليم دينية . وهنا جوهر الخطورة . ربما الصومال مؤشراً ونموذجاً ، وكذلك ما حصل في نيجيريا وما هو حاصل في بلدان أخرى . من هذا الفهم هناك تخوفات جدية . ترى هل وصلت الأمور في البلدان الثلاث مرحلة سن اليأس ، أم أنه لازال هناك متسعاً من الوقت الضائع لإعادة ترتيب ما لم يجري ترتيبه في السنوات الضوئية من حكم هذا وذاك ؟ من الصعب الإجابة على هذا التساؤل لأنه مرتبط بتساؤلات أخرى مثل حبات مسبحة الدراويش أو القساوسة . ماهي النتائج التي قد تسفر عنها إحتمالات التغيير ؟ العالم العربي لا يعيش في فراغ ، إنما في مناخ إقليمي ودولي مفعم بالتغييرات . ترى هل تكون القضية الفلسطينية أكبر الخاسرين ، أو كبش الفداء القادم . نصف الجواب في غزه ونصفه الاخر في ... ما شئت من العواصم الأخوية . السؤال الكبير هنا الى أين تسير المنطقة ؟ لانملك جواباً بيد أن الجواب على ما يبدو عند من يحاولون إحتكار انهم الحقيقة والصواب . لكن بعد إندلاع الحريق قد لا يجدي نفعاً حضور سيارة الإطفاء .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة الصحافي اليوناني الذي إعتقلته السلطات الإيرانية أمام ا
...
-
وجهة نظر يونانية حول قضية القدومي
-
نكاح حلال.. وثقافة النفاق مع الذات والرمز
-
شاطئ النقاب الذهبي الحلال
-
حوار مع الأستاذ إبراهيم علاء الدين .. المهم بناء وطن وليس كن
...
-
لمصلحة أية أجندات سياسية توظف منظمات التطرف الآصوليةالإسلامي
...
-
لماذا لا تجلد فرنسا المنقبات
-
لماذا لم يعلن الجهاد المقدس ضد الصين ؟
-
لا.. لحملات الإعدام في إيران نعم ..لحق المواطن في المعارضة
-
على هامش قمة الثمانية بين خيام المنكوبين وخيمة العقيد ومدن ا
...
-
سوريا .. والعودة المتدرجةالى مثلث القرار العربي
-
مؤتمرات تشتيت الشتات ومهرجانات لإتحادات جاليات بالجملة
-
هجرة أم فرار غير منظم من الاوطان
-
هل تعيد القاهرة بناء خارطة سياسية فلسطينية جديدة ؟
-
لماذا لا يتمسك المفاوض الفلسطيني بدولة كل الشتات ؟
-
مؤتمر حركة فتح السادس ومهمات التحول من مفهوم الحركة الى حزب
...
-
هل نتنياهو كذاب..أم ..؟
-
النرجسية في العمل السياسي والاصل الاغريقي للمصطلح
-
لماذا تراجع اليسار اليوناني في الانتخابات الاوربية
-
نحو حزب إشتراكي فلسطيني
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|