أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - أبوية العلاقات السياسية العربية














المزيد.....

أبوية العلاقات السياسية العربية


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لا تغيب الممارسات الأبوية المهيمنة على الأسرة العربية عن واقع العلاقات السياسية بين الدول العربية ذاتها. ورغم صيغ التفاهم العربية واللقاءات والحوارات المختلفة فإنها لم تفلح في تغيير التصورات الأبوية المسبقة الجاثمة على العلاقات السياسية الراهنة. فلم تنجح العلاقات القائمة بين الكثير من الدول العربية في صياغة أطر قائمة على المساواة والندية وحق الآخرين في التعبير عن رؤاهم ومصالحهم. ومثلما تتم العلاقات داخل الأسرة من خلال الهيمنة الأبوية الصرفة التي تتيح لرب الأسرة الحق في اتخاذ كافة القرارات الخاصة بأبنائه بدءا من تعليمهم مرورا بعملهم وحتى زواجهم فإن بعض الدول العربية تتصرف على هذا النحو من خلال فرض آرائها بما يتفق مع مصالحها وتوجهاتها بغض النظر عن مصالح الآخرين وتوجهاتهم.
ويبدو الواقع العربي الراهن مشحونا بدرجة مخيفة بممارسات العقلية الأبوية التي تجاوزتها الكثير من مناطق العالم، وعلى رأسها أوروبا. فرغم الخلافات التاريخية بين الكثير من الدول الأوروبية إلا أننا لا نرى سيادة تلك العقلية الأبوية التي تستطيع بها دولة أن تفرض رؤاها على عموم القارة الأوروبية أو أن تصادر حقوق الآخرين من أجل تحقيق مصالحها الخاصة. الواقع الأوروبي متطور ومتقدم وديمقراطي ولا يليق بأي من رؤساء دوله أن يمارس تلك النزعة الأبوية المتجذرة في العقلية العربية.
تنتج هيمنة العقلية الأبوية في السياسات العربية المعاصرة مجموعة من النقاط الهامة والمؤثرة على طبيعة السياسات بين الدول وعلى مستقبل المنطقة ذاتها يمكن إجمالها فيما يلي:
سيادة منطق العقلية التوسعية الراغبة في الاستحواذ على الآخرين، وتظهر هذه المسألة واضحة وجلية في العلاقة بين الدول الكبرى والدول الصغرى. فالعلاقة بينهما يحكمها منطق القوة والنفوذ. صحيح أن هذا هو منطق العلاقات في كل مكان، لكن غيرنا استطاع أن يقنن من علاقات الهيمنة والنفوذ والسيطرة بينما ما زلنا نحن نمارس السياسات الأبوية نفسها، ونوسع من رقعتها، بل ولا نستحي من تبريرها.
شيوع منطق الرضا أو الغضب بوصفهما العنصر الحاكم للعلاقات السياسية بين الدول العربية، ولا تظهر هذه الوضعية فقط في الموقف من الدولة ككل بل تتعداها في الكثير من الأحيان إلى التدخل السافر في شؤون الدول الداخلية، ونصرة فصيل على حساب فصيل آخر، إلى الحد الذي أصبحت فيه بعض الدول الصغرى مجرد ساحات خلفية للدول المتنفذة حيث سيادة منطق العصا والجزرة بكل قبحه وصفاقته.
يرتبط بذلك منطق العقاب الذي يظل سيفا مسلطا على رقاب كل من تسول له نفسه الخروج على الحالة الأبوية المهيمنة. ويأخذ منطق العقاب أشكالا عديدة تبدأ بالتدخلات في الشؤون الداخلية والعمل على زعزعة الاستقرار ومناصرة الأجندات الأجنبية المضادة للمشاريع الوطنية. وإذا لم تستطع الدول القيام بمثل هذه الأمور مباشرة فإنها تبدأ ممارسة "الغلاسة" على حد قول المصريين. فمن بين أهم سمات العقلية الأبوية العربية الراهنة شيوع الأفعال غير العقلانية المضادة لما تمليه مصالح الشعوب والعلاقات فيما بينها، لكنها تحقق مصالح القوى المهيمنة في بعض الدول بغض النظر عن حجم الأضرار الهائلة التي تتسبب فيها سواء للدول أو للشعوب.
تؤدي مثل هذه التصرفات والممارسات إلى تعميق حدة الكراهية بين الشعوب العربية بدرجة غير مسبوقة في ظل الحملات الدعائية الهائلة التي تملأ العديد من الصحف المخصصة لمشاريع تلك الدول وأجنداتها السياسية المختلفة. فالشارع العربي أصبح منقسما الآن بشكل حاد بين تأييد تلك المشاريع ومساندة الدول التي تحاول فرضها وبين معارضتها والوقوف ضد الداعين لها. ولعل ذلك هو ما يفسر محاولات بعض الدول الصغيرة في المنطقة على مقاومة مشاريع الهيمنة والغلاسة التي تمارسها بعض الدول في تحدي أقرب للمروق السياسي. فالدول الصغرى أو بعض الفصائل منها لن تقبل بتلك العلاقات المهيمنة التي تمارسها الدول الكبرى ضدها.
الواقع العربي الراهن ينتظر تعديلا في العلاقات العربية السياسية بين دوله المختلفة، وبشكل خاص بين دوله الكبرى والصغرى. ورغم أن طبيعة هذا التعديل تظل رهنا بتغيير واقع العقلية الأبوية المهيمنة في جملة الممارسات العربية اليومية فإنه من الضروري أن يضرب القادة العرب مثالا حيا وواضحا على نبذ تلك النزعة الأبوية المهيمنة، ووضع أطر جديدة تراعي مصالح الآخرين وتمنح الشعوب أفقا جديدة على كيفية التعامل والتواصل اليومي الإنساني.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصاعد العنصرية ضد المسلمين في أوروبا
- فوبيا عبدالناصر في الإعلام العربي
- الشخصية الفهلوية المثقفة
- الإعلام العربي بين التنوير والتغريب
- الحرية على الإنترنت
- عناصر القوة الأميركية
- عناصر الضعف الأميركي
- مسألة التعويضات وتسعير الضحايا
- المتحدث الرسمي باسم الحكومة
- واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية
- صورة أميركا في العالم العربي
- محمود أمين العالم: مناضل من الزمن الجميل
- البلطجي والضحية والمتآمرون!
- استهجان المقاومة في غزة!!
- لماذا لن يحدث سلام مع إسرائيل؟
- تجسير الفجوة بين المثقفين!!
- هل لدينا أجيال جديدة؟!
- ثقافة -الإيمو-
- -عايزة أتجوز-
- عبء التاريخ


المزيد.....




- روبيو يحذر: على أمريكا التخلي عن جهودها إن لم تنته حرب أوكرا ...
- دولة جزرية نائية في المحيط الهادئ تحصل للتو على أول أجهزة صر ...
- بعد 4 أشهر من هجوم ماغديبورغ الدامي.. السلطات الألمانية تتبا ...
- أرمينيا تؤيد والولايات المتحدة ترفض قرارا في الجمعية العامة ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الأمريكية على منشأة رأس عيسى النف ...
- ميلوني تدعو ترامب إلى -إعادة العظمة- إلى الغرب
- أوزبكستان تناقش مع SpaceX إطلاق قمر صناعي خاص بها
- روبيو: الأيام المقبلة حاسمة لمسار السلام في أوكرانيا.. وإلا ...
- واشنطن تتهم شركة أقمار صناعية صينية بدعم هجمات الحوثيين على ...
- حماس ترفض -الصفقات الجزئية وتسليم السلاح-، ووزراء إسرائيليون ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - أبوية العلاقات السياسية العربية