أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير بولص إبراهيم - بقعة الأنفجار














المزيد.....

بقعة الأنفجار


أمير بولص إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2679 - 2009 / 6 / 16 - 08:03
المحور: الادب والفن
    



سحلت عباءتها التي تعفرت أطرافها بتراب الزقاق الذي افترشته ُ لتبيع ما لديها من بضاعة ..لملمت أطراف عباءتها ببطء وكأنها تلملم ما بقي لديها من أيام .. أكملت فرش معروضاتها ..لِتُخرج علبة سكائرها وتشعل سيكارة ..قاطعها أحدهم سائلا ً عن حاجة ٍ ما ..لم يعجبه السعر .. تركها تعود تتلذذ بشهقة ٍ من اللعينة التي أصبحت ترافقها منذ أن تطايرت قطع من أجساد لبشر ٍ نتيجة انفجار شيء ما في الجهة المقابلة من المكان الذي تجلس فيه قبل فترة زمنية ليست ببعيدة والذي نجت منه بأعجوبة .. ولو إنها وقتها تمنت أن تكون واحدة من الضحايا لتسدل الستار على أيامها منقذة بالانفجار نفسها من هذه الدنيا ..اتسعت حدقتا عينيها نحو بقعة الانفجارتلك التي بقت على ما هي عليه ..بل أصبحت تعتبرها متحفا ً طبيعيا ًلما آلت إليه تلك البقعة من المدينة ..كانت السيكارة تحترق بين أصابعها وكأن باحتراقها تُحرق سنوات عمرها التي مضت بحلوها ومرها ..لم تعد تسعفها ذاكرتها كيف وصلت بها الحال إلى قارعة ذلك الزقاق سوى هروب زوجها إلى خارج البلد بعد أن سلبها كل ما تمله من مصوغات ذهبية ورثتها عن والدتها ليبحث ذلك الزوج عن رفاهية خاصة به فقط في تلك البلاد البعيدة بعد أن وعدها بمرافقتها له هناك ..لكنها بقت هنا شاهدة ً على ما يجري في البلد تمتمت مع نفسها ..
ببضع كلمات بدت وكأنها كلمات لعنة على الذي تركها ..
انشغلت ببعض الأفكار المستعجلة بحيث أفقدتها إحساسها بنار السيكارة تلسع أصبعيها ..رمت عقب السيكارة لاعنة ً إياها وصانعيها والذي أوصلها إليها , لم تلبث على لعنتها تلك ثوان ٍ معدودة حتى أشعلت سيكارة أخرى مبتسمة باستهزاء
-- ألعنها ثم أعود أحضنها بين أصابعي من جديد وأقبلها بشفتي رغم كرهي لها وأستنشق روحها التي تدخل جوفي فتزيده مرارة ..بدأـ حركة المارة تقل مع تعامد أشعة الشمس فوق هاماتهم وبدأ الحر قاسيا ً بسطوته دون أن تبيع شيئا ً سوى بعض آهاتها باعتهم واشترتهم هي نفسها .. وقد يكون من مر عليها من الزبائن قد سألها عن بضاعتها ألا أنها كانت في عالم آخر ..
تصبب عرقها وهي تلملم بضاعتها لمغادرة المكان ..دوي انفجار قريب ..رفعت نظرها ..كان الانفجار في نفس بقعة الانفجار السابق ..توالت رشقات من الرصاص في المكان شَخَصَ نظرها نحو تلك البقعة ..أحست بجريان سائل احمر دافئ على وجهها ..حتى لامس َ شفتيها ..تذوقته بطرف لسانها ..
أول مرة أعرف إن للدم طعم لا أستطيع وصفه ..أخرجت منديلا ً قديما نُقِشَ عليه الحرف الأول من أسم زوجها لتمسح ذلك الدم ..تراجعت عن ذلك رامية ً المنديل باتجاه بقعة الانفجار ..
-- لا أن ألوث جرحي ودمي بمن تركني وترك كل شيء حتى البلد ..
بقي الدم يسيل على وجهها ونظرها شاخصا ً نحو بقعة الانفجار حيث تبعثرت نظراتها تحت أقدام المسعفين ..إلى أن تلاشى أثر الحادث وانسحبت الناس ..لتسجل هي في ذاكرتها حدثا ً قديما ً جديدا ً ولتبقى شاهدة لا تشهد بشيء ....


أمير بولص إبراهيم



#أمير_بولص_إبراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصباحات المحترقة
- صدى الصمت
- الإهداء إلى ..أنثى
- تناسل
- قبل البدء
- شهريار وشهرزاد في ليلة من ليالي هذا الزمان
- أحجية الصمت
- الزمن المصلوب
- ثمة امرأة على وجه قهوتي


المزيد.....




- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...
- لقطات -مؤلمة- من داخل منزل جين هاكمان وزوجته وتفاصيل مثيرة ح ...
- من السعودية إلى غزة.. قصة ’فنانة غزية’ تروي معاناة شعبها بري ...
- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير بولص إبراهيم - بقعة الأنفجار