أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال البلعاوي - عقلية المضطهَد(1)














المزيد.....

عقلية المضطهَد(1)


كمال البلعاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 09:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الخائض في هذا الكم الهائل من الكتابات السياسية العربية الحديثة في العقود الماضية يفاجأ بالعقلية السائدة للأغلبية من الكتّاب و العديد ممن يسمون بالمثقفين العرب , وقد اتيحت لي الفرصة في عدة أحيان للإطلاع على بعض الإصدارات الإعلامية القديمة نسبياً من مجلات و صحف سياسية منذ منتصف القرن المنصرم و حتى الآن لأصدم بحجم التشابه و الإصرار على الابتعاد عن أي قراءة مادية موضوعية للواقع و الإيغال في المثالية و فرض أراء و أحكام مسبقة و أمنيات و أحلام على التحليل السياسي .
و للأسف فما زال التحليل السياسي أسير أغلبية من هؤلاء الكتاب الذين ليس لهم علاقة بالواقع فلا يستطيعون حتى توصيفه ناهيك عن استقراء مستقبله فيتخبطون بين متفائل يرى في أي إشارة مهما صغرت بداية التحرر و نهاية الاستعمار و الإمبريالية و الصهيونية و بين متشائم يرى في الأمر القائم نهاية الدنيا و التاريخ و أي إشارة للتغيير ما هي إلا فلتة من فلتات الزمان أو جزءاً من نظرية مؤامرة لا ندرك كنهها .
و المتفائل هنا هو الشخص أو المثقف الذي يميل إلى تضخيم اصغر الظواهر و يعطيها أبعادا ليست منها و يذهب في تحليله إلى أمدية لا مبرر للوصول إليها, فتصبح أي نكسة للولايات المتحدة هنا أو هناك و مهما صغرت بداية لانهيار الولايات المتحدة و الإمبريالية العالمية و الرأسمالية و أي أزمة اقتصادية هي أيضا بداية انهيار الولايات المتحدة و الرأسمالية مع أن هذه الأزمات موجودة منذ بداية ظهور الرأسمالية, و قد مرت هذه التشكيلة الاجتماعية – الاقتصادية بعدد كبير من الأزمات الضخمة مثل الكساد العظيم و الركود بعد الحرب العالمية الثانية و ازمة النفط و انعكاساتها في 1973 فلم تؤدي إلى انهيارها و اذكر كل الحديث في بداية التسعينات عن ظهور اليابان كبديل للولايات المتحدة اثناء التقدم المطرد لليابان في تلك الفترة و ركود اوائل التسعينات في الولايات المتحدة فلم يكن هذا الحديث اكثر من تمنيات , و نذكر المبالغة احياناً في وصف السلبيات التي يعاني منها الكيان الصهيوني حول أزماته الداخلية المالية و الاجتماعية و حول الهجرة المعاكسة و الكثير من المظاهر الأخرى , و التي إن كانت صحيحة إلا أنها توضع في سياق بعيد عن سياقها الحقيقي كمجرد سلبيات لن تستطيع القضاء على هذا الكيان في القريب العاجل , و مع ذلك فيجب إدراك أن هذه التحليلات و بالرغم من ابتعادها عن أي تحليل واقعي مبني على الحقائق إلا أنها تصدر عن أشخاص يتوقون إلى الحرية و التخلص من نير الاستعمار و الإمبريالية و هذا ما يدفعهم إلى السير خلف سراب , فهم أصحاب نوايا حسنة إلا أن طريق جهنم مرصوف بالنوايا الحسنة و هذا التحليل الذي يتمنى البعض صحته أكثر مما يثق بصوابه فيعتقدون أنهم بهذا يقومون بحماية الجماهير من اليأس و يحفزونهم على المشاركة في العمل الوطني العام يؤدي بالنهاية إلى نتائج عكسية أفقدت الجماهير ثقتها بالكتّاب و المثقفين و حتى بالقضية إلى حد ما .
أما المتشائم فهو الشخص الذي ينظر بسوداوية إلى الواقع كما المستقبل موقناً بأن الظرف القائم لن يتغير و أن الولايات المتحدة ستستمر بحكم هذا العالم و أن الكيان الصهيوني سيبقى صخرة على صدر هذه الأمة و أن تحرر الأمة و نهوضها إنما هو حلم طوباوي لا يقول به إلا بعض المراهقين الحالمين الذين لم يدركوا – مثلما أدرك هو – من كل التجارب السابقة و الهزائم و النكسات أننا سنبقى نراوح مكاننا فتصبح الأحداث العالمية أو المحلية مهما عظمت ليست أكثر من مجرد أحداث عابرة لن تؤثر على الوضع القائم و هؤلاء يكونون غالبا على شكلين إما حالم سابق مفرط التفاؤل انتقل إلى حالة من اليأس كنتيجة لانهيار هذه الأحلام فإما يغرق في حالة من السوداوية و يدخل في ممارسات مازوشية ينتقم فيها لحاضره من ماضيه و ليأسه من أمله و ينزوي مهاجما البقية التي ترى أن هناك أملا في التغيير و يرى نفسه في موقع المتفوق عليهم و الذي تجاوز مرحلة الطفولة التي يعيشونها هم , و إما انتقل إلى صفوف الأعداء منظراً لهم و مدافعاً عنهم و يسوق الحجج ليبرر لهم اضطهادهم لنا مثلما حدث مع الكثير من الشيوعيين عند انهيار الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينات فالكثير منهم إما انعزل عن العمل العام إما انحاز إلى معسكر أعداءه السابقين .
و إذا حاولنا تفسير هذه الظاهرة التي طالت حضارة بأكملها بكتابها و مثقفيها يسير بنا المنطق إلى سبب رئيسي و أساسي لا يمكن إغفاله هو الاضطهاد الحضاري , فأضحت اغلب الكتابات السياسية و حتى طريقة التعاطي مع المسائل السياسية نتيجة مباشرة و إفرازا لعقود من الاضطهاد المتواصل و الشعور بالدونية الحضارية على كافة الأصعدة السياسية و الاقتصادية و الثقافية و هذا الاضطهاد بالذات هو الذي أدى إلى ضعف عام طال مستوى الفكر العربي و بينما كانت الإمبريالية تدمر الأسس الاقتصادية و الاجتماعية لتطورنا فإنها كانت تدمر في نفس الوقت ثقافتنا و مثقفينا مفرزتاً إما فكراً ضعيفاً مفككاً أو فكراً عميلاً تابعاً .
و كما أن اضطهادنا هو الذي ينتج مفكرين و مثقفين أصحاب مستوى منخفض فهو الذي يؤدي بهؤلاء المثقفين إلى التفاؤل المفرط كحلم للتخلص من هذا الاضطهاد أو إلى التشاؤم المفرط كنتاج لليأس و العلاقة هنا جدلية متبادلة فالمستوى المنخفض هو الذي يؤدي إلى التفاؤل و التشاؤم و هذين هما جزء أساسي من ضعف المستوى الفكري , ونرى هنا أيضا أن الجامع بين شكلي الانحراف – التفاؤل و التشاؤم – هو غياب القدرة على التحليل المادي فهم لا يمتلكون أسس هذا التحليل بل يكون تحليلهم خبط عشواء يضرب هنا و هناك تصيب حيناً و تخطأ أحيانا فهم لا يمتلكون الشروط الضرورية للقيام بعملية التحليل السياسي من منهج و أسس للتحليل إلى المعلومات اللازمة و لمن أراد أن يتابع نتائج هزائمنا الحضارية و جزءاً من أسبابها فليتابع الاطروحات و التحليلات السياسية في الكتابات العربية .



#كمال_البلعاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويكبيديا مصري و آفاق تطور اللغة العربية
- هل ستنهار الولايات المتحدة قريباً ؟؟
- الحرية و الديمقراطية في الماركسية ضرورة ام خيار


المزيد.....




- بعد انقطاع واسع للكهرباء.. فيديو يُظهر فوضى عارمة بوسائل الن ...
- خلال اجتماع السيسي والبرهان.. رفض مصري - سوداني لإجراءات إثي ...
- -لم يعد كافيًا-.. إيران: لن نوقع اتفاقًا نوويًا مع أمريكا مم ...
- تونس: مصرع 8 أشخاص وإنقاذ 29 آخرين بعد غرق قارب مهاجرين قبال ...
- الكرملين: بوتين يعلن عن هدنة لوقف إطلاق النار في أيام عيد ال ...
- من هو حسين الشيخ، نائب رئيس السلطة الفلسطينية الجديد؟
- -إيران تفقد السيطرة- بعد سقوط نظام الأسد والتغيرات السياسية ...
- المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية: باريس تدعو تل أبيب إلى وقف - ...
- وسائل الإعلام العالمية تتناول إعلان روسيا وقف إطلاق النار في ...
- ضابط استخبارات أوكراني: النزاع مع روسيا بلغ أسوأ مراحله


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال البلعاوي - عقلية المضطهَد(1)