أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غالي المرادني - 1- عن الإسلام والأخطاء النحوية في القرآن













المزيد.....

1- عن الإسلام والأخطاء النحوية في القرآن


غالي المرادني

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن تاريخ الإساءة للدين الإسلامي طويل وممتد ويمكن القول أنه بدأ مع بدء الرسالة الإسلامية قبل ما يزيد عن 1400 عام من خلال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. وعبر التاريخ فقد تنوعت أساليب الإساءة لهذا الدين العظيم ولرسوله الكريم واختلفت باختلاف من قاموا بالترويج لها. وقد كانت البداية في مكة مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قام البعض من أهلها باتهام الرسول (ص) بالكذب و الجنون، بل وامتدت هذه الإساءة إلى التنكيل والاضطهاد مما دفع المسلمين الأوائل إلى الهجرة. وبعد انتشار الدعوة الإسلامية في المدينة وما حولها بدأ بعض اليهود المعادين لرسالة الإسلام بترويج الأكاذيب من أن محمد (ص) قد سرق بعض ما جاء في التوراة بعد أن قام بعملية تحريف لهذه السرقات. كما أنهم اتهموه بأنه قد تقرب إلى اليهود وسعى لمصادقتهم في سبيل معرفة المزيد عن الدين اليهودي ليستخدم هذه المعرفة في الانقلاب عليهم فيما بعد.

ولم تقتصر الإساءة إلى الإسلام على فئة من اليهود الفاسدين فحسب، بل امتدت لتشمل فئة من المسيحيين أيضاً. وكان كتاب (الهرطقة) لـــ يوحنا الدمشقي هو من أوائل الكتب التي هاجمت شخصية الرسول الكريم حيث ذُكر فيه أن الراهب بحيرى هو الذي ساعد محمد (ص) في كتابته للقرآن، واتهمه أيضاً باقتباس بعض من كتابات ورقة بن نوفل الذي كان يعمل –بحسب زعمه- على ترجمة بعض الأناجيل المحرفة إلى اللغة العربية.

أما اليوم ومع التطور المذهل الذي شهده العالم في جميع المجالات ومع توفر العلوم والمعرفة ووسائل الاتصال فقد ظهرت على السطح افتراءات جديدة للإساءة إلى الإسلام ولشخصية الرسول الكريم... وعلى الرغم من توفر وسائل الحصول على العلم والمعلومات اليوم، فقد كان من المفروض أن تكون هذه الافتراءات قابلة للإثبات... إلا أن هذه الأكاذيب الهزيلة إن دلت على شيء فإنها تدل على جهل وحماقة من أطلقها على العكس مما هو متوقع.

وفي هذا المقال سوف نتحدث بعون الله عن التهمة المزعومة التي تقول باحتواء القرآن على أخطاء نحوية والتي يروج لها بعض جهلة اللغة العربية، وسوف نطرح بعض الآيات القرآنية التي يظن البعض احتوائها على هذه الأخطاء.

1- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (70) المائدة

الإعتراض: يجب أن ينصب المعطوف على اسم (إنّ) لتصبح (والصابئين) كما وردت في سورة البقرة:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (63) البقرة

في الآية الأولى جاءت الصابئون لأن الواو هنا استئنافية من باب إضافة الجملة للجملة وليست معطوفة على الجملة التي قبلها.. ومن الواضح أن الجملة تحتوي على أكثر من اسم موصول.. وعليه فإنه لا يلزم للإسم الموصول الثاني أن يكون تابعاً لـــ (أنّ) فالواو هنا استئنافية كما قلنا... ولذلك رُفِعَت الصائبون للإستئناف على انها اسم مبتدأ محذوف الخبر وتقديره (والصابئون كذلك) أي في حكمهم. ولقد استخدم هذا الأسلوب من عدم عطفهم على ما قبلهم للدلالة على أن الصابئين هم أشد هذه الفرق ضلالاً والمعنى هو: كل هؤلاء الفرق إن آمنوا وعملوا الصالحات سيقبل الله توبتهم وحتى الصابئون الأكثر ضلالاً فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً كذلك.
وعلى الرغم أن القرآن الكريم لا يفتقر إلى شواهد وأمثلة من خارجه للدلالة على صحة أساليبه إلا أنه من الضروري الاستشهاد ببعض الأمثلة من تاريخ الشعر العربي في الجاهلية حتى لا يكون لهؤلاء الذين يطعنون في بلاغة القرآن حجة... وللتأكيد على ذلك فإن شعراء الجاهلية استخدموا هذه الأساليب أيضاً وكتب الشعر والآثار مليئة بالأمثلة نذكر أشهرها وهو ما جاء على لسان شاعر الجاهلية بشر بن أبي خازم الأسدي إذ يقول:

إذا جزت نواصي آل بدر فأدوها وأسرى في الوثاق *** وإلا فاعلموا أنــا وأنـتم بغـاة ، ما بقـينا في شـقاق

أما في الآية الثانية (البقرة) حيث جاءت كلمة (الصابئين) منصوبة، فهي هنا قد جاءت معطوفة على ما قبلها، والمعطوف يأخذ حكم الذي عطف عليه إعرابيا ومعنويا.

2- لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (163) النساء

الاعتراض: كان الواجب رفع المعطوف على المرفوع لا نصبه لتصبح والمقيمون الصلاة

تحتوي هذه الآية على جمال بلاغي ملفت للسامعين... فهي تحتوي على الاختصاص وهو مخالفة إعراب كلمة لإعراب ما قبلها بقصد المدح كما ورد في الآية، أو الذم ويسمى هذا الأسلوب بالقطع أو الاختصاص. وأورد هنا ما قاله الإمام الزمخشري: ( و " المقيمين " نُصِبَ على المدح ، لبيان فضل الصلاة وهو باب واسع ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحناً فى خط المصحف ، وربما التفت إليه من لم ينظر فى الكتاب ، ولم يعرف مذاهب العرب ، وما لهم فى النصب على الاختصاص من الافتنان)
وعليه فإن جملة (والمقيمين الصلاة) جملة إعتراضية جاءت بمعنى (و أمدح) وهي مفعول به والفعل محذوف تقديره (وأمدح) للمنزلة الكبيرة التي تمثلها الصلاة، لأنها من أول وأهم الأمور التي سيحاسب عليها المرء يوم الحساب. وكلمة (المؤتون) بعدها فإنها معطوفة على الجملة التي قبلها (الراسخون).
كما أن شيخ النُحاة سيبويه قد سبق الزمخشري في تأكيده على هذا الأمر. ومن الأمثلة على هذا ما جاء في قول شاعرة الجاهلية الخرنق بنت هفان:
لا يبعدنْ قومى الذين همو
سًمُّ العـداة وآفـة الجزْر
النازلين بكل معتــركٍ
والطيبون معاقد الأُزْر
فقد تم نصب " النازلين " في البيتين الأخيرين وهي معطوفة على مرفوع ، وهو " سمُّ العداة ".

3- وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين (57) الأعراف

الاعتراض: الواجب أن يتبع خبر إن إسمها في التأنيث لتصبح ( رحمة الله قريبة)

من المعروف في اللغة العربية أنه يجوز التذكير والتأنيث في خمسة أوزان:
- فعول: رجل حنون – امرأة حنون
- فعيل: رجل جريح – امرأة جريح... إلخ.
فكلمة قريب جاءت على وزن فعيل ولهذا جاز التذكير أو التأنيث.

الحقيقة أن هناك العشرات من الآيات التي يتم تداولها بين هؤلاء الجهلة للدلالة على وجود أخطاء نحوية في القرآن الكريم بحسب زعمهم المتهالك… والحق أن جميع هذه الآيات الكريمات تدل على جهل من أطلقها ومن يقوم بالترويج لها. ولا يتسع المجال لذكرها كلها في هذا المقال. إن هذه التهم السخيفة لا تصدر إلا عن أحمق أعماه الجهل والتعصب.. ففي عهد نزول القرآن الكريم كانت اللغة العربية في ذروة ألقها، وكان العرب يتكلمون بها ويتبارزون فيما بينهم لإظهار براعتهم في ميدان الفصاحة والبلاغة. وقد جاء القرآن الكريم ليتحدى فصاحتهم وبلاغتهم على أن يأتوا ولو بآية من مثله، ولم يذكر التاريخ أن هناك من قبل هذا التحدي حتى من أشد معارضي الإسلام في ذلك الوقت، بل على عكس ذلك تماماً، فقد كانوا يستمتعون بسماع بلاغة القرآن ويثنون عليه وإن لم يؤمنوا به.

إن معرفة هؤلاء الجهلة باللغة العربية لاتساوي 5% من معرفة أهل ذلك الزمان… وعلى الرغم من ذلك تجدهم يوجهون الانتقادات والاعتراضات البائسة التي تؤكد جهلهم وحماقتهم. وليعلم هؤلاء أن علوم النحو والقواعد اللغوية قد خرجت من عباءة القرآن الكريم نفسه الذي هو المصدر الرئيسي للاستشهادات اللغوية. وقد كان أبو الأسود الدؤلي هو من أوائل من تنبهوا لضرورة تأسيس علم النحو وذلك بتوجيه من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
نسأل الله أن يهدي هؤلاء وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



#غالي_المرادني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا خلق الله الألم؟؟؟ 3
- لماذا خلق الله الألم؟؟؟2
- لماذا خلق الله الألم؟؟؟ 1
- الماركسية، والمزيد من التناقضات
- الماركسية.. تناقضات متأصلة
- دين الله.. دين الكهنة.. والتشريعات البشرية
- العلمانية في ميزان العقل


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غالي المرادني - 1- عن الإسلام والأخطاء النحوية في القرآن