أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - الغُوْلَة














المزيد.....

الغُوْلَة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:35
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"الغولُ"، هل يجوز أن يؤنَثُ، فيغدو "غُوْلَةً"؟ لُغويًّا، لا يجوز. فلسفيًّا، وفولكلوريًّا، بل واجتماعيًّا، يجوز جدًّا.
غَالَ: أهْلَكَ، تَغَوّلَتِ الأرضُ بفلان: ضلَّلتْه وأهلكته، اغتالَ غِيلَةً: قتلَ في غَفْلةٍ من المقتول، الغائل: الداهية المُهْلِك، الغُوْلُ: حيوانٌ داهيةٌ لا عقلَ له، ولا وجودَ واقعيًّا له، وهو المَنِيَّةُ، أي الموت والمقْتَل. يُقالُ: الغضبُ غُوْلُ الحُكْم، أي مُهْلِكُةُ. هكذا يقولُ المعجمُ.
لكن "الغولةَ" الأنثى، يقدّمُها لنا الأديب "بهيج إسماعيل" بوصفها المرأةَ التي مات عنها زوجُها، في مسرحيةٍ تحملُ هذا العنوانَ من إخراج "مصطفى طلبة". الأرملُ التي تغدو لعنةَ الواحةِ وبؤسَها. لا تبرحُ منزلها مئة يوم لا تنقصُ يومًا. لا تستحمُّ، وطبعًا لا تتزيّن. وبعدما تنقضي مدَّةُ حَبْسِها الانفراديّ، تهرعُ إلى البحيرة لتتطهّر من دنسِها(!) موتُ الزوج هو الدنس. على أنّ لعنتَها قائمةٌ لا تزولُ إلا بموتِها. أليست امتدّ بها العُمرُ بعد موتِ سيدِها: الرجل؟ لو أبصرَها أحدٌ يفقدُ البصرَ، ولو لمحها طفلٌ لا يكبُرُ، أو يُصابُ بعِلَّة أبدية. في حِلِّها وترحالِها لعنةٌ ملعونةٌ. الموتُ رحمتُها الوحيدة! هكذا سنَّ أسلافُ الواحةِ القدامى "الذكور"، ربما ليضمنوا فناءَ ممتلكاتهم بعد رحيلهم، والمرأةُ، بالقطع، أحد تلك الممتلكات. لم يُعيّن الكاتبُ الواحةَ باسمٍ كي يتسِعَ مخروطُ الرمزِ على كلِّ جهلٍ في شتى بقاع الأرض، كما لم يعيّنْ زمانًا، حتى يكرّس فكرةَ أن الجهلَ وأدُه مُحالٌ، مادامتِ الأرضُ تأبى إلا أن تلدَ لنا، بين الحين والحين، عقولاً جامدةً خاويةً، كي تؤكدَ جاهليةَ الإنسان الأبدية.
صبيّةٌ جميلة مات عنها زوجُها الموغلُ في العمر يوم الزفاف، ليتركها عذراءَ، ملعونةً، من قِبَل كلِّ أبناء الواحة. حتى أمُّها، رغم إشفاقها، لا تقدرُ إلا أن تنصاعَ لقانون السَّلف، مؤمنةً أن ابنتها "غولةٌ" مادام القدرُ رسم نصيبَها على ذلك النحو. لكنَّ البنتَ كانت مصابةً بلعنةٍ أخرى صنعتها بنفسها، فاستحقتِ اللعنةَ المزدوجة. اللعنةُ الأخرى هي "العِلْم". فقد اختارت، عكسَ كلِّ بنات وأبناء الواحة، أن تتعلّم. فلم تنصع لجاهلية الجهلاء وقاومت قانونَهم وأشهرتْ في وجههم عصا العصيان. حاججتِ الشيوخَ بالمنطق والعلم، فرموها بما تُرمَى به المرأة حينما تشقُّ عصا الطاعة في وجه ظلمٍ. بل زادوا أنها إنما قتلتِ الزوجَ، الذي ربا عمرُه على المائة، يومَ زفافه عليها!
عبر ديكورٍ بديع، وموسيقى وأغانٍ فاتنة، وملابسَ مقنعةٍ، ولهجةِ واحةِ سيوَة المصرية، وإخراج واعٍ لا هِنةَ به، وقبل كل شيء ممثلين كبار امتلكوا حساسيةَ الشخوص الذين يلعبون أدوارهم، قُدّمت تلك الحدوتةُ الفولكلورية الفاتنة على أجمل ما يكون. ليخرجَ الرمزُ صارخًا ضاجًّا بالمعنى. لذلك أهدى بهيج إسماعيل مسرحيته إلى المرأة المصرية في رحلة تحرّرها من الأغلال والظلم والظلمة.
أما الرمزُ الأكبرُ في الحكاية، أمُّ السعد، "عمياءُ الواحة"، فقدمته باقتدارٍ "بُشرى القصبي"، الناظرةُ نحو السماء أبدًا، بعينين خاويتين من البصر والبصيرة، مليئتين بالخرافة. حينما حملت خِنجرَها لتقتلَ الغولةَ، لكنها ستُخطئها لتستقرَّ الطعنةُ في قلب الأم، الجميلة "سميرة عبد العزيز". هنا رمزٌ كارثيّ. إذا اجتمعَ الخصيمان: السلطانُ(الخنجر)، والجهل(العماء)، عمّ الظلامُ. فالذي طعنَ نجيب محفوظ، واللذان قتلا فرج فودة، لم يقرءوا حرفًا مما كتبَ هذان المغدوران العظيمان. ذاك أنهم كانوا أُميّين! زواجُ السُّلْطة بالجهالة، تلك محنةُ العرب.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -شباب يفرح القلب-
- بل قولوا إنّا شبابٌ صغار!
- إنهم يذبحون الأخضرَ
- مصرُ التي خاطرهم
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك
- فريدة النقّاش، صباحُ الخير
- عزازيل ومرآة ميدوزا
- لشدّ ما نحتاجُ إليكَ أيها الشارح
- قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان
- وإننا لا نبيعُ للكفار!
- أبريلُ أقسى الشهور
- احذروا هذا الرمز!
- الكونُ يتآمرُ من أجل تحقيق أحلامِنا
- ما تشدي حِيلك يا بلد!
- من أين نأتي بسوزان، لكلِّ طه حسين؟
- طواويسُنا الجميلةُ
- أنا أقولُها علنًا!
- وأين صاحبي حسن؟


المزيد.....




- بريطانيا.. لقطات كاميرا مراقبة تكشف جريمة مرعبة لسائق سيارة ...
- أجنبيان يمارسان الجنس في النهار وأمام مرأى الناس على رصيف في ...
- التسجيل متاح من هنا.. رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة با ...
- “من هنــــــــا” .. خطوات تسجيل رياض الاطفال 1447 نظام نور و ...
- التسجيل متاح من هنا.. رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة با ...
- هل الحجم له علاقة بالمتعة؟ #اكسبلور #الحب_ثقافة
- وفاة صاحبة أعلى منصب تولته امرأة في أجهزة مخابرات إسرائيل
- الحساسية الغذائية لدى الاطفال في ازدياد
- قراءة نسوية في مشروع القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء ...
- الإجهاض في سيراليون: جريمة أم حق؟


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - الغُوْلَة