|
القوى العلمانية هل تفجر مفاجأة في الأنتخابات العراقية ؟
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 2539 - 2009 / 1 / 27 - 08:18
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
الأنتخابات على الأبواب في نهاية الشهر الحالي والمرشحون يحبسون انفاسهم منتظرين مزاج الناخب العراقي والى من سيدلي بصوته الثمين ، إنها لحظة ترقب وصمت وتأويلات ، ونتائج البيدر قد لا توافق حسابات الحقل ، فمزاج المواطن ولحظة إدلائه بصوته والتعبير عن قناعته ليس من السهل ضمانها لاي فريق ، وامام تلك اللحظة تظل المخاوف قائمة لاسيما بالنسبة للقوى التي تملك نفوذ وسلطات وموارد ، وهي تتربع على عرش الأكثرية وهي تتوجس خشية من اهتزاز تلك المكانة وتغيرها نحو التقليص والأنكماش . وفي دنيا الأنتخابات كما هو معلوم ،ثمة احتمالين للنتيجة لا ثالث لهما فإما الفوز وإما الخسارة . لا ريب ان عملية الأنتخابات التي ستجري في نهاية هذا الشهر تعتبر علامة فارقة لقدرة القوى والأحزاب السياسية ولها اهمية اختبارية لخوض الأنتخابات البرلمانية للدورة المقبلة في نهاية هذا العام . في هذه الأنتخابات ثمة صراع بين القوائم المختلفة ، وصراعات أخرى داخلية بين القوائم المتحالفة نفسها ، لكن هنالك صراع آخر يلوح في الأفق ويتبلور بجلاء على الساحة السياسية العراقية ، وهو مرشح للاستقطاب في مجريات الأنتخابات المحلية في نهاية هذا الشهر وفي انتخابات البرلمان العراقي في نهاية هذا العام او في بداية العام القادم ، وهو نزوع الناخبين نحو القوى العلمانية وهذه ما تلوح نحوه مؤشرات المراقبين للعملية السياسية في العراق . إن حصيلة الأعوام المنصرمة من عمر مجلس النواب ومجالس البلديات لم تكن في صالح الأحزاب والقوى الكبرى المهيمنة ، حيث فشلت هذه القوى في تسهيل حياة المواطن بتوفير الخدمات الحياتية الضرورية في حياته اليومية ، في جانب لا بد من الأعتراف بتحقيق تقدم ملحوظ في استتباب الأمن والأستقرار في بغداد والمدن العراقية عموماً . لكن جوانب الحياة الأخرى لم تمض في المسار الصحيح ، فآلية المحاصصة الطائفية بقيت ملازمة طيلة السنين المنصرمة ، وإن المصالحة التي نسمع عنها كانت عبارة عن محاولات استرضائية لهذا الطرف او ذاك وفي احسن الأحوال كان بتقديم شئ من الكعكة للطرف المتمرد ، فبقيت العملية السياسة في سياقات تحقيق مكاسب لطرف من الأطراف مع تغييب وتهميش المصلحة العليا للوطن العراقي . كما لم يكن هنالك مساءلة لأي وزير عن الخروقات والفساد الأداري والمالي المستشري في فواصل الدولة ، ولم يخرج العراق بخطط اقتصادية استثمارية واضحة تقلل من البطالة المتفشية والبطالة المقنعة لكن الجهود انحصرت في خلق وظائف غير مجدية الهدف منها مساعدة المواطن ليس إلا . إن هذه الحالة من الأقتصاد تحول ثروات النفط الوطنية الى رواتب لمستهلكين لا ينتجون شيئاً لقاء رواتبهم ، فيبقى السوق العراقي سوق استهلاكية غير منتجة ، وهكذا امام هذا الواقع كان ضمور الصناعة العراقية المنتجة ورافقها خمول في الأنتاج الزراعي ، فأبقى العراق دولة مستوردة لمعظم المنتجات الزراعية من حبوب وفاكهة وخضر . وبقيت البطالة المقنعة هي السائدة في الساحة المجتمعية والأقتصادية العراقية ، وباتت واردات النفط تصرف على الأستهلاك اليومي بدلاً من الأستثمارات الصناعية والزراعية. إن المواطن العراقي المعتدل أو { اللامنتمي } الى الأحزاب الرئيسية الكبيرة ، يقف عاجزاً لايجاد مخرج لمشاكله في ظل الصعوبات التي تعترضه بسبب عدم انتمائه لتلك القوى ، وأمام هذا الواقع والصعوبات اليومية وعدم إحراز اي تقدم لسنوات خلت ، عكف المواطن العراقي على التوجه الى القوى العلمانية التي لا زالت تحبو في العملية السياسية نظراً للنتائج المتواضعة التي حققتها في الأنتخابات السابقة ، وعلى ضوء تلك النتائج لم يكن لها دور مؤثر في العملية السياسية والأقتصادية في البلد . لقد كان التيار السياسي الديني في اوج اندفاعه ، واستجابت الجموع لذلك التيار الجارف ، وهكذا حقق هذا التيار بأحزابه الأسلامية تلك النجاحات الكاسحة . إلا ان صيرورة الأوضاع المعاشية الصعبة لهذه السنين، وعدم تحقيق وإحراز اي تقدم ملموس في تقديم الخدمات الحياتية طيلة الخمس سنوات المنصرمة ، اختزلت ثقة المواطن بتلك القوى ، ودأب على ايجاد مخرج لعله يفلح في انتشاله من واقعه المرير . لاشك ان القوى التي تمسك بزمام الأمور لا يمكن ان ترضخ وتستجيب بسهولة ، ونقرأ اليوم ان خطباء الجمعة يقاتلون بضراوة {حسب الشرق الأوسط بتاريخ 25 /01 } لحث الناخبين على المشاركة في الأنتخابات وطالب بعضهم بالتصويت لصالح قوائم معينة حسب الجريدة المذكورة والتي استطردت بأن رجال الدين يقاتلون بضراوة من اجل حث الناخبين على التصويت للاحزاب الأسلامية ، وسط تقارير أشارت الى ان الناخبين العراقيين باتوا يفضلون المرشحين العلمانيين إثر إخفاق الأسلاميين في تحقيق الوعود التي قطعوها خلال الأعوام الماضية . من القوائم العلمانية التي تؤمن بالديمقراطية والتي يمكن الركون اليها وهي القائمة العراقية وقوائم الحزب الشيوعي وقائمة التحالف الكردستاني وقوائم المكونات الصغيرة كالقوائم الكلدانية والآشورية . إن العملية السياسية من اجل ان تخرج من قوقعة المحاصصة والأصطفافات الطائفية ينبغي ان تبنى على أركان راسخة إما ان تتألف من قطبين رئيسيين ، قوى حاكمة تمسك بزمام الأمور وتدير دفة الحكم ، وأخرى معارضة لها ومراقبة لخطواتها ، ويكون ترتيب هذه القوى على اسس سياسية معروفة من يسارية ومحافظة ووسط ، وينبغي ان تتبوأ الهوية العراقية لتكون الهوية الرئيسية ، مع احترام الأنتماءات الأخرى إن كانت دينية او اثنية او مذهبية . ونتمنى لعراقنا الحبيب ان يكون مثالاً رائداً للعملية الديمقراطية الناجحة في المنطقة .
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعيد الحزب الشيوعي أمجاده على الساحة السياسية العراقية ؟
-
اسرائيل وحماس وما بينهما من مأساة غزة
-
القوش انتعاش السياسة وخمول السياحة
-
خطاب مفتوح الى الرئيس مسعود البارزاني الموقر
-
نحو عقد مؤتمر كلداني عالمي
-
واقعة منتظر الزيدي أيقظت امة العرب الغارقة في السبات
-
دعوة الاستاذ جواد بولاني للمسيحيين اليست متأخرة ؟
-
مرقد النبي ناحوم في القوش من ينقذه من الأنهيار ؟ الحلقة الثا
...
-
قوائمنا الأنتخابية في مجالس المحافظات الى اين ؟
-
مرقد النبي ناحوم في القوش من ينقذه من الأنهيار ؟ الحلقة الأو
...
-
مسيحيون عرب وأكراد والإشكال القومي الذي اوجدناه
-
مبادرة العاهل السعودي وحوار الأديان ومسيحيو العراق
-
لا لمقاطعة الأنتخابات ولا لاستجداء الكوتا ونعم للوقوف وقفة ر
...
-
هل نقول وداعاً لشعار هَر بجي كورد وعرب رمز النضال ؟
-
هل هذا برلمان عراقي حقاً ؟
-
كلمة رثاء للصديق المرحوم سالم اسطيفانا من القوش
-
مقابلة مع الأب الراهب دنخا عيسى رئيس دير السيدة في القوش
-
بأي حق تلغى قوميتنا الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ؟
-
تأسيس حزب الأتحاد الديقراطي الكلداني كان ضرورة تاريخية
-
رابي سركيس آغاجان أرى طِحناً بلا جعجعة .. وتعقيبات لابد منها
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
|