صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2539 - 2009 / 1 / 27 - 05:33
المحور:
الادب والفن
32
.... .... .. ... .....
تأتي نسوةُ الحارةِ
يقطعونَ الشّعيريّة
حبّاتٍ صغيرة مثل الإبرة
مهارةٌ فائقة لدى أمّي
سريعةٌ أكثرَ من كلِّ النِّساءِ
أندهشُ لمهاراتِهَا
تعملُ فتائلَ العجينِ طويلةً
بإبهاميها وسبابتيها
تقطّعُ حبيباتِ الشّعيريّة
استهواني
أن أتعلّمَ قَطْعَ الشّعيريَة
فتيلةً صغيرة أعطتني أمّي
بدأتُ أقطّعُ بطيئاً للغايةِ
ثخينةٌ حبّاتي ..
بعدَ أيامٍ
سيطرْتُ على حركةِ القطْعِ
انْضَمِمْتُ إلى الورشةِ
منذ أنْ كنتُ طفلاً
خرجْتُ عن السِّربِ
فيما كانت أمّي منهمكة
في ترتيب فوضى البيت
كنتُ أنا أجْلِي
أستمتعُ بتنظيفِ الصُّحونِ
تندهشُ أمّي
إنكَ تنظّفُ الصُّحونَ
أكثر من نظيرة
لأنّها أصغر منّي
تضحكُ أمّي قائلة
لكنكَ صبيٌ يا ابني
ولو يا أمّي
مشاكسٌ منذُ الطُّفولةِ
أخالفُ كثيراً من التَّقاليدِ
هل توارثْتُ من أمّي
مهارةَ الإمساكِ بتلابيبِ الحرفِ؟
الشّعيريّة تشكّل حرفَ الألفِ والرَّاءِ
أحياناً الدَّالِ واللامِ
إنها تتعانقُ مع حروفِ الهجاءِ
أصابعي تشبه تماماً
أصابع أمّي
كنتُ حزيناً في بادئ الأمرِ
كم كنتُ أتمنّى
لو كانت خشنةً وغليظة
مثل أصابعِ أبي أو عمّي
لكنّي توازنتُ مع أصابعي الرَّفيعة
معَ مرورِ الزَّمنِ
وجدتُهَا أكثرَ انسيابيّة
لعوالمِ القلمِ
ستبقى روحُكِ الشَّفيفة
معانقة جوانحي
حتّى الأزلِ
شكراً لكِ يا أمّي!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
www.sabriyousef.com
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟