العقل البشري ..اخطر الاسلحة.. كيف نطوعه ونرد اخطاره (الحلقة الاولى)

علي المشاط

الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 03:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

سمي الانسان ب ( ا شرف المخلوقات) لقدراته العقلية وقد قيل في الديالكتيك المادي ان الدماغ البشري هو اكثر المواد تطورا في الكون.
ولكن هذا السلاح اخطر بكثير بمئات المرات مما نتصوره.
فالكل يعرف ان العقل هو اساس الحضارة الانسانيه والتطور الفردي والاجتماعي ولكن القليل منا يفقه خطورة هذا السلاح اذا انقلب ضد صاحبه فهو لن يخرب حياة الفرد فقط بل العائلة وربما شعوب بأكملها.
والخطأ الفادح ان نعتقد ان عقلنا يعمل لصالحنا دائما وهو جلي وواضح لنا وان لنا السيطرة التامة على مايدور فيه وعلى قراراتنا. بل انه يلجأ احيانا الى طرق واساليب ملتوية ليخفي اهداف وضيعة لانقبلها نحن ولا المجتمع بل انه يخلق لنا مشاكل كثيرة مع انفسنا ومع الآخرين. فهو يشتت تفكيرنا تارة في الاوقات الحرجة ,ويقلق راحتنا بوساويسه غير المنطقية تارة اخرى , ويقض مضاجعنا بكوابيسه في فترات مختلفة ويدفعنا احيانا الى تصرفات طفولية لا نرضاها لانفسنا..... فنحن مستباحين له ليل نهارو متى شاء.
من منا لا يشعر بالذنب الشديد لاحداث مرت منذ زمن بعيد ..او يعاني من فوبيا معينة( الخوف من الظلمة او الوحدة او الزحمة اوالاماكن العليا او المغلقة اوركوب الطائرة او الاقتراب من كلب..الخ) او الشك و سوء الضن او الوسواس الشديد في النظافة او الترتيب او يعاني من كآبة دائمة او مؤقتة او من الخجل او ان يكون ثرثارا ونقاقا في البيت او متزمت بشدة في بعض التقاليد والطقوس اومزدوج الشخصية(هادئا لينا احيانا وثائرا مستبدا احيانا اخرى) او انطوائي او عصبي متوتراو مستبد اومطيع ينقاد بسهولة لاي شخص او بطيء الفهم أو ساخر بشدة من كل شيء ,ومن منا لايتعرض لاستريس شديد بدون اسباب واضحة ؟؟.
وحتى لوكنا بعيدين عن كل هذه المصائب فنحن نعاني بالتأكيد من:
اولا-بعض العادات الضارة التي نسعى بكل جهد الى تغييرها ولا نوفق
ثانيا-وجود الحواجز الفكرية التي:
- تمنعنا من التمتع بفعاليات نشتاق اليها و مباحة شرعا وقانونا.
- تمنعنا من القيام باستغلال الفرص الذهبية خوفا من المجازفة.وبهذا نتخلف عما يجب تطويره فرديا واجتماعيا.
ثالثا-يتحول الاسترس احيانا الى صداع او ربو او حكة جلدية او ألم في الصدر أو الذراع أو تورم أو قرحة في المعدة أو امساك اواسهال3
(البعض يعاني بأستمرار من اوجاع مختلفة ولايجد التحليل الطبي لها اساس لكونها انعكاس لاسترس نفسي)
ان كل هذه المنغصات تنبعث من قعر دماغنا حيث العقل الباطني أو اللاشعور.

مهام الدماغ الاساسية

العقل البشري له وظيفتين اساسيتين:
الادارة الداخلية: وهي ادارةالاعضاء الداخلية من قلب ورئة وغيرها وتتم بشكل غريزي. اي ان كل كائن حي من نبات وحيوان تولد معه شيفرة الادارة الداخليةالخاصة به.
الادارة الخارجية : وتعني كل الاعمال الارادية (العضلية والفكرية) وهذه بحاجة ايضا الى نظام خاص بها ايضا وهو ليس وراثيا بل يكتسبه الانسان في طفولته من التربية العائلية . فالطفل يقلد بشدة ودون اي انتقائية كل شيء يراه ويسمعه ,حسب مهاراته النطقية والعضلية. ومجموع هذه المفردات المقلدة تكون اساس شخصيته وهي بمثابة "الوندوز" الذي يفكر ويتصرف به الفرد طيلة حياته وهو يحوي اللغة والعادات والتقاليد وايضا الطقوس . وكل بيئة لها وندوزها , يختلف جزئيا أو كليا عن الآخرين( حسب اختلاف المفردات) ومن الصعب جدا تغييره.فمثلا العراقي يختلف في وندوزه مع الكوري في اللغة والدين ونوع وطريقة التغذية(الكوري يأكل لحم الكلاب المخنوقة) والحرية الجنسية وامور كثيرة.
اما التعليم المدرسي والجامعي والمهارات المكتسبة الحرفية واليومية(كسياقة الدراجات والسيارات) فهي بمثابة برامج(سوفت وور) ثانوية/ كحال الفوتوشوب والووردس في الحاسوب/ يمكن تغييرها, وتقع تحت سطوة الوندوز الاساس.
وكما الحاسوب يصاب وندوزنا بفايروسات تشوش وتحط من قدراته وسرعة عمله وهي اساس كل مشاكلنا اعلاه. فالعصبية ليست وراثية بل هي فايروس نكتسبه من خلال التصرف العصبي في العائلة(واحيانا في المدرسة او الحارة). وهكذا كل الامور السلبية الاخرى. ولكن ليس من السهل اكتشاف وازالة فايروساتنا كما هو حاصل في الحاسوب, لان كل منا يعتقد ان تصرفاته وتفكيره طبيعي واذا اصطدم بالآخرين يلقي باللائمة عليهم. وحتى لو سلمنا ان هناك خطأ في سلوكنا أو تفكيرنا لانعرف كيف نزيله . فالعصبي او الكئيب او الخجول او الثرثار او الانطوائي او الجبان او المستبد....الخ يعاني الامرين ويلقن نفسه بأستمرار لكي لا يكون كذلك ولكنه يخفق دائما في تغييرنفسه. لسبب بسيط وهو انه يجب معالجةالاسباب(وهي الفايروسات الملتصقة بروحنا في اللاوعي) وليس النتائج .

(يتبع/ الحلقة الثانية: مشاكل الجيل الاول من المهاجرين العرب وانعكاسها على الجيل الثاني نفسيا)

#علي_المشاط (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات