|
أسئلة القصة بالمغرب من القصة القصيرة إلى القصة القصيرة جدا
حسن اليملاحي
الحوار المتمدن-العدد: 2531 - 2009 / 1 / 19 - 08:12
المحور:
الادب والفن
تسود أوساط التلقي القصصي القصيرـ في الوقت الراهن بالمغرب ـ بعض من المخاوف أمام الزحف الكبير الذي تعرفه القصة القصيرة جدا. ويبدو ذلك واضحا من خلال جملة من الإصدارات، و كذا المساحة الواسعة التي باتت تشغلها القصة القصيرة جدا في الكثير من المنابر الثقافية ،الورقية منها والالكترونية، إلى جانب جنوح بعض كتاب القصيرة القصيرة نحو كتابة القصيرة القصيرة جدا، الشيء الذي يسمح بطرح الأسئلة التالية:
ماذا عن دواعي هذا الاهتمام المفاجىء؟ هل بمقدور القصة القصيرة جدا بسحرها الوافد أن تحجب عن المتلقي القصة القصيرة بالمغرب؟ ما مصير القصة القصيرة؟
قبل البحث في أسباب هذا الاهتمام، نرى أنه من الضروري عرض بعض التوصيفات الموضوعية و التاريخية التي ساهمت في هذا التحول.
إن هذا الاهتمام لم يأت من فراغ ولم يكن نتاج التلقائية، بقدر ما يعكس دلالات خفية تحتاج إلى تأويل على الأقل لمعرفة بعضا من هذه الأسباب التي دفعت كتاب القصة القصيرة إلى السفر بعيدا عنها.
بالرغم من الدعاوي التي ترفعها بعض الدراسات حول تدني وتراجع مستقبل القراءة بالمغرب، وما يرافق ذلك من تأثيرات سلبية على مستقبل وصناعة الكتاب، فإن كاتب القصة القصة القصيرة بالمغرب يعرف بكونه قارئا نهما للقصة المغربية ولكل ما تثيره من أسئلة إنسانية ونقدية.
إن هذا التوصيف لا يحتاج في نظرنا إلى استمزاج أو معطيات من هذا القبيل، لأن القارئ المغربي يدرك جيدا عبر النصوص القصصية المغربية عما إذا كان القاص قارئا فعليا أم لا. بمعنى آخر فإن فعل القراءة يبدو واضحا للقارئ الذكي عبر النص القصصي، إذ يمكن عبرها ـ أي القراءة ـ الوقوف عند جوانب مهمة من طبيعة المثاقفة التي قد تميز النص المغربي.
في السنوات الأخيرة عرف المشهد الإبداعي المغربي تطورا على مستوى الترجمة، نقصد هنا، الترجمة المؤسسة التي تستحضر أفق انتظار القارئ وذوقه الجمالي. وقد شملت هذه الدينامية ترجمة مهمة لبعض الأعمال القصصية لكتاب من أمريكا اللاتينية ومناطق أخرى متفرقة من العالم، كما استطاع القارئ المغربي الاستفادة من بعض التجارب الإبداعية والإنسانية في الترجمة الوافدة.
وهكذا يمكن إجمال بعض تجارب هذه الترجمة في:
ـ منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة التابعة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن امسيك الدار البيضاء المغرب. وهي منشورات تشتغل على الترجمة النقدية والإبداعية.
ـ مجلة نوافذ السعودية، دورية تعنى بترجمة الأدب العالمي، بما في ذلك القصة.
ـ إبداعات عالمية، الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت، وهي سلسلة تتناول بالإصدار والترجمة لجميع الأجناس الأدبية من شعر ورواية وقصة.
ـ تجارب فردية أخرى، من ترجمات مغربية متفرقة في منابر ثقافية لصحف مغربية، خاصة في مجال القصة والشعر، والرواية" التجربة القصصية لدى "ياسوناري كواباتا"، و"أغوستو مونتي روسو" مثلا.
في سياق هذا الانفتاح المضمر برحابته الإنسانية يمكننا أن نطرح سؤالا عميقا حول مدى التأثير الناتج عن هذه القراءة وامتداداته داخل مشهد كتابة القصة القصيرة جدا بالمغرب؟
والحق أن مثل هذه الدينامية قد ساهمت في خلط أوراق القراءة لدى القارئ المغربي وجعلت منه قارئا إنسانيا بامتياز، وكاتبا وراصدا لمشهد الكتابة الإنسانية ببعدها الكوني.
إن هذه المؤشرات وغيرها يمكن تجسيدها في الحضور الرمزي الذي بات يشغله الكاتب المغربي من داخل علاقته بالكتابة المغربية، كما تعكس من جهة السمات التي باتت تميز الإبداع المغربي من حيث:
التحول/ الجمالي /التصريح/ الجدة/ الانتظار/ المغامرة/ الفرادة/ الإيحاء/ التوتر/ المغايرة/ .
شهدت القصة القصيرة جدا بالمغرب تقدما سريعا إذ سرعان ما قوبلت على مستوى التلقي بنوع من الاحتفالية ، ويبدو ذلك من خلال كثرة الحديث ، والمواكبة النقدية التي تشملها، وقد رافق هذا التقدم ظهور جملة من الأسماء الإبداعية تكتب القصة القصيرة جدا، نذكر من بينها:
فاطمة بوزيان:"ميريندا" / حسن برطال: "أبراج" / مصطفى لغتيري: "تسونامي" و" مظلة في قبر" / عز الدين الماعزي: "حب على طريقة الكبار" / جميل حمداوي: "كتابات ساخرة"/ سعيد منتسب:"جزيرة زرقاء" / جمال بوطيب:"زخة.. ويبتدئ الشتاء "/ عبد الحميد الغرباوي:"كواريوم" / هشام بن الشاوي: "بيت لاتفتح نوافذه" / محمد تنفو:" كيف تسلل وحيد القرن؟" / سعيد بوكرامي: "الهنيهة الفقيرة"/خالد السليكي:" إكليل الحزن الضال" / عبد الله متقي:" الكرسي الأزرق" /أنيس الرافعي:" ثقل الفراشة فوق سطح الجرس".
يتضح من قراءتنا لتجربة الكتابة لدى هذه الفئة ما يلي:
ـ الكثير منها جاء إلى القصة القصيرة جدا من القصة القصيرة/ فاطمة بوزيان/ مصطفى لغتيري/ عز الدين الماعزي/ هشام بن الشاوي/ سعيد منتسب/ سعيد بوكرامي/ عبد الحميد الغرباوي/ سعيد الريحاني.
ـ البعض منها جاء إلى القصة القصيرة جدا من القصة القصيرة جدا/ حسن برطال/ محمد تنفو.
ـ مجيء عبد الله متقي إلى القصة القصيرة جدا من الشعر.
ـ البعض منها جاء إلى القصة القصيرة جدا من النقد الأدبي/ جميل حمداوي/ جمال بوطيب/ خالد السليكي.
كما أن قراءتنا ـ لهذه الأسماء ـ خلصت إلى ما يلي:
ـ اختلاف على مستوى :. الثيمي، اللغوي، المعماري.
ـ نزوع بعض التجارب نحو التجريب: أنيس الرافعي مثلا.
ـ هيمنة الشعري على القصصي القصير جدا(شعر بمعطف مختلف)، وهذا النوع من الكتابة القصصية، تمثله تجربة عبد الله متقي وخالد السليكي.
ـ تضمين سمات مشتركة : التكثيف، الاختزال، الاقتصاد اللغوي، التركيز، التشدير... إلخ.
وغني عن البيان ما يمكن أن تضيفه القصة القصيرة جدا إلى حسابات المدونة الإبداعية المغربية من تنويعات خاصة من حيث التناول النقدي، إلى جانب إجابتها عن أسئلة المرحلة والشواغل.
إن الأمر هنا لا يقف عن هذا الحد في نظر التلقي ، والأبعد من ذلك أنه يتطلب البحث عن بعض الإجابات الخاصة بالمخاوف ـ التي يمكن أن تترتب عن تقدم القصة القصيرة جدا أمام القصة القصيرة ـ التي تهدد كينونة القصة القصة القصيرة، كما يمكنها أيضا أن تهدد أفقا عاما من التلقي القصصي.
لا شك أن انصراف بعض كتاب القصة القصيرة إلى كتابة القصة القصيرة جدا يحيل على الكثير من الدلالات الثقافية والنقدية التي مكن إجمال بعضها في:
ـ إبراز قدرة بعض الكتاب المغاربة على الخوض في باقي الأجناس التعبيرية.
ـ تجريبهم لبعض الأشكال الإبداعية.
ـ بحثهم عن منابر جمالية جديدة، وتوسيع قاعدة القراءة لديهم.
ـ مسايرة والتكيف مع التحولات الجديدة التي يعيشها المغرب.
ـ توظيف آلية الكتابة لديهم على نطاق واسع.
إن القصة القصيرة جدا كتابة ترتبط من حيث التساند بسمات كثيرة كتلك التي استمدتها من الشرط العام الذي أملته التحولات الإبداعية الجديدة وما أنتجته من قيم جديدة في مجال الكتابة واعتماد الرؤية.
. فالخصوصية في القصة القصيرة جدا لا تختلف من حيث الجوهر عن خصوصيات القصة القصيرة ، هذا ما يمكن أن يخلص إليه الدارس للقصة القصيرة جدا،
أليست هذه الخصوصيات هي التي انطبعت بها القصة القصيرة ؟
#حسن_اليملاحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مظلة في قبر-* للقاص المغربي -مصطفى لغتيري- من الفرادة الموضو
...
المزيد.....
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال
...
-
الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و
...
-
جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار (
...
-
جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي
...
-
إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي
...
-
-ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
-
تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي
...
-
حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت
...
-
بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)
-
حفل توزيع جوائز غرامي والأوسكار سيُقامان وسط حرائق لوس أنجلو
...
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|