أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - ليلةٌ تضيئُها النجوم














المزيد.....

ليلةٌ تضيئُها النجوم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2493 - 2008 / 12 / 12 - 06:24
المحور: الادب والفن
    


آمنَ فيثاغورس، الفيلسوفُ الإغريقيُّ وعالمُ الرياضيات، وتلامذةُ مدرسته الفيثاغوريون، أن ثمة موسيقا تنبعثُ من الشكل الكرويّ. وأن كلَّ كوكبٍ في مجموعتنا الشمسية، بما أنه كرويّ، يُصدرُ نغمةً وهو يدورُ حول الشمس. وفي دورانها معًا يتآلفُ النغمُ فيصنع لحنا أوركستراليًّا فردوسيًّا. لكنْ، في لوحة "موسيقا الأجسام الكرويّة": Music of Spheres، للهولنديّ "فان جوخ" لن نلمسَ هذا التناغم العذب، بل سنكاد نهرب من رنين الأصوات الصاخبة التي يترددُ صداها بين التلال والأشجار والوديان. هي إحدى اللوحات التي تصوّر قوى الطبيعة الغاشمة حين تقهرُ الإنسانَ الموغلَ في الضآلة والوهن.
أكّد الفكرةَ نفسها في لوحة: "ليلةٌ تضيئُها النجوم"Starry Night التي حللها النقادُ على نحو كهنوتيّ بالغ العمق. السماءُ الغاضبةُ القاتمةُ بنجومها تحتلُّ الجزءَ الأفقيَّ العلويّ الأكبرَ من اللوحة، في مقابل المدينة التي تقبعُ بتواضع في الأسفل. وشجرةٌ سوداءُ عاليةٌ تحتلُّ رأسيا مقدمة اللوحة، في مقابل برج كنيسةٍ ضئيل في الخلفية. كأنه يقول إن كلَّ ما صنعته الطبيعةُ ضخمٌ مَهيبٌ، في مقابل ضآلةِ وضِعة ما صنعه الإنسانُ: السماءُ في مقابل المدينة، والشجرةُ في مقابل البرج.
قضى هذا الفنانُ الحزين عمرَه القصيرَ، 37 عاما، بلا بهجة. رغم مقولته العذبة: "قرّرتُ أن أصنعَ السعادةَ عن طريق خلق الجَمال." عاش منهزما خائرَ الروح، ولم يمتلك الثقةَ في نفسه مطلقا، على رغم ثقته المطلقة في اللون التي تجلّت في ضربات فرشاته الكثيفة التي سيتعلم منها، فيما بعد، أبناءُ المدرسة "الوحشية" ثم "التعبيرية"، كيف يمنح اللّونُ الإنسانَ طاقاتٍ نفسيةً وروحيةً كبرى. حَلُمَ أن يكوّن في "آرل"، بالجنوب الفرنسيّ، جماعةً فنية مع صديقه "بول جوجان". لكنهما كانا متباينيْ الطباع جدًّا، وكثيري الشجار. وفي إحدى غضباته، هجم فان جوخ على جوجان وضربه! ثم، في فورة ندمه، عاقبَ نفسَه وقطع جزءًا من أذُنه! (ليس صحيحا ما يُشاع بأنه قطعها ليرسلها إلى إحدى معجباته، على شاعرية هذه الشائعة!) ثم سجّل الواقعة في بورتريه شخصيّ بضمادة حول الوجه. صارع جوخ حالات صرع حادة جعلته متقلّب المزاج دائما. ما وسم لوحاته بالتباين اللونيّ. ففي حين خرج بعضُها مفرطَ الإعتام، أشرقَت أخرى بألوان زاهية مفعمة بالحياة. وعلّ حياته العصيّةَ تلك سبّبت شعبيته العالية؛ لأن الناسَ قدّرت له الثمنَ الذي دفعه من أعصابه، لكي يورثَ البشريةَ ذلك الكنزَ الفنيّ المدهش.
في آخر خمس سنوات من عمره رسم لنفسه أكثر من ثلاثين بورتريه شخصيًّا تمثل حالاته المزاجية المتأرجحة بين الكآبة العميقة والبهجة الطفولية العارمة. وحين ضربتْ عقلَه الهلاوسُ عام 1888، ظلَّ يكافحُ ما كان يظنّه "أرواحا شريرة" حتى أودتْ به في الأخير منتحرا. التجأ قبل موته بعامين إلى ملجأ كنيسة سانت ريمي هربا بهلاوسه من الناس. لكنّ هذا لم يمنع رسمه أجمل اللوحات هناك. وقبل موته بعام، سيأوي إلى فندق صغير ليعيش تحت رعاية أخيه ثيو. ثم تبدأ صحته في التدهور السريع. وفي إحدى نوبات الإحباط يخرج إلى حقلٍ قريب ويطلقُ النارَ على صدره، ثم يتحامل ويعودُ مترنحا إلى سريره في الفندق، ليموتَ بعد يومين في 29 يوليو 1890، وآخر كلماته لأخيه: "الحزنُ سوف يدومُ إلى الأبد!" المصري اليوم 1-12
لمطالعة لوحة فان جوخ المشار إليها http://img56.imageshack.us/img56/777/starrynightli5.jpg



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرغيفُ أمْ القيثارة؟
- أنتِ جميعُ أسبابي!
- خلسة المختلس
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة
- يا مولانا رفقا بالصبيّ!
- انظرْ أمامَك بغضب
- الجميلة بحق!
- تلصّصٌ على بيتِ شاعر
- فنجان نسكافيه لكل متهم
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات


المزيد.....




- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...
- الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل ...
- -المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع ...
- اللغة العربية في طريقها الى مدارس نيشوبينغ كلغة حديثة
- بين الرواية الرسمية وإنكار الإخوان.. مغردون: ماذا يحدث بالأر ...
- المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف: الصهيونية كانت خطأ منذ البداية ...
- دول عربية تحظر فيلما بطلته إسرائيلية
- دول عربية تحظر فيلما بطلته الإسرائيلية
- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - ليلةٌ تضيئُها النجوم